المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


عمليات إستشهادية

يوم الشهيد: يوم الشهادة حتى النصر.. أحمد قصير فاتح عهد العمليات الاستشهادية

الملخص: ليس الاحتفال بيوم الشهيد مجرد مناسبة يتم خلالها إطلاق المواقف والحديث عن الأمجاد ومن ثم ينفض الجمع وتنتهي الأمور عند هذا الحد.. إن يوم الشهيد هو اليوم الذي يعلن فيه أخوة الشهداء عن استمرار السير في درب الجهاد، الذي سلكه قبلهم إخوانهم، مهما بلغت التضحيات.
واختيار يوم الحادي عشر من تشرين الثاني / نوفمبر يوماً لشهيد حزب الله كان مبنياً على مبدأ أساسي هو إبقاء الخيار الاستشهادي نصب عيون الأجيال الطالعة، لأن في مثل هذا اليوم قبل ثلاثة وعشرين عاماً أطلق استشهادي بطل هو أحمد قصير مسيرة العمليات الاستشهادية ضد الاحتلال الصهيوني في جنوب لبنان.‏
ففي صبيحة ذلك اليوم من العام 1982، قاد الفتى ابن بلدة دير "قانون النهر" في جنوب لبنان أحمد قصير (حيدر) سيارة مرسيدس مفخخة بأكثر من مئتي كيلوغرام من المواد المتفجرة واقتحم بها مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي لمنطقة صور، وللحظات.. لم يصدق كثيرون ما سمعوا، ولكن التفاصيل بدأت تتوالى، "لقد دمر المبنى المؤلف من 8 طوابق على من فيه"، قال أوري أور قائد المنطقة الشمالية في جيش الاحتلال. واضاف "لقد كانت الصدمة الأولى والصدمة الأقوى للجيش الإسرائيلي في لبنان".‏
وبقدر ما كانت العملية بحد ذاتها مفاجئة في طبيعتها وفي مبدأ القيام بها، فإنها كانت مفاجئة أيضاً في حجم الخسائر التي تركتها في صفوف الصهاينة الغاصبين، إذ كانت المحصلة النهائية للعملية البطولية 74 قتيلا و27 مفقودا وفق ما اعترف به الناطق العسكري الاسرائيلي، في حين كشفت معلومات لاحقة عن مقتل أكثر من مئة عسكري صهيوني بين جندي وضابط صف وضابط من مختلف الرتب في هذه العملية.‏
ظل اسم منفذ العملية مجهولا حتى 19 أيار/ مايو عام 1985 عندما أعلنت المقاومة الاسلامية اسم أحمد قصير المنفذ للعملية الاستشهادية الأولى.‏
كان الهدف مقرّ الحاكمية العسكرية للصهاينة في مدينة صور... وما أدراك ما هذا المقر... مقر قيادة الإجرام... منه تنطلق دوريات القهر والدمار... وفيه يسوم جنود الاحتلال الناس سوء العذاب حيث التحقيق العسكري المهين.‏
تقدَّم المجاهد الشاب... شق طريق العمليات الاستشهادية... لم يضع أمام عينه سوى الله وجنّات الخلود... ركب شاحنته الصغيرة بعد أن مُلئت بالمواد المتفجرة... لم يُبقِ في قلبه سوى صيحة الله أكبر... نظر في شبابه ومستقبله فوجده جديراً بأن يُبذل في سبيل الله... استخفَّ بالدنيا وما فيها ورغب في الآخرة وما عند الله... سار باتجاه المقر العسكري، لم يلتفت إلى الحواجز التي نُصبت في الطريق... تخطّاها مسرعاً... الشهادة تناديه... ها هو يقترب منها... أمره جنود الحاجز الأخير بالتوقف... زاد من سرعته.. وظهر المبنى الظالم أمامه يناطح السَّحاب... له هيبة وخوف ترتعد لها القلوب، ولكن قلب أحمد معلّق بالرحمن... الله أكبر تمحو من القلب الخوف والجبن.. أطلق عليه جنود الحاجز النار ولكنه وصل مسرعاً إلى البناية الشاهقة... بناية الموت والعذاب... لم يبقَ عليه إلا أن يضغط على كبسة الشهادة... ضغط مع صيحة الله أكبر... انخسفت الأرض وابتلعت هذا المارد... خرَّ عليهم السقف... أصبحت قاعاً صفصفاً... ثلاثة وسبعين قتيلاً وعشرات الجرحى من ضباط جنود الاحتلال وأجهزة الاستخبارات ... ستة طوابق سوّيت بالأرض... انهارت معه معنويات الاحتلال الغاشم... وتوالت العمليات... سمع العالم كلّه أنين هذا الجيش الذي كان يقال عنه إنه الجيش الذي لا يقهر... عضّت القيادة الصهيونية أصابع الندم وسالت دموع الحسرة والألم... لملموا ذيول هزيمتهم وبدأت مسيرة الانسحابات والتقهقر.‏
كانت عملية أحمد قصير الاستشهادية افتتاحاً لعصر الشهادة والجهاد والمقاومة التي لا تستكين، والتي استمرت حتى جاءت نتيجتها انسحاباً مخزياً لقوات الاحتلال الصهيوني من دون تسويات ومن دون مكاسب يحصل عليها العدو الغاصب.‏
إنه يوم الشهيد، يوم أحمد قصير ويوم ألف وقرابة الثلاثمئة شهيد قضوا من أجل تحقيق هذا الحلم العظيم.‏
13-آذار-2008
استبيان