المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


مزارع شبعا

الرئيس بري:لبنان لن يفرط بنقطة ماء واحدة من ثروته الطبيعية ومن حقوقه المائية وخصوصا في مزارع شبعا

المصدر: صحيفة اللواء اللبنانية
افتتح رئيس مجلس النواب نبيه بري عند الساعة العاشرة، من قبل ظهر أمس، الندوة الاقليمية لـ"تعزيز قدرات البرلمانات العربية في مجال التنمية المستدامة ـ ادارة المياه".
وحضر الندوة الامين العام للاتحاد البرلماني العربي نور الدين بوشكوج، وفود برلمانية من الدول العربية والاجنبية والافريقية والنواب: ميشال موسى، ناصر نصرالله، فريد حبيب، رياض رحال، حسن يعقوب، محمد حيدر، سليم عون، محمد قباني، احمد فتوح وقاسم هاشم. كذلك، حضر رئيس مجلس الانماء والاعمار الفضل شلق، وعدد من المختصين في شؤون المياه.
بداية تحدث الامين العام للاتحاد البرلماني العربي نور الدين بوشكوج مرحبا بالحضور، شاكرا للرئيس بري لرعايته هذه الندوة.
ثم القى الرئيس بري الكلمة الآتية:
"بإسم الاتحاد البرلماني العربي ومجلس النواب اللبناني أرحب بممثلي الاتحاد البرلماني الدولي ومعهد الامم المتحدة للتدريب والبحث وشركائنا في اعداد هذه الندوة الاقليمية حول تعزيز القدرات في مجال التنمية المستدامة للبرلمانات العربية ـ ادارة المياه. وارحب ايضا بالمدعوين الى افتتاح اعمال الندوة وبالزملاء النواب ممثلي الشعب البرلمانية العربية في هذه الندوة التي نتمنى لاعمالها النجاح الكامل، ونتمنى ان تقدم اسهاما هاما في احدى المسائل الحيوية في حياة الشرق الاوسط.
واود ان اوجه عنايتكم في المناسبة الى ان بيروت احتضنت في 13/2/2002 اسبوع المياه، الذي نظم بدعوة من لجنة الاشغال العامة والطاقة والمياه النيابية بالتعاون مع مشروع برنامج الامم المتحدة الانمائي، وهذا يعني ان لبنان يشكل في هذه اللحظة السياسية رغم الكثير من اجواء التوتر والاضطراب والقلق التي نعيشها مركز استقطاب لقضية المياه واستخدامها في الشرق الاوسط، وهو عنوان ضاغط على المنطقة وعلى اقطارها، لان المياه استنادا الى اغلب الدراسات والى الوقائع هي المفتاح الاساسي للتطور خصوصا اذا اخذنا في الاعتبار ان المياه المتوافرة للفرد الواحد في هذه المنطقة لا تتجاوز السدس (1/6) المعدل العالمي، وان الفجوة بين ما هو متوفر وما هو مطلوب تزداد اتساعا، بحيث انها ستؤدي قريبا الى اختلال درجة الازمة على ما يقول المهندس اللبناني الكندي غصوب ضاهر.
في هذا المجال لا بد من الاشارة الى ان لبنان ومنذ عام 1948 كان هدفا للاطماع الإسرائيلية في مياهه، وان الاستراتيجية الإسرائيلية في القرن الماضي بنيت على اساس الاستيلاء على المياه اللبنانية، كما ان العدوان الإسرائيلي عام 1967 في بعده الاقتصادي الحقيقي كان عدوانا بهدف الوصول الى مياه نهر الاردن، والاستيلاء على مساقط المياه في جبل الشيخ، وان "إسرائيل" انتبهت الى انها ارتكبت ما وصفه موشي ديان وزير "الحرب" الإسرائيلي آنذاك بالخطأ، بسبب عدم توسيع عدوانها باتجاه لبنان بهدف الوصول الى الضفة الجنوبية لنهر الليطاني، وان "إسرائيل" بهدف تصحيح هذا الخطأ الاستراتيجي قامت باجتياح الاراضي اللبنانية في آذار/مارس عام 1978، في الوقت الذي كانت تتذرع بالمقاومة الفلسطينية، كانت العملية تحت عنوان عملية الليطاني، وهي منذ عام 1948 تعارض جميع المشاريع اللبنانية او الاقليمية المتعلقة بالمياه، وتهدد باللجوء الى القوة او انها فعلا تقوم باللجوء الى القوة لتعطيل او للتهويل ضد اي مشروع.
كما اود ان اشير الى ان لبنان وبعد دحر الاحتلال الإسرائيلي عن معظم ارضه، أظهر تصميمه على تحرير هذه الارض من عشرات الاف الالغام التي زرعتها "إسرائيل" ورفضت تسليم خرائطها الى الامم المتحدة والى الحكومة اللبنانية، وكذلك تحرير المياه وليس فقط تحرير الاسرى والمعتقلين.
ان لبنان اطلق في هذا الاطار مشروعين:
ـ الاول: منذ سنوات قليلة يتعلق بتنفيذ مرحلتين للاستفادة من نهر الوزاني عبر توفير سبعة ملايين متر مكعب سنويا بمعدل عشرة الاف متر مكعب يوميا لتوفير مياه الشفة الى عشرين بلدة وقرية، حتى ان بلدة الوزاني التي سمي النهر باسمها لم تكن تستفيد من مياه الوزاني، تماما كما يقال الان ان مزارع شبعا ليست لبنانية وشبعا لبنانية فقط، وايضا لاستصلاح الاراضي الزراعية في بلدات الوزاني وعين عرب ووادي خنسا والعباسية والمارية.
ـ الثاني: المرحلة الاولى من مشروع امداد الجنوب بمياه الليطاني للري والشرب ـ القناة 800 بتكلفة مئتين وسبعة عشر مليون دولار، يؤمن مئة وخمسة وستين مليونا منها الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي والصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية. الامر الذي يجعلني افخر بان الكويت هي شريكة في تحرير الاراضي اللبنانية، لان هذا المشروع كان دائما الحلم الذي تتذرع "إسرائيل" به ان لها حقوقا في لبنان، انطلاقا من النظرة الجديدة التي تقوم على ان المياه سلعة ليست سلعة وطنية وانما سلعة عالمية. ان هذا المشروع كان قد علق عليه كبير المهندسين العرب الشهيد ابراهيم عبد العال، وكذلك موريس الجميل الآمال الكبار، باعتباره يشكل احد اهم العناصر في تصميم حياة لبنان. ان اهداف هذا المشروع، بالاضافة الى كونه مشروعا انمائيا واجتماعيا، يبقى مشروعا وطنيا لاعادة اعمار الجنوب ولاعادة اعمار المنطقة عانت من العدوان والاحتلال الإسرائيلي طيلة خمسين عاما. كما ان المشروع يهدف الى تأمين مصادر مياه الشفة للمدن والقرى الواقعة في منطقة المشروع وزيادة فرص العمل فيه.
ان لهذا المشروع اهدافا بيئية، من ابرزها اعادة التوازن الطبيعي وتطوير العيش وتحسينه في ظل بيئة ومحيط نظيفين. لقد أوردت هذين الانموذجين على المستوى اللبناني، لأوجه عنايتكم ان "إسرائيل" اقامت الدنيا ولم تقعدها لمجرد ان لبنان قام باستعادة بعض حقوقه المائية في نهر الوزاني، حيث تحركت كل الدول التي تمثل سلطة القرار الدولي على خط الضغوط، وقام خبراؤها ورؤساء بعثاتها الديبلوماسية بزيارة منطقة الوزاني. هذا عدا عن محاولات الضغط التي مورست علي شخصيا آنذاك وعلى لبنان عموما. كل ذلك في سبيل استعادة سبعة ملايين مكعب وهو جزء يسير من حق لبنان في هذه المياه بينما استفادت "إسرائيل" من مئة وخمسين مليون متر مكعب ولم تسأل سؤال واحد.
انني اعرض امام اعمال هذه الندوة صورة هذا المشهد في الوقت الذي اؤكد لكم ان نهر الحاصباني الذي يشكل نهر الوزاني جزءا لا يتجزأ منه والذي تواصل "إسرائيل" سرقة مياهه والاستثمار عليها، لا يعتبر نهرا دوليا ولا تطبق عليه بالتالي احكام القانون الدولي لاسباب عديدة اهمها:
ـ اولا: ان مياه الحاصباني تنبع من الاراضي اللبنانية وتجري وتستهلك فيها ولا تعبر هذه المياه الحدود الا في فصل الشتاء اي من 2 الى 4 اشهر في السنة.
ـ ثانيا: للبنان حق مكتسب في هذه المياه، ذلك انه استهلك طوال مئات الاعوام مياه الحاصباني، ولا تستطيع "إسرائيل" بكل المقاييس القانونية الدولية والاقليمية والوطنية منازعة لبنان على هذا الحق.
ـ ثالثا: ليس ثمة اتفاق حول استعمال مياه هذا النهر اللبناني وفقا لنصوص المادة 109 من معاهدة لوزان التي عقدت بين الحلفاء وتركيا بعد الحرب الكونية الاولى.
ـ رابعا: ان الاتفاق الموقع في باريس في 23 كانون الاول 1920 بين فرنسا وبريطانيا لتسوية بعض النقاط المتعلقة بالانتداب على لبنان وسوريا وفلسطين والعراق، ينص في مادته الثامنة على كيفية استخدام نهري الاردن واليرموك وروافدهما من دون اي ذكر لمياه الحاصباني على اعتبار ان هذا النهر لبناني مئة في المئة. يتبين مما تقدم ان موضوع المياه يشكل اساسا للحرب والسلم في المنطقة، ويشكل عنوانا مباشرا للتوترات الاقليمية.
لا ابالغ اذا قلت ان استجلاب التوتر كان بسبب البترول في القرن العشرين، فانتظروا المياه في القرن الواحد والعشرين واحيانا للتوترات بين بلدان متجاورة شقيقة او صديقة. على المستوى العربي وبما يخدم اعمال ندوتنا، فان اغلب الدراسات تعترف ان هناك هدرا للمياه في قطاعي الاستعمال المنزلي والصناعة، ولكن الهدر الاكبر الذي يصل الى نحو خمسين في المئة في البلدان العربية هو في القطاع الزراعي، بسبب اعتماد العرب على الري بالغمر، بما يؤدي الى هدر نصف كمية المياه المستعملة اي ما يزيد عن ستين بليون متر مكعب.
وعلى المستوى العربي والقطري فإن الدعوات المتكررة الى ضرورة "ترشيد استخدام المياه" لم تلق آذانا صاغية، كما ان اعادة تنظيم المؤسسات المائية امر لا زال في بداياته وسيستمر سوء ادارة المياه على المستوى الرسمي الى عقد اضافي اذا لم نقل اكثر.
انني في مناسبة انعقاد هذه الندوة، ادعو الامانة العامة للاتحاد البرلماني العربي الى ان تضع على اعلى جدول اهتمامات البرلمان العربي الذي سيعقد اولى اجتماعاته في الاسبوع الاخير من العام الحالي في القاهرة، وكذلك، على جدول اعمال مجلس ومؤتمر الاتحاد البرلماني العربي موضوع: قضية المياه واستخدامها في الوطن العربي . انني باسم الاتحاد البرلماني العربي اؤكد اننا معنيون بوجود استراتيجية مائية عربية تجدد التشريعات والادارة وتصون وتنمي الموارد المائية عبر خزن اكبر كمية من المياه لاستخدامها ساعة الشدة والعمل على تقليل التبخر الى الحدود الدنيا. ان الاتحاد البرلماني العربي والبرلمانات والمجالس الشوروية القطرية ستكون اعتبارا من الاجتماع المقبل لمجلس ومؤتمر الاتحاد البرلماني العربي- ستكون معنية بقيام: ثقافة مائية تشدد على: ـ الاقتصاد في استخدام المياه واستنفادها، واتخاذ القرارات الخاصة بالمياه بسرعة حتى لا يتجاوزنا الزمن.
ـ خزن المياه عبر اقامة السدود.
وهذا امر مهم جدا وخصوصا في لبنان، علما ان السدود في لبنان لا تكلف كثيرا بسبب الهضبات القائمة فيه. ولكن يبقى ان المياه تذهب هدرا بالرغم من كثرة الامطار في لبنان.
ـ انشاء بحيرات قادرة على جمع المياه السطحية.
ـ استعمال التكنولوجيا الصناعية لاقامة موارد مائية جديدة.
ـ تحلية مياه البحر.
ان المياه في كل بلد تشكل ثروة وطنية لا يمكن التفريط بها، بما يعني ان هناك ربطا كاملا بين المياه والحياة وبين الدولة ودورها الاساس في تأمين المياه خصوصا مياه الشفة لمواطنيها. ان المياه تمثل ايضا جزءا من اقتصاد السوق في كل بلد وسلعة ضرورية، اذا دققنا قليلا وقسنا ثمن قنينة المياه مع البترول، نجد ان المياه العذبة يتجاوز سعرها سعر البترول بالرغم من ارتفاع سعر البترول حاليا، وهي تمثل حقا لكل مواطن.
ان الوضع الراهن للوقائع المائية او للضغوط التي تتعرض لها مصادر المياه في الوطن العربي سواء الجارية من النيل الى دجلة والفرات الى الليطاني او التلوث الذي يهدد مصادر المياه المطروحة للتحلية او الكميات المتبخرة سنويا، او الهدر الذي يلحق المياه المستعملة، يستدعي من اقطارنا ويستدعي منا نحن البرلمانيين التأهب والحضور الدائم والعمل ميدانيا، ومتابعة كافة الابحاث والدراسات المتعلقة بموضوع المياه من اجل التوصل الى رسم استراتيجية قطرية واستراتيجية عربية للمياه.
اكرر الترحيب بانعقاد هذه الندوة في لبنان متمنيا لها النجاح، مؤكدا وبدون اية مبالغة ان لبنان لن يفرط بنقطة ماء واحدة من ثروته الطبيعية ومن حقوقه المائية، وهو الامر الذي يجب ان يكون معلوما الان وفي المستقبل وفي مزارع شبعا التي يوجد فيها مساقط مياه، وعند رسم السياسات الاقليمية".
25-شباط-2008
استبيان