المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


الوعد الصادق

كتـاب فرنـسي جديـد يؤكـد فشـل الحـرب الإسرائيليـة :لبنـان أصبـح فيتنـام إسرائيـل والقـرار 1701 مهزلـة

سامي كليب
صحيفة السفير اللبنانية 04-01-07
يؤكد المؤلفان ميشال فارشافسكي وجيلبار أشقر في كتابهما الصادر حديثا في فرنسا تحت عنوان «حرب الأيام الـ33»، أن زورق النجاة الإسرائيلي الذي كان من المفترض أن ينقذ الأسطول الأميركي في المنطقة، ساهم في تدميره والغرق معه، ويأملان في الا يغرق مع الزروق والاسطول آلاف الضحايا الاضافيين في الشرق الأوسط، ويؤكدان ان لبنان تحول الى فيتنام اسرائيل.
والكتاب هو عبارة عن تحليل مفصل للحرب الإسرائيلية على لبنان ويتضمن الكثير من المقالات والشهادات الصادرة عن اسرائيليين وأميركيين، لتؤكد أولا ان الحرب الاسرائيلية الاميركية كانت معدة سلفا، وثانيا ان نتائجها كانت مخيبة لآمال واشنطن وتل أبيب، وثالثا ان القرارين الدوليين الصادرين قبلها وخلالها اي 1559 و1701 كانا إما مهزلة وإما يهدفان الى استكمال الحرب بوسائل اخرى.
والكاتبان هما ميشال فارشافسكي الناشط في سياق السلام الاسرائيلي الفلسطيني منذ عام 1968 وهو يرأس مركز الاعلام البديل في القدس، ومؤلف عدد من الكتب بينها «اصوات المنشقين في اسرائيل» و«اسرائيل وفلسطين: التحدي ذو الوطنية المزدوجة»، وجيلبار اشقر ذو الأصل اللبناني استاذ العلوم السياسية في جامعات باريس ومؤلف كتاب سابق بعنوان « صدمة البرابرة: ارهاب وفوضى دولية».
والكتاب المستهل بتذكير سريع بحرب الأيام الستة العربية الاسرائيلية، وبتاريخ لبنان من الاصول الى حرب تموز ,2006 يتوقف عند القرار 1559 معتبرا انه «خرق فاضح لشرعة الأمم المتحدة ومثال للانتهازية، فهو من جهة يؤكد التعلق بسيادة لبنان ولكنه من جهة ثانية يتدخل في الشؤون الداخلية ضاربا عرض الحائط المادة 27 المانعة أصلا كل تدخل في «الشؤون المندرجة في اطار صلاحيات الدول، ولذلك فإن القرار جاء بالتالي كمرحلة ثالثة من الخطة الاميركية ضد ايران وحلفائها، وذلك بعد افغانستان والعراق».
ويرى ان حماسة فرنسا للقرار ,1559 تندرج في اطار المصالح، ذلك ان السياسة الفرنسية القائمة منذ حرب الـ67 على اساس «مصالح شركات النفط ومصانع الاسلحة والطيران والبناء، كانت تبحث خصوصا عن كيفية التسلل الى المجالات المحصورة بالمصالح الاميركية، ففرنسا كانت قد أصبحت الشريك الغربي المفضل لحلفاء موسكو في المنطقة».
ويربط الكاتبان بين الحرب الاسرائيلية على لبنان وتلك التي شنتها على غزة، وذلك من منطلق ان الحربين كانتا تهدفان «الى توجيه ضربة لاعداء اسرائيل وواشنطن، اي الى حلفاء ايران، ودفع الحلفاء المحليين لواشنطن لتصفية حساباتهم مع حلفاء طهران».
ويقولان ان الحرب الاسرائيلية على لبنان كانت فشلا ذريعا «لأنها لم تحقق أيا من الأهداف التي وُضعت لها، فلا الجنديان الاسرائيليان تحررا، وبقي حزب الله بعيدا جدا عن التدمير المنشود، لا بل حافظ على جوهر بنيته السياسية وقوته العسكرية، واستطاع الحزب قصف شمال اسرائيل حتى اللحظة الأخيرة من وقف اطلاق النار».
ويمكن أن نقرأ في الكتاب استشهادا باستطلاع للرأي نشره عالِم الاجتماع المصري المدافع عن حقوق الإنسان سعد الدين ابراهيم في صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية. ويؤكد الاستطلاع ان السيد حسن نصر الله حصل على نسبة 82 بالمئة من اصوات الذين تم استطلاعهم، قبل الرئيس الايراني احمدي نجاد وخالد مشعل واسامة بن لادن، لا بل قبل مهدي عاكف القيادي البارز في حركة الاخوان المسلمين، الذي لم يحصل على أكثر من 45 بالمئة.
وبعد أن يذكر الكاتبان شهادات عديدة اسرائيلية وأميركية وغيرها للتأكيد على قصر نظر حكومة ايهود أولمرت وصحبه وفشلهم في الحرب، يعودان الى الافكار الأولى التي طرحت بغية تبني القرار ,1701 ويقولان ان المطلوب آنذاك كان «محاولة وقحة لاستبدال الهجوم الاسرائيلي... ولتشكيل قوة دولية تستطيع القيام بعمليات عسكرية بغية تطبيق القرار 1559 بالقوة وبالتعاون مع الجيش اللبناني. او بمعنى آخر، فإن القرار كان مواصلة للعملية الاسرائيلية من خلال قوة تعمل تحت غطاء الأمم المتحدة». ولذلك، طُرح في البداية موضوع قوات حلف شمال الاطلسي.
ويُعيب الكاتبان على القرار 1701 انه امتنع عن «إدانة الاعتداء الاسرائيلي المجرم»، كما انه « لا يقول اي كلمة حول حماية الاراضي اللبنانية ضد الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة والتي احتلت لبنان خلال 18 عاما». لا بل ان هذا القرار «تعامل مع لبنان كأنه الدولة المعتدية».
ويرى مؤلفا الكتاب الفرنسي الواقع في 111 صفحة من القطع الصغير، ان الهدف الحالي للولايات المتحدة الاميركية بعد فشل العملية العسكرية الاسرائيلية في لبنان، هو «إعداد الشروط كي يصبح الجيش اللبناني، تحت اشراف حلفاء الولايات المتحدة الاميركية في لبنان، قادرا على المبادرة لنزع سلاح حزب الله بمساعدة من قوات حلف شمال الاطلسي بناء على ما تسمح به المهمة الجديدة المناطة بقوات الامم المتحدة».
ويعتبر الكاتبان ان لبنان «الواقف حاليا عند مفترق طرق»، يجد نفسه اليوم امام احتمالين: فإما «حل سياسي بطريقة ديموقراطية تتمثل بانتخابات جديدة، وهو الحل الأمثل على المدى القصير»، وإما لجوء تحالف عون وحزب الله الى وسائل الضغط غير البرلمانية والتي من شأنها ان تؤدي الى مواجهات جديدة ودامية بين اللبنانيين.
ويضيفان ان «التدخل السافر لإدارة بوش في الشؤون اللبنانية يشجع تصلب الأغلبية الحكومية ويهدف الى إثارة حرب أهلية لبنانية جديدة بمشاركة حلف شمال الاطلسي، غير ان الردع الذي تمارسه ايران على المستوى الاقليمي يلقي بثقله على المملكة العربية السعودية وأيضا على باريس. ولذلك، فإن الرياض تبحث عن كيفية تهدئة اللعبة بالتعاون مع رئيس حركة «أمل» نبيه بري... وبالتالي، فإن الكرة باتت الآن في ملعب قوى 14 آذار».
وفي سياق توسيع التحليل الى أبعد من لبنان، فإن الكاتبين يشرحان كيف ان «الحرب العالمية غير المحدودة»، هي استراتيجية تم الإعداد لها منذ الثمانينيات، من قبل المحافظين الجدد الاميركيين والاسرائيليين الذين كانوا يعدّون العالم لفترة ما بعد الاتحاد السوفياتي، وذلك بغية استبدال التعددية العالمية بهيمنة اميركية أحادية. ولكن الكاتبين يشيران في الوقت نفسه، الى خيبة أمل اميركية واضحة من الوهن الاسرائيلي.
وهنا بالضبط، يصبح الاستشهاد بمعلق صحيفة «واشنطن بوست» تشارلز كروثامر (وهو من المحافظين الجدد المقربين من ديك تشيني) مهماً، حين يقول «ان بحث ايهود أولمرت عن نصر سهل لم يضع العملية الاسرائيلية في لبنان وحدها أمام الخطر، ولكن أيضا الثقة الاميركية بإسرائيل».
وإذ يؤكد الكاتبان ان الحرب الاسرائيلية على لبنان كانت خطأ سياسيا وعسكريا لإيهود اولمرت ووزير دفاعه عمير بيرتس، فإنهما يستشهدان ببعض من يقول ان اسرائيل قد تستأنف حربها على حزب الله في فترة قصيرة.
يبدو كتاب «حرب الايام الـ33» مهما لناحية التذكير ببعض المحطات التي سبقت وتلت الحرب، ولكنه مهم أيضا لجهة وضع الحرب الاسرائيلية على لبنان في اطار أشمل وأبعد بكثير مما يحصل في السرايا الحكومية وحولها. وهو بهذا المعنى ينصف وجهة نظر حزب الله القائلة بأن الحرب الاميركية ـ الاسرائيلية كانت مُعَدة منذ فترة طويلة.

13-آذار-2008
استبيان