المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


مجازر - لبنان

شارون : سيرة ذاتية وسلوكية

الكاتب: الصحافي بن كيت/ معاريف‏

المصدر: مجلة الشاهد بيروت ـ تموز 2001‏

"... وآخرون كثيرون يؤمنون انه "الاسرائيلي" القبيح المتعطش للدماء، الغريزي، الميال للقوة، عديم المسؤولية والمريض بجنون العظمة. وليس بوسع احد حتى المقربين منه، ان يقدر اليوم ما الذي سيفعله شارون غدا كرئيس للحكومة"‏

ان شارون السفاح ما هو سوى صورة مختصرة للشعب اليهودي المبني تاريخيا على عقدة الخوف والشك والحقد والاستعلاء ضد الاغيار، كما هو مبني على عقدة جنون العظمة والتفرد والغدر والنزعة العنصرية الدموية.‏

ثمة من يقول ان مجيء شارون الى سدة رئاسة الحكومة في كيان العدو ربما كان من مصلحة العرب عموما، والفلسطينيين خصوصا، اذ يكشف بسلوكياته السياسية الوجه الحقيقي للسياسة الصهيونية من جهة، كما يؤشر من جهة اخرى على افلاس المجتمع الصهيوني نفسه الذي بات مشرذما وضائعا ولا يملك لنفسه ولا للمنطقة أي مشروع تسوية كما يروج له ويلحم به دعاة التسوية.‏

من هو شارون؟‏

ولد شارون من ابوين من المهاجرين اليهود من الاتحاد السوفياتي في مستوطنة زراعية بالقرب من تل ابيب. في 27 فبراير 1928. ويتفق المراقبون على ان شخصية شارون الدموية تعود في جذورها الى الطفولة. يقول اوزي بنزيمان في كتابه "شارون قيصر "اسرائيل"" : ان ارييل كان يتجول في مستعمرة كفرهلال قرب تل ابيب وهو يحمل عصا لضرب الاطفال الآخرين واخضاعهم، ونال شارون اول خبرة عسكرية له في الهاغانا التي كانت بمثابة الجيش اليهودي قبل اقامة دولة "اسرائيل".‏

وعندما يتحدث شارون في سيرته "كتاب السيرة الذاتية" عن دور والديه المهاجرين من الاتحاد السوفياتي الى فلسطين في مطلع القرن العشرين، فانه يقدم صورة شبيهة بتلك المعروفة عن المستوطنين البيض في "زحفهم الشجاع غربا على الرغم من الهنود الهمج". ويذكر بنزيمان بقصة طريفة نسيها شارون، هي ان المستعمرة التي عاشت فيها عائلة شارون كانت تعاونية، ولكل عائلة قطعة من الارض تساوي في مساحتها قطع الارض الاخرى. ولا احد يعرف كيف ـ بعد سنوات قليلة ـ اصبحت ارض الشارونيين اكبر قطع اراضي مساحة على حساب المستوطنين الآخرين، والتسفير الوحيد الذي يقدمه بنزيمان هو ان هذه العائلة تمكنت بالارهاب ان "تقضم" مساحات من اراضي الآخرين.‏

وعلى مستوى الحياة الشخصية لا يتورع شارون في (كتاب السيرة الذاتية) عن الكذب. فهو يزعم ان زوجته الاولى ماتت بحادث سير لان مقود سيارته كان على الطراز الانكليزي. وان ابنه (11 سنة) قتل خطأ على يد طفل آخر كان يلعب ببندقية شارون نفسه.‏

وقد تناسى شارون حسب بنزيمان ان زوجته مارغاليت انتحرت عام 1962 ولم تقتل لانها اكتشف ان زوجها على علاقة مع شقيقتها ليلى، وقد تزوجا بالفعل بعد وفاة او انتحار الزوجة، اما بالنسبة الى مقتل ابنه، فان شارون لم يكن مسامحا كما حاول الايحاء في مذكراته، بل مارس ابشع عمليات الارهاب والانتقام ضد القاتل واهله، بحيث اجبرهم جميعا على الهرب من المنطقة والسكن في مدينة اخرى.‏

ومرة اخرى يكون كتاب بنزيمان بالمرصاد لكل محاولات تلميع صورة شارون كاحد ابرز القادة العسكريين الصهاينة. فاول عمل عسكري قاده شارون حسب بنزيمان كان في العام 1948 وكان نصيبه الفشل.‏

انتهى الهجوم اليهودي على اللطرون حيث كان يتمركز الجيش الاردني بالفشل الذريع، وسقط مئات الصهاينة قتل من بينهم يهود كانوا وصلوا قبل فترة قصيرة من اوروبا وزجوا في المعركة التي قادها شارون من دون اعداد عسكري.‏

الحياة العسكرية لشارون السفاح‏

لقد بدأ شارون او الملقب "اريك الذي لا حد له" حياته العسكرية مطلع الخمسينات كقائد للوحدة "101" التي كانت تضم نخبة الكوماندوس. ويعتبره بعضهم محرجا يهتاج بعناد، وقائدا نزقا ومتهورا. ففي العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956 ارتكب شارون اخطاء عسكرية عندما خالف اوامر القيادة وتقدم نحو ممرات "متلا" واشتبك مع الجيش المصري في معركة شرسة انتهت باندحار اليهود الذين خلفوا وراءهم 40 قتيلا ومئات الجرحى.‏

ويومها اخضع شارون للتحقيق، واتهمه بعض الذين عملوا تحت قيادته بانه اساء القيادة والتصرف، وبانه كان جبانا ايضا. وقررت قيادة جيش العدو آنذاك تجميد تقدم شارون في الرتب العسكرية.‏

وكان شارون في العام 1953 هو من ارتكب مجزرة قبية في الاردن بعدما اعترف بها في تحقيق حكومي داخلي وبعدما كان رئيس الحكومة آنذاك ديفيد بن غوريون قد زعم ان المجزرة ارتكبت على ايدي مدنيين يهود كانوا ينتقمون للاعمال الفدائية الفلسطينية. وفي العام 1955 ارسل بن غوريون شارون لضرب معسكرات الجيش المصري في قطاع غزة بعدما كان اعلن في الليلة نفسها انه يمد يد الصداقة الى مصر، وفي العام 1970 كلف وزير الدفاع الصهيوني آنذاك موشي ديان شارون "ضبط الوضع في غزة" واتخذ "قيصر "اسرائيل"" على الاثر اجراءات قمعية لم يسبق لها مثيل، مثل طرد اهل الاطفال الذين يرمون الحجارة الى الصحراء ومعهم مطرة ماء ورغيف خبز فقط لا غير.‏

وفي حرب 1973 عندما حقق شارون "انجازه" في ثغرة الدفرسوار فقد تبين حسب بنزيمان، انه فعل ذلك من اجل ابراز شخصيته، ولم يتورع عن "خيانة" الجنود الصهاينة الذين كانوا يقاتلون تحت امرة الجنرال ادان في الجبهة نفسها ورفض تقديم العون الذي كانوا بامس الحاجة اليه، وكل ذلك بهدف تحقيق المكاسب الشخصية المفيدة لطموحاته القيصرية. وبعد حرب 1973 عارض شارون محادثات فك الارتباط التي هندسها هنري كيسنجر وزير خارجية امريكا آنذاك، وقال في وقت لاحق "ان حربا اخرى في الشرق الاوسط امر لا مفر منه"، وعندها استقال من الجيش وعاد الى الزراعة بعدما تحقق من ان صداماته مع المؤسسة العسكرية تعني نهاية طموحاته للتوصل الى منصب رئيس الاركان.‏

بعد فوز بيغن في انتخابات 1977 جاء به وزيرا للزراعة في اول حكومة يمينية في "اسرائيل" حيث عمد الى زيادة عدد المستوطنين اليهود في الضفة الغربية وقطاع غزة اربعة اضعاف ما كانوا عليه قبل ذلك.‏

ثم عينه بيغن وزيرا للدفاع عام 1981 وبعد تسعة اشهر تقريبا من تسلمه منصبه جاء قراره باجتياح لبنان عام 1982 الذي انتهى بسلسلة من الكوارث والمجازر وافظعها مجازر صبرا وشاتيلا التي كانت حصيلتها استنادا الى لوائح اعدتها اللجان الطبية المختصة والصليب الاحمر والدفاع المدني في تحديد عدد الضحايا بـ 460 شخصا، وبين هؤلاء 119 لبنانيا منهم 8 نساء و12 ولدا و269 فلسطينيا منهم 7 نساء و18 ولدا و11 سوريا منهم نسوة و32 باكستانيا وايرانيا وجزائريان و25 غير معروفين، ويدخل في هذا التعداد 203 جثث دفنت في ثلاث مقابر.‏

وقد ادان التقرير المصور لبرنامج "بانوراما" الذي نشر في شهر يوليو 2001 في الـ بي بي سي ارييل شارون وكشف حقائق لا يرقى اليها الشك حول سلوكه الاجرامي وتورطه في مجازر صبرا وشاتيلا.‏

وهنا يطرح السؤال حول عدالة العدالة الدولية وسياسة الكيل بمكيالين؟ ففي الوقت الذي تجند فيه امكانات مالية هائلة وتمارس ضغوطات لا مثيل لها من اجل ملاحقة الرئيس اليوغسلافي السابق ميلوسوفيتش وتحديدا من قبل الادارة الاميركية، يلقى شارون كل الترحيب والاطراء من رئيس الولايات المتحدة الاميركية وتتمادى المنظمات الدولية في صمتها على جرائم شارون السابقة كما يتمادى صمتها وتواطؤ الدوائر النافذة في الغرب على ما يرتكبه هذا النازي الجديد كل يوم بحق الشعب الفلسطيني، هذه الصورة المأسوية لما يسمى العدالة الدولية والادوات الدولية التي ترعاها باتت تكشف زيف الادعاءات الاميركية والغربية حول حقوق الانسان، حيث مفهوم العدالة عندهم مرادف فقط لمنطق القوة، وحيث تصطدم مقولة العدالة بساتر فولاذي عندما يراد اشهارها في وجه صهيوني بشع كامثال شارون واسلافه واحفاده او في وجه أي اداة من ادوات البطش الاميركية والغربية امثال بينوشيه..‏

رغم كل ذلك تبقى المراهنة على ارادة الشعوب مراهنة رابحة. فليس هناك اعدل وانصف واصدق من حكم الشعب حتى ولو جاء متأخرا. هكذا حكمت ارادة شعب فيتنام بفرض الهزيمة على اعتى قوة في العالم، وهكذا حكمت ارادة الشعب اللبناني عبر المقاومة بالهزيمة والاندحار المذل على ما عرف بالجيش الذي لا يقهر الذي تخرج منه وقاده الطاغية شارون المحتم سقوطه غدا على يد الانتفاضة الباسلة للشعب العربي الفلسطيني، وحيث لن تجديه نفعا كل محاولات التهديد والتهويل للفلسطينيين ولا نداءات الاستغاثة "للانكل سام".‏

28-تشرين الثاني-2007
استبيان