السفير
لم يمض وقت طويل على إشارة وسائل الإعلام الإسرائيلية إلى حالة التأهب في الجيش الإسرائيلي، تحسبا لاحتمالات تسخين الجبهة اللبنانية، حتى أطلق رئيس الأركان الجنرال غابي أشكنازي صفارة التهدئة، معلنا أن رياح الحرب لا تهب من لبنان، وأنه لا يتوقع انتهاء الهدوء على هذه الجبهة قريبا.
وكان «التوتر» على الحدود مع لبنان قد نوقش في اللقاء الذي عقده وزيرا الدفاع الأميركي روبرت غيتس والإسرائيلي إيهود باراك في تل أبيب قبل يومين. وبحسب الصحف الإسرائيلية، فإن باراك أبلغ غيتس بقلق إسرائيل من التطورات على الحدود مع لبنان، ومن تصريحات وخطوات مختلفة اتخذها «حزب الله». وقد أكد امس ضرورة بقاء القوات الإسرائيلية على أهبة الاستعداد لمواجهة أي طارئ، رغم انه يعتقد أن هناك أسباباً تدعو «حزب الله» ولبنان إلى عدم توتير الوضع على الحدود.
وأشار أشكنازي أثناء جولة له في قاعدة عسكرية في تل هشومير شمالي تل أبيب، إلى الأخبار التي تحدثت مؤخرا عن توتر على الحدود مع لبنان. فقال «يسود الهدوء حاليا على طول الحدود. لقد وقع أمر فهمنا أنه انفجار مخزن سلاح لحزب الله، وهو ما تعالجه القوات الدولية والحكومة اللبنانية. ونحن ننظر إلى الحدث بخطورة، لكننا لا نتوقع انتهاك الهدوء في المنطقة». وأضاف «إننا نراقب عن كثب ما يجري على الحدود الشمالية، وبالعموم، فإن الهدوء يسود هناك وأنا لا أعلم عن وجود رياح حرب في المنطقة».
وكان الحديث عن التوتر على الحدود قد بدأ في وسائل الإعلام الإسرائيلية، التي أشارت إلى حالة تأهب في الجيش الإسرائيلي وإلى توقعات بتسخين الجبهة. وكذلك أسهمت الأنباء حول رسائل التحذير والتهديد الإسرائيلية للبنان، بزيادة هذا التوتر. ونقلت معظم الصحف الإسرائيلية في اليومين الأخيرين تقارير عن رسائل شديدة اللهجة بعثتها حكومة بنيامين نتنياهو للحكومة اللبنانية عبر قنوات متعددة تحملها مسؤولية أي فعل ينطلق من أراضيها. وشددت هذه الرسالة على أن كبح النفس الذي أبدته إسرائيل إزاء المسيرة التي نظمها مواطنون لبنانيون نحو موقع على مقربة من مزارع شبعا، لن يتكرر، وان إسرائيل ستعمد في المستقبل لاستخدام القوة ضد أي محاولة من هذا النوع لاجتياز الحدود.
وادعت إسرائيل أن لديها تقديرات بأن «حزب الله» سيعمد إلى تسخين الحدود عبر فعاليات شعبية كتلك التي جرت الأسبوع الماضي قرب مزارع شبعا. وأشارت إلى أن مسؤولين كبارا في الأمم المتحدة يشاطرون إسرائيل تقديرها هذا. ولا تخفي إسرائيل قلقها الشديد من احتمالات إقدام «حزب الله» على إدخال ما تسميه «أسلحة مخلة بالتوازن» مثل منظومات صواريخ مضادة للطائرات أو صواريخ أرض أرض بعيدة المدى.
تجدر الإشارة إلى أن الصحف الإسرائيلية كانت قد تحدثت عن أن التوتر على الحدود مع لبنان قاد المبعوث الدولي في لبنان مايكل وليامز، للاجتماع مع كل من نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني إيالون والمدير العام لوزارة الخارجية يوسي غال، ومع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الجنرال عاموس يادلين، ورئيس وحدة التخطيط الاستراتيجي في الجيش العميد يوسي هايمان.
وفي هذه اللقاءات، أبدى وليامز خشيته من تعاظم التوتر على الحدود، وامتدح «ضبط النفس» الذي أبدته إسرائيل إزاء المسيرة الشعبية، وأعلن أنه طلب من الجيش اللبناني العمل على منع وصول المدنيين اللبنانيين إلى مقربة من حدود مزارع شبعا. كذلك طالب وليامز إسرائيل بتفكيك موقع المراقبة الذي أنشأته في المنطقة التي شهدت الاحتجاجات.
وأبلغت إسرائيل وليامز أنه «وقعت مؤخرا أحداث انتهك فيها «حزب الله» بفظاظة القرار 1701 ولم تحرك القوات الدولية ساكنا». وكان الحدث الأول هو الانفجار في خربة سلم، والثاني هو المسيرة الشعبية نحو مزارع شبعا التي رفعت رايات «حزب الله». واعتبرت إسرائيل الانفجار دلالة واضحة على تعاظم قوة «حزب الله».
وقالت المصادر الإسرائيلية ان لدى القوات الدولية قدرات وهي لا تستخدمها. وانتقدت الفجوة المعلوماتية بين ما تقوله قيادة القوات الدولية وما يجري فعلا على الأرض. وطالبت بأن تكون القبضة الدولية في مواجهة «حزب الله» أقوى. وأشارت «معاريف» إلى أن الجهات الإسرائيلية فوجئت من رد فعل المبعوث الدولي وليامز، فقد أخبر المسؤولين الإسرائيليين بأنه «يتفهم مخاوفهم».
غير أنه خلافا للتقديرات التي أشاعتها أوساط سياسية إسرائيلية، فإن تقدير المؤسسة العسكرية، وفق صحيفة «هآرتس»، هو أن المسيرة كانت محلية وعفوية وليست بترتيب من جهات مركزية في بيروت. ومع ذلك، لا تستبعد مصادر الجيش أن يشرع «حزب الله» بنشاطات شعبية، خصوصا في مزارع شبعا، لزيادة التوتر. ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن «حزب الله» معني برد فعل إسرائيلي ضد المدنيين اللبنانيين، يسمح له بالرد عسكريا على الفعل الإسرائيلي والظهور بمظهر المدافع عن لبنان».
وكانت السفيرة الإسرائيلية في الأمم المتحدة غبرييلا شاليف قد قالت في مداولات جرت في مجلس الأمن الدولي حول الانفجار في خربة سلم، ان «الأحداث الأخيرة في الجنوب اللبناني تشكل انتهاكا فظا للقرار 1701». وربطت بين الانفجار والمشروع النووي الإيراني، وطالبت الأسرة الدولية بوضع حد للخطر الإيراني النووي وللعون الذي تقدمه إيران «للإرهاب».