المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله ينتقد مشروع العفو عن رموز العمالة:العفو أصبح جزءا من اللعبة السياسية

وطنية 27/3/2009
 
رأى آية الله السيد محمد حسين فضل الله خلال خطبة الجمعة التي ألقاها في مسجد الامامين الحسنين في حارة حريك أن كيان العدو لم يحتمل هذا الموقع الثقافي العربي للقدس كعاصمة للثقافة العربية، ، بل تعامل معه كخطر إرهابي، فعمل على تحويل المدينة إلى ثكنة عسكرية لقمع الأنشطة المرافقة لإعلانها كعاصمة للبعد الثقافي العربي، باعتبار الامتداد التاريخي الذي تمثل في إنتاجها الفكري، وفي إيحاءاتها الإبداعية، وفي ثقافتها الدينية المتنوعة التي جمعت في مقدساتها تاريخ الرسالات وحياة الأنبياء، ما يؤكد عروبتها التي تجمع الإسلام والمسيحية في لغتها العربية، وتنفتح في ثقافتها على أكثر من موقع في العالم ممن يتطلعون إلى هذه المدينة كمدينة مقدسة مرتبطة بانتمائهم الديني وامتدادهم التاريخي، الأمر الذي يبطل الخرافة اليهودية في اعتبارها عاصمة للكيان الغاصب في المضمون اليهودي الأسطوري، وفي المزاعم التي يزعمونها حول الحق التاريخي لليهود في السيطرة على القدس... وهكذا منعت إسرائيل أي مظهر للاحتفال بما في ذلك احتفال الأطفال في إطلاقهم البالونات احتفالا بالمناسبة، لأن هذه الدولة تخاف حتى من أطفال القدس الذين سوف ينفتح مستقبلهم على الالتزام بتراثها الديني، ولا سيما حائط البراق والمسجد الأقصى.


وأضاف:" ومع كل هذا الإرهاب على المستوى الأمني والفكري، لم نلاحظ صدور أي استنكار من المجتمع الدولي، وحتى من السلطات العربية والإسلامية، احتجاجا على هذه الممارسات، ما يوحي لليهود بأن أنشطتهم التهويدية والعدوانية لا تجد رفضا حاسما من العالم الذي يضحك الثكلى عندما يتحدث عن حقوق الإنسان".

واشار الى "ان بعض المسؤولين الكبار في وزارة الحرب الإسرائيلية يطالب باجتياح آخر لغزة، وذلك بعد فشلهم في تحقيق الأهداف المرسومة في إنهاء المقاومة وإدخال القطاع في عملية المساومة الصهيونية، وذلك على الرغم من تأييد الإدارات الغربية للعدوان الصهيوني، المتمثل بالمواقف السياسية التي اعتبرت اليهود في موقف الدفاع عن النفس ضد الصواريخ التي أطلقتها المقاومة، من دون دراسة للجرائم الإنسانية، وعمليات الإبادة للمدنيين، واختراق المحرمات الدولية في قصف المستشفيات والمساجد والمدارس والجامعات، وتهديم البيوت على رؤوس أصحابها من الأطفال والنساء والشيوخ، وامتناع مجلس الأمن الدولي من إدانة هذه الممارسات، وصمت المحاكم الجنائية الدولية عن تقديم إسرائيل للمحاكمة على جرائم الحرب والإبادة الوحشية ضد المدنيين، مع أن اعترافات جنود العدو بأنهم تلقوا تعليمات حاسمة من قيادتهم بقتل أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين لم تدع مجالا لكل المؤسسات الدولية حتى على مستوى المناورة".

السيد فضل الله تابع بالقول:" إلى جانب ذلك كله، ومع الهجمة العنصرية الاستيطانية الأخيرة على بلدة أم الفحم، ثمة حرب أخرى يشنها العدو ضد الفلسطينيين، تتمثل بحرب المياه التي تسرقها الشركات الإسرائيلية ـ بقوة الاحتلال وإشرافه ـ من الأحواض المائية الفلسطينية، لتضخها إلى المدن والمستوطنات الواقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، وتقوم ببيع الفائض منها للفلسطينيين، بحيث بلغت كمية المياه المشتراة للاستخدام المنزلي 47 مليون متر مكعب في العام الماضي، مع تأكيد خبراء القانون الدولي أن سيطرة إسرائيل على مياه الأراضي الفلسطينية واستغلالها لتزويد المستوطنات والمدن الإسرائيلية المحتلة مخالف للقانون الدولي، لأنه استغلال سلطة احتلالٍ لموارد طبيعية للمنطقة التي تحتلها، ولكن هذه اللصوصية اليهودية لا تخضع للقانون الدولي الذي يبرر القائمون عليه كل سرقاتها، بما في ذلك سرقة الوطن في احتلالها للأرض الفلسطينية، لأن المجتمع الدولي يرى أن من حق اليهود أن يرفضوا كل القوانين الدولية، متسلحين بحماية الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، وبصمت العالم العربي والإسلامي".

واستطرد سماحته  الى  المشهد الأميركي،  قائلا "لاحظنا أن عشرات الآلاف من الأميركيين تظاهروا في أكثر من ولاية للمطالبة بإنهاء الحرب على العراق الذي دخل في الذكرى السابعة لغزوه، حيث اعتبر هؤلاء أن البنتاغون والشركات الكبرى يمارسون تجارة الموت".

كما قال:" ولقد كنا نود أن تنطلق التظاهرات المليونية من الدول العربية والإسلامية رفضا للاحتلال، وتعبيرا للشعوب عن تضامنها مع الشعبين العراقي والأفغاني، والمطالبة بانسحاب القوات الأميركية وحلف الأطلسي، ولا سيما بعدما سقطت الخطة الأميركية وفشل حلف الناتو، حتى أن الرئيس الجديد، أوباما، صرح بأن الحرب لا يمكن أن تحقق النجاح في أفغانستان لأن الشعب يرفض القوات الأجنبية، بالرغم من ضعف قدراته العسكرية أمام القدرات الأمريكية والأطلسية".

آية الله فضل الله تطرق الى العراق، فقال" نلاحظ عودة للتفجيرات الانتحارية التي تطاول المدنيين في المساجد والشوارع ومجالس العزاء، في سياق دفع جديد لطاقات الأمة في المكان الخاطئ والحرام، وفي استحلال متواصل لدماء المسلمين والمسالمين انطلاقا من بعض الفتاوى التي يطلقها الجهلة أو الذين لا معرفة لهم بالموازين الشرعية، وبعيدا من روح المقاومة التي ينبغي أن تتوجه للاحتلال، لا أن تنطلق في سياق حقد أعمى يستهدف الآخر المختلف في المذهب أو العرق أو السياسة، وتلك هي مأساة العالم الإسلامي المتمثلة في محاور دولية كبرى تنهب ثرواته وتحتل بلاده، وفي حركات تكفيرية أعمتها العين السياسية الضيقة، وعصبية الحقد المذهبي، عن التطلع إلى الأفق الرحب الذي يمكن للمسلمين والعرب أن يواجهوا المحتل من خلاله، إذا ما تمسكوا بوحدتهم وتضامنهم لا بتمزقاتهم وعدوان بعضهم على بعض".

لبنانيا، تساءل السيد فضل الله  عن كيفية إعادة إنتاج الطوائف لموقعها في مناطقها الجغرافية، وفي رئاستها السياسية والدينية، وفي علاقاتها الخارجية، وفي مصادرها التمويلية، ومن الطبيعي أن تمثل الطائفة في هذه العناصر الذاتية مظهر الدولة التي تبحث عن مصالحها الخاصة بعيدا عن مصلحة الوطن، الأمر الذي ينعكس على الوحدة الوطنية شروخا وتصدعات، وعندما تتعدد الدول تبعا لتعدد الطوائف في بلد واحد، فإن السلطة تتمظهر بمظهر المحاصصة بين الطوائف، الأمر الذي يلغي الحكم وبالتالي فإنه يلغي الدولة، وبذلك تتدخل الدول الأجنبية لتحل محل الدولة لتتعدد مواقعها حسب تنوع مصالحها، فلا يبقى هناك الإنسان المواطن، بل الإنسان الطائفي الذي يعمل على أن يكون وطنه في خدمة طائفته وليس العكس، وهذا هو واقع العالم العربي الذي لم يعرف الدولة في تاريخه الحديث، بل عرف ألوانا معينة من السلطات الشخصانية أو العائلية التي تلغي الدولة لأنها تختصرها في دائرة الشخص والعائلة، هذا ولعل الخلل المتمثل في منطق الانتخابات يكمن في أن المواطن لا يمارس حريته في الاختيار، بل إن الطائفة تمارس عبر زعاماتها ضغوطها في تزوير إرادته ومصادرة حريته، لتكون قضية طائفته لا قضية وطنه".

وأضاف سماحته :"لعل من المعيب أن ينطلق بين الفينة والأخرى من يسعى لتحرير العملاء واللصوص والمجرمين من قيود القانون ومستلزمات العدالة، وآخر هذه المحاولات جرت من خلال مشروع يقدم للمجلس النيابي للعفو عن رموز الجريمة والعمالة، ممن كانوا يد الاحتلال وعينه في احتلال أرض الوطن وقتل مواطنيهم وتدمير بلدهم، وزج الأحرار والشرفاء في المعتقلات وبؤر التعذيب المتعددة".

وتابع:"إننا نفهم أنه في الوقت الذي يراد لبلد ما أن ينتقل من مرحلة إلى أخرى، ومن محطة إلى محطة، أن تنطلق بعض التشريعات التي تمثل الحماية للبلد في مستقبله وفي تطلعات أجياله، بما يحميه من الداخل، ويمنع لصوص الأوطان من العودة إلى سياستهم السابقة في اللصوصية الدولية أو الإقليمية أو ما إلى ذلك... ولكننا نلاحظ أن العفو في لبنان أصبح جزءا من اللعبة السياسية، ودخل في الحسابات الطائفية والمذهبية، ويراد له أن يتحول إلى سلعة انتخابية في بلد تتأنق فيه الخيانة والعمالة فتلبس ثوب المصلحة الوطنية، ويتأنق الذل حتى يصبح غفرانا، ويكابر المحترفون لخطوط الخيانة والإجرام إلى الدرجة التي تعطى العمالة معنى الوطنية، فتصبح حرية المجرمين والعملاء بمثابة الحرية والاستقلال اللذين لا قيامة للبلد من دونهما".

وختم السيد فضل الله :" إن المشكلة في لبنان أن العمالة انطلقت على مستوى القيادات السياسية، ولذلك فقد استسهلت هذه القيادات أن يتحرك من هو دونها في هذا الخط، لا بل أرادت أن يتحرك التشريع على مستوى القاعدة ليعطي المشروعية لها، ليظل البلد رهينة للوصايات الخارجية في الحسابات السياسية الكبرى، وفي المشاريع الداخلية الصغرى، ولنظل في دوامة الاستزلام لزعامات الداخل التي تعيش كل معاني الاستزلام لزعامات الخارج.وعوض الله اللبنانيين عن كل هذه الإرث المجبول بالذل والهوان والموت".


27-آذار-2009
استبيان