المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

سليمان في ذكرى الاستقلال: الوطن لا يبنى الا بالتضحيات ولبنان بشعبه وجيشه ومقاومته حرر الأرض واستعاد الأسرى


وطنية - 21/11/2008
اكد رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان، أن "الوطن لا يبنى، والاستقلال لا ينجز، إلا بالتضحيات "، داعيا الى أن تكون تضحيات اللبنانيين اليوم " من أجل إعادة بناء الدولة الجامعة، القادرة والعادلة، بعيدا عن التجاذبات والمحسوبيات".


ولفت الى ان العمل خلال الأشهر الستة المنصرمة تركز "على تحديد الأولويات، ورسم رؤية تحمي الاستقلال، وعلى تغليب لغة الحوار والتوافق، وإحياء عمل المؤسسات"، مشيرا الى ان ما تحقق خلال هذه الفترة، "ارسى مناخا عاما من التوافق والتوازن على مختلف المستويات ".


واعتبر ان استقلال الوطن " لا يكتمل إلا باستقلال القضاء، وبقيام دولة الحق والمؤسسات الشفافة والعادلة التي تحارب الفساد وتسعى للإصلاح وتتيح تكافؤ الفرص، وتساهم تاليا بتعزيز الحرية الفردية والانتماء الوطني والإدراك الفعلي لمعاني الاستقلال ".


وشدد على واجب الدولة والقوى الحية في البلاد "إيلاء أهمية خاصة للمشاكل الاقتصاديّة والاجتماعيّة والمعيشيّة والتربوية والصحية التي تشغل يوميا حيّزا واسعا من وقت الشعب وجهده ومدخراته ".
 

ودعا الشعب اللبناني، وعلى رأسه فريق الشباب الى مساءلة ومحاسبة المسؤولين، مشيرا الى اننا نعيش، لحسن الحظ، " في نظام ديموقراطي يسمح بإجراء مثل هذه المساءلة والمحاسبة. كما دعاه الى أن يوصل إلى المجلس النيابي من يأتمنه على أمنه وإنمائه وهناء عيشه ومصيره، ومن يمكنه أن يخدم بالصورة الفضلى مقاصد الاستقلال ومراميه.


وجه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ، لمناسبة الذكرى الخامسة والستين للاستقلال كلمة الى اللبنانيين هنا نصها :

" أيها اللبنانيون،

كلنا للوطن، نعم كلنا للوطن؛ تعهد نكرر الالتزام به في كل حين، شيوخا وفتية ونساء ورجالا نلبي نداء الوطن كلما ساورته المحن.

منذ القدم كان الاستقلال حرية، فكلفنا تضحيات ودمارا وتهجيرا وشظف عيش واستشهادا. وما زال الاستقلال حرية وسيادة وكرامة واستشهادا نبذل في سبيله، الغالي والنفيس. من أجله تعرض رجال الاستقلال وأبطاله المعلومون والمجهولون للسجن والضرب والمهانة والاضطهاد.

ومن أجله، استشهد رؤساء جمهوريات وحكومات ورجال دين ودنيا واعلاميون وعسكريون ومقاومون طيلة المسيرة الإستقلالية، نخص منهم بالذكر من سقط في مثل هذا اليوم المجيد بالذات.


ولا يذكر الاستقلال منفصلا عن الجيش الذي رافقه وحماه منذ خمسة وستين عاما، فقدم التضحيات والشهداء بصمت الكبار وبطولاتهم، حفظا لشرف الوطن ولأمن المواطنين وكرامتهم.


وفي مواجهة الاحتلال تمكن لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته من تحرير الأرض، ما عدا أجزاء ما زالت محتلة في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من قرية الغجر، ومن استعادة جميع الأسرى والمعتقلين اللبنانيين في سجون العدوّ الإسرائيلي.


الوطن لا يبنى، والاستقلال لا ينجز، إلا بالتضحيات. إلا أن التضحيات ليست تضحيات بالدم والفؤاد وحسب، بل بالانكباب على الواجب والانخراط في العمل في سبيل الخير العام، لأن الاستقلال قضية.


لقد احتفل اللبنانيون عام 1943 باستقلال الدولة، وسعوا في الستينيات إلى بناء دولة الاستقلال، وكادوا يقعون بعد عقد من الزمن، في شرك استقلال الدويلات. فإذا كان لا بد لنا من تقديم تضحيات جديدة اليوم، أفرادا وجماعات، فلتكن من أجل إعادة بناء الدولة الجامعة، القادرة والعادلة، بعيدا عن التجاذبات والمحسوبيات، وهو مشروع تدفعنا ذكرى الاستقلال اليوم، الى العمل من اجل إرساء قواعده وإعلاء بنيانه.


لقد عملنا خلال الأشهر الستة المنصرمة على تحديد الأولويات، ورسم رؤية تحمي الاستقلال، وعلى تغليب لغة الحوار والتوافق، وإحياء عمل المؤسسات. وتشكلت حكومة إرادة وطنية جامعة، وأقر بيان وزاري شامل. وتمت إعادة إرساء العلاقات اللبنانية - السورية على أسس ثابتة وواضحة أثمرت علاقات دبلوماسية كاملة وبيانا مشتركا يشكل مرجعية للعمل والمتابعة في مختلف المواضيع. وعادت الحيوية الى آليات التشريع الناظمة لمسيرة اعادة بناء الدولة. ومن أجل تعزيز المسيرة الوطنية انعقدت طاولة الحوار، إنطلاقا مما تم التوافق عليه في مؤتمر الحوار الوطني وما تم إقراره في اتفاق الدوحة، ومن ضمن اولوياتها وضع استراتيجية وطنية لحماية البلاد، ترتكز الى عناصر القدرة القومية المتمثلة بالقوة العسكرية والسياسية والإقتصادية والديبلوماسية على السواء.


وحصل تقدم في مجال التهدئة السياسية والإعلامية والمصالحات التي آمل في أن تستكمل في القريب العاجل، وتحققت نتائج ملموسة على صعيد المحافظة على الأمن والسهر عليه، وكشف شبكات تجسس إسرائيلية وخلايا إرهابية استهدفت الجيش وسلامة المواطنين، ما يستوجب منا المزيد من التضامن والوعي. وقد أرست هذه المقاربات والمعالجات كلها مناخا عاما من التوافق والتوازن على مختلف المستويات.


وكان لا بد من أجل تعويض غياب لبنان وتغييب مصالحه عن الساحة الدولية في السنوات الفائتة، من بذل جهد خاص في عواصم الدول الفاعلة وفي المحافل الدولية. فجاءت مواقف الدعم والتأييد من قادة العالم، لتؤكد استعادة لبنان موقعه ومكانته على الصعيدين الإقليمي والدولي، بما ينسجم مع رسالته ومع دوره المميز في هذا المجال.

كما أمكن خلق شبكة أمان ضرورية لصيانة مصالحنا القومية وقضية الأمن والاستقرار والتنمية في لبنان.

وفي هذا السياق ، سعينا الدائم لقيام سلام عادل وشامل في الشرق الاوسط على قاعدة قرارات الامم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية بكامل مندرجاتها ، كما أقرت في قمة بيروت عام 2002،والتي لا تسمح بأي شكل من أشكال التوطين.

وأبدينا حرصا خاصا في جولاتنا الخارجية على تعزيز التواصل مع اللبنانيين المنتشرين، كي يستعيدوا ثقتهم بدولتهم العائدة اليهم بوحدة الكلمة والموقف، وكي يبقوا فخورين بانتمائهم إلى وطنهم الأم، ولتحفيزهم على مزيد من الاستثمار في لبنان وتمتين أواصر الأخوّة وآليات التضامن مع أشقائهم المقيمين.


أيها اللبنانيون،
إذا كان للاستقلال بعد سياسي تمثل عام 1943 بارتقائنا إلى السيادة الدولية، وبنجاحنا لاحقا في تحرير معظم الأرض، وبعد أمني يترجم في سعينا الدؤوب لتعزيز قدراتنا العسكرية، فإن استقلال الوطن لا يكتمل إلا باستقلال القضاء، وبقيام دولة الحق والمؤسسات الشفافة والعادلة التي تحارب الفساد وتسعى للإصلاح وتتيح تكافؤ الفرص، وتساهم تاليا بتعزيز الحرية الفردية والانتماء الوطني والإدراك الفعلي لمعاني الاستقلال. ولا يترسخ استقلال الوطن الا بإستقلال المواطن فيه عن آفات الفقر والجهل والمرض، وما يتفرع عنها من ذل ومن قتل إبداع واعتلال إنتاج وتلوث بيئة وانهيار أخلاق. وهذا ما يستوجب من الدولة والقوى الحية في البلاد، إيلاء أهمية خاصة للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والتربوية والصحية التي تشغل يوميا حيزا واسعا من وقت الشعب وجهده ومدخراته، والتي تطغى على تفكيرنا الفردي والجماعي، وذلك على الرغم من نجاحنا في تحييد أنفسنا إلى حد بعيد عن تداعيات الأزمة المالية التي أربكت الأسواق العالمية والمجتمعات، وأظهرت صعوبة المحافظة على الاستقلال في عالم متداخل ومترابط على أكثر من صعيد، ما يتطلب منا دوما تثبيت عناصر التهدئة الداخلية والثقة المحفّزة للإستثمار.

الاستقلال، ليس مجرد استذكار ليوم مجيد من تاريخنا أو حالة ظرفية نستكين لها، ولا ثورة عابرة توضع مكاسبها في الجيوب، إنما هو فعل إيمان متجدد ونضال مستمر.


أيها اللبنانيون،
في وقت ما زال يقع على عاتق الدولة الكثير الكثير، والواجب الأساس في بناء الاستقلال والمحافظة عليه، فإن للمواطن في الداخل وللبنانيين المنتشرين في الخارج، دورا جوهريا داعما لتحصين هذا الاستقلال وترسيخه وتقوية منعته.


في هذا السياق، بإمكان الشعب، وفي طليعته فريق الشباب، أن يسائل ويحاسب، ونحن نعيش، ولحسن الحظ، في نظام ديموقراطي يسمح بإجراء مثل هذه المساءلة والمحاسبة، وأن يوصل تاليا إلى المجلس النيابي من يأتمنه على أمنه وإنمائه وهناء عيشه ومصيره، ومن يمكنه أن يخدم بالصورة الفضلى مقاصد الاستقلال ومراميه. ولا تنسوا يا طالبات وطلاب لبنان على وجه الخصوص، في سعيكم المشروع لتثبيت ذواتكم والاحلام، بأن الديموقراطية نمط حياة وممارسة، وبأن عليكم أن تبدأوا بتطبيقها على أنفسكم وفي صفوفكم قبل كل شيء، باحترام الرأي الآخر، بعيدا عن أي إساءة أو عنف.


ويتعزز الاستقلال من خلال احترام جميع المواطنين للقوانين وابتعادهم عن الفساد، والتزامهم القيم والأخلاق التي لا تقوم الأمم من دونها، وحرصهم على حماية البيئة، والتزامهم قواعد التربية المدنية السليمة، والانخراط في مختلف أنشطة المجتمع المدني الهادفة الى تعزيز الصمود والتضامن وتوسيع فسحات الأمل.


ويترسخ الاستقلال كذلك إذا التزم كل فرد من أفراد المجتمع في تفكيره وأدائه وتعامله مع الآخر مستلزمات الوفاق والوحدة الوطنيّة وروح الاعتدال، التي يجب أن تكون في المطلق، ميزة أي لبناني يعي جوهر انتمائه. إذ أن العمل على المحافظة على تمايز لبنان ورسالته وفرادته كبلد عيش مشترك وحوار وإخاء، شكل أساسي من أشكال الاستقلال. وثقوا ايها الشباب أن الحكمة والاعتدال هما وجه من وجوه البطولة.


وما دمنا توافقنا في مؤتمرات الحوار الوطني وفي خطاب القسم على نهائية الكيان وعلى المبادىء المرشدة للعمل الوطني، فلنبدأ فورا ومعا ورشة الإعمار، ولننتقل بسرعة من واقع السلطة الى واقع الدولة.


أيها اللبنانيون،
إذ نتعهد اليوم السعي لاعادة بناء الدولة المدنية الجامعة والقادرة والعادلة، على قاعدة الولاء المطلق للوطن والممارسة الديموقراطية الصحيحة والمواطنية الحقة، فلنشبك أيدينا ببعضنا، كمواطنين وكمجتمع وكدولة، ولنقرن القول بالعمل، بأمل وايمان ، بعزم جديد، وبثقة متجددة بالنفس.
عشتم وعاش لبنان "

22-تشرين الثاني-2008

تعليقات الزوار

استبيان