المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


مزارع شبعا

“إسرائيل” ومياه الليطاني

الملخص: ينبع نهر الليطاني من الاراضي اللبنانية، ويصب في المياه الاقليمية اللبنانية في البحر المتوسط، ويشكل هذا النهر اضافة إلى نهر العاصي، الرئتين الحيويتين للبنان.
وقد عملت "اسرائيل" منذ عقود عدة على منع لبنان من الاستفادة من مياه نهر الليطاني، وهددت في الستينيات من نسف ري مشروع انمائي ـ زراعي هدفه الاستفادة من مياه الليطاني التي تصب في البحر.‏
ومنذ السبعينات، تعمل "اسرائيل" على جر مياه نهر الليطاني لدى الحقول والمساحات الزراعية التي تقيمها في شمالي فلسطين المحتلة، وذلك عبر حفر انفاق داخلية، وبصورة تتعارض كليا مع القوانين الدولية.‏
وتطالب "اسرائيل" باقتسام مياه هذا النهر مع لبنان، علما، ان مجرى الليطاني محصورة في الاراضي اللبنانية وبالتالي لا تنطبق عليه الاتفاقيات الدولية الخاصة بالانهار، والتي تؤكد على ضرورة خضوع مياه الانهار للاتفاقيات المتعارف عليها دوليا، اذا كان هذا النهر يمر في دولتين او اكثر.‏
الموضوع التالي، يسلط الاضواء على الاطماع "الاسرائيلية" في لبنان.‏
1 ـ جغرافية الليطاني‏
يتكون هذا النهر من ينابيع عدة متفرقة (تدعى بمجملها نبع العليق) عند نقطة تقع على نحو 25 كلم شمالي بلدة رياق، غرب مدينة بعلبك، وعند تقاطع خط الطول 36.06 درجة، شرقي غرينتش، وخط العرض 34.02 درجة، شمالي خط الاستواء، على علو الف متر فوق سطح البحر. ويصب في البحر المتوسط، شمالي مدينة صور حيث يسمى هناك نهر القاسمية.‏
وتبلغ مساحة حوض الليطاني 2170 كلم2 يقع 80 في المئة منها على ارتفاع 800 متر(1). وتقدر كمية الامطار الهاطلة فوق هذا الحوض، في سنة متوسطة المطر، بنحو 1660 مليون م3، أي بمتوسط 770 ملم في السنة. وهذا المتوسط يختلف من موقع إلى آخر في الحوض ذاته، فعند قمم السلسلة الغربية يتخطى المعدل السنوي 1500 ملم، في حين انه يتدنى في المنطقة الشمالية الشرقية للحوض إلى نحو 450ملم، ويقترب من 700 ملم على الساحل حيث المصب.‏
ويمكن القول ان تصريف نهر الليطاني يتكون من مجموع الجريان السطحي مضافا اليه تصريف الينابيع والروافد المستديمة والموسمية(2). وتسهم المياه الجوفية بنحو ثلث تصريف النهر، وهي العامل الاساسي في استمرار جريان النهر عندما تنحبس الامطار خلال ستة اشهر من السنة، اذ يتضح من الاحصاءات ان 70 في المئة من التصريف السنوي للنهر يجري خلال بضعة اشهر (من كانون الثاني/ يناير، حتى نيسان/ ابريل)، وان 17 في المئة فقط من هذا التصريف يجري خلال الاشهر التي تستغرقها الدورة الزراعية (من ايار/مايو، إلى ايلول/ سبتمبر).‏
"يقدر معدل التدفق الطبيعي لليطاني بنحو 920 مليون م3 في السنة، في حين يراوح معدله الطويل الامد (باحتساب عناصر التبخر الكلي والترشح) بين 750 و800 مليون م3. اما معدله الحالي فيميل، نوعا ما، إلى الانخفاض، اذ يراوح بين 600 و 700 مليون م3 في السنة. ومياه الليطاني تتميز، في شكل خاص، بعذوبتها، اذ لا تزيد ملوحتها في المعدل على 320 جزءا في المليون(3).‏
وتختلف كمية المياه التي يصرفها نهر الليطاني في السنة الواحدة بين نقطة واخرى على طول مجراه، كما يختلف التصريف بين سنة واخرى في الموقع ذاته. الا انه، بموجب الرصد المائي السنوي لمحطات القياس منذ ما يزيد على ربع قرن، امكن تحديد المعدلات السنوية لتصريف الليطاني على الشكل التالي:‏
1- في القرعون، يبلغ 411 مليون م3.‏
2- في الخردلي، يبلغ 641 مليون م3.‏
3- في المصب (القاسمية فقط)، يبلغ 130 مليون م3(4).‏
ويقسم مجرى الليطاني من حيث الانحدار ثلاثة اجزاء(5):‏
1- العلوي(6) (من منبعه حتى منطقة القرعون في البقاع الغربي)، ويتميز بانحدار وسطي مقداره نحو2.5 بالاف (بين المنسوبين 1000و800 م على طول 74 كلم).‏
2- الاوسط (من القرعون حتى منطقة الخردلي في جنوب لبنان)، ويتميز بانحدار وسطي مقداره نحو 10 بالاف (بين المنسوبين 800 م و250 م على طول 46كلم )‏
3- السفلي (من الخردلي حتى مصبه في البحر المتوسط)، ويتميز بانحدار وسطي مقداره نحو 5 بالالف (بين المنسوبين 250م ومستوى سطح البحر على طول 50 كلم).‏
ولهذا فان مواقع القرعون والخردلي على طول مجرى النهر تؤلف نقاطا مهمة لمشاريع استثمار مياه الليطاني لانها تتمتع بالشروط الهندسية والجيولوجية والجغرافية المناسبة لانشاء السدود وتخزين المياه.‏
وينساب مجرى النهر من المنبع في اتجاه جنوبي غربي لمسافة 130كلم، ثم ينعطف إلى الغرب حتى مصبه في القاسمية بطول 40 كلم، بحيث يكون الطول الكلي لليطاني 170 كلم.‏
اما المجرى الواقع داخل منطقة الشريط الحدودي فيقدر بنحو 25 كلم، يمتد من تخوم مزرعة برغز في قضاء حاصبيا حتى تخوم بلدتي الطيبة ويحمر، مرورا بوادي بلاط وخرج بلدات دبين ومرجعيون والقليعة ودير ميماس. وهذا القسم من مجرى النهر يعتبر منطقة عذراء نظرا إلى وعورتها وطبيعتها القاسية. وهي تشكل من منحدرات صخرية شاهقة واودية عميقة.‏
وبقعة الخردلي هذه هي المنطقة الوحيدة في الجنوب اللبناني التي لم يشملها انتشار القوات الدولية العاملة هناك منذ العام 1978، باستثناء مركز وحيد للمراقبة قرب جسر الخردلي تتولاه حاليا القوات النروجية، على رغم ان قرار مجلس الامن الدولي، الرقم 425 القاضي بانتشار قوات الطوارئ الدولية (اليونيفل) فوق الاراضي اللبنانية حتى الحدود المعترف بها دوليا بين لبنان وفلسطين لم يستثن المنطقة المحاذية لمجرى الليطاني (خصوصا منطقة الخردلي) من عملية الانتشار.‏
2ـ الليطاني في الاقوال والافعال "الاسرائيلية"‏
نقل عن الحكومة "الاسرائيلية" اعلانها، في 11/5/1991، انها لن تتخلى عن منطقة الشريط الحدودي في جنوب لبنان ما لم تتلق تأكيدات بانها ستحصل على "حصتها" من مياه نهر الليطاني(7).‏
وليس هذا التصريح او الاعلان موقفا جديدا بمقدار ما هو صدى لمواقف سابقة، فقد اعترف مردخاي جوفيتش، المتحدث باسم شركة المياه "الاسرائيلية" "ميكوروت". بان "اسرائيل" تضخ مياه الليطاني وان عملية الضخ "تقتصر على الكمية المتفق عليها، وهي نسبة 20 إلى 25 مليون م3 سنويا" (8).‏
واذا كان التنفيذ العملي لجر مياه الليطاني قد بدأ بعد غزو "اسرائيل" للبنان في العام 1982 فان بعض الخطوات العملية قد تم تنفيذها قبل هذا التاريخ باشهر معدودة. فلقد جاء في صحيفة (السفير) في 18/4/1982، ما ياتي:‏
"افاد قادمون من الشريط الحدودي ان القوات "الاسرائيلية" بدأت اعمال الحفريات لاستغلال مياه الليطاني، وانها بصدد تركيب مضخة على ضفة النهر وعلى مسافة الف متر إلى الجنوب من جسر الخردلي"(9).‏
وثمة ادلة وافية على ان المهندسين "الاسرائيليين" قاموا، في اول مراح الغزو، بدراسة التكاوين الجوفية واعماقه وتعيين عمور الكتلة المائية، واجروا مسحا طوبرغرافيا ورصدا زلزاليا، وثبتوا بعض المعدات، وذلك بهدف التأكد من جدوى تحويل مياه الليطاني. واول عمل قامت به القوات "الاسرائيلية" فور احتلالها منطقة القرعون كان وضع يدها على البيانات المائية والاحصاءات الهيدرولوجية(10).‏
وكانت "اسرائيل"، باعتراف الحكومة اللبنانية، قد اعدت العدة، في العام 1983، لتحويل مياه الليطاني. ففي 16 ايار (مايو) 1983، أي عشية التوقيع على اتفاق 17 ايار (مايو) الشهير، قال وزير الخارجية اللبنانية آنذاك، الدكتور ايلي سالم، امام مجلس النواب:‏
"ان المخططات والدراسات لتحويل مياه الليطاني مكتملة، ولا ينقصها الا الامر بالتنفيذ"(11).‏
واكد الوزير ميشال ادة هذا الامر خلال ندوة عقدت في اكسفورد حول الجنوب والمياه حين قال:‏
"ان مدير عام وزارة الخارجية "الاسرائيلية" السابق، ديفيد كيمحي، اكد بعد التوقيع على اتفاق ايار (مايو) بايام، في رسالة بعث بها إلى المفاوض (الوسيط) الاميركي، جيمس درايبر، ان انسحاب "اسرائيل" من لبنان ينتظر ان يرتبط بضمان حصول "اسرائيل" على حصة من مياه الجنوب اللبناني"(12).‏
وفي تاريخ 4/8/1984، نشرت صحيفة "النهار" صورة لعملية حفر قنوات في الجنوب اللبناني لجر مياه الليطاني. وبعد عشرة ايام ارسلت الاجهزة الامنية الرسمية في الجنوب برقية إلى وزير الداخلية آنذاك (جوزيف سكاف) تفيد بان فرقة هندسية "اسرائيلية" دخلت إلى الجنوب من كفركلا وبدأت العمل في وادي دير ميماس على شق نفق لسحب المياه اللبنانية داخل الكيان الصهيوني.‏
وتحت عنوان : "اول كلام من نوعه لمسؤول "اسرائيلي"" طالعتنا صحيفة "النهار" في 16/9/1984، بتصريح صادر عن مفوض سلطة المياه في "اسرائيل"، زيماخ اشاي، يقول فيه ان "اسرائيل" "درست" تحويل مياه الليطاني، ولكنها رأت ان ذلك " قد يثير بعض الحساسية"، وقررت التخلي عن الفكرة نظرا "إلى انها مكلفة جدا"(13).‏
وفي تصريح لوزير المياه والري الاردني، داود خلف، ان "اسرائيل" بدأت، خلال العام 1989، بسحب مياه نهر الليطاني في جنوب لبنان حيث من المتوقع ان تصل كميات المياه التي ستضخها من هذا النهر إلى 400 ميلون م3 سنويا، لاستخدامها في صحراء النقب(14).‏
وهناك اكثر من تقرير اميركي اشار، في الماضي القريب، إلى قيام "اسرائيل" بسحب قسم من مياه نهر الليطاني، فقد نشرت صحيفة "النداء" اللبنانية، في 5/7/1991، ترجمة لخبر ورد في مجلة "المياه والمجارير الدولية" حول ضخ "اسرائيل" مياه الليطاني، وجاء في الخبر ما يأتي:‏
"على رغم نفي تل ابيب المتكرر، فان "اسرائيل" اطلقت، بالتأكيد، مشروعا لتحويل كميات كبيرة من مياه الليطاني في الجنوب اللبناني الذي تحتله. جاء ذلك في شهادة ادلى بها الاستاذ في جامعة بنسلفانيا، البروفسور توماس ناف Thomas Naff امام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الاميركي. وفي الشهادة ان "اسرائيل" التي تواجه حاليا نقصا في امدادات المياه تجري عملية نقل مياه اليها على مستوى كبير من نهر الليطاني الذي يقع كليا في الاراضي اللبنانية(15).‏
وذكرت احدى الصحف اللبنانية ان الخبير الاميركي، توماس ناف، اكد ان :‏
""اسرائيل"، بسبب ازمتها المائية الحادة، تقوم حاليا بنقل المياه من الليطاني إلى اراضيها بواسطة صهاريج مخصصة لذلك، وان عملية النقل هذه تتم منذ اواسط حزيران (يونيو)، ولكنه لم يحدد كميات المياه التي تم نقلها". ونسبت الصحيفة اليه قوله "ان للدولة العبرية مشاريع اخرى على الليطاني، ولكنه لم يحددها"(16).‏
واشارت دراسة سورية قدمت إلى ندوة القضايا المائية في الوطن العربي، التي دعا اليها معهد البحوث والدراسات العربية، التابع لجامعة الدول العربية، والتي عقدت في القاهرة في خريف العام 1994، إلى ان "اسرائيل" تستولي على 500 مليون م3 من مياه الليطاني سنويا(17).‏
واخيرا اكد استاذ الجغرافيا في جامعة ميتشيغان والخبير في شؤون المياه في الشرق الاوسط، البروفسور جون كولارز John Kolars ان "اسرائيل" تحصل على مياه الليطاني. وعندما سئل عما اذا كانت تحصل عليها عن طريق انفاق او انابيب مطمورة، جاءت اجابته مشوبة بالتحفظ والحذر، فقد اكتفى بالحديث عن نقطة فنية تتعلق بحجم التدفق الطبيعي لمياه الليطاني بالمقارنة مع تصريفه عند مصبه قرب صور وفقدان كمية 100 مليون م3.‏
ومن الناحية الفنية لا يستبعد ان يكون "الاسرائيليون" قاموا بشق نفق لربط الليطاني من باطن مجراه بالاراضي المحتلة في الجليل (18). وحتى لو كانت الكمية التي تأخذها "اسرائيل" غير مهمة نسبيا، فان عملية سحب المياه ذاتها يمكن اعتبارها عملا ذا اهمية. فالمياه، بغض النظر عن الكمية المسحوبة فعليا، هي مياه لبنانية، وبامكان "اسرائيل"، اذا تغاضينا وتغاضى المجتمع الدولي عن فعلتها، ان تدعي وجود ارتباط جوفي بين الليطاني وروافد الاردن، وتطالب عندها "بحصتها المائية المعترف بها دوليا".‏
يتضح مما تقدم ان "اسرائيل" ماضية قدما في تنفيذ سياسة الخطوة خطوة للاستيلاء على مياه الليطاني، فسياسة الترهيب ستنحسر في القريب العاجل لتحل محلها "سياسة الترغيب المقننة". واذا كانت "اسرائيل" لم تقدم على تحويل مياه الليطاني على نطاق واسع حتى الان فذلك لا يعني انها استبعدت كليا هذه العملية من خططها المستقبلية، اذ سيكون هدفها في السنوات المقبلة الترويج لنظرية الارتباط الجوفي بين الليطاني والاردن لاكراه الدولة اللبنانية (ان استطاعت) على التوقيع على اتفاق يقر لها "بحصة مشروعة في مياه الليطاني".‏
ـ تكتيك "اسرائيل" قبل مرحلة "السلام"‏
وهذا التكتيك يتلخص في طرح فكرتين او الادلاء بزعمين: وجود اتصال جوفي بين الليطاني وروافد نهر الاردن، ووجود فائض مائي لدى لبنان يخول حكومة فلسطين، عملا باتفاقية الحدود للعام 1920، الاستفادة منه. والغرض من الزعمين هو اقتسام مياه الليطاني او الاستيلاء على قسم منها.‏
1ـ اتصال جوفي مزعوم بين الليطاني وروافد الاردن‏
يرى الخبير الاميركي جون كولارز الذي اوفده مكتب الاعلام الاميركي لالقاء محاضرة في غرفة التجارة والصناعة في المنامة (البحرين)، في 15/2/1992، حول "مشكلة المياه وتأثيراتها الاقتصادية والسياسية في منطقة الشرق الاوسط"، ان:‏
"هناك تكهنا بان مياه نهر الليطاني تستعمل من قبل الاردن واسرائيل، او من قبل احدهما، اذ توجد اثباتات جيولوجية قوية بان القسم الاسفل من نهر الليطاني يغذي الحاصباني ونبع الدان في "اسرائيل"".‏
" ان القياسات العائدة لهطول المطر وتصريف النهر تدل على ان هناك كمية من المياه مقدارها مئة مليون م3 تختفي في القسم الاسفل منه. ويبدو ان هذه المياه تغذي خزانا جيولوجيا مقعرا يمكن ان يغذي نبع الدان ونهر الحاصباني، وتاليا نهر الاردن" (19).‏
لقد قام المهندس الهيدرولوجي، فتحي شاتيلا، بالرد على الخبير الاميركي وتفنيد حججه، مؤكدا ان الوقائع الجيولوجية تدل على ان القسم الاسفل من نهر الليطاني يجري فوق طبقات كلسية تعود للعصر الايوسيني Eocene ، وهو العصر الاول من الحقبة الجيولوجية الثالثة لتكوين قشرة الارض. ومدة هذه الحقبة 600 مليون سنة تقريبا، بينما تجري مياه الحاصباني فوق طبقات كلسية تعود للعصر الطبشوري الاوسط Cretace، وهو العصر الثالث من الحقبة الجيولوجية الثانية. ومدة هذه الحقبة 150 مليون سنة تقريبا. اما نبع الدان فيتغذى من طبقات جيولوجية تعود للعصر الجوراسيكي Jurassique، وهو العصر الثاني من الحقبة الجيولوجية الثانية. وتدل الدراسات التي قامت بها الاجهزة المختصة في لبنان بان مياه نبع الحاصباني تتغذى من الطبقات الكلسية العائدة إلى العصر الطبشوري الاوسط، والممتدة من منطقة عتيا الفخار شمالا حتى الحدود جنوبا. اما نبع الدان فيتغذى من الطبقات الجيولوجية الجوراسيكية التي تغطي جبل الشيخ في لبنان. ويتغذى الخزان الجيولوجي المعقر الذي اشار اليه الخبير الاميركي من مياه المطر ومن الترسبات التي تحصل عند مجرى النهر. غير ان المياه الجوفية التي تتجمع في هذا المقعر من جراء تسرب مياه المطر وغوران النهر لا تلبث ان تظهر ثانية على سطح الارض في الينابيع التي تقع في مجرى النهر كينابيع برغز وعين الزرقاء وغيرها، وليس عند الحاصباني او نبع الدان. اما سبب ظهور مياه الخزان المقعر في مجرى نهر الليطاني فيعود إلى وجود طبقة جيولوجية حوّاريّة كتيمة مانعة للمياه تحتضن الطبقات الكلسية الايوسينيّة التي يتكون منها والتي يجري فوقها القسم الاسفل من النهر. وتشكل هذه الطبقات الحوارية والتي تبلغ سماكتها نحو 400 متر سدا وحاجزا منيعا يحول دون اختلاط مياه الخزان المقعر المنتشرة في الطبقات الكلسية الايوسينية ومياه نهر الحاصباني ونبع الدان(20).‏
ونستنتج مما تقدم ان الآراء التي اطلقها الخبير الاميركي، اعتمدت على افتراضات واستنتاجات خاطئة وغير مبنية على حقائق علمية (21). ولكن "اسرائيل" حاولت مرارا البرهنة جيولوجيا، بالاعتماد على هذه الفرضيات، على وجود اتصال جوفي بين الليطاني وروافد الاردن. والغرض من ذلك اضفاء الصفة الدولية على الليطاني، بحسب تعريف المادة الثانية من مشروع قانون استخدام المجاري المائية الدولية في الاغراض غير الملاحية، والمطالبة بحصة مائية من الليطاني لـ"اسرائيل"، بالاستناد إلى احكام القانون الدولي والمبادئ العامة المعمول بها في هذا المجال.‏
وهنا لا بد من التذكير بوضع الانهار في القانون الدولي العام (22). فقد كان من المتعارف عليه ان النهر الدولي هو الذي يجري تباعا بين اقليمي دولتين او اكثر بحيث تكون ملكيته لاكثر من دولة، بمعنى ان كل دولة تملك الجزء من النهر الذي يجري داخل اقليمها او يقع ضمن حدودها. ويستنتج من هذا التعريف ان صفة النهر الدولية مرتبطة بمجراه، فاذا تعدى مجراه اقليم دولتين او اكثر اصبح دوليا.‏
ولان هذا التعريف "التقليدي" يحرم "اسرائيل" من مياه الليطاني باعتبار انه نهر وطني ينبع من لبنان ويجري ويصب في لبنان، فقد تقدم الباحثون "الاسرائيليون" بمقولة زعموا فيها ان الليطاني مرتبط جوفيا بروافد الاردن، خصوصا ان المادة الثانية من مشروع الاتفاقية الدولية حول "استخدام المجاري الدولية للاغراض غير الملاحية" عرفت " دولة مجرى الماء" بالدولة التي يقع في اقليمها جزء من مجرى مائي تقع اجزاء منه في دول عدة، كما عرفت مصطلح "مجرى ماء" بانه نظام المياه السطحية والجوفية التي تكون، بحكم علاقتها الفيزيائية، مجموعة واحدة تنتهي إلى نقطة وصول مشتركة (23).‏
كرس الفصل الثاني من مشروع الاتفاقية الدولية المشار اليها الذي يحمل عنوان "المبادئ العامة" مبدأ الاستعمال المنصف والعادل للمياه. وهذا المبدأ يقضي بان يكون لكل دولة من دول المجرى الدولي حق في تقاسم منصف للمكاسب التي يوفرها هذا المجرى. وغاية التقاسم المنصف تأمين اقصى الفوائد واقل الاضرار من استعمالات المياه لكل دولة من دول المجرى. وقد اثير احيانا مفهوم "السيادة المحدودة او المقيدة" لتبرير حق دولة المجرى في الاستعمال المنصف للمياه.‏
وهكذا فان اية دولة من دول المجرى لا تملك الافضلية في استعمال المجرى عندما يكون هناك خلاف او تباين بين حاجات دول المجرى. وعلى الدولة، في هذه الحال، تسوية الخلاف على اساس الانصاف. ويهدف التوفيق بين حاجاتها إلى اقامة توازن معقول بين حاجات دول المجرى وخفض اضرار كل منها إلى الحد الادنى.‏
وفي هذا السياق اتى اعلان الناطق بلسان "شركة المياه القطرية" "الاسرائيلية" ليشير إلى ان عملية ضخ المياه من الليطاني "تقتصر على الكمية المتفق عليها، وهي نسبة 20 إلى 25 مليون م3 سنويا"(24). وهذا التصريح جعل البعض يتساءل: هل صحيح ان هذه النسبة متفق عليها اصلا ؟ ومع من تم هذا الاتفاق؟ وهل يخضع نهر الليطاني لاتفاقيات قديمة وقعت في عهد الانتداب؟ (25).‏
ـ اتفاقية الحدود للعام 1920 والفائض المائي‏
تشتهر "اسرائيل" بالبراعة في ابتكار الحيل واختراع الاحابيل واختلاق الذرائع التي تخدم مصلحتها وتدعم مواقفها. وقد وجدت في احدى الاتفاقيات القديمة حجة قررت استغلالها والاستفادة منها والمساومة عليها.‏
وهذه الاتفاقية هي اتفاقية الحدود الموقعة في 23/12/1920 بين دولتي الانتداب:‏
فرنسا وبريطانيا. وتعرف رسميا بـ "الاتفاقية الفرنسية ـ البريطانية بشان نقاط محددة تتعلق بالانتدابات على سوريا ولبنان وفلسطين والعراق" (26). وقد نفضت "اسرائيل" الغبار عنها ونفخت فيها الروح واعتبرتها المرجع القانوني الرئيسي المتعلق بتوزيع المياه وتقاسمها بينها وبين لبنان.‏
لقد نصت المادة الثامنة من هذه الاتفاقية على ما يلي:‏
"تعين الادارات في كل من سوريا وفلسطين، خلال ستة اشهر بعد توقيع هذه الاتفاقية، خبراء للعمل معا على دراسة استغلال مياه الاردن الاعلى واليرموك وروافدهما لاغراض الري وتوليد الطاقة الكهرمائية، وذلك بعد سد حاجات المناطق الواقعة تحت الانتداب الفرنسي. وفي ما يتعلق بهذه الدراسة، فسوف تعطي الحكومة الفرنسية ممثليها اكثر التعليمات حرية، من اجل استخدام فائض هذه المياه لمصلحة فلسطين. وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق ما، بناء على هذه الدراسة، فسوف تحال هذه المسائل إلى الحكومتين الفرنسية والبريطانية لاتخاذ القرار. ووفقا للابعاد التي تخدم فيها الاعمال المتوقعة مصلحة فلسطين، فان الادارة في فلسطين سوف تتحمل نفقات انشاء كل الاقنية والسدود والخزانات والانفاق وخطوط الانابيب والصهاريج، او أي اعمال اخرى مشابهة او أي تدابير تتخذ من اجل اعادة تشجير الغابات والاشراف عليها".‏
فهذه المادة تتضمن اتفاقا على تعاون "الانتدابين" في حقل انتاج الطاقة الكهرمائية من مياه الاردن، أي من الحاصباني واليرموك وروافدهما (وكلها تقع في منطقة الانتداب الفرنسي)، مقابل استفادة حكومة فلسطين من المياه الفائضة.‏
وبالاستناد إلى هذه المادة ترى "اسرائيل" انه اصبح لحكومة فلسطين حقا مشروعا في استغلال كل ما يمكن ان يدخل في نطاق المياه اللبنانية الفائضة. فلبنان، بعد استقلاله، ورث عن الانتداب الفرنسي جميع الاتفاقيات الدولية، ومنها "اتفاقية الحدود للعام 1920". وما دام لبنان لم يقدم على الغاء هذه الاتفاقية او تعديلها فان بامكان الجانب الاخر (أي "اسرائيل" التي تعتبر نفسها الوريث الشرعي والوحيد للانتداب البريطاني) ان يطالب بتطبيق المادة الثامنة، لا سيما وان هذه المادة قد تكرست مرتين: مرة عندما اقرت عصبة الامم، في العام 1934، اتفاقية الحدود، ومرة عندما وقع لبنان مع "اسرائيل"، في 23/3/1949، اتفاقية الهدنة التي تعالج مسألة الحدود بين الطرفين وتؤكد وجود التطابق بين الخط الفاصل للهدنة وخط الحدود الدولية. فقد ورد في الفقرة الاولى من المادة الخامسة ان خط الهدنة يتبع الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين.(27)‏
ومنذ العام 1920، أي منذ ترسيم الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية، لم يوقع لبنان اتفاقية ولم يشترك في اتفاقية، ثنائية او جماعية، تتيح لغيره حق استعمال مياه الليطاني.‏
غير ان هذا الوضع لا ينطبق، كما تدعي "اسرائيل"، على روافد الاردن، فالمادة الثامنة من اتفاقية الحدود تتحدث عن هذه الروافد وتقيم رابطة او ارتباطا بينها وبين "فائض المياه" لمصلحة فلسطين. ولهذا فان ما تسعى اليه "اسرائيل" في المفاوضات المتعددة الطرف هو استغلال المادة الثامنة والترويج لنظرية الاتصال الجوفي بين روافد الاردن والليطاني، وجعل الليطاني رافدا من روافد الاردن. وكل ذلك من اجل التوصل إلى اتفاقية جديدة مع لبنان تتيح لـ"اسرائيل" تقنين (او شرعنة) اطماعها المائية.‏
وهذا الاتجاه (او على الاصح: التوجيه) يتجلى في الدراسة الحديثة التي وضعها احد المفكرين الصهيونيين ونشرتها جامعة تل ابيب بعنوان: "الحرب والمياه والمفاوضات في الشرق الاوسط"(28). ويتضح من الدراسة ان الجانب الصهيوني بذل جهودا جبارة لاقناع الدولة الفرنسية المنتدبة بالتنازل عن الليطاني، وعندما يئس من اقناعها وانتزاع التنازل منها عمد إلى ترويج فكرة استمرار العمل باتفاقية الحدود للعام 1920، والسعي لكسب "الحقوق المائية" بالاستناد إلى الفقرة التي تتحدث عن "فائض المياه" لمصلحة فلسطين في المادة الثامنة.‏
وجندت "اسرائيل"، كعادتها، فئة من الباحثين راحت تعالج الناحية القانونية من اتفاقية العام 1920، وما لحقها من تعديل في العام 1922، وتزعم ان نيل لبنان الاستقلال، في العام 1943، لا يعفيه من الالتزام بالاتفاقيات التي عقدتها فرنسا، باسمه او لمصلحته خلال فترة الانتداب.‏
والغرض من هذه "الحملة" القانونية، ومن حرص "اسرائيل" على التشبث بالمادة. الثامنة التي تنص على "استخدام فائض مياه روافد الاردن لمصلحة فلسطين" هو ترسيخ فكرة الارتباط الجوفي بين الليطاني وروافد الاردن، واخضاع الليطاني للاحكام المطبقة على هذه الروافد، واعتبار الفائض المائي عنصرا مشتركا يشمل الليطاني وتلك الروافد.‏
ـ مشاريع "اسرائيل" بعد مرحلة "السلام"‏
من كل ما تقدم تظهر اهمية موقع الجنوب اللبناني بالنسبة إلى الاستراتيجية المائية لـ"اسرائيل" التي تحرص على المراوغة والمماطلة لعدم الانسحاب منه الا بعد ضمان مصالحها المائية. وقد حدد اليشع كالي، المدير السابق لتخطيط اقتصاد المياه في شركة المياه القطرية "الاسرائيلية" (تاهال)، واحد ابرز منظري مشاريع المياه بين "اسرائيل" وجيرانها، الفوائد والمكاسب التي يمكن ان يجنيها كل من لبنان واسرائيل، اقتصاديا وماليا، من جراء اقامة مشاريع مائية مشتركة بعد مرحلة "السلام".‏
وفي كتابه "المياه السلام" يقترح ان يتضمن التعاون بين لبنان واسرائيل في شأن المياه نوعين من الموضوعات:‏
1ـ توليد الكهرباء من المياه التي تتدفق إلى "اسرائيل" (بما في ذلك حصتها من المياه المتفق عليها). وهذا الامر يتعلق بمياه الحاصباني بصورة اساسية وبمياه نهر العيون بصورة جزئية.‏
2ـ نقل مياه لبنانية إلى "اسرائيل" لهدف مزدوج : انتاج الطاقة الكهربائية، وتزويد المستهلكين بالمياه.‏
الهوامش:‏
1ـ يمكن تقسيم مساحة حوض الليطاني تبعا للارتفاع عن مستوى سطح البحر على الشكل التالي: ان المساحة بين المنسوبين 2000ـ 2628م تبلغ 130 كلم2 (6% من المساحة الاجمالية) وبين المنسوبين 1500ـ2000 م تبلغ 280 كلم2 (13%) وبين المنسوبين 800ـ1500 م تبلغ 1330 كلم2 (61%) وبين صفر و 800 م تبلغ 430 كلم2 (20%).‏
2ـ يتلقى الليطاني مياه عدد قليل من الروافد تقع جميعها في مجراه الاعلى، فنجد على الضفة اليمنى انهار البردوني وشتورا وقب الياس، وعلى الضفة اليسرى انهار يحفوفا والغزيل. وهذه الروافد قليلة الطول اجمالا، متقلبة التصريف، ما عدا الغزيل الذي تغذيه ينابيع راس العين والفاعور وعنجر.‏
3ـ راجع ما كتبه توماس ناف عن "اسرائيل" ومياه الجنوب، في صحيفة النهار في 18/1/1992. ونشير إلى ان 130 مليون م3 تجري في القاسمة بين الخردلي والمصب.‏
4ـ ذكر د.كمال خير، نقلا عن آخرين، ان كمية المياه التي تجري في حوض الليطاني بين اسفل القرعون وجسر الخردلي تقدر بنحو 400م3 في السنة، في حين انها تبلغ 255 مليون م3 بحسب دراسة ابراهيم عبدالعال، و230مليون م3 بحسب برنامج التنمية للامم المتحدة.‏
5ـ المرجع السابق، ص 87.‏
6ـ لقد استثنينا الجزء العلوي لروافد الليطاني حيث يعادل انحدارها بالقرب من بعض الينابيع 35 في الالف.‏
7ـ لقد عادت "اسرائيل" واكدت موقفها بخصوص الليطاني في مناسبات عدة، وهذا بالطبع مؤشر على ما سيكون عليه موقفها التفاوضي عندما ستطرح مسألة الانسحاب من جنوب لبنان. راجع صحيفة الحياة، في 27/1/1992.‏
8ـ راجع الصحف التالية: اللواء (لبنان) في 20/7/1990، والاهرام (مصر) في 23/7/1990، والسفير (لبنان) في 20/7/1990، والدستور (الاردن) في 20/7/1990.‏
9ـ قامت قوات الاحتلال "الاسرائيلي" بمنع اهالي دير ميماس من الوصول إلى ممتلكاتهم الواقعة على ضفاف الليطاني، وذلك بسبب اعمال الحفريات. راجع صحيفة السفير في 20/7/1982، والنهار في 30/8/1991 (النائب نجاح واكيم يسال الحكومة عن خطة مواجهة استيلاء "اسرائيل" على مياه الليطاني).‏
10ـ John Cooley "The war over water" in : Foreign Policy: Spring 1984,pp.22-23 وراجع كذلك مقالته في صحيفة International Herald Tribune في 10/6/1983.‏
11ـ راجع مجلة الرسالة الاسلامية (بيروت) عدد ايار1991، ص 32.‏
12ـ راجع مقالة د.عصام خليفة في صحيفة الحياة، في 27/1/1992.‏
13ـ تجدر الاشارة إلى ان السيطرة على مجرى الليطاني العلوي تؤمن، اذا ازيل سد القرعون ونقف مركبا الذي يحول قسما من المياه إلى مجرى نهر الاولي، كمية اكبر من مياه الليطاني تصل إلى 500ـ 600 مليون م3 سنويا.‏
14ـ صحيفة الراي العام (الكويت)، في 15/7/1990.‏
15ـ راجع ما كتبه حسن السبع في صحيفة السفير، في 11/1/1992.‏
16ـ راجع صحيفة L'Orient Le Jour (لبنان) في 4/7/1990. ونشير إلى ان في "اسرائيل" مديرية لنهر الليطاني رديفة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني اللبنانية.‏
17ـ صحيفة تشرين (سوريا) في 17/1/1995.‏
18ـ "جسر الخردلي يعلو عن سطح البحر 240 مترا، وكريات شمونة (الخالصة) في "اسرائيل" تعلو 140مترا. فمياه الليطاني يمكن ان تسحب بالجاذبية بموجب نفق ينطلق من "اسرائيل" ويصل إلى مكان ما في قعر النهر حيث يجهز سكر داخل النفق". راجع ما كتبه السفير السابق حسين العبدالله في صحيفة النهار، في 9/4/1994.‏
19ـ راجع ما كتبه المهندس الهيدرولوجي فتحي شاتيلا في صحيفة السفير، في 26/5/1992.‏
20ـ المرجع السابق.‏
21ـ د.كمال خير. المرجع السابق، ص 92ـ93 حول "حركة المياه الجوفية على حدود حوض نهر الليطاني".‏
22ـ راجع كتاب محمد المجذوب، القانون الدولي العام، (بيروت: الدار الجامعية، 1994) ص 195 ـ 200.‏
23ـ راجع ما كتبناه عن "النظام القانوني للمجاري المائية الدولية في الشرق الاوسط" في صحيفة النهار، في 5/4/1994.‏
24ـ صحيفة في اللواء، في 20/7/1994.‏
25ـ ذكرت صحيفة هآرتس "الاسرائيلية" في 19/6/1994، ان لبنان واسرائيل على وشك التوقيع على خطة مرحلية للتفاهم.‏
26ـ راجع نص الاتفاقية في : League of Nations, Tready series, vol.22,p.355‏
27ـ اتفاقيات الهدنة العربية "الاسرائيلية": شباط (فبراير) 1949. سلسلة الوثائق الاساسية، رقم 3. مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت 1968، ص 40.‏
28ـ Adam Garfinkle, War, Water and negotiations in The Middle East: The case of the Palestine-Syria Border, 1916-1923. (Tel Aviv University, Moshe Dayan Center for Middle Eastern Studies, Jerusalem 1994),p.126.‏
29ـ راجع كتابه: المياه والسلام (وجهة نظر "اسرائيلية") (بيروت: مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 1991)، خصوصا الصفحات 130-160.‏
21-شباط-2008
استبيان