المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله: الزوار الاوروبيون ينظرون لمصالح لبنان من زاوية الأمن الإسرائيلي والعرب مشاركون في حصار فلسطين


21/11/2008
ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين (ع) في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية، وحشد كبير من المؤمنين. واستهل خطبته السياسية، بالقول: "في المشهد الصهيوني، يطمئن العدو إلى صمت العرب وسكوتهم، فيواصل غاراته على غزة حاصدا المزيد من الشهداء، متهما فصائل الانتفاضة بخرق التهدئة، وهو الذي لم يكف عن القتل والاغتيال والاعتقال في الضفة الغربية وغزة على مدى الأسبوعين الأخيرين.وإلى جانب ذلك، يتواصل الحصار الهمجي الوحشي لغزة في عملية عقاب جماعي لا تقرها أوهن القوانين، ولكن عذابات ومعاناة ما يزيد على مليون ونصف مليون فلسطيني لا تساوي شيئا في حسابات السياسة العالمية، ولا في قرارات الاتحاد الأوروبي والدول الغربية التي لا ترفع شعار حقوق الإنسان إلا عند سقوط أول صاروخ من صواريخ الانتفاضة المصنعة يدويا على مقربة من مستوطنة سديروت الصهيونية، والتي أصبحت حائط مبكى جديدا يحج إليه كل مسؤول غربي عند زيارته الكيان الغاصب".


اضاف: "أما العرب العاربة والمستعربة، فهم في صمتهم المعهود، حيث تشارك دولتهم الكبرى في حصار الشعب الفلسطيني، وترفض حكم المحكمة المصرية بوقف إمدادات الغاز لإسرائيل. أما الجامعة العربية، فهي في سباتها العميق، والكل في شغل فاكهون، يستمعون إلى كلمة بيريز التي امتنع فيها عن إعلان الموافقة على المبادرة العربية، فأعطى العرب مزيدا من الكلام الاستهلاكي الفارغ، ومزيدا من النفاق والخداع، وتركهم حيارى في ساحة تفاوض فارغ يستمر من جيل إلى جيل".


وتابع: "وتبقى الساحة الفلسطينية محكومة لأكثر من خطة أميركية إسرائيلية عربية، لإبقاء الأوضاع العامة خاضعة للألاعيب السياسية التي يراد فرضها على الشعب الفلسطيني كي يعترف بإسرائيل كدولة شرعية دون شروط، كما اعترفت بها بعض الدول العربية سواء في شكل مباشر أو غير مباشر، من دون أن يتعرف العالم إلى حدود هذه الدولة التي ترفض الانسحاب إلى حدود الـ67، بل إنها تزحف إلى الضفة الغربية لتضم المستوطنات إلى كيانها، وإلى القدس الشرقية التي تخطط لتهويدها انطلاقا من الخطة التاريخية للدولة اليهودية في ضم أكبر مساحة من الأرض إليها، كما صرَّح بعض مسؤوليها".


اضاف:"إن إسرائيل لم تعد مشكلة للعرب كدولة مفروضة على المنطقة في فصل مواقعها بعضها عن بعض، لأنها أصبحت بفعل الاستراتيجية الأميركية والأوروبية والعربية وأكثر دول العالم أمرا واقعا لا مجال لإنكاره، بالرغم من أنها لم تحدد حدودها حتى الآن. أما المشكلة التي أصبحت تشغل العالم العربي والغربي فهي إيران، التي تحوَّلت في الإعلام التهويلي إلى دولة تمثل الخطر على العرب، ولاسيما دول الخليج، من خلال مشروعها النووي الذي تؤكد إيران أنه مشروع سلمي لا يستهدف صنع القنبلة الذرية، ولكنهم لا يقبلون منها ذلك، لأن أميركا لا تسمح لهم بالتدقيق في هذه المسألة، بينما لا تمثل الترسانة النووية الإسرائيلية الهائلة أية مشكلة، ذلك أن إسرائيل لا تزال ـ بحسب زعم الغرب ـ دولة تواجه الخطر في المنطقة، مع أن الجميع يعرفون أنها هي التي تمثل الخطر على المنطقة، من خلال تاريخها العدواني وواقعها الوحشي، واحتلالها المستمر لأراضي أكثر من دولة عربية".


واستطرد: "وفي جانب آخر، يستعد المسؤولون العراقيون والأميركيون للتوقيع على الاتفاقية الأمنية التي أُعطيت صفة مشروع الانسحاب الأميركي من العراق بعد ثلاث سنوات، ما يجعل من المسألة شرعنة للاحتلال وإدامته لثلاث سنوات أخرى. ونحن نلاحظ كيف خططت الإدارة الأميركية لاحتلال العراق واستخدامه جسرا للعبور إلى عمق المنطقة العربية والإسلامية، ومصادرة ثرواته، وابتزاز الدول الصناعية التي هي بحاجة إلى النفط والطاقة، كالصين واليابان وأوروبا. ولكن اميركا التي استفادت من طاغية العراق حتى انتهت مهمته، عاشت الفشل الذريع في احتلالها بفعل المقاومة العراقية، ورفض الشعب العراقي لهذا الاحتلال، وإصراره على إخراجه من الأرض العراقية من دون ان يحقق اهدافه ومطامعه".


وقال: "اننا ندرك جيدا أن السلطات العراقية قد وضعت بين خيارين كلاهما مر، بين أن تمتد الفوضى في العراق، أو يمتد الاحتلال، ولكننا نقول للعراقيين: حذار من أن يعمل الاحتلال للاستمرار حتى لثلاث سنوات أخرى، فتستمر معه الفوضى، وتسقط السيادة، ويذهب الاستقلال فريسة للقوى الطامعة بالانفصال، وللجهات التي لا تفرق بين شعبها والاحتلال،وللاوضاع الداخلية المعقدة التي اعرب الاحتلال في هذه الايام عن نيته الاستفادة منها، عندما يتحدث رئيس أركان الجيش الأميركي عن أن الانسحاب من العراق مرتبط "بعدد من العوامل" وبالوضع على الأرض".

ودعا العراقيين إلى "وحدة الموقف في الإصرار على إخراج المحتل دونما قيد أو شرط، وإلى صون الوحدة الداخلية ومنع الاختراقات السياسية أو الأمنية لصفوفهم الداخلية، لأن الاحتلال سوف يواصل سعيه للاستفادة من هذه الاختراقات والاهتزازات، ليبقى جاثما على أرض العراق، وليهدد استقراره واستقرار المنطقة كلها".


وتطرق الى الوضع في لبنان: وقال: "أما في لبنان، فبات في هذه الأيام محطة من محطات المسؤولين الأوروبيين الذين لا يستحي بعضهم وهو يتحدث عن المقاومة ليصفها بالإرهابية، ويذهب إلى الكيان الإرهابي الذي ساهمت بلاده بإنشائه ودعمه وتقويته ليزور مستعمرة سديروت ويتحسر على سقوط قذائف فلسطينية من صنع يدوي، من دون أن يشير إلى الإرهاب الإسرائيلي الوحشي في حصار غزة وتجويع أهلها وقتل شبابها وشيبتها. إننا نريد للبنانيين أن يتطلعوا إلى قضاياهم وأمتهم ووطنهم من منظار مصالحهم الوطنية والعربية والإسلامية، لا من خلال ما يرسمه هؤلاء الزوار الذين لا يتطلعون إلى مصالح لبنان إلا من زاوية الأمن الإسرائيلي والمصلحة الإسرائيلية، ومن منظار مصالحهم الخاصة".

اضاف: "إننا نتطلع إلى لبنان يتحرك القائمون على شؤونه بعيدا عن الوحول الطائفية والمذهبية والحزبية والشخصانية، ولا يتحركون للحصول على امتيازات مستقبلية جديدة بعد استهلاكهم للامتيازات الماضية، ولكن الواقع يشير إلى استغراقهم في حسابات الأكثرية والأقلية في الانتخابات القادمة، وتسابقهم في الملعب السياسي، لتتحرك أقدامهم في لعبة الكرة التي تتمثل بالوطن الذي يطلقه هذا الفريق ليسجل نقطة في المرمى ضد الفريق الآخر، وليبقى البلد ملعبا للاعبين في الداخل والخارج، ولينتظر الفقراء والمحرومون والجائعون المال السياسي الذي قد يحقق لهم الحصول على بعض حاجاتهم الغذائية وأقساطهم المدرسية".

وختم آية الله فضل الله: "ويبقى الجدل الذي يسمى الحوار الوطني ليثير مشكلة هنا ومشكلة هناك، ويعود الأمن هاجسا في الواقع السياسي الإرهابي، وفي حركة اللصوص والمجرمين.. وتظل الاستراتيجية الدفاعية في التجاذبات المعقَّدة التي تصل رسائلها إلى العدو، في الوقت الذي يعرف الجميع أن مسألة استراتيجية الدفاع لا بد من أن تبحث في المواقع المغلقة التي لا يطلع عليها الا الذين يتحملون مسؤولية حماية البلد لكن لبنان يبقى في دائرة الضوء بكل أسراره وكل أوضاعه وكل قضاياه، لتستفيد مختلف أجهزة الاستخبارات من كل هذه المعلومات التي قد يستخدمها الأعداء لإسقاط الوطن كله والشعب كله".

21-تشرين الثاني-2008

تعليقات الزوار

استبيان