شكل موضوع تشكيل الحكومة وتصريح النائب وليد جنبلاط لجريدة "اوان" الكويتية بالامس حول التجمع الاسلامي القوي ، مادة دسمة في افتتاحيات الصحف المحلية لهذا اليوم، فتناولت بمعظمها ردود الفعل على هذه التصريحات خاصة تلك التي اطلقها كل من رئيس حزب "الكتائب اللبنانية " امين الجميل ، ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع.
اما تشكيل الحكومة وعلى الرغم من عدم وجود اي جديد بشأنه، فقد ظل العنوان الابرز على صفحات الصحف المحلية وخصوصا في ضوء اللقاءات المتواصلة بين الرئيس المكلف وممثلي قيادات المعارضة، والتي كان آخرها امس اللقاء الجديد الذي جمع المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل والنائب سعد الحريري ، فيما يتوقع ان يلتقي الاخير للمرة الثالثة على التوالي الوزير جبران باسيل ممثل رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون في الاتصالات الجارية بشأن الحكومة بين قريطم والرابية .
كما كان لرد السفير الايراني محمد رضا شيباني حول الاتهامات التي ساقها البعض في اليومين الاخيرين وزعمهم بان ايران تقف وراء عرقلة تشكيل الحكومة كان له حيزا في افتتاحيات الصحف المحلية لهذا اليوم .
هذا ولم يغب مشهد التهدئة والمصالحات واللقاءات عن صورة صفحات الصحف لهذا اليوم، وكان اللافت في هذا الاطار تجميد المساعي والاتصالات التي كانت قائمة بين التيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي تمهيدا للقاء مرتقب بين رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون ورئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط .
وبالعودة لموضوع تشكيل الحكومة، فقد اشارت صحيفة "السفير" في افتتاحية عددها الصادر اليوم إلى ان الولوج في باب تأليف حكومة التفاهمات المحلية والاقليمية والدولية لم يتم بعد ، وذلك لان المعارضة والاكثرية لم يتوصلا حتى الآن الى اتفاق نهائي حول صيغة المشاركة الرقمية للمعارضة، على الرغم من التقدم الطفيف في خطاب رئيس الحكومة المكلف، الذي ربما يكون مرده شعوره ان استمرار الانتظار على رصيف التفاهم السعودي السوري، تمهيدا لعقد تفاهمات جديدة تفضي الى الضغط على المعارضة، هو مجرد سراب.
واشارت الصحيفة في هذا السياق نقلا عن احد مراجع المعارضة إلى ان المعارضة ابلغت من يعنيهم الامر انها لن تقبل بأية ضمانة الا من خلال مشاركة فاعلة وضامنة وواضحة ومحددة تعطي المعارضة ما تطلبه من الرئيس المكلف، والا "فان المعارضة لن تقف حجر عثرة في طريق الرئيس المكلف نحو تشكيل حكومة من دون مشاركة المعارضة". واضاف المرجع للصحيفة "إذا خيرونا بين مشاركة غير مقررة في الحكومة، يمكن أن تؤدي في لحظة ما إلى استقالة وزراء المعارضة من الحكومة وتحميلنا مسؤولية تعطيل البلد، وبين خيار عدم المشاركة، فنحن في المعارضة متفقون على أن البقاء خارج الحكومة هو الخيار الأفضل".
وكان لتفاؤل الرئيس بري بشأن تشكيل الحكومة قبل نهاية الشهر حصته من الجدل والتحليل، ففيما ادرجته اوساط قريبة من قوى الغالبية في اطار ايجابي مبدئي باعتبار انه يدلل على دوره في محاولة تسهيل عملية تأليف الحكومة، فان بعضها وضعه في خانة ما اسماه المناورة الاستباقية التي قد يمهد لاحقا لاتهام الغالبية بعرقلة تأليف الحكومة ان اصرت المعارضة على الحصول على الثلث المعطل على نحو مباشر او مقنّع بحسب تعبيرها.
موقف الرئيس بري المتفائل حول تشكيل الحكومة كان محور سجال جرى امس بين نواب كتلة التنمية والتحرير والنائب المستقبلي عقاب صقر، الذي زعم في تصريح للوكالة الوطنية للاعلام بان الرئيس بري ابلغ الحريري تخلي المعارضة عن الثلث الضامن، ما استدعى رداً على ذلك، من قبل عضو كتلة التحرير والتنمية النائب علي بزي الذي اصدر بيانا أكد فيه أن "موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل الانتخابات النيابية وبعدها وخلال الاستشارات النيابية في القصر الجمهوري والمجلس النيابي كان ولا يزال المطالبة بحكومة وحدة وطنية تحقق الشراكة الفعلية والوفاق الوطني الحقيقي بين اللبنانيين". وأضاف بزي: "إن هذا الموقف والمطلب والشرط ترافق مع تسمية الرئيس المكلف ودعم تسهيل مهمته. ويبدو من التصريحات الفارغة التي أتى على ذكرها أحد النواب، أنه تعمّد إغفال الحقيقة، مُفلتاً مخيلته من عقالها، فوقع في الخطأ والخطيئة، لأنه، وهذا الأصح، غائب عن الصوت والصورة".
وبعد بيان بزّي، اضطر النائب صقر مرغما الى نفي تصريحاته الاولى موضحا ما نُسب إليه من أن بري هو مَن أخبر الحريري بتخلي الأقلية عن مطلب الثلث المعطل. وقال صقر، لـ«الأخبار»، إن المعارضة أبلغت الحريري، عبر إحدى القنوات «غير الرسمية»، أنها لم تعد متمسكة بالثلث المعطل، وأنها «تستعيض عن ذلك بضمانة تطمئن المعارضة من خلال البيان الوزاري من جهة، وأن يسمي الطرفان وزراء غير استفزازيين من جهة أخرى». ورداً على سؤال، أكّد صقر أن سقوط مطلب الثلث الضامن بات أمراً محسوماً عند الحريري. وأشار صقر إلى أن الصيغتين المطروحتين للنقاش في هذه الأثناء هما 15-10-5 و16-4-10، متحدثاً عن أن الأكثرية تتمسك بالصيغة الثانية. وتوقع صقر إنجاز الحكومة في غضون 10 أيام، مشيراً إلى «أن الحل بات بيد رئيس الجمهورية».
وحول جديد الصيغ الحكومية المطروحة ، اشارت صحيفة النهار ، الى ان صيغة تجريبية جديدة طرحت امس في التداول تقول باعتماد صيغة 15 - 10 - 5 على ان يكون البديل من "الوزير الملك" وتاليا من الثلث المعطل اعطاء حقيبة وزارة المال للمعارضة نظرا الى كونها "ام الوزارات" الفعلية التي لا يمر اي قرار او مرسوم الا مقترنا بتوقيع الوزير الذي يتولاها، وبذلك تضمن المعارضة ما يوازي الثلث المعطل اجرائيا داخل السلطة.
الى ذلك ، تحدثت مصادر اخرى عن "رزمة" صيغ واقتراحات يجري العمل على بلورتها، منها الاتفاق على السياسات العامة للحكومة في مختلف المجالات وآلية اتخاذ القرار داخل الحكومة في ما يعني البنود الـ14 التي ينص الدستور على التصويت عليها بغالبية الثلثين، اضافة الى تركيبة الحكومة والاطار العام للبيان الوزاري.
هذا وقد توقفت معظم الصحف الصادرة لهذا اليوم عند اللقاء الذي جمع امس المعاون السياسي للامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل والرئيس المكلف النائب سعد الحريري في "بيت الوسط" مساء أمس بحضور نادر الحريري ومصطفى ناصر ، واشارت الصحف الى انها هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الإعلان عن زيارة الخليل للحريري، علماً أن الأول قام في الآونة الأخيرة بسلسلة زيارات للرئيس المكلف، في إطار حركة موفدين لم يعلن عنها، ووصفت مصادر مطلعة ذلك بأنه "مؤشر ايجابي".
وفي السياق نفسه علمت "اللواء" أن موفد العماد ميشال عون الوزير جبران باسيل سيزور "بيت الوسط" اليوم لمواصلة مشاورات تأليف الحكومة، وهي الزيارة الثالثة له للرئيس المكلف في غضون أسبوع .
وفي سياق آخر ، وفيما خص كلام النائب جنبلاط الاخير حول اللقاء الاسلامي القوي ، اشارت جريدة "النهار" الى ان ملامح ازمة، بين النائب جنبلاط وعدد من حلفائه في القوى المسيحية ارتسمت مرة اخرى، وتميزت هذه المرة بخروجها الى العلن على نحو اكثر وضوحا من تجارب سابقة.
فقد اثار كلام جنبلاط عن ضرورة تشكيل " تحالف قوي على الساحة الاسلامية" بينه وبين حركة امل وحزب ا لله وتيار المستقبل، ردود فعل لدى حزبي الكتائب والقوات اللبنانية خصوصا. ففي الوقت الذي اعتبر فيه امين الجميل ان كلام جنبلاط هو زلة لسان، اشار الى انه "لا يمكن قيام تحالف يحمي لبنان من دون المسيحيين". ومع انه ابدى تفهما لمواقف جنبلاط عازيا ذلك الى احداث 7 ايار، قال ان " التحدث عن الانعزال في غير مكانه ولا يمكن التحدث عن اي تحالف لمصلحة لبنان بمعزل عن المسيحيين".
هذ في وقت لفت فيه رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع الى حديث جنبلاط عن الساحة الاسلامية مشيرا الى ان هذه العبارة ""ليست صحيحة فالاساس في لبنان هو الساحة الوطنية، التي هي اهمّ من الساحتين المسيحية والاسلامية". واكد "ان هناك بعض التململ لدى بعض القواعد الشعبية" من مواقف جنبلاط . لكنه اعتبر في الوقت نفسه ان جنبلاط يحاول تذليل احداث 7 ايار.
وفي حين نقلت جريدة "النهار" ان معلومات ترددت عن اجتماع ضمّ الحريري وجنبلاط ليل الاربعاء تناولا فيه ترددات بعض المواقف التي اعلنها جنبلاط، ذكر تلفزيون L.B.C أن اتصالاً عاجلاً حصل بين الرئيس الحريري والنائب جنبلاط الذي سارع إلى توضيح موقفه لاحتواء تداعياته على الصعيد المسيحي، في ضوء الاتصالات الشتى التي تلقاها من الحلفاء المسيحيين.
من جهة ثانية ، وفيما خص الاتصالات التمهيدية للقاء عون جنبلاط ، اشارت صحيفة «السفير» الى أن الاتصالات الأخيرة التي تولاها بعض «الأصدقاء المشتركين» بين النائب وليد جنبلاط والعماد ميشال عون، وتطورت الى أكثر من لقاء بين مستويات قيادية متعددة من الجانبين، تم تجميدها عمليا في الساعات الأخيرة، بسبب التعارض بين الجانبين حول «مقدمات» اللقاء، حيث كان جنبلاط يريده عشاء من دون شروط، بينما حرص عون على اعطاء اللقاء طابعه الجدي من خلال جدول أعمال محدد.
وساهم في تجميد مشروع العشاء، الهجوم السياسي الذي تعرض له جنبلاط من جانب حلفائه في قوى 14 آذار على خلفية دعوته لقيام حلف إسلامي قوي بينه وبين «المستقبل» و«حزب الله» و«أمل» لأن الساحة الاسلامية هي الأساس.
وسط هذه الاجواء ، تحدثت بعض الصحف الصادرة هذا اليوم ، عن دخول السفير الايراني في لبنان محمد رضا شيباني على خط "تشجيع التوافق اللبناني" واشادته باختيار النائب سعد الحريري لتأليف الحكومة.وتوقفت عند اشارته الى ان ايران "تستخدم ثقلها الإقليمي لتشجيع التوافق لكن لن نتدخل لأن اللبنانيين أقدر وأخبر من الآخرين ويعرفون مصلحتهم ونحن نوصي الآخرين بعدم الدخول بالتفاصيل الداخلية اللبنانية لأن هذا من شأنه أن يزيد من تعقيد المسألة".
وفيما حمّلت "اخبارية المستقبل" طهران مسؤولية تمسك المعارضة بالثلث المعطل، قال شيباني لقناة "المنار" انه شدد خلال زياراته إلى مختلف الشخصيات اللبنانية، على "ضرورة السير قدما باتجاه إنجاز التوافق".
وعن تكليف الحريري قال شيباني: "بعيدا من المناصب الحريري شخصية محترمة بالنسبة الى ايران ولم تنقطع علاقتنا معه في مختلف الظروف واختياره لتشكيل الحكومة كان خياراً جيداً ونحن اكدنا في لقائنا الاخير معه اننا على استعداد لوضع كل ثقلنا للمساعدة على انجاح مهمته والدعوة قائمة له لزيارة طهران". ووصف شيباني "التحركات" التي قام بها رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط بأنها "تحركات سياسية مهمة ومؤثّرة". كما وصف جنبلاط بأنه "من اصدقائنا القدامى وموقعه في الحياة السياسية اللبنانية مهم". واشار الى "دعوة مفتوحة وجهت الى جنبلاط الى غداء او عشاء في السفارة يكون خلالها الوقت كافياً لتبادل وجهات النظر في كل المواضيع".