المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله: نستغرب الصمت حيال تهديدات العدو الاسرائيلي كما نستغرب تصاعد الجدل حول سلاح المقاومة بطريقة يريدهاهذاا


وطنية - 15/8/2008
ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية، وحشد كبير من المؤمنين.


ورأى السيد فضل الله أن الحصار الاسرائيلي للفلسطينيين ـ وخصوصا في قطاع غزة ـ يحظى بتغطية وتأييد عربيين، حيث تقفل المعابر التي تتيح لهم الحصول على حاجياتهم الغذائية والدوائية الأساسية، ولا يشفع للفلسطينيين في غزة أنهم يتواصلون مع أشقائهم في مصر عبر رفح، لأن هذا المعبر يخضع بدوره لإجراءات الحصار، أما الذين حاولوا اختراق هذا الحصار عبر الأنفاق فكان مصيرهم الموت خنقا من خلال تدمير الأنفاق عليهم، في إخبار عربي جديد للاسرائيليين بأنكم لستم وحدكم الذين تمارسون الحصار والضغط على الشعب الفلسطيني، في سياق خطة أميركية - إسرائيلية يشترك فيها بعض العرب ولا يمكن تبرئة السلطة الفلسطينية نفسها من مفاعيلها.


وقال: يتم ذلك كله في الوقت الذي يستعد العدو لبناء مستوطنات جديدة في الضفة الغربية أو توسيع المستوطنات القائمة لنقل المزيد من الأسر اليهودية إليها، فيما العمل جار لتهجير المزيد من الفلسطينيين وتشريدهم في العالم.


واشار الى انه من اللافت للمراقبين للواقع الفلسطيني قيام بعض أركان السلطة باقتراح استبدال الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران التي تجهضها إسرائيل بدولة مشتركة واحدة ثنائية القومية اليهودية والعربية ما يدل على حال الانهيار التي يعانيها فريق السلطة في قيادته الحالية وقبوله بالتعايش مع الاحتلال على حساب الحقوق الفلسطينية الثابتة، الأمر الذي يمثل تنازلا فلسطينيا جديدا للعدو الذي يرفض فكرة الدولة المشتركة فهو يفكر ويعمل لدولة يهودية صافية ليس للعرب أي موقع فيها، والجميع يعرف أن اليهود بتحالفهم مع أميركا وبعض دول أوروبا يتابعون الضغط على الواقع العربي لتقديم التنازلات للدولة العبرية حتى لا يبقى هناك أية فرصة للدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة، لأن الغرب ليس على استعداد للضغط على اليهود الذين يسيطرون على سياسته وأوضاعه الاقتصادية مستغلين هذا الموت العربي إزاء حقوقه الحيوية وقضاياه المصيرية الذي يفرضه القائمون على البلاد العربية وعلى شعوبهم.


واضاف: إننا نقول للعالم العربي والفلسطيني إذا كان الشعب غير قادر على تحرير أرضه في المرحلة الحالية، فإن الأجيال المقاومة ستعمل على إحداث تغييرات مهمة لمصلحة العدالة للشعوب، ذلك أن استمرار الانتفاضة من جيل إلى جيل سيحقق في النهاية للشعب الفلسطيني أهدافه الكبرى وما ضاع حق وراءه مطالب.


وتناول فضل الله المشهد الأميركي فقال: كان لافتا حديث الرئيس الأميركي عن أن روسيا اجتاحت بلدا مستقلا مجاورا وهددت حكومة منتخبة ديموقراطيا، وأن هذا العمل وما يماثله غير مقبول في القرن الحادي والعشرين، وهو الأمر الذي يبعث على الغثيان لأن الرئيس الأميركي هو أول من سن هذه السنة في هذا القرن باجتياحه لأفغانستان والعراق، وبتأييده للحرب الإسرائيلية على حكومة منتخبة ديموقراطيا كما في حرب العدو على الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حماس والتي اعترف العالم كله بأنها جاءت بعد انتخابات نزيهة وشريفة، كما أن بوش نفسه هو الذي بارك الحرب الإسرائيلية على لبنان وأراد لها أن تمتد وتتوسع ليسقط لبنان وشعبه وبنيته التحتية في قبضة الكيان الصهيوني وإن لم يستطع أن يحقق ما كان يصبو له.


وقال: إننا في الوقت الذي نرفض كل أشكال الظلم والعدوان، نجد في الإدارة الأميركية الحالية الصورة الأكثر بشاعة في الانتهاكات الفاضحة لسيادات الدول وحقوق الشعوب وقضايا حقوق الإنسان ودعم الإرهاب والأنظمة المستبدة، ولذلك فإن آخر من يمكنه أن يتحدث عن قضايا مماثلة هو الرئيس الأميركي ونائبه اللذين أشعلا العالم بالحروب ودمرا مواقع حيوية ومهمة في الاقتصاد العالمي.


واضاف: في جانب آخر، نرى أن عقلية الحصار بدأت تفرض نفسها في العلاقات الدولية بحيث تسعى دول الاستكبار لفرض حصار على دول الممانعة التي ترفض شروطها المذلة، وقد لاحظنا في هذه الأيام أن ثمة أساطيل بحرية فرنسية وبريطانية وأميركية توجهت إلى الخليج بعد قيامها بمناورات مشتركة تحدث الإعلام عن أنها تحاكي القيام بإجراء محتمل ضد إيران، وذلك بعدما أصدر الاتحاد الأوروبي قراراً جديداً أجاز فيه فرض عقوبات قوية ضد إيران. إننا نرى في هذه التحركات الجديدة تمهيدا لعدوان اقتصادي وسياسي وربما عسكري ضد إيران لإجبارها على الرضوخ للشروط الأميركية - الإسرائيلية وتخليها عن حقوقها المشروعة في البرنامج النووي السلمي، الأمر الذي يستدعي استعدادا على مختلف المستويات لمواجهة المرحلة المقبلة التي تشتد فيها الضغوط من كل حدب وصوب على مواقع الممانعة، لشعور المستكبرين بأن الوقت لا يعمل لمصلحتهم ولاستعجالهم القيام بإجراءات عدوانية تصعيدية، وهو ما يفترض مواجهته بالوحدة في الواقع العربي والإسلامي وبالاستعداد لمواجهة أي طارىء.


واشار سماحته الى انه ليس بعيدا من ذلك، نشهد تهديدات إسرائيلية جديدة بعد مناورات عدوانية في الجولان تحاكي المناورات البحرية الغربية الأخيرة، وحديث لوزير حرب العدو عن أن هذه التدريبات ليس عبثا وعن أن العدو لن يسمح بأن تخل المقاومة بالتوازن القائم. ونحن في الوقت الذي نشعر بخطورة التحركات الصهيونية واستعداد العدو على جميع المستويات بما قد يمهد لعدوان إسرائيلي جديد ضد لبنان، نستغرب صمت الكثيرين في لبنان حيال هذه التهديدات، وعدم أخذها على محمل الجد، كما نستغرب تصاعد الجدل حول سلاح المقاومة بالطريقة التي يريدها العدو، في عملية تسجيل نقاط سياسية بدلا من أن ينفتح الجميع على آلية عملية تقود لإعداد خطة ميدانية لمواجهة أي عدوان إسرائيلي محتمل.


وقال: وفي لبنان أيضا، شهدنا في الأيام الفائتة فصلا جديدا من فصول العبث السياسي تحت قبة البرلمان في استعراض للعضلات الكلامية الخطابية التي يُحسن البعض كتابتها ويخفق نواب الأمة حتى في قراءتها، ولكنهم ينجحون في استثارة الغرائز وتهييج الشارع من أجل الوصول إلى أصوات الناخبين من نافذة الحساسيات الحزبية والمذهبية، ولتغدو المؤسسة التشريعية شارعا متخلفا في لغته وأسلوبه ومفرداته، وليأخذ الناس من هذه النخبة السياسية منسوبا كبيرا من الحقد بدلا من المحبة والرحمة والصداقة التي يمكن لها أن تبني بلدا على أسس متينة راسخة، وليساهم ذلك كله في توفير المناخات الملائمة للمجرمين الذين يتسللون من خلالها لارتكاب جرائمهم، كما جرى في طرابلس قبل يومين.


واضاف: إننا نقول للبنانيين: هذه هي الطبقة التي أنتجتموها وجعلتموها مسؤولة عنكم وعن قضاياكم في المؤسسة التشريعية، وهذه هي الأسماء التي أدمنتموها في انتخاباتكم التي تتحرك غريزيا فيشعر هؤلاء بأن أفضل وسيلة أمامهم للعودة إلى الندوة النيابية تتمثل بتحريك الخلافات السياسية وإيقاظ الحساسيات المذهبية، ولو أدى ذلك إلى إحراق البلد وإجهاض مسيرة إنقاذه.


واوضح: إن هذه الطبقة لا ترقى إلى مستوى لبنان، ولا إلى مستوى قضايا الأمة في هذا الواقع العالمي المضطرب، ولذلك ندعو اللبنانيين إلى ممارسة حقهم الطبيعي في إبعاد هؤلاء عن العبث بمصيرهم، والقيام بما تفرضه عليهم المسؤولية الوطنية العليا بمنع هذه النماذج من العودة إلى البرلمان، إذا كان هناك من يملك أن يتحرك بإحساس وطني وبمنسوب نقدي رفيع.


واكد إننا في حاجة إلى جيل جديد من السياسيين يؤمن بربه من خلال أن الله محبة وأنه الرحمن الرحيم، ويتحمل مسؤولية وطنه بإخلاص وعقلانية، ويتحرك في عملية الحساب للذين كانوا ولا يزالون مشكلة لبنان ولم يستطيعوا أن يكونوا الحل، لأن التاريخ الدامي لا يزال يفرض نفسه على حركتهم في الحاضر من أجل دماء جديدة وعصبيات وأحقاد متحركة، ويبقى للمحاور الإقليمية والدولية حركيتها في لبنان الساحة لأنه لم يبق في النظام الطائفي الذي يزرع الطائفية في العقول والمشاعر والواقع من يؤمن بأن هناك شيئا اسمه لبنان أو الوطن.

15-آب-2008

تعليقات الزوار

استبيان