المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله أيد مبادرة وطنية وفاقية: هناك توجه عربي ضد المقاومة وهل لتركيا دور في التحضير لضربةٍ ضدّ إيران؟

14/9/2007
ندد آية الله السيد محمد حسين فضل الله بقيام الكيان الصهيوني في اختراق المجال الجوي السوري قائلا ان اسرائيل تحاول ان تستعيد قوتها في المنطقه من خلال خرق المجال الجوي السوري. واضاف سماحته خلال خطبتي صلاة الجمعة في مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، حضره عدد من الشخصيات الدينيه والسياسية والاجتماعية، ان اختراق اجواءسوريا يطرح تساؤلاً كبيراً حول الاستراتيجية الأمريكية الإسرائيليّة، حيثُ يُراد لإسرائيل ـ عبر السلاح الأمريكي المصدَّر لها ـ أن تكون القوّة الضاربة في المنطقة، في تهديد أيّ معارضة عربيّة وإسلاميّة للسياسة الأمريكية فيها.
واضاف: ربّما يرى بعض المحلّلين أنّ هذه العمليّة الإسرائيليّة كانت على صلةٍ بالتحضير للعدوان على إيران، وقياس مدى جهوزيّة أنظمة الدفاع الجوّي السوري في حال سلكت الطائرات الإسرائيليّة شمال سوريا بمحاذاة الحدود التركية، ومنها إلى شمال العراق للهجوم على المنشآت الإيرانيّة.
واضاف من هنا قد يثور السؤال عن الدور التركي في المرحلة القادمة، ولا سيّما مع قيام الطائرات التركية والأمريكية والإسرائيليّة بمناورات مشتركة، في ظلّ التحالف فيما بين بلادها، وهل أنّ الهدف من كلّ هذه الاستعدادات هو التحضير لضربةٍ موجّهة ضدّ إيران، بالرغم من تأكيد بعض المسؤولين الأتراك أنّ تركيا لا يُمكن أن تقبل باستخدام أراضيها للعدوان على إيران وعلى إسرائيل.
لذلك، فإنّنا نناشد تركيا، في مرحلتها الجديدة في الحكم، أن تحافظ على علاقاتها العربيّة ـ الإسلاميّة، وأن لا تسقط أمام الخطط الأمريكية ـ الإسرائيليّة في استراتيجيّتها العدوانيّة؛ لأنّ ذلك قد يترك تأثيراً سلبيّاً على موقعها في المنطقة، وعلى شعبها المسلم الذي لا يزال منسجماً مع القضايا الإسلاميّة المصيريّة.
واضاف آية الله فضل الله: "ممّا يلفت النظر، هو الصمت العربي إزاء هذا العدوان الإسرائيلي على سوريا، حتّى قد يخيّل للكثيرين أنّها ترحّب بذلك؛ انطلاقاً من أن العلاقة مع إسرائيل أصبحت أقوى من العلاقة مع سوريا أو مع إيران، والذي انعكس توجّهاً عربيّاً لرفض أيّ مقاومة، ولا سيّما في اللهاث وراء مؤتمر بوش للسلام، وسط جدل سياسي في دعوة سوريا إلى حضوره، مما قد يثير احتجاجاتٍ على الدولة العبريّة لعدوانها على سوريا.
ويتمثّل الضعف العربيّ في السقوط السياسي الذي يتنكّر للمقاومة الفلسطينيّة، ويرفض مواجهتها للعدوّ، حيث يُنكرون عليها قصف المستوطنات في الوقت الذي لا يُنكرون على إسرائيل قصفها للشعب الفلسطيني في الضفّة وغزّة، ولا يجدون في الاحتلال ـ بكلّ مفاعيله ـ مبرّراً للمواجهة.
وهذا الذي نسجّله على الموقف العربي، نسجّله على الاتحاد الأوروبي الذي تتفهّم بعض دوله الردّ الإسرائيلي على العمليّة الجهاديّة في قصف القاعدة العسكريّة الإسرائيليّة، هذا الردّ الذي يتحرّك لإلحاق المجازر بالشعب الفلسطيني في مواقعهم المدنيّة، ولا تتفهّم ردّ الفلسطينيين على العدوان.
ومن المضحك المبكي أنّ السلطة الفلسطينية تُبادر في أيّ عمليّة للمقاومة على تسجيل استنكارها، بينما لا تبادر إلى الردّ بقوّة على العدوّ في عدوانه المتحرّك دائماً على القرى والمدن الفلسطينية، وفي إذلاله للشعب كلّه في تنقّلاته على الحواجز وفي منعطفات الجدار؛ وفي هذا الجوّ، لا نرى أملاً كبيراً في نجاح هذا المؤتمر الأمريكي في تحقيق الهدف المعلن، وهو إقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة على الأرض المحتلّة في الـ 67؛ لأنّ الجدار العنصري والمستوطنات الكبرى والقدس ورفض عودة اللاجئين سوف تقف حجر عثرة للوصول إلى حلّ، ولاسيّما أنّ الولايات المتحدة الأمريكية لا تسمح بأيّ ضغطٍ على حليفتها اليهوديّة؛ بل إنّها سوف تتحرّك لإقناع العرب ـ بما فيهم السلطة الفلسطينية ـ لتقديم التنازلات لإسرائيل؛ لأنّ أكثر اليهود لا يوافقون على التنازل للعرب بأيّ مطلب يبتعد عن الاستراتيجية الصهيونية التي تخطّط للسيطرة على فلسطين بشكل مباشر أو غير مباشر.
ونحن إذ نلتقي ـ في هذه الأيّام ـ بذكرى مجزرة صبرا وشاتيلا، التي استفادت فيها إسرائيل من بعض التعقيدات اللبنانيّة الداخليّة، ننبّه من خطورة دخول إسرائيل على خطّ أكثر من بلدٍ عربيّ وإسلاميّ، مستفيدةً من حالات الإرباك السياسي والأمني، لتحرّك المزيد من المجازر، ولتثير الكثير من الاضطرابات الأمنيّة والسياسيّة بما ينعكس مزيداً من التشظّي في مجتمعاتنا العربية والإسلاميّة.
أمّا في المشهد الأمريكي، فلا يزال بوش يستخدم المناورة أمام ضغط الكونغرس عليه في الانسحاب من العراق؛ الأمر الذي قد يضغط عليه بتخفيض عدد جنوده بعد الخسائر الضخمة التي تكبّدها جيشه، والفشل السياسي الذي أحاط باحتلاله، في الوقت الذي نراه يتحدّث عن نظرة جديدة لاستراتيجية الحرب، وعن خطّة جديدة لكيفية تحرير الولايات المتّحدة من مسلسل الموت المتنقّل في العراق.
واكد السيد فضل الله: انّنا ندعو العراقيّين أن لا يسقطوا أمام المقولة الخادعة، بأنّ انسحاب الجيش الأمريكي سوف يحوّل العراق إلى كارثة، أو فتنة طائفيّة؛ لأنّنا نتصوّر أنّ الوضع لن يكون أسوأ ممّا هو عليه الآن؛ بل إن الشعب العراقي، سواء من السنّة أو الشيعة أو العرب أو الأكراد أو التركمان، لا بدّ له من أن يفكّر في المصالحة الوطنيّة، من أجل عراقٍ جديد، على اساس تحقيق الوحدة الوطنية والمصلحة العليا للبلد كلّه؛ لأنّه لن يربح أحد من الأفرقاء في هذه التجاذبات السياسية التي يبحث فيها كلّ فريق عن حزبه أو طائفته أو عرقه؛ لأنّه لن يستطيع أيّ شعبٍ أن يتحرّر إلا إذا تكامل في قضاياه المصيريّة بعيداً عن أيّ تدخّل خارجي.
وإنّنا أمام دخول شهر رمضان المبارك، وفي ظلّ حديث البعض أنّه سيحمل المزيد من سفك الدماء والمجازر المتنقّلة والتفجيرات التي تطال الأبرياء في أكثر من بلد إسلامي وعربي، نؤكّد أنّ شهر رمضان هو شهر السلام والخير اللذين ينبغي أن يتحرّك المسلمون في إطارهما، وأن يكون مناسبةً للقاء والانفتاح والوحدة أمام المنعطفات الخطيرة التي يمرّ بها عالمنا الإسلامي.
وتطرق آية الله فضل الله الي الاوضاع في لبنان قائلا: أمّا لبنان، فلا يزال الجدل يدور بين السياسيّين، ولاسيّما الذين يحدّقون بالواقع الدولي أو الإقليمي بعيداً عن الواقع المحلّي. ولذلك، فإنّ هناك كلاماً استهلاكيّاً يتّهم فيه هذا الفريق الفريق الآخر، بالتعطيل في مشروعه ومبادرته، أو بالاستئثار والسيطرة، في حديثٍ يختزن الحزبيّة والطائفيّة والمذهبيّة والشخصانيّة؛ حتّى أنّ البلد ـ في نظر المواطنين ـ يتحرّك من دون حكومة، ويعيش من دون دولة، بالرغم من القرارات الصادرة من هذه الوزارة أو تلك؛ لأنّ انقسام البلد عطّل كلّ الطاقات، وجمّد كلّ القرارات، وأسقط معنى الحكومة، ولم يعد للبنان إلا أن يستهلك جداله في القرارات الدوليّة التي انطلقت من مصالح الآخرين في الدول الكبرى، حتّى لم يعد أحدٌ يحدّق في مصالح الشعب وحاجاته، بل في مشاريع الآخرين، ولاسيّما الدول الكبرى التي عانى منها لبنان في تاريخه أشدّ المصائب وأكثر المشاكل. فهل ننطلق في مبادرةٍ وطنيّة وفاقيّة، من خلال دولةٍ تنطلق من استراتيجيّة مدروسة قويّة، يشعر فيها المواطنون بأنّهم يتحرّكون في وطنٍ يعمل لحسابهم، لا لحساب الآخرين؟".
14-أيلول-2007
استبيان