المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

العماد سليمان في تكريم شهداء الجيش: المرحلة تقتضي منا رص الصفوف والعمل بكل السبل في اتجاه تحصين وحدتنا الداخلية


وطنية - 6/10/2007
كرم الجيش اللبناني قبل ظهر اليوم شهدائه الـ 170 في احتفال في مجمع فؤاد شهاب الرياضي في جونيه حضره وزير الدفاع في الحكومة غير الشرعية الياس المر وقائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان بالاضافة الى السفراء المعتمدين في لبنان وحشد من الشخصيات السياسية والاجتماعية وعوائل الشهداء.

بداية النشيد الوطني ونشيد الموت، بعدها وضع كل من وزير الدفاع الياس المر وقائد الجيش العماد ميشال سليمان اكليلا من الزهر على النصب التذكاري لشهداء الجيش، ثم دقيقة صمت عن أرواحهم. ثم جرى توزيع الأوسمة على قادة الوحدات المشاركة في معارك نهر البارد، تلا ذلك توزيع الدروع والكتيبات على أهالي وذوي الشهداء مع قراءة أسمائهم بدءا بالضباط القادة وصولا الى العناصر كلا بحسب الرتب العسكرية.
كلمة ذوي الشهداء
وللمناسبة، ألقى الدكتور ضاهر ابو غزالة والد الملازم الاول الشهيد روي ابو غزالة كلمة الشهداء ونصت على الآتي: "المقام جلل والمقال صعب. ما أصعب الكلام في مقام يعجز فيه اللسان أن يعبر عما يجول في خاطر الانسان، واني لا أستطيع مهما غاليت في القول أن أفيكم جزءا من حقكم، أيها الجنود الأحياء منكم والشهداء، لقد أقسمتم فوفيتم، لقد تحديتم الزمان وطمحتم الى المجد فكان لكم ما أردتم.
وها أنا الأن أقف خاشعا لأتحدث باسم الجموع الذين أبوا ان يرثوا أنفسهم في ذكرى شهادتكم، شهادة ابطال الجيش الميامين اليافعين، فانطلق بكلمات ملؤها الأسى والحزن، وعنوانها الطموح والامل، حقيقة راهنة مثلت بين طيات ما نتغنى به في النشيد الوطني اللبناني "أسد غاب متى ساورتنا الفتن" فتجسدت واقعا ملموسا في انتصار مؤسستكم العسكرية الأبية، قيادة وضباطا وجنودا، على منظمة ارهابية كافرة متكاملة العدة من حيث التدريب والعتاد والتقنية الحديثة.
ما أقرب الأمس، الى اليوم، لقد صعق الوطن بنبأ استشهاد بعض أشبالكم، غدرا وخيانة، فهب أسودكم يقتصون من المجرمين الكفرة، مقدمين دماءهم الزكية قرابين على مذبح الشهادة في سبيل انتصار الوطن، فتجلى ذلك فجر الثاني من ايلول 2007 في مشهد وطني مشرف لا مثيل له.
لقد غابت أجسادكم، ايها الشهداء الأبرار، أما نهجكم فباق لا يزول، النهج مستمر. الأرزة لا تهوي، الرمز دائم.
كيف لا، ومرجعيتكم باقية، راسخة، حية، متجسدة في عماد عماد، في ميشال سليمان، في بطل مقدام سيج ألويتكم بزنار ناري لاهب للذود عن لبنان، كل لبنان.. استشهدتم أيها الأشبال، الا انكم لم تموتوا.. ستبقى اسماؤكم لامعة كسيف الحق والتضحية والوفاء.
اليكم نلجأ دائما لنتزود من أرواحكم الطاهرة معاني الصمود والعزم والمثابة، ومغازي الأمل والطموح والحلم.
أيها الشهداء، يا أصحاب القلوب الكبيرة! ما أجدركم بالتكريم في هذا الزمن الرديء، فعسى المشتتون يتعظون فيتحدون، لقد استبدلتم أرواحكم بمدنيي منظمة "فتح الاسلام" نساء وأطفالا ملتزمين بالقانون الدولي الانساني، الذي بقي حبرا على ورق الا في نهر البارد حيث الشهامة والعزة والعنفوان، حيث انتم يا من بكرتم الرحيل.. ما طلع نجم واحدكم حتى ذهب، وهو لا يقدر بذهب.. لقد مضى ليبقى نغمة على شفاه الأحباب، وترنيمة صلاة في بيوت العبادة، وجرحا ينزف أبدا في قلوب الزملاء، ولوعة تحرق نفوس الأهل والخلان، رحل الشهداء قبل ان يحققوا الحلم الذي صبوا اليه. حلم وحدة الوطن واستقلاله، رحلوا قبل طلوع بخور مريم في الحقول.
سبقوا الزقزقة والنسمة والبرعمة في عرض الأرض. هذه الأرض التي مشت في جنازتكم أيها الأبرار وهي ترتل: رسل محبة قضوا! بسمات مشرقة غابت! وبقين لنا الذكرى.
فماذا عسانا نقول نحن في غيابكم؟ من أين نجمع حروف كلماتنا؟ أمن حبات قلوب أمهاتكم وآبائكم؟ أمن صدور زوجاتكم وحناجر أطفالكم؟ أم من شرايين جسور أخوتكم وأخواتكم؟ أم عن طريق جلجلة الوطن؟ الوطن الذي ما زالت أصداء اصواتكم تلعلع في أرجاء ربوعه. ما زلتم تطلون على زملائكم من بين حروف كلماتكم لتشاركوهم الآراء والمناقشات، وتبثون فيهم روح الحمية والجرأة.. ستبقون أبدا بين طيات قلوبنا جميعا شعلة مضاءة ما دام في شراييننا قطرة دم.. قطرة ايمان.. قطرة حب!.
ثقوا أيها الشهداء الأحباء ان احلامكم سوف تتحقق ما دام هناك شعب يصرخ، وبصوت واحد: نستودع الشهداء على رجاء قيامة الوطن، ولن نرضى بعد تضحياتكم أن تبقى مؤسستكم مفتقرة الى السلاح والذخيرة، اذ لا يجوز ان يبقى الدعم كلاما لأن كل نقطة دم سقطت وتسقط من أجسادكم لا تقدر بثمن.
ثقوا ان احلامكم سوف تتحقق ما دام هناك ارادة صلبة تجسدت في قول قائدكم المقدام العماد سليمان في "امر اليوم" عند تحقيق النصر: "أيها العسكريون، اليوم باسم الوحدة الوطنية ترفعون رايات النصر على الارهاب بعد ان حقتتم وصية رفاقكم الشهداء، وأنجزتم بكل أمانة واخلاص ما عاهدتم شعبكم به، وهو تحقيق العدالة كاملة من دون نقصان. اليوم ترتاح أرواح الشهداء في عليائها، وتتبلسم جراح رفاقكم العسكريين، ويطمئن الأهل الى عودة الحق الى نصابه، فيما يتطلع اليكم الوطن من أقصاه الى اقصاه بكل فخر واعتزاز وقد أزحتم بنهر دمائكم وتضحياتكم غبار الهم عن جسمه الجريح، وفتحتم له طريقا الى رحاب السيادة والحرية والاستقلال".
وها نحن الآن، الجموع المحتشدة باسم دمائكم المقدسة نخاطب كل من سولت وتسول له نفسه العبث بوحدة الوطن صارخين، وبصوت واحد: أما أنتم، يا من أشرفتم على مخطط الرعب والقتل والدمار، فانكم طغاة! والطغاة أرقام وهمية لا بد ان يأتي يوم وتتحطم كما تحطمت أدواتكم، ستبقى كلوم الجرحى وأرواح الشهداء بدءا ب"روي ورفاق له في السلاح، مرورا بقافلة المئة والسبعين، حبذا لو تسنى الوقت لتعداد شهدائها. ستبقى هذه الارواح أبدا ثقيلة على ضمائركم المتحجرة! اعلموا ان دماء هذه القافلة ستبقى كابوسا مخيفا على عقولكم مهما حاولتم قلب الوقائع وتشويه الحقائق حتى تنجلي شموس الحقيقة وتسطع أنوارها.. اعلموا ان الوطن تميته الدموع وتحييه الدماء. اعلموا ان الجبن رياء والمساومة خيانة.
أما أنتم، أيها الشهاء في عليائكم، ناموا وعيونكم قريرة، مطمئنين الى ان الغد المشرق سيسطع، والحق المبين سينقشع، والمجرم الحقيقي سيتعرى ببأس ميشالكم وحكمة سليمانكم، والحكمة تنير السبيل. عشتم ، عاش الجيش، عاش لبنان".

كلمة قائد الجيش
ثم القى قائد الجيش العماد ميشال سليمان الكلمة الآتي نصها:
"لطالما شكلت التجارب القاسية التي مرت بها الشعوب عبر التاريخ، اختبارا حقيقيا لجدارة هذه الشعوب في استحقاق أوطانها، والتمتع بالحياة الوطنية السليمة، المتمثلة بقيم السيادة والديموقراطية والحرية، التي لا يمكن في مطلق الأحوال ان توهب مجانا أو تعطى رخيصة، بل تكتسب وتصان، بالعرق والتعب والسهر، وبتقديم الدماء والتضحيات التي لا تقدر بأي ثمن.

اليوم ونحن نكرم شهداء الوطن، نستذكر شهداء الأمس، ضحايا الغدر والاجرام اللذين لم يميزا بين نائب الأمة وأبنائها، حيث قضى الأستاذ انطوان غانم وكوكبة من اللبنانيين على مذبح حرية لبنان واستقراره. ان اليد الآثمة هذه لن تبقى طليقة وسوف تنال جزاءها العادل لا محالة.

الثاني من أيلول، محطة تاريخية مشرقة في حياة الوطن، اذ تحقق الوعد الذي قطعه الجيش امام الشعب اللبناني، انتصارا لكرامته ووفاء لدماء الشهداء، وذلك بالقضاء على اكبر تنظيم ارهابي عرفه لبنان، دأب على التخطيط والتحضير لاقامة امارة خاصة به في الشمال، والانطلاق منها لتقويض أسس الكيان اللبناني والنيل من صيغته الفريدة، ولم يكن من السهولة بمكان لهذا الانجاز الكبير أن يبصر النور، لولا وحدة الجيش وتماسكه، وايمان العسكريين بقضيتهم، وشجاعتهم وتفانيهم في اداء الواجب العسكري، وتقديمهم الدماء من دون حساب، حفاظا على السيادة والكرامة الوطنية، ولولا ايضا الاجماع الرسمي والشعبي على دور الجيش، مكللا بالاحتضان المعنوي والمؤازرة العملية المستمرة، من قبل معالي وزير الدفاع الوطني الاستاذ الياس المر، والتفاف اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والمناطقية حوله، في مشهد وطني رائع لم يسبق له مثيل، الى جانب الدعم الفوري من قبل الدول الصديقة المناهضة للارهاب والمحبة للسلام.

أيها الأخوة الاعزاء، ان العبرة المستقاة من هذه التجربة، تكمن أولا وآخرا في أهمية الحفاظ على الوحدة الوطنية، فبهذه الوحدة استطاع الوطن ان ينتصر على العدو الاسرائيلي في حرب تموز 2006، كما على الارهاب في نهر البارد بالأمس القريب، وبها نستطيع في المستقبل أن نحقق أعظم الانتصارات لا بل نصنع المعجزات، سيما وقد أظهر الأخوة الفلسطينيون أعلى مستويات التعاون، من خلال تأييدهم الجيش في معركته ضد الارهاب، ومشاطرتهم أبناء عكار والشمال بصبر ومسؤولية عالية، ما لحق بالجميع من خسائر مادية وبشرية، الى جانب مبادرتهم لتسليم الجيش ارهابيين فارين، مؤكدين بذلك تصميمهم على عدم السماح بجعل المخيمات ملاذا لتكوين حالات ارهابية مماثلة.

لذا فالمرحلة اليوم تقتضي منا جميعا رص الصفوف والعمل بكل السبل في اتجاه تحصين وحدتنا الداخلية، الكفيلة بمواجهة كل المخاطر والتحديات المحدقة بالوطن، وهذا لا يكون الا بادراك معنى رسالة لبنان، وبتحمل الجميع لمسؤولياتهم الوطنية والارتقاء من المصالح الذاتية والآنية، الى مصلحة الوطن العليا، والتزام القيم والمفاهيم الانسانية قولا وممارسة، وفي مقدمتها الديموقراطية والحرية والعدالة والمساواة.

كذلك يجب ان نعي جيدا ان القيم الوطنية والقيم الانسانية هما توأمان لا ينفصلان ، فاذا اختلت الواحدة اختلت الأخرى وخرج الوطن عن طريقه السليم.

وفي هذا الاطار، لا بد من الاشارة الى ان الانجاز الذي حققه الجيش، لا تقتصر أهميته على النتائج الميدانية فحسب، بل تتعدى ذلك في الجوهر الى اداء الجيش الذي قاتلت وحداته العسكرية بشرف وانضباط كلي، وبالتزام قانون النزاعات المسلحة وسائر المواثيق التي ترعى حقوق الانسان التزاما دقيقا، وهذا ما تجلى في الحرص على أرواح المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين، وفي اجلاء عائلات المسلحين، وفي تكرار النداءات الموجهة لهؤلاء بوجوب تسليم أنفسهم، مع الوعد بمحاكمة عادلة أمام القضاء، للتأكيد على ان هدف الجيش هو احقاق الحق وليس الثأر والانتقام.

أيها الحفل الكريم، للشعب اللبناني ولجيشه وللمؤسسات الأمنية ومؤسسات الصليب الاحمر ومختلف الهيئات الانسانية والسياسية والاجتماعية والثقافية، كل الفخر والاعتزاز بالنجاح المؤزر في الحرب على الارهاب، الذي نتوجه اليوم في هذا الحفل الوطني الكبير، وقد تقاطرتم اليه من كل مناطق الوطن ومدنه وقراه، معبرين بكل صدق ومحبة عما يختلج في صدوركم من مشاعر وطنية نبيلة، وتضامن مع الجيش، ومن على هذا المنبر الكريم أحيي أرواح شهدائنا الأبرار الشامخة في جنة الخلد ، وأقول: لقد صنعتم بدمائكم الزكية وبعنفوانكم وعطائكم السخي، مجد لبنان وجيشه، وأفتديتم بأرواحكم الطاهرة أهلكم في الوطن والمواطنية، وجسدتم بشهادتكم الحمراء كل معاني الشرف والتضحية والوفاء، فأنتم ارث الجيش، ولهب الدم النابض في عروقه، وأنتم الشعلة التي لا تنطفىء على طريق أجياله الصاعدة.

ولافراد عائلات الشهداء: أمهات وآباء، زوجات وأبناء، اخوة واخوات، الذين استقبلوا فلذات اكبادهم في أعراس الشهادة، بعيون تمتزج فيها دموع الألم بزغاريد الانتصار، وبوجوه تشرب الحزن وهي تشع عزما وكبرياء، لهم أقول: ان صبركم العظيم لا يوازيه سوى حجم ايمانكم بالقضية، فأنتم بحق، شجرة الوطن بجذورها وأغصانها وثمارها، شجرة الوطن الدائمة الاخضرار والعطاء، العصية على رياح الزمن وصروف الدهر، بكم نرى ظل وجوه شهدائنا التي لن تهجرنا أبدا، ولكم من الجيش ان يكون عائلتكم الكبرى وملاذكم الدائم في كل ما تحتاجونه وتصبون اليه.

وللعسكريين جميعا، الجرحى منهم والذين شاركوا في ساحة القتال، او كانوا في المواقع الاخرى يسهرون على تأمين كل مستلزمات المعركة اقول : كما بذلتم الجهود المضنية وقاتلتم بشرف وشجاعة وبطولة وتحليتم بالمناقبية والانضباط ووفيتم بالقسم والعهد الذي قطعتموه لشعبكم وشهدائكم وجرحاكم ، ادعوكم اليوم الى مواصلة الطريق نفسه بكل عزم وحماس واندفاع، والى مزيد من التمسك بالانظمة والقوانين ومبادلة مواطنيكم بحسن التصرف وبروح المحبة والعطاء والاخلاص.

والى الشعب اللبناني الابي اقول : ان وقفتك الوطنية الشجاعة الى جانب الجيش، ودعمك له معنويا وماديا، واحتفاءك بجنوده العائدين من ميدان التضحية والفداء هي امانة في اعناقنا تحتم علينا اكثر من اي وقت مضى، مسؤولية بذل المستحيل في سبييل الحفاظ على امنك واستقرارك، وضمان حقك الثابت في العيش بكرامة وحرية وامان، فمن اجلك ترخص المهج والارواح وتهون كل التضحيات.

ختاما، عهدا نقطعه امام كل مواطن بان تبقى المؤسسة العسكرية حصن لبنان المنيع وصمام امنه واستقراره والصخرة الصلبة التي تتحطم عليها كل الفتن والمؤامرات".

07-تشرين الأول-2007
استبيان