المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


مزارع شبعا

الاطماع بدأت مع تأسيس الحركة الصهيونية: معركة المياه اللبنانية - وثائق وحقائق

المؤلف: الدكتور الشيخ عبد الله حلاق‏
الملخص: الاطماع الصهيونية بالثروة المائية اللبنانية ولدت منذ اللحظات الاولى لتأسيس الحركة الصهيونية، حيث دلت الوثائق والتصريحات "الاسرائيلية" في اوائل القرن الحالي على النيات الخبيثة التي يخبئها الصهاينة اتجاه الموارد الطبيعية اللبنانية، والتي تقول ان حدود الكيان الصهيوني الحالية هي غير سوية ما دامت لا تضم نهر الليطاني والانهر العربية الاخرى القريبة من فلسطين.‏
الان وقد عادت قضية مياه الليطاني والوزاني وباقي منابع المياه الجنوبية الى واجهة الاهتمام في ظل المفاوضات والمطامع الصهيونية فانه من المفيد قراءة ابعاد المخططات الصهيونية وتاريخها عبر الدراسة التالية:‏‏
انتبه "الاسرائيليون" الى مسألة المياه وحاجتهم اليها في المنطقة في وقت مبكر من هذا القرن، وذلك لان مصادر المياه الفلسطينية محدودة، ولهذا ارسلت الحركة الصهيونية عام 1919 الى مؤتمر السلام الذي عقد بباريس رسالة تبين فيها حدود "اسرائيل" وحاجتها الملحة الى المياه، من اجل ري الاراضي واقامة مشاريع كهربائية وتأمين مياه الشفة للوافدين من اليهود الى فلسطين، وبينت فيها اهمية وضرورة ان يكون جبل الشيخ ضمن حدودها لانه مصدر المياه وضمانتها الاقتصادية واهم ما جاء فيها.. (ان الحياة الاقتصادية لفلسطين، شأنها في ذلك شأن أي بلد جاف، تعتمد موارد المياه المتوفرة. ولذلك فان من الامور الحيوية الا يكتفى بتأمين جميع موارد المياه التي تغذي البلد حاليا، بل ان يكون من الممكن ايضا حفظها والسيطرة عليها في منابعها.. ان جبل الشيخ هو بالنسبة الى فلسطين "ابو المياه" الحقيقي، ولا يمكن فصله عنها دون انزال ضربة اساسية بحياتها الاقتصادية. فجبل الشيخ لا يحتاج الى اعادة تشجير فقط، بل يحتاج ايضا الى اعمال اخرى ليصبح مرة ثانية خزان ماء للبلاد. ويجب اذن ان يبقى تحت سيطرة اولئك الذين هم اكثر رغبة واقدر على اعادته الى نفعه الاقصى. ويجب وضع ترتيبات دولية لحماية حقوق المياه للسكان الذين يعيشون الى الجنوب من نهر الليطاني اذا ما لقيت هذه المنابع عناية صحيحة فمن الممكن استخدامها لتنمية لبنان وكذلك لتنمية فلسطين) (1) .‏‏
رسالة "وايزمن" الى "لويد جورج"‏‏
يكشف "حاييم وايزمن" (2) عن اطماع الصهيونية في السيطرة على نهر الليطاني من خلال رسالة بعث بها في 29 كانون الاول (ديسمبر) 1919 الى "لويد جورج" رئيس الحكومة البريطانية جاء فيها "سيدي.. في اللحظة التي توشك فيها ان تشترك مع زملائك في المفاوضات النهائية التي سيوقف عليها مصير فلسطين، تود المنظمة الصهيونية ان تتوجه اليك في موضوع يسبب لها اعمق القلق، وهو مسألة حدود فلسطين الشمالية.. ان مقتضيات الحياة الاقتصادية العصرية تتطلب بالحاح ما ندعيه من حقوق في الشمال. ان مستقبل فلسطين الاقتصادي كله يعتمد على موارد مياهها للري والطاقة الكهربائية، وتستمد موارد المياه بصورة رئيسية من منحدرات جبل حرمون، ومن منابع الاردن ونهر الليطاني (3) ، ثم يشير الى نتائج التقرير الذي اعده المهندسان البريطانيان "تشارلز متكالف" و "جون فريمان" بتكليف من الصهيونية حول دراسة امكانات فلسطين الاقتصادية حيث يقول التقرير: "نوجز، في ما يلي، اسس توصيتنا فيما يتعلق بحدود فلسطين الشمالي:‏‏
1- ليست فلسطين بلد ثروة طبيعية كبيرة. وهي لن تصبح مزدهرة ومعمورة الا باحسن واحكم استعمال لمواردها الطبيعية.‏‏
2- يعوق فلسطين، بصورة خطرة، افتقارها الى الوقود، فلا يوجد فحم حجري، وليس فيها سوى القليل جدا من الحطب ويحتمل فقط وجود النفط.‏‏
3- ستستمد ثروة فلسطين في المستقبل، في الدرجة الاولى، من تربتها ومناخها الملائمين لزراعة الفواكه والمحاصيل الاخرى الثمينة. لكن هذه المحاصيل تتطلب من الماء اكثر مما يوفره المطر الطبيعي لذلك كان العائق الثاني لفلسطين عدم كفاية ما يسقط من مطر.‏‏
4- للتعويض عن هذين العائقين، زودت الطبيعة منطقة فلسطين بما يلي:‏‏
أ?- المياه في الاردن للري.‏‏
ب?- مياه جوفيه لا يمكن استغلالها كاملة الا بواسطة (ب).‏‏
د- مياه الليطاني للري المباشر و/او لتحويلها الى الاردن لتكملة (أ) و (ب).‏‏
هـ- وسائل للتخزين في وادي الليطاني.‏‏
5- ان (أ) و (ب) و (ج) مطلوبة فورا لاغراض الري والكهرباء.‏‏
6- بينما لا حاجة الان الى (د) و (هـ)، الا انه يجب ضمان استعمالها للري والكهرباء عند الحاجة، اذا كان لا يراد الحاق الضرر بمستقبل فلسطين الاقتصادي.‏‏
7- لا قيمة لكل من (ج) و (د) و (هـ) للمنطقة التي تقع شمالي الحدود المقترحة، ويمكن استغلالها بصورة مفيدة فقط في المنطقة التي تقع بعيدا الى الجنوب.‏‏
8- لهذه الاسباب، نرى من الضروري ان يضم حد فلسطين الشمالي وادي الليطاني الى مسافة نحو 25 ميلا فوق المنحنى ومنحدرات جبل حرمون الجنوبية، لضمان السيطرة على منابع الأردن واتاحة اعادة تحريج المنطقة. (4) .‏‏
وبعد عرض نتائج التقرير يقول "وايزمن" في رسالته.. (ان الصهيونيين مطلعون تماما على اهتمامك الشديد، يا سيدي، بمشكلات فلسطين الحالية وامكاناتها في المستقبل.. وهم يثقون بان الحكومة البريطانية لن توافق ابدا على أي تنازل لا يمكن ان يعتبر، من وجهة نظر صهيونية، سوى كارثة خطرة. انهم واثقون بان الحكومة البريطانية لن تفرط ابدا بمصالح الوطن القومي اليهودي الحيوية) (5) .‏‏
واستمر "وايزمن" في مراسلاته لتحقيق هدف الصهيونية في السيطرة على مياه الليطاني واليرموك والأردن فقد بعث برسالة الى وزير الخارجية البريطانية "ارثر بلفور" عام 1920 جاء فيها (تدركون اهمية الليطاني الكبرى لفلسطين، فلو تأمنت لها جميع مياه الاردن واليرموك لن تفي بحاجتها، وان صيف فلسطين حار جدا وتبخر المياه سريع وكثير. ان الليطاني هو المصدر الذي يمكن ان يؤمن المياه لري الجليل الاعلى.. فاذا حرمت فلسطين من مياه الليطاني والاردن واليرموك لن يكون لها أي استقلال اقتصادي) (6)‏‏
وفي السنة نفسها وبداعي تنظيم الاستفادة من ثروات سوريا ولبنان والأردن وفلسطين عقدت دولتا الانتداب بريطانيا وفرنسا بالوكالة عن (الاردن وفلسطين) وبالوكالة عن (سوريا ولبنان ) اتفاقا واخذتا بعين الاعتبار في بعض بنوده التطلعات الصهيونية في المنطقة، فقد جاء في المادة الثامنة من الاتفاق. "يقوم فريق من التقنيين بتدقيق مياه الاردن الاعلى-الواقعة في سوريا واليرموك وروافدهما.. وفي ضوء هذا التدقيق تصدر الحكومة الفرنسية تعليماتها لاستغلال الفائض من المياه لمصلحة فلسطين".. كما اعطت هذه المعاهدة الافضلية للبنان وسوريا، لاستخدام مياه الليطاني والحاصباني.. واعطاء الفائض لفلسطين (7) .‏‏
في عام 1941 ارسل "ديفيد بن غوريون" الى الخارجية البريطانية مذكرة تؤكد لبريطانيا على ضرورة ضم النقب ونهر الأردن والليطاني الى حدود الدولة اليهودية.. (علينا ان نتذكر انه من اجل قدرة الدولة اليهودية على البقاء.. لا بد ان نكون من جهة جيرانا للبنان المسيحي، ومن جهة اخرى يجب ان تكون اراضي النقب القاحلة وكذلك مياه الاردن والليطاني مشمولة داخل حدودنا (8) .‏‏
واستمرت الجهود اليهودية اتجاه مسألة مياه الليطاني بشكل مباشر او غير مباشر، ففي السنة نفسها تقدمت بعض الشركات اليهودية الى لبنان بمشروع لاستغلال المياه اللبنانية بما فيها نهر الليطاني وتحويل الفائض الى فلسطين مقابل تزويد المدن اللبنانية بالماء والكهرباء.. فرفض هذا المشروع من قبل الحكومة اللبنانية (9) .‏‏
مشروع "لوذر ميلك"‏‏
وفي هذه الفترة (10) بدأ الاهتمام والتعاطف الاميركي في دعم مشاريع الصهيونية، فقد حضر الى المنطقة المهندس الاميركي "لوذر ميلك" عام 1938 بتكليف من وزير الزراعة الاميركية لدراسة امكانات فلسطين الطبيعية والزراعية والمائية من اجل وضع دراسات ومشاريع تساعد في تدعيم الوضع الزراعي والمائي لفلسطين، وفي عام 1944 أصدر "ميلك" كتابه (فلسطين ارض الميعاد) ضمنه مشروعه وافكاره وتوصياته في هذا المجال واهم ما جاء فيه:‏‏
1- الاستيلاء على نهر الاردن.‏‏
2- تجفيف بحيرة الحولة واستغلال ارضها في الزراعة.‏‏
3- الاستيلاء على نهر الليطاني، وتحويله الى ارض فلسطين الشمالية، وهي اكثر انخفاضا من الاراضي اللبنانية واقامة بحيرة اصطناعية في سهل قرية (عرابة البطوف) في شمال مدينة الناصرة الفلسطينية تمهيدا لمد شبكة اقنية لنقل الفائض الى النقب.‏‏
4- ضرورة استثمار صحراء النقب، والمناطق الجنوبية من فلسطين في الزراعة.‏‏
5- اقامة قناة تصل البحر الابيض المتوسط بالبحر الميت (11) .‏‏
وهذه المشاريع اعتمدت فعلا من قبل الحكومات "الاسرائيلية" التي تعاقبت ونفذت منها المشاريع (الاول والثاني والرابع) واما الثالث والخامس فهما في طور التنفيذ. (12)‏‏
المشروع الاميركي والمشروع "الاسرائيلي":‏‏
عام 1953 كلف الرئيس الاميركي "ايزنهاور" مستشاره "اريك جونستون" بمهمة الاتصال بحكومات كل من مصر وسوريا ولبنان والاردن و"اسرائيل" للوصول الى تنفيذ مشروع مفصل لتوزيع مياه حوض وادي الأردن و تحت اشراف الامم المتحدة. ويقضي هذا المشروع بتوزيع كميات الحوض البالغة 1213 مليون متر كعب كما يلي:‏‏
(774) مليون متر مكعب للاردن (45) مليون متر مكعب لسوريا (394) مليون متر مكعب "لاسرائيل".. لا شيء للبنان (13)‏‏
رفضت "اسرائيل" هذا المشروع وقدمت مشروعا مضادا هو مشروع المهندس الاميركي "جون.س.كوتون" الذي قدمه في شباط (فبراير) 1945 الى مستشار الحكومة للمصادر المائية في وزارة الزراعة "الاسرائيلية" ومما جاء فيه (حتى وقت قريب لم يؤخذ في الاعتبار جديا عملية الاستفادة من مصادر المياه والطاقة لنهري الأردن والليطاني.. ان كل بلد من الدول المحيطة ما عدا "اسرائيل" سيأخذ الماء الكافي لحاجته الكاملة، للاراضي التي يعتبر ريها اقتصاديا من الاحواض. اما بالنسبة الى "اسرائيل"، فان الاراضي التي يمكن ريها تزيد عن كمية المياه.. واما لبنان فسيعوض ماليا باعطائه طاقة كهربائية (تستخرج من الليطاني)، في مقابل الصافي من منافع الطاقة التي لا يستفاد منها بسبب فاض مياه الليطاني الى حوض الأردن)..‏‏
ويفصل "كوتون" في دراسته حول مياه الليطاني وما يمكن ان يروي من اراض في لبنان وما يمكن تصديره الى حوض الاردن فيقول: (المجموع السنوي لمياه الليطاني (850.7) مليون متر مكعب (14) .‏‏
280 مليون متر مكعب لري (350.000) دونم في جنوب لبنان (230.000) دونم في البقاع + 120.000 دونم على الساحل.‏‏
400 مليون متر مكعب للتصدير الى حوض الاردن.‏‏
130.7 مليون متر مكعب هدر (جزء من هذه الكمية يمكن استرجاعه).‏‏
.40 هليوم متر مكعب غور.‏‏
3 مؤسسات للمياه‏‏
وطالب مشروع "كوتون" ان يخصص "لاسرائيل" من مياه حوض الاردن (1290) مليون متر مكعب على الاقل، بحجة ان مياه الحوض تبلغ (2345) مليون متر مكعب، وتضمن هذا المشروع ايضا رفض "اسرائيل" أي اشراف دولي على توزيع المياه، وطالبت بادخال مياه الليطاني في هذا المشروع ليجري تقاسمها، على ان يكون "لاسرائيل" ما لا يقل عن 400 مليون متر مكعب، ويبقى للبنان (300) مليون متر مكعب...‏‏
اما العرب فقد رفضوا مشروع (جونستون) لانه اهمل لبنان، واعطى كمية ضئيلة لسوريا، بينما اعطى "اسرائيل" حوالي 33 بالمئة من ايراد حوض وادي الاردن، في حين ان المياه التي تغذي هذا الحوض، وتقع في فلسطين المحتلة، لا تصل نسبتها الى اكثر من 22 بالمئة فقط (15) . وكان هذا الرفض العربي بقرار رسمي اتخذه مجلس الجامعة العربية في تشرين الاول (اكتوبر) 1955، وبهذا الامر سبق ان اتخذ مجلس النواب اللبناني قرارا مماثلا في تموز (يوليو) 1955 جاء فيه (لمناسبة ما روجته الصحف ووكالات الاخبار عن ان المستر "جونستون" قادم الى لبنان لمباحثة الحكومة في مشروعه المعروض واخذ جوابها النهائي عليه، يذكر هذا المجلس الحكومة بالقرار الذي اتخذه سابقا.. والذي يؤكد بان لبنان غير مستعد باي وجه من الوجوه للتنازل عن أي نقطة من مياهه او الدخول في اية مفاوضات ترمي الى توزيع هذه المياه (16) . وردا على موقف العرب هذا وبذكرى اعلان الكيان "الاسرائيلي" خطب "ديفيد بن غوريون" بالمحتفلين قائلا: (اننا نخوض مع العرب معركة المياه، وعلى نتيجة هذه المعركة يتوقف مصير "اسرائيل"، فاذا لم نربح هذه المعركة كاننا لم نفعل شيئا) (17).‏‏
ومنذ ذلك الوقت و"اسرائيل" تسعى لتنظيم الجهود في المسألة المائية فقد صدر قانون المياه "الاسرائيلي"، لعام 1959، الذي اعطى الجهاز الحكومي، المعني بالمياه، طابعا اكثر تخصصا.. حيث تهتم بالمسألة في "اسرائيل"، ثلاث جهات اساسية هي:‏‏
1- لجنة المياه: وتعد من اقدم المؤسسات المائية بعد اعلان دولة الكيان "الاسرائيلي" بتاريخ 14/5/1948.‏‏
2- مؤسسة "نحال": متخصصة بالتخطيط المائي، ودراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع المائية المستقبلية، والبحث عن المصادر المائية الجديدة، وقد اسست عام 1952 ويساهم في رأسمالها الصندوق القومي اليهودي بنسبة 24 بالمئة والوكالة اليهودية العالمية بنسبة 24 بالمئة والحكومة "الاسرائيلية" 52 بالمئة.‏‏
3- مكوروت": وتساهم في تنفيذ ومتابعة المشاريع المائية المخططة من قبل "نحال"، وتقوم بتنظيم عملية استهلاك المياه، ومنع أي ترخيص لحفر الآبار الا عن طريقها، او استغلال مياه السدود والانهر.. ويساهم في رأسمالها الصندوق القومي اليهودي، والوكالة اليهودية بنسبة 33 بالمئة لكل منهما، ونسبة 34 بالمئة من رأسمال هذه المؤسسة تدفعه الحكومة "الاسرائيلية". (18) .‏‏
وفي كانون الثاني (يناير) 1964 دعا الرئيس عبد الناصر لعقد او مؤتمر قمة عربية في القاهرة لبحث اخطار تحويل "اسرائيل" لمياه نهر الاردن الى النقب الذي بدأ عام 1953، وقد قرر القادة العرب تحويل روافد النهر للرد على الاطماع الصهيونية واقامة بعض المشاريع المائية في سوريا والاردن، منها اقامة سد على نهر اليرموك في منطقة (الخيبة) لتخزين (200) مليون متر مكعب واقامة قناة عبر الاراضي السورية، لتلتقي مع وادي الرقاد التي تصب في نهر اليرموك.. ولكن "اسرائيل" تحركت وضربت المعدات والآلات لمنع تنفيذ المشروع، وفي لبنان ضربت "اسرائيل" بعض الجرارات بالقرب من نهر الحاصباني، بل ووصل الامر بها الى الضغط على البنك الدولي لمنعه من اقراض الحكومة اللبنانية لتنفيذ مشروع الليطاني الذي قدمه المهندس ابراهيم عبد العال , (19) للحكومة اللبنانية عام 1948 وقد شرح فيه عبد العال المطامع "الاسرائيلية" بمياه الليطاني، وطرح من خلاله اقتراحات وتوصيات عدة، وبين اهمية اقامة هذا المشروع، ودراسة التكلفة، والبعد الزراعي والاقتصادي له، وتحرك عبد العال لعقد الندوات والقاء المحاضرات للنخبة اللبنانية حول هذا المشروع (20) . في ذلك الوقت صرح رئيس الوزراء اللبناني (تقي الدين الصلح) عن الاسباب التي ادت الى عرقلة تنفيذ مشروع الليطاني بقوله. (.. مطامع "اسرائيل" في نهر الليطاني لا تحتاج الى دليل، والجنوب اللبناني ضمن الحلم الصهيوني، وكانت العقبة التي امامي لانجاز المشروع هي التكاليف) (21).‏‏
وفي عام 1967 اعلن رئيس الوزراء "الاسرائيلي" "ليفي اشكول" ان "هناك نصف مليار متر مكعب من مياه الليطاني تضيع سنويا في البحر ويجب استعمالها لصالح شعوب المنطقة.. ان القنوات باتت جاهزة في "اسرائيل" لاستقبال مياه الليطاني المحولة" (22) . وفي عام 1981 اعلن وزير الدفاع "الاسرائيلي" "ارييل شارون": "ان مشكلة المياه في "اسرائيل" لا يمكن حلها بشكل كامل الا في نطاق الحل الاقليمي، ذلك ان ثلث مصادر المياه توجد في لبنان" (23) .‏‏
واحتلت "اسرائيل" عام 1982 الجنوب اللبناني تحت عنوان تأمين سلامة الجليل، بينما الواقع يدل على ان هناك سببا اكبر من سلامة الجليل، وهو تأمين المياه للجليل، وهذا ما تحدث به "مناحيم بيغن" في 4/6/1982.. "ان "اسرائيل" العطشانة لا يمكن ان تقف مكتوفة اليدين وهي ترى مياه الليطاني تذهب هدرا" (24) .‏‏
ونتيجة هذا الاحتلال وضعت "اسرائيل" يدها على اكثر من 30 كلم من مسار نهر الليطاني ثم قامت بالاجراءات التالية:‏‏
1- تمركزت آليات "اسرائيلية" بالقرب من نبع الوزاني، وعملت على تلزيم مياه النبع الى شركة "اسرائيلية" لجر مياه النبع الى فلسطين المحتلة.‏‏
2- وفي عام 1983 اعلن المراقبون في قوات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان الامين العام للامم المتحدة عن بدء تحويل مياه الليطاني الى فلسطين المحتلة.‏‏
3- وفي عام 1984 وضعت "اسرائيل" مضخات كبيرة للمياه بين بلدتي بلاط ودير ميماس القريبتين من مياه نهر الليطاني، واعلن الناطق باسم الامم المتحدة (تيمور غوكسيل) ان الحكومة "الاسرائيلية" رفضت السماح لمراقبي الأمم المتحدة بتفقد المنطقة المذكورة ومنعتهم من دخولها (25) .‏‏
وهكذا نرى ان "اسرائيل" ومنذ عام 1948 تعمل على احتلال الارض وضمها بموجب قرارات حكومية، وتسرق اكثر من (400 مليون متر مكعب) من مياه الليطاني والحاصباني ونبع الوزاني في كل عام، امام مرأى ومسمع من العالم والامم المتحدة ومجلس الامن الدولي!‏‏
--------------------------------------------------------------------------------‏‏
الهوامش:‏‏
1- يولا البطل - الغزو الاقتصادي "الاسرائيلي" للبنان 1982 - بيروت - 1982- ص 63.‏‏
2- رئيس المنظمة الصهيونية الذي انتخب في مؤتمر الصهيونية الذي عقد في لندن في تموز عام 1920.‏‏
3- يولا البطل - المرجع السابق- ص 64.‏‏
4- يولا البطل - المرجع السابق - ص 65.‏‏
5- يولا البطل - المرجع السابق - ص 65.‏‏
6- يولا البطل - المرجع السابق - ص 51 / انظر يوسف صايغ - الاقتصاد "الاسرائيلي" - مركز الابحاث - منظمة التحرير الفلسطينية - بيروت 1966- ص 44-61-63-64.‏‏
7- الارقم الزغبي - الغزو اليهودي للمياه العربية -بيروت دار النفائس -1992 - ص 57.‏‏
8- صحيفة معاريف "الاسرائيلية" - 18/4/1978.‏‏
9- الارقم الزغبي - الغزو اليهودي للمياه العربية - مرجع سابق - ص 55.‏‏
10-أي في اواخر الثلاثينات وبداية الاربعينات.‏‏
11-الارقم الزغبي - الغزو اليهودي للمياه العربية - مرجع سابق - ص55.‏‏
12-المشروع الثالث بدأ تنفيذه بعد احتلال "اسرائيل" لجنوب لبنان في غزو 1982.‏‏
13-صبحي كحالة - المشكلة المائية في "اسرائيل" وانعكاساتها على الصراع العربي - "الاسرائيلي"، بيروت مؤسسة الدراسات الفلسطينية - 1980، ص 19.‏‏
14-يولا البطل - الغزو "الاسرائيلي" الاقتصادي مرجع سابق - ص 70.‏‏
15-صبحي كحالة - المشكلة المائية في "اسرائيل" وانعكاساتها على الصراع العربي - "الاسرائيلي" - مرجع سابق ص 19.‏‏
16-المركز العربي للمعلومات - لبنان - 1949/1985 الاعتداءات "الاسرائيلية"، بيروت 1986 ص 91.‏‏
17-الارقم الزغبي - الغزو اليهودي للمياه العربية - مرجع سابق - ص61.‏‏
18-الارقم الزغبي - الغزو اليهودي للمياه العربية - مرجع سابق - ص62.‏‏
19-اعتبرت "اسرائيل" ان مشروع المهندس عبد العال حول نهر الليطاني خطر على اطماعها في مياه الليطاني ولهذا دبرت عملية قتله عام 1969 حيث مات في المستشفى في ظروف غامضة.‏‏
20-الارقم الزغبي - الغزو اليهودي للمياه العربية - مرجع سابق - ص88.‏‏
21-مجلة العربي - العدد 245- الكويت - 1979.‏‏
22-عدنان حسين - التوسع في الاستراتيجية "الاسرائيلية" - مرجع سابق - ص 129.‏‏
23-صحيفة دافار "الاسرائيلية" 14/6/1981.‏‏
24-الارقم الزغبي - الغزو اليهودي للمياه العربية - مرجع سابق - ص91.‏‏
25-مجلة الموقف - العدد 5 - 1983 - ص 15.‏‏
21-شباط-2008
استبيان