المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

الامين العام لحزب الله في الذكرى الثانية عشرة لعيد المقاومة والتحرير : بفضل الصمود والتضحيات لن يكون هناك الا أعياد النص


السيد نصر الله: ادعو الى تكريس هذا اليوم عيدا وطنيا لكل الشعب اللبناني ولا نرضى ان يحوله أحد عيد لطائفة أو فئة .. شمل سلاح الفوضى بسلاح المقاومة ليس شطارة وانما مغالطة.. تعالوا للنظم كل هذا السلاح في معادلة الجيش والشعب والمقاومة


أعلن الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله عن موافقة حزب الله على دعوة رئيس الجمهورية ميشال سليمان للعودة الى طاولة الحوار في الأسبوع الثاني من حزيران دون شروط، داعياً في الوقت نفسه قوى "14" آذار الى الموافقة على الحوار أيضاً دون شروط "اذا كانوا يهتمون لمصلحة الوطن"، مشيراً الى أن من يطالب باستقالة الحكومة قبل الجلوس الى الحوار يهدف الى الوصول الى السلطة.

وفي كلمته التي ألقاها خلال الاحتفال المركزي في بنت جبيل بمناسبة عيد المقاومة والتحرير، أكد سماحة السيد نصر الله أنه "في ظل انشغالنا بالوضع الداخلي وما يجري من حولنا، فإن أعيننا يجب أن تبقى جنوباً، وقرائتنا لحكومة الوحدة في الكيان الاسرائيلي تقول إن أسبابها على الأعم الأغلب داخلية، أكثر من علاقتها بأي حرب في المنطقة، لكن هذا التحليل لا يعني أن لا يتم استغلال هكذا حكومة قوية لشن حرب جددة في المنطقة".

وتوجه السيد نصر الله للبنانيين بالقول " سوف نحمي الجنوب دائماً  كما استعدنا سيادتنا وحريتنا وأسرانا بعزة، وبفضل صمود أهل الجنوب وتضحيات المجاهدين لن يكون هناك الا أعياد النصر".

من جهة ثانية، وبعد أن بارك سماحة الأمين العام "للبنانيين عموماً وللأمة العربية والاسلامية هذا اليوم العظيم والعيد الوطني الكبير عيد المقاومة والتحرير وذكرى انتصار الدم على السيف" أشار الى انه "في هذه الساعات أيضاً نشهد خاتمة طيبة لحادثة أليمة حيث تم التأكد أن المخطوفين اللبنانيين في حلب باتوا في الاراضي التركية ويتحضرون للإنطلاق الى مطار بيروت"، متوجهاً بالشكر الى الله الذي بلطفة ورحمته كانت هذه الخاتمة"، كما شكر "السيد الرئيس بشار الأسد الذي أمّن طائرة لايصال النساء الى بيروت في تلك الليلة"، وشكر ايضا اركان الدولة "بدءا من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي علمنا أنه بذل جهوداً خاصة في هذا الاتجاه"، وكذلك شكر السيد نصر الله "الحكومة التركية على تعاونها، والناس الذين ضبطوا انفعالاهم واستجابوا الى نداءات الهدوء والتروي التي اطلقت.

وفي هذا الإطار، طلب سماحة السيد نصر الله من أصحاب حملات الزيارة الى العراق أو ايران وقف الرحلات الى العتبات المقدسة عبر البر في هذه الفترة، وقال "أضم صوتي الى المجلس الشيعي الأعلى بأنه لا داعي للحملات في البر، الوضع حساس، والموضوع لا يتعلّق فقط بأمن الزوار وكرامتهم وحياتهم، بل هذا النوع من الأحداث قد تكون له تداعيات خطيرة، نتمنى أن لا يضع أحد البلد في مواجهة هكذا أخطار وتداعيات".

اما للخاطفين، فتوجّه السيد نصر الله بالقول "عملكم مدان، فخطف الأبرياء والاعتداء على الناس أمر يسيء لكم ولكل ما تدعون أنكم تقومون به "، مشيراً الى أنه "اذا كان الغرض من الخطف هو الضغط على موقفنا السياسي فهذا لن يقدم ولن يؤخر في موقفنا من أحداث سوريا لأن هذا الموقف منطلق من قراءة دقيقة وهادئة وعاقلة وعميقة للتهديدات والمشاريع، ونحن في سوريا مع الاصلاح والحوار والوحدة الوطنية والمعالجة السياسية".
وأضاف " اما اذا كان الهدف خطف لبنانيين حتى يقوم لبنان بالضغط على النظام في سوريا ليطلق سراح سوريين أيضاً أقول إن هذا الأمر غير مجدي ايضا".

من ناحية أخرى، أكد سماحة السيد نصر الله أنه "منذ قيام الكيان الصهيوني عام 1948على الأراضي الفلسطينية حيث كان يباشر الاعتداء على الأراضي اللبنانية ويدخل الى القرى ويخطف المواطنين ويرتكب مجازر، كان أهل الجنوب يدعون الدولة للدفاع عنه ومنع الاعتداءات لكن الدولة لم تستجب لكل هذه النداءات"، وقال "سماحة السيد موسى الصدر منذ تصدّيه للشأن العام دعا الجيش لأن يأتي الى الجنوب لحماية أهل الجنوب، لكن السلطة السياسية لم تستجب وكانت في عالم آخر، ولم تتبنى الدفاع عن شعب لبنان بل تبنت نظرية قوة لبنان في ضعفه ونظرية الحياد، وهذا ما اضطر السيد الصدر الى أن يشكل أفواج المقاومة اللبنانية في ذلك الحين وأن يدعو الناس الى أن يحملوا ويشتروا السلاح".

واذ دعا سماحة السيد نصر الله الى تكريس هذا اليوم يوماً وطنياً لكل الدولة، ولكل الأحزاب والتنظيمات التي دافعت وشاركت في المقاومة"، أكّد ان انجاز هذه المقاومة هو "مواجهتها للاحتلال عام 1982 واسقاطها للمشروع الأميركي الاسرائيلي في هذا المنطقة"، وقال "هذه الأرض التي تقفون عليها كانت محتلة، لكنها عادت الى أهلها، وعادت الأرض الينا بكرامة ودون شروط أو اتفاقيات اذلال، والأهم أنها عادت الى سيادة الدولة".

وشدد السيد نصر الله على معادلة "الجيش والشعب والمقاومة"، بالقول "هذه المعادلة قدمت انجازات "فالبيوت التي تبنى على الشريط الشائك، تدل على احساس الناس بالحماية والثقة"، ولفت الى انه لم يكن هناك في يوم من الأيام اجماع على سلاح المقاومة.

من جهة ثانية، رفض السيد نصر الله مقولة "تعالوا لنجمع سلاح المقاومة مع سلاح الفوضى ونقاربه على أنه سلاح خارج الشرعية"، وقال "هذه مغالطة كبيرة"، اضاف :"انا تحدثت عن انجاز سلاح المقاومة"، سائلا :" كل سلاح آخر غير خاضع لمعادلة الردع مع العدو ما هو انجازه وما هي قضيته؟".

وأضاف "المعادلة الصحيحة هي انه هناك في لبنان فوضى سلاح، فتعالو لننظم كل هذا السلاح في معادلة الجيش والشعب والمقاومة"، مشيراً الى انه "في مواجهة اسرائيل نرى ان معادلة حماية البلد هي الجيش الشعب المقاومة، اما في الداخل فالمسؤول عن الامن والاستقرار وحماية السلم الأهلي هي فقط الدولة من خلال الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية"، وقال "المؤسسة الأهم في حماية السلم الأهلي هي الجيش اللبناني، واليوم آخر ضمانة لحماية السلم الأهلي هو الجيش ولذلك علينا الحفاظ على هذه المؤسسة والدفاع عنها وعن تواجدها حتى لو حصلت أحداث مؤلمة".

في هذا الإطار، دان سماحة الأمين العام لحزب الله "حادث عكار المؤسف والمحزن"، داعيا الى "وضعه في سياقه الطبيعي"، وسائلاً "في أحداث الطريق الجديدة، 8 ساعات من القتال أين كانت الدولة والجيش والقوى الأمنية؟"، مشددا على ان "هذه الحادثة لا يجوز أن تتكرر لأنها قد تودي بالبلد الى مخاطر حقيقية"، مطالباً بإعطاء "الجيش والقوى الأمنية كل الامكانيات لمنع صدامات من هذا النوع".

وفما يتعلّق بموضوع الموقوفين الاسلاميين، قال سماحته "منذ اليوم الاول موقفنا هو وجوب محاكمتهم واطلاق سراح من تثبت براءته"، رافضاً اتهام الشيعة بعرقلة خروجهم، واصفا ذلك بانه "ظلم وتزوير وتضليل"، داعيا لاجراء محاكمات سريعة واطلاق سراح من تثبت ادانته".

وهنا النص الكامل لخطاب سماحة الامين العام لحزب الله في مهرجان عيد المقاومة والتحرير في بنت جبيل:  

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.

السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.

إنني في البداية  أبارك لكم جميعاً وللبنانيين عموماً ولأمتنا العربية والاسلامية هذا اليوم العظيم وهذا العيد الوطني الكبير، عيد المقاومة والتحرير، وذكرى انتصار المقاومة، ذكرى إنتصار الدم على السيف، ذكرى انتصار الإرادة والعزم والتضحيات. واليوم أيضاً، وفي هذه الساعات، نشهد خاتمة طيبة لحادثة أليمة، حيث تم التأكد قبل قليل أن المخطوفين اللبنانيين باتوا في الأراضي التركية ويتحضّرون للإنطلاق باتجاه مطار بيروت، مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري الدولي.

هنا أود أن أبدأ من هذه الحادثة، من هذه التجربة، وأدخل منها إلى المناسبة، إلى عيد المقاومة، إلى التحديات القائمة، إلى الوضع في البلد بالوقت المتاح إن شاء الله.

طبعاً، في البداية، الواجب الأخلاقي يقتضي أن نتوجه بالشكر أولا لله سبحانه وتعالى، الذي بلطفه ورحمته ومشيئته، كانت هذه الخاتمة ومنَّ علينا جميعاً وتفضل أن تنتهي الأمور بهذه السرعة وبهذه النهاية دون آثار سلبية، بل بالعكس بآثار إيجابية إن شاء الله.

أيضاً من لم يشكر المخلوق لم يشكر الخالق، أتوجه بالشكر باسمكم جميعاً وباسم العائلات المعنيّة بالحادثة إلى كل الذين ساهموا وساعدوا واعتنوا واهتموا وأوصلوا الأمور إلى الخواتيم الطيبة.

منذ اللحظات الأولى، لخبر الإختطاف، كنا على تواصل مع القيادة السورية والسلطات في سوريا والذين ـ في الحقيقة منذ البداية ـ اهتموا بالنساء والرحال الكبار بالسن الذين أُطلق سراحهم، أمّنوا لهم الرعاية والحماية الأمنية، وأيضاً بتوجيه من الرئيس بشار الأسد، تمّت تهيئة طائرة لإيصال النساء ومن معهنّ  بشكل سريع في تلك الليلة، وهذا كان لهم مساهمة كبيرة في تهدئة النفوس وتطييب الخواطر وشهدنا مجيء الأخوات والسيدات في تلك الليلة. أبدأ من هنا الشكر للقيادة  للرئيس السوري بشار الأسد على هذه اللفتة وهذه العناية. منذ اللحظات الأولى، الدولة برؤسائها، بمسؤوليها، باشرت تحمّل المسؤولية، العديد من القيادات السياسية اللبنانية أيضاً عملت على توظيف علاقتها وطاقتها وبادرت بالاتصال والتعاون، وفي تعاون وطني وحقيقي، وصلنا إلى ما وصلنا اليه.

الواجب ايضا يقتضي أن نتوجه بالشكر، وهنا يجب أن نحفظ التراتبية القانونية الى فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان، إلى دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي، إلى دولة الرئيس سعد الحريري أيضاً الذي علمنا أنه بذل جهوداً خاصة في هذا الإتجاه، إلى كل من اتصل وفاوض ووظّف علاقته بشكل إيجابي وممتاز، (والذي قام به الشباب منذ قليل ليس منسجماً مع لياقاتنا، نحن نختلف بالسياسة، ليس هناك أي مشكلة وقد نختلف بأكثر من السياسة ولكن كل عمل جيد يجب أن يمدح ويشكر).

أيضاً على المستوى الاقليمي، الاتصالات التي حصلت، وشكر خاص للمسؤولين الأتراك والحكومة التركية على تعاونها أيضاً في هذا المجال، سواء رئيس الحكومة السيد أردوغان أو وزير الخارجية السيد أوغلو، كل من كان له دور في الاتصالات، نحن نشكره ونقدّر له هذا الجهد الإنساني والأخلاقي.

طبعا يجب أن نشكر العائلات على تجاوبها، على صبرها، على تحمّلها، وإن كان البعض كان حاول بالإعلام أن يصعّب الأمور. هذا النوع من الأحداث، يحتاج إلى هدوء، إلى صبر، إلى حكمة، إلى تعاطٍ دقيق، إذا كنا نريد أن نصل إلى خواتيم طيّبة، يجب ان أتوجه بالشكر أيضاً إلى الناس الذين ضبطوا انفعالاتهم واستجابوا الى نداء الهدوء الانضباط  والعقل والحكمة والتروي. وهنا أودّ في هذه المناسبة أيضا أن أشير قبل الى هذه الحادثة وأتوقف معها قليلاً، إلى حادثة الإعتداء على حملة زوار أخرى حصلت في العراق، وأدت إلى سقوط شهداء من السيّدات الجليلات وعدد من الجرحى. نحن نشكر الإخوة في العراق، القوى السياسية والحكومة، على اهتمامها بجرحانا، وقد علمت قبل قليل أيضاً أن السيد رئيس الوزراء نور المالكي سوف يضع طائرة خاصة للجرحى وبقية الزوار ليعودوا بالجو إلى بيروت، أيضاً أتوجه إليهم بالشكر على هذه أللفتة وعلى هذه العناية الطيبة.

هذه الأحداث سوف أقف عندها ومنها سوف أدخل إلى المناسبة، أريد أن أقول كلمة للناس وكلمة للخاطفين وكلمة للدولة ومن كلمة الدولة أدخل إلى المناسبة:

أولا: للناس هذه التجربة يجب أن نتوقف عندها كثيراً. طبعا في اللحظات هناك من انفعل من الناس ونزلوا الى الطرقات لكي يقطعوا الطرقات. فقط لأن هذه الحادثة من الممكن أن تتكرر لا سمح الله ونأمل أن لا يحصل ذلك، لكن من أجل أن ننظم أمورنا  لا معنى لهذا النزول إلى الشارع ولا معنى لقطع الطرقات فضلاً عما هو أسوأ وهو الاعتداء على السيارات وعلى الممتلكات الخاصة أو العامة، هذا ماذا يفيد؟

طبعاً هذا بكل المقاييس حرام، للناس الذين يهتمون بالشأن الديني أقول لهم حرام وللناس اللذين يهتمون بالشأن الأخلاقي هذا قبيح، وبكل المعايير والإنسانية والقانونية والخ.... أن تنزل إلى الشارع، على من تريد أن تضغط؟ الخاطفون ليسوا هنا في لبنان، الحادثة ليس لها علاقة لا بالطرقات ولا بالناس وبالسيارات.

شيء آخر يجب أن أؤكد عليه، أصبح هنا موضة في البلد، بدأت منذ العام 2005 بشكل أساسي مع كل حادث يحصل، سوريا أو سوريون لهم علاقة به يتم الاعتداء على الرعايا السوريين في لبنان وعلى العمال السوريين في لبنان.

الشيء العجيب أن هؤلاء العمال يكونون أو هؤلاء الناس يعيشون بيننا وفي أحيائنا وفي ضيعنا ومدننا، وهناك حادثة هم ليس لهم فيها أي مسؤولية ولا أي ذنب، يتم الاعتداء عليهم. هذا الأمر في المعيار الديني حرام شرعاً، وهو جريمة بالمعيار الأخلاقي وقبيح جداً. ما هي علاقة هؤلاء الناس سواء كانوا عمالاً أو رعايا أو جالية أو حتى نازحين ليس لهم علاقة بهذا الحادث. لا يجوز أن يتصرف أحد خارج هذه الموازيين الأخلاقية والإنسانية.

طبعاً الإنضباط الكبير الذي عُبر عنه نحن نتوجه له باحترام كبير جداً، هذه ثقتنا بهؤلاء الناس، وهذه هي معرفتنا بهم، وهذا هو أملنا بهم بشكل دائم وكبير.

أيضاً إلى الناس، ولنقُل إلى القطاع الخاص، لنقُل كلمة لمسؤولي الحملات للزيارة، سواء في العراق أو في إيران، يعني في هذه الفترة يجب أن يرحموا الناس، وأن يرحمونا قليلاً، وأنا أضم صوتي إلى صوت المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وكل الجهات التي أعلنت عن موقف من هذا النوع، أنه لا يوجد هناك داعٍ لحملات تذهب بالبرّ، لأن المرحلة هي حساسة قليلاً وصعبة.

الموضوع أولاً هو أمن الزوار وحياتهم وسلامتهم وكرامتهم، ولكن الموضوع لا يقف هنا عند هذه الحدود، يعني أن الموضوع ليس هو أن هناك أناساً قد اختطفوا فقط، هذا النوع من الأحداث قد تكون له تداعيات خطيرة قد تؤدي إلى فتن وقد تؤدي إلى أحداث، هذه المرة الناس قد انضبطت، والمرة القادمة لا نعرف ما الذي سيحدث، لذلك نتمنى أن لا يضع أحد الزوار وأن لا يضع الناس وأن لا يضع البلد كله في مواجهة أخطار وتداعيات من هذا النوع. في مطار بيروت: بيروت – بغداد الخط شغال (مفتوح)، وبيروت – النجف الأشرف الخط شغال(مفتوح)، وبيروت – طهران وبيروت – مشهد، الناس تسافر بالطائرة، تذهب وتزور، وترجع إن شاء الله سالمةً وغانمة. وأي مسؤول حملة يُصر من الآن فصاعداً على أن يأخذ الناس بالبر هو يتحمل المسؤولية، وأنا أُحمّله مسؤولية شرعية وجزائية وقانونية وأخلاقية وعلى كل صعيد، نحن طبعاً ثقتنا بالأخوة مسؤولي الحملات كلهم "مين ما كان" هي كبيرة، ونأمل الإستجابة. أيضاً الناس هم معنيون بأن ينتبهوا إلى هذا الموضوع، وأن يكون يوجد التزام كامل في هذه المسألة، كي لا يأخذنا أحد فيما بعد إلى مشكلة، مثل المشكلة التي كنا سنذهب إليها، لولا أن الجميع تصرف بمسؤولية وبحكمة.

كلمة إلى الخاطفين: طبعاً عملكم هذا كان مداناً وهو مدان، الآن أنهم قد تصرفوا بعقل وإستجابوا للوساطات،هذا أمر جيد، ونأمل أن يتصرف الناس بعقل، لكن أنا أُحب أن ألفت النظر إلى شيء، وهو أن خطف الأبرياء والإعتداء على الناس بهذه الطريقة، هو أمر يُسيء لكم، ويسيء لكل ما تدعون، أو تقولون أنكم تعملون من أجله، إذا كان الغرض، "ممكن أن يكون هناك فرضيتان"، إذا كان الغرض هو الضغط على موقفنا السياسي مثل التعابير التي سمعها الزوار من الخاطفين، فهذا لن يقدم ولن يؤخر، نحن موقفنا السياسي من الأحداث التي تجري في سوريا منطلقة من ثوابت ومن رؤية إستراتيجية ومن تقييم للوضع في المنطقة، ومن قراءة دقيقة وهادئة وعاقلة للتهديدات والأحداث والمشاريع، ولذلك نحن في سوريا مع الحوار ومع الإصلاح ومع الوحدة الوطنية ومع إنتهاء أي شكل من أشكال المواجهة المسلحة، ومع المعالجة السياسية من أجل سوريا، من أجل مستقبلها وموقعها وشعبها وأهلها وسلامتها وقوتها، وبالتالي إذا كان المقصود من خطف لبنانيين هو التأثير على موقفنا السياسي أو موقف حلفائنا أيضاً، من هذه الزاوية، هذا الأمر هو غير مجدٍ، ولا داعي له، لأننا عندما نأخذ موقفاً، فإننا نكون مستعدين أن نُضحي من أجل هذا الموقف، نكون منطلقين فيه من ثوابتنا، ونحن في هذا الموقف نقوم بالتضحية، من أجل ما هو أهم، ومن أجل ما هو أولى.

الفرضية الثانية: والتي كانت هي محاولة جدية، أنهم يقومون بخطف لبنانيين و"تفضل يا لبنان وقم بالضغط على النظام في سوريا"، أي على السلطات في سوريا، من أجل إطلاق سراح معتقلين مقابل مختطفين لبنانيين.

أيضاً أنا أقول لكم، في السابق هذا لم يُجدِ،وفي المستقبل لن يُجدي، السلطات في سوريا ليست في وارد فتح هذا الباب، ونحن أيضاً لسنا في وارد الدخول في مشكلة من هذا النوع. وكانت هناك تجربة مؤسفة، قبل أسابيع، وذلك في منطقة القصير، حيث تم اختطاف لبنانيين مقيمين داخل الأراضي السورية، من قبل مجموعات مسلحة، وتم المطالبة بأنه من أجل إسترداد هذين اللبنانيين يجب أن تطلبوا من السلطات السورية إطلاق سراح فلان وفلان ـ أصلاً هذا هو باب خطر، إذا أُريد أن تُفتح الأمور بهذه الطريقة ـ حسناً، لم تحصل إستجابة، وأيضاً السلطة السورية ليست في هذا الوارد، والاتصالات فشلت، فقامت العشائر والأهالي لهذين اللبنانيين المختطفين بإختطاف أناس آخرين من الجماعات المسلحة، ومن ثم هم قاموا بإجراء تبادل بين بعضهم البعض. إذاً هذه التجربة هي تجربة فاشلة، نتمنى أن لا تتكرر هذه التجربة، لأنه لا طائل منها لا سياسياً ولا أمنياً ولا تبادلياً، وأيضاً نتمنى أن لا أحد يستعمل العنف ضد اللبنانيين لأنه في نهاية المطاف، العنف قد يجر إلى العنف.

أدخل إلى الدولة، هذه التجربة التي حصلت اليوم هي تجربة طيبة جداً، منذ اللحظة الأولى قُلنا إن المسؤولية هي مسؤولية الدولة، والدولة والحكومة يجب أن تتحمل مسؤولياتها، القيادات السياسية والقوى السياسية. كلنا نُساند مسعى الحكومة ومسعى الدولة، وهذا أمر جيد. أساساً يوجد بعض الناس عقّبوا على هذا الموقف، بأن هذه هي بداية جيدة منا. كلا هذه ليست بداية بل هذا خط قديم. ومن هنا أدخل إلى الجنوب وإلى لبنان وإلى المواجهة مع إسرائيل، وإلى المقاومة وإلى المناسبة.

منذ قيام الكيان الصهيوني في سنة 1948 على الأراضي الفلسطينية، كان يُباشر الإعتداء على الأراضي اللبنانية، كان يعتدي على اللبنانيين وعلى القرى اللبنانية وعلى الفلاحين والمزارعين، ومنذ 48 كان العدو الإسرائيلي يدخل الحدود ويدخل الضيع ويدخل مخافر قوى الأمن، ويعتدي على الجيش المتواجد ويخطف العسكر ويخطف مدنيين ويخطف أناساً ويرتكب مجازر، والذين ينسون التاريخ يستطيعون الرجوع إلى الأرشيف، توجد ضيع بكاملها حدثت فيها مجازر، سقط فيها 80 شهيداً ومئة شهيد ومئة وعشرين شهيداً.

هذا كله قبل السبعينات، هذا كله قبل أن تأتي الفصائل المقاومة الفلسطينية إلى لبنان.  أهل الجنوب وقيادات الجنوب من دينية وسياسية، منذ زمن المرحوم الإمام عبدالحسين شرف الدين وبقية العلماء، ماذا كان خطابهم؟ يا دولة تفضلوا دافعوا عن الجنوب، تفضلوا إحموا الحدود، تفضلوا أُمنعوا الإعتداءات على اللبنانيين كل اللبنانيين، لكن الدولة لم تكن لتستجيب لكل هذه النداءات. سماحة الإمام المغيّب السيد موسى الصدر أعاده الله ورفيقيه بخير، منذ أن أتى إلى لبنان بالعام 1960 -1961 ومنذ بدء تصديه للشأن العام، أنظروا إلى خطابه منذ البداية، نريد من الجيش أن يطلع إلى الحدود ليحمي الجنوب وليس ليحمي إسرائيل، نريد من الجيش أن يتواجد ليدافع عن الناس، نريد من الدولة أن تكون حاضرة، نريد أن تُدربوا شباب الجنوب ونريد أن تُسلّحوا شباب الجنوب ونريد أن تُنظموا أهل الجنوب إلى جانب الجيش ليدافعا عن الجنوب، لكن الدولة لم تستجب، لأن الدولة كانت في عالم آخر، دعوني أقول السلطة، السلطة السياسية دائماً كانت في عالم آخر. لم تتبنَّ السلطة السياسية في لبنان إستراتيجية الدفاع عن الجنوب وأهل الجنوب أو عن لبنان وشعب لبنان، وإنما تبنت نظرية قوة لبنان في ضعفه، تبنت نظرية الحياد. طيب ممكن يكون مفهوم أن يحاول شخص أن يُحيّد نفسه عن الصراع العربي – الإسرائيلي، لكن أن يُحيّد نفسه عن حماية أرضه وشعبه وأهله وقواه وجيشه ودركه ومخافره وبناه التحتية، هذا هو الذي كان موجوداً، وهذا هو الذي اضطر الإمام موسى الصدر ـ الذي كان من أشد الدعاة لأن تتحمل الدولة المسؤولية ولأن يقف الجيش اللبناني في الخطوط الأمامية للدفاع ـ أن يُشكل أفواج المقاومة اللبنانية في ذلك الحين، وأن يدعو الناس إلى أن يحملوا السلاح وأن يشتروا السلاح وأن يبيعوا بعض ممتلكاتهم ليشتروا سلاحاً ليدافعوا به عن أنفسهم، وهو كان يشتري السلاح. إذاً، عندما نتحدث اليوم عن المقاومة الشعبية يجب أن نُذكر ويجب أن نُسجل أن الشعب اللبناني وخصوصاً أهل الجنوب والقرى الأمامية في الجنوب وفي البقاع الغربي، أُضطروا هم أن يشتروا السلاح وأن يحملوا السلاح وأن يقوموا بهذا الواجب الوطني في ظل غياب السلطة السياسية اللبنانية بالكامل، إن لم أقل أكثر من غياب، "خلينا اليوم نكون قليلاً رايقين،بدنا نساعد البلد"، الموضوع أكثر من غياب، لكن لنتكلم عن غياب، طيب إذا الدولة لم تحمِ البلد ولم تحمِ الأرض ولم تحمِ الناس، إذا الدولة لم تتحمل مسؤولية تحرير ما تم إحتلاله فيما بعد، بعد ال 67 في مزارع شبعا و تلال كفر شوبا، أو بال 78 أو بال 82 ، الناس لا يتخلّون عن واجباتهم الوطنية أو الدينية أو القومية، هكذا عندما يكون الناس شرفاء، هم لا يتخلون عن واجباتهم ولا يتخلون عن كراماتهم، ولا يتخلون عن ممتلكاتهم القانونية والشرعية.

ولذلك إنطلقت المقاومة في لبنان في شكلها الشعبي، وعبّرت عن نفسها في أحزاب وتنظيمات وحركات ومنظمات، وكان للأخوة الفلسطينيين أيضاً، كان لهم دور أساسي في هذه المقاومة من خلال الفصائل الفلسطينية المجاهدة والمناضلة، والاحتضان الشعبي، وكانت هذه المقاومة التي تصاعدت وتراكمت جهودها وإنجازاتها إلى أن كان الإنتصار الكبير في 25 آيار عام 2000، والذي أصبح عيداً وطنياً، عيداً للمقاومة والتحرير والإنتصار.
بناءً عليه، فيما يتعلق بكل المرحلة الماضية، يجب أن أقول: نحن دائماً كنا نؤكد وكنا ندعو أن تتحمل الدولة المسؤولية، ونحن كلنا نقف معها وخلفها وإلى جانبها، وإذا أرادتنا أمامها في المواجهة وفي الشهادة وفي تقديم التضحيات نحن جاهزون. لكن عندما تغيب المسؤولية، الناس يتحملون مسؤولياتهم بشكل دقيق وأساسي.

من هنا أدخل إلى المناسبة لأقول نحن اليوم نعم أمام عيد وطني حقيقي، وأنا أدعو إلى تكريس هذا اليوم عيداً وطنياً لكل الشعب اللبناني، للدولة وللجيش وللمؤسسات وللشعب اللبناني ولكل القوى السياسية، خصوصاً الأحزاب والتنظيمات والجماعات والحركات التي شاركت وقاتلت، ما هي المشكلة؟ اليوم نحن نقيم إحتفالاً وغداً أخواننا في حركة أمل يقيمون إحتفالاً في الخيام، أحزاب وتنظيمات أخرى كل واحد بمنطقته ومدينته، يقيم إحتفالاً، تعم الاحتفالات هذا البلد، ومن حق كل الأحزاب والفصائل والجماعات والحركات والتنظيمات التي ساهمت في هذه المقاومة، وأطلقت رصاصاً في هذه المقاومة، وقدمت شهداء في هذه المقاومة، ودخل لها معتقلون إلى الأسر في هذه المقاومة، وسقط لها جرحى في هذه المقاومة، أن تحتفل وهي شريكة.

هذا العيد هو عيد لكل عوائل الشهداء ولكل الأسرى ولكل الجرحى ولكل الذين هُجّروا من بيوتهم أو دُمرت بيوتهم ولكل الذين صمدوا في أرضهم، ولكل الذين ساعدوا وساهموا ودعموا وحموا بكلمة أو بقلم أو بموقف أو بشعر أو بدعاء أو بتعاطف سابقاً أو لاحقاً، حتى الذين وقفوا مع هذه المقاومة أيضاً في حرب تموز، هذا العيد هو عيد الكل، ونحن نريده بحق ولا نرضى أن يُحوّله أحد إلى عيدٍ لطائفة أو عيدٍ لفئة أو عيدٍ لتنظيمات معينة، كلا هذا عيد وطني حقيقي وهذا إنتصار وطني حقيقي، ومنذ اليوم الأول  في 25 آيار عندما إحتفلنا في بنت جبيل بالملعب، وكنت في خدمتكم هناك مباشرةً، وتحدثنا، قلنا هذا إنتصار لبنان كل لبنان، واليوم في الذكرى الثانية عشرة أيضاً نقول هذا إنتصار لبنان كل لبنان.
 هذا عيد وطني لكل اللبنانيين ونريده أن يتكرس كذلك.

النقطة الثانية فيما يرتبط بالمناسبة: أدخل من هنا إلى الانجاز وإلى القضية.

يعني العنوان الذي لا أريد ان أتكلم به للتاريخ بل أيضا للحاضر، العنوان الذي أريد أن أقدمه اليوم بالخطاب هو أن المقاومة إنجاز وقضية مهمة. عندما أقول مقاومة يعني قرارها، إرادتها، حقها، مشروعيتها، رجالها، شعبها، سلاحها، جهوزيتها، هذه هي المقاومة.

حسناً عندما نأتي الى الانجاز، ثم نأتي لاحقاً إلى القضية، طبعا أريد أن أرتب على هذا أثراً:

في الإنجاز يمكن أن نتكلم عن الكثير. على مستوى المنطقة، الكل يعلم بأنه عام 1982 من خلال الاجتياح كان هناك مشروع أميركي أسرائيلي للبنان وللمنطقة ولتصفية القضية الفلسطينية، وكان هناك مجموعة أهداف ترتبط بالموضوع اللبناني والفلسطيني وعمليّة التسوية في المنطقة وسوريا. لن أستهلك الوقت في هذا الموضوع، كلكم عايشتم هذا المعطى. المقاومة التي انطلقت سريعاً وواجهت الاحتلال عام 1982 أسقطت هذا المشروع الاسرائيلي الاميركي على مستوى المنطقة وأدخلت المنطقة في مرحلة جديدة. في ذلك اليوم قيل إن لبنان دخل في العصر الاسرائيلي ولكن خلال أشهر قليلة بدا واضحاً أن لبنان بدأ يخرج من العصر الاسرائيلي.

حسناً، ولكن لنتكلم بالملموس. الآن أنتم موجودون في المنطقة الحدودية على مقربة من الحدود. لنتحدث عن في العام 1982،  المشروع الاسرائيلي والأهداف من وراء الاجتياح وماذا كانت التسوية التي كان يراد فرضها. يمكن أن يكون هناك الكثير من الناس يذكرون أو يوجد جيل لم يكن موجوداً في ذلك الوقت، دعونا نتكلم في الملموس، أن نلمس إنجازاً. هذه الارض التي الآن تقفون عليها كانت أرضا محتلة، بعض هذه المنطقة الحدودية كان محتلاً من 1978 وبعضها كان محتلاً من 1982، يعني بعد الانسحاب الإسرائيلي من صيدا صور النبطية وتشكيل ما سمي في ذلك الحين بالشريط الحدودي. حسناً هذه الارض عادت إلى أهلها بإنجاز ملموس، هذه الارض لم يكن المشروع الاسرائيلي بناؤه أن يعيدها. الإسرائيلي لم يدخل لبنان ليخرج من لبنان. الاسرائيلي له أطماع في لبنان، بأرض لبنان، بمياه لبنان. طبعاً الآن لا يوجد وقت لأن أقرأ لكم وأعرض لكم، ولكن هذا أمر مثبّت تاريخياً.

 الوثائق تؤكد هذه الاطماع. في البدايات عندما بدأت تتشكل المنطقة وبعد قيام الكيان الصهيوني في العام 1948 كانت عين إسرائيل على لبنان بالحد الأدنى على جنوب لبنان، من الأولي إلى الحدود.

إذا كنّا نريد أن ننزل الى حد أدنى أدنى، من الليطاني. ومن خلال توظيف الأحداث التي كانت قائمة في الجنوب في 1982  والحساسيات الموجودة بين أهل الجنوب، سكان الجنوب بإختلاف انتماءاتهم أو بين أهل الجنوب والفصائل الفلسطينية، كان يراهن على أن الجنوب وأهل الجنوب سيكونون هادئين وادعين متعاونين وبالتالي سيبقى جيشه في الجنوب وبالتالي سيبقى جيشه في الجنوب وأخذ فرصة سنة واحدة  للبدء ببناء مستعمرات في أراضي جنوب لبنان كما فعل في كل الاراضي العربية التي إحتلها في الحروب السابقة. ولكن مسارعة اللبنانيين إلى مقاومة الاحتلال وكانت الضربة النوعيّة العظيمة جداً في 11-11-1982 من خلال إستشهاد أحمد قصير في مدينة صور. والوجه المكتئب والكادح لشارون على أنقاض ذلك المكان أعطى إنطباعاً واضحاً للإسرائيليين بأن لا،  الجنوب لن يكون أرضاً آمنة، لبنان لن يكون أرضاً آمنة لقوات الاحتلال ولا لمشاريع الاحتلال، حسناً، اليوم بالملموس أرض اللبنانيين عادت إليهم إلى الحدود.

بقيت لدينا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وجزء من بلدة الغجر، وأيضاً شاهدتم على الحدود في العام 2000 م كيف كان اللبنانيون جالسين من خلال السلطة السياسية يناقشون بالأمتار، مئات الأمتار وآلاف الأمتار، هذه الأرض عادت إلينا، بكرامة وبدون شروط، بدون ضمانات أمنية، بدون إتّفاقيات إذلال، بدون مكاسب للعدو، والأهم أن الأهم أن هذه الارض عادت الى أصحابها، البيوت، المزارع، الحقول، كل شيء، وعادت إلى الدولة، إلى السلطة، إلى سيادة الدولة.

كلنا يعرف في إتّفاقيّة كامب دايفد كيف عادت سيناء إلى مصر، عادت بشروط إسرائيليّة. اليوم يوجد مشكلة في سيناء تواجهها السلطة المصرية، أنه كم هو عدد الجيش المسموح إدخاله إليها، وكم هو عدد الشرطة المسموح إدخاله إليها وأيضاً كميّة السلاح ونوعيّة السلاح.

الإنجاز في لبنان أن الارض عادت إلى السيادة اللبنانية كاملة، اليوم الحكومة اللبنانية هي التي تقرّر من ترسل من الجيش، كم لواء، كم كتيبة، أي نوع سلاح، لا يحق لأحد أن يناقش ولا يحق لأحد أن يعترض وتستطيع أن تتواجد في أي شبر من أرض الجنوب ولا تحتاج إلى إذن لا من إسرائيل ولا من الامم المتحدة ولا من أحد في هذا العالم، هذا يعني عودة السيادة الى هذه الارض، حسنا هذا ايضا إنجاز، هذا إنجاز ملموس.

اليوم نحن موجودون في أرضنا وفي ضيعنا، الناس تعيش في أمن، في سلام وإطمئنان. الفتنة التي أرادها الإسرائيلي والتي حضّر لها عام 2000م سقطت بسرعة ويجب أن نشكر الله سبحانه وتعالى على ذلك، تعرفون أنه يمكن لا يوجد أحد تكلم في هذا الموضوع سابقاً، أو لا أعرف إذا ذُكر سابقاً، لماذا غادر الاسرائيلي الجنوب بسرعة؟ لماذا الاسرائيلي لم يبلّغ أنطوان لحد، وجيش أنطوان لحد بالانسحاب؟ أتعرفون لماذا؟ هو خرج بسرعة، ترك جيش أنطوان لحد في الشارع، بالمواقع، بالضيع، ضاعوا، احتاورا، وبظنّه أن المقاومة سوف تهاجم وتقتل وترتكب المجازر ويتحول الأمر إلى حرب أهليّة أو فتنة طائفيّة. يا أهلنا في الجنوب، يا أهل كل الذين عملوا في جيش أنطوان لحد، أيّها اللبنانيون الذين تورّطوا مع الاسرائيلي وذهبوا أو هربوا إلى فلسطين المحتلّة، يمكنكم أن تدققوا في هذه الجملة: لقد كان الاسرائيلي هذا الذي خدمتموه عشرات يريد لكم أن تقتلوا وأن تذبحوا وأن ترمّل نساؤكم وأن يتيتّم أطفالكم وأن تكونوا ضحايا لفتنة طائفيّة، ليتحوّل العرس اللبناني الى جنازة، وكنتم ستكونون أنتم الضحايا، هو تواطأ عليكم بهذا المستوى.

ولكن المقاومة بكل فصائلها في ذلك اليوم وأهل الجنوب خصوصاً، أهل القرى الاماميّة الذين عانوا ما عانوه من جيش لحد ومن جرائمه ومن قذائفه ومن معتقل الخيام ومن تعذيبه ومن عملائه، تصرّفوا بمستوى إنساني وأخلاقي راقٍ جداً، وهذا يجب أن يتّم التذكير به، ليس ليمنٍّ أحد على أحد، او أن يتفضّل أحد على أحد ابداً، هؤلاء الناس قاموا بواجبهم باخلاقهم بدينهم بوطنيّتهم تصرفوا على هذا الاساس، لكن يجب التذكير بذلك للقول لكل اللبنانيين ـ واسمحوا لي أن أقول وخصوصاً لمن تعامل مع الاسرائيلي خلال عشرات السنين ـ أنّ هذا الاسرائيلي لا يهتم لا بأمنكم ولا بسلامتكم، ولا بكرامتكم، ولا بحياتكم لا بدمائكم. هو إستغلّكم وقاتل بكم كأكياس رمل، ثم ترككم في العراء، وترككم للقتل، ترككم لتكونوا وقود الفتنة.

حسنا منذ ذلك اليوم الى اليوم هذا الجنوب وهذه المنطقة الحدودية التي هي لبنان مصغّر ـ لأنها ديمغرافيا وسكّانياً يوجد فيها مسلمين ومسحيون، شيعة سنة دروز ومسيحيون من طوائف مختلفة ومذاهب مختلفة أيضاً، ويعيشون مع بعضهم البعض من العام 2000 إلى اليوم بسلام، لم ينتقم أحد من أحد ولم يدمّر أحد بيت أحد ولم يحرق أحد حقل أحد ولم يهجّر أحد أحداً ولم يحصل تغيير ديمغرافي ولا شيء، وفي ظل سلاح المقاومة ومع وجود سلاح المقاومة. حتى الناس الذين هربوا إلى فلسطين المحتلة لم يطلب منهم أحد الهروب، من اليوم الأول كان واضحاً السلوك والأداء والموقف أنه لا تزروا وازة وزر أخرى، النساء الامهات الزوجات الاولاد البنات الاهل الآباء الذين لم يتورّطوا مع الاسرائيلي لم يقترب منهم أحد، حتى لو كانوا زوجات كبار العملاء. نفس العملاء أيضا، التجربة من اللحظة الاولى قالت إننا لا نريد أن نقتل أحداً، يوجد قضاء لبناني ويوجد حكومة لبنانية تحاسب، هم ذهبوا، ومنذ تلك اللحظة ونحن نقول للأهالي يمكنكم أن ترجعوا، هذا لا يحتاج الى إتّفاقيّة، نساء وأولاد، صغاراً وكباراً، أن يعودوا، الذين لم يتورّطوا في العمالة.

يوجد دولة وقضاء، وكنتم ترون أيضاً التساهل القضائي في هذا الشأن، إذاً لم يكن أحد يريد إحداث أي تغيير في الجنوب بل كانت المقاومة بكل فصائلها، تريد الخير للجنوب ولأهل الجنوب، تريد لهذا الجرح أن يندمل وأن يعيش أهل المنطقة الحدوديّة مع بعضهم البعض بأمن، بسلام، بمحبّة، باستقرار، بتعاون، وكل ما يعزز هذا العيش الواحد، هذا العيش المشترك، هذا السلم الأهلي، هذا التقارب، هذا التعاون، نحن دائما جاهزون له إن شاء الله.

طيب هذا أيضاً إنجاز ملموس باليد، في كل ساعة، في كل لحظة، هناك ناس قد لا يشعرون بهذا الانجاز، لكن من كانوا تحت الإحتلال يشعرون فيه، الحواجز، الإذلال على الحواجز. اليوم تمرون على الحواجز، الجيش جيش لبناني أو قوى أمن، هؤلاء أولادكم، أهلكم، يحترمونكم، ويمثّلونكم.
ثم نذهب إلى الإنجاز الآخر، ومنه ندخل على القضية المهمة، حماية الجنوب، حماية لبنان، حماية الناس، حماية البلد من الأطماع الإسرائيلية، من التهديدات الإسرائيلية، من الإعتداءات الإسرائيلية، طبعا نحن هنا في موضوع الحماية التحرير كانت معادلة مقاومة، بالحماية المعادلة هي جيش شعب مقاومة، لننظر، هل هذه المعادلة صنعت إنجازاً ام لم تصنع؟ تارة نتحدث بالشعر والإنشاء العربي ونظريات وأفلاطونيات أنا ساتحدث "ضيعاوي" ساتحدث مثل أهل القرى. نذهب إلى القرى ونسأل أهل القرى هذه المعادلة تصنع انجازاً أم لا؟ حامية للحدود؟

نعم هي تحمي الناس على الحدود، نعم الناس يستطيعون أن يذهبوا ليلاً ونهاراً ويسيرون قرب الشريط الشائك والجدار المصطنع ـ الذي سأتحدث عنه ـ في الليل والنهار. "الناس رايحة جاية"، ينزلون إلى حقولهم، نعم، ويذهبون الى مدارسهم، نعم، أين تعمّر البيوت اليوم؟ ليس في القرى الأمامية فقط، بل على الحدود، على الشريط الشائك تبنى البيوت، هذا تعبير عن ماذا؟

(هذا تعبير) عن الإحساس بالإمن، عن الإحساس بالحماية، عن الثقة الكبيرة بالحماية، "ليس والله أننا محميين وخلص، لا، هناك ثقة كبيرة اننا محميين."

ولذلك منذ الخامس والعشرين من أيار 2000 حتى الثاني عشر من تموز 2006 وحتى الرابع عشر من آب وهذه المدة فاصل ومن الرابع عشر من آب وحتى اليوم الإسرائيلي لا يجرؤ على أن يعتدي على لبنان وعلى اللبنانيين. كل المشكلة ما هي؟ ماذايحصل؟ هناك خرقوا (الصهاينة)، الجيش تصدى لهم، هنا دخلوا خمسة أمتار وهناك خمسين متر ومئة متر، تأتي الأمم المتحدة ويشغلوننا طوال اليوم، يتبين أنه خط أزرق أو خط أخضر ولا أعرف لماذا هذه القصة.
أين هذا (مما كان يحصل) منذ العام 1948 وحتى العام 2000، عندما كانوا يقصفون قرى ويقنّصون فلاحين ويهجّرون قرى ويعتدون على مخافر الدرك ويخطفون الناس ويشنّون عمليات كومندوس؟ هذا انتهى، كله انتهى، والدليل؟ الدليل 12 عاماً؟ الإسرائيلي المعتدي بطبعه، يعني صاحب الطبيعة العدوانية، الإسرائيلي الطمّاع بأرضنا ومياهنا هو لا يجرؤ أن يعتدي على قرانا وعلى شعبنا وعلى أهلنا وعلى سيادة بلدنا، من الذي يحمي؟ الذي يحمي هو هذه المعادلة، لا الأمم المتحدة ولا منظمة التعاون الإسلامي ولا جامعة الدول العربية، ولا أحد. من يحمي هو هذه المعادلة: الجيش والشعب والمقاومة، والمقاومة جزء من هذه المعادلة.

هذا هو الانجاز، وصولاً إلى أن الإسرائيلي هو الذي يفكر دائما بالدخول الينا، هو من يفكر بالاعتداء علينا، هو من يرمي علينا رصاص، بات هو يخشى أن يطلق عليه رصاص ويرمى عليه أحجار ويخشى أن يدخل عليه (على منطقته)، وبدأ بتشيييد هذا الجدار. ونحن لم نأخذ موقفاً من هذا الجدار الذي يبنى في  كفركلا، لكن سأتحدث عن جانب من الموضوع. أنا أقول لكم هذا الجدار هو مؤشر على ما كنا نقوله منذ عام 2000 وإلى اليوم، وسأعيده: إن انسحاب إسرائيل أو العدو الإسرائيلي من لبنان في  25 أيار 2000 أجهز أو دقّ المسامير الأخيرة في نعش اسرائيل الكبرى، انتهينا. 25 ايار 2000 هذا الذي اسمه اسرائيل الكبرى من النيل الى الفرات، هذا الذي اسمه اسرائيل الكبرى، حتى اسرائيل الوسطى خارج فلسطين المحتلة التاريخية، هذا انتهى، انتهى هنا، على الأرض عندكم، على الحدود عندكم، بدماء شهدائكم، بصمودكم وبمقاومتكم وبطولاتكم وتضحياتكم.

مشروع إسرائيل الكبرى كان دائماً يتطلع إلى أرض واسعة حدودها أنهار، نهر النيل، نهر الفرات، نهر الليطاني اذا لم نقل الأولي، وهذه الأنهر تكون تحت سلطته، واستراتيجيته مبنية على أن اسرائيل القوية المقتدرة لن يجرؤ أحد يعيش خارج دائرة هذه الأنهار أن يرمي حجراً عليها فضلاً أن يطلق رصاصة. اليوم على الحدود اللبنانية هناك أناس لا يرمون حجارة على الصهاينة فقط، لا يرمون الرصاص على الصهاينة فقط، بل يتوعّدونهم بكل الصواريخ على كل النقاط في فلسطين المحتلة.

هذه الجدر التي بدأت في الضفة الغربية، طبعاً هناك ترابط قوي بين إنجاز المقاومة في لبنان وإنجاز المقاومة في فلسطين. انظروا، بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 1985 بمدة كانت الإنتفاضة الأولى في فلسطين. بعد التحرير في  الخامس والعشرين من أيار عام 2000 بأشهر قليلة كانت انتفاضة الأقصى التي كانت لها تداعيات كبيرة جداً والتي وضعت اسرائيل أمام معركة وجود، ولولا المجتمع الدولي والدول العربية.. والخذلان الذي لحق بالفلسطينيين لكانت هذه الإنتفاضة حققت إنجازات تاريخية واستراتيجية عظيمة جداً ولكن من إنجازاتها انها فرضت على الصهاينة بناء جدر في الضفة الغربية. بدأت اسرائيل تنسحب، انسحبت من غزة، انسحبت من جنوب لبنان، في الضفة الغربية بدأت تبني جداراً، الآن هناك كلام عن بناء جدار مع الحدود المصرية، عن بناء جدار على الحدود الأردنية. جيّد، إذاً انتهت اسرائيل الكبرى، انتهت حدود الانهار لجأوا إلى حدود الجدار، والجدار لن يحميهم، ولن يحفظ وجودهم القائم على الاغتصاب والمجازر والعدوانية والإرهاب والأطماع. هذا انجاز، هذا ايضا إنجاز كبير.

وقتها قيل كلام كثير لكبار القادة الصهاينة عام 2000 وأنا بالمناسبة أود التذكير بكلمة، سآخذ مثلاً واحداً: اسحاق شامير رئيس وزراء العدو الأسبق اليميني الليكودي المتطرف يقول: "لم يخطر ببالي، ـ تعلمون انه مات وهو كبير في السنـ  لم يخطر ببالي أن أحيا لهذا اليوم الذي تُرغم فيه دولة اسرائيل وجيشها الذي وصفه أعداؤنا واصدقاؤنا ـ العرب أيضا يساعدون بهذا التوصيف ـ بأنه الجيش الذي لا يقهر، على الفرار، يعني الذي ترغم فيه دولة اسرائيل  وجيشها على الفرار أمام طرف عربي "شوفو الاحتقار للعرب انه طرف عربي هو سيزعبنا". ما الذي حدث، كيف تجري الأمور على هذا النحو، بضعة مئات من مقاتلي حزب الله يُجبرون الدولة الأقوى في الشرق الأوسط على الظهور بهذا الشكل الانهزامي. لقد أثبتنا للعرب دوماً أنه يجدر بهم أن لا يحاولوا إرغامنا على تقديم تنازل لهم بالقوة، لأنهم في النهاية هم الطرف الذي سيقدّم التنازلات، لكن حزب الله ـ وأنا أقول هنا كل المقاومين اللبنانيين ـ أثبت أن هناك عرباً من نوع آخر، أنا بطبعي لست من أولئك الذين يكيلون المديح لأحد، ومع ذلك فانني من أولئك الذين يكنّون الاحترام والاعجاب لكذا (السيد حسن نصر الله) الذي أدار المعركة ضدنا بأسلوب يرقى إلى مستوى التحدي الذي فرضه الصراع مع دولتنا".
هذا العدو يعترف بهذا الانجاز، ولذلك اليوم (هذا هو) الانجاز الأهم على مستوى المنطقة وعلى المستوى الداخلي وعلى المستوى الجنوبي وعلى مستوى الحدود. عندما نتحدث عن أن لبنان محمي، فكل لبنان محمي، بعلبك الهرمل كانت تقصف قبل العام 82 وبعده، بيروت قصفت، والضاحية أيضاً والشمال وجبل لبنان والبقاع الأوسط والغربي، هل بقي مكان في لبنان في مأمن عن العدوان الإسرائيلي. هذا الانجاز.

القضية بكلمتين

القضية هي أن المقاومة وسلاح المقاومة هم جزء من المعادلة التي تحمي لبنان وتواجه التهديد والعدوان الإسرائيلي، هذا الانجاز وهذه القضية.
أود التذكير، قبل الحديث عن النتيجة، أن هذه المقاومة إنما حققت كل هذه الانجازات في ظل تآمر دولي ـ ولا أود افتعال مشكل مع العرب ـ وفي ظل غياب عربي ـ ولا أود القول تآمر بعض الدول العربية ـ في ظل غياب عربي وإسلامي باستثناء سورية والجمهورية الإسلامية في إيران، هذا معروف ولا يحتاج لإثبات. وفي لبنان أيضاً، في غياب الدولة اللبنانية الرسمية إلا في السنوات الأخيرة قبل عام 2000، ولا أود القول أكثر من هذا، وأيضا لم يكن هناك في يوم من الأيام اجماع وطني على المقاومة، أبداً. يمكنكم العودة للأرشيف، قبل 25 ايار، قبل ليالي من 25 ايار كان البعض في لبنان ما يزال يتحدث عن "دورة العنف" ـ من سياسيين ووسائل اعلام ـ دورة العنف في الجنوب، لا يعترف بمقاومة وبقتال مشروع، قتلى، لا يوجد شهداء، مسلحين، مجموعات مسلحة.

مع احترامي لكل من يدعي ذلك، لم يحصل في لبنان اجماع وطني على المقاومة، دائما كان هناك انقسام، ولم يحصل اجماع وطني على سلاح المقاومة، دائما كان هناك انقسام.

أنا أستغرب من بعض اللبنانيين أو سياسيين أو إعلاميين عندما يجري حدث معيّن يقول: الآن سقط الإجماع الوطني على المقاومة وسلاحها، متى كان هناك إجماع حتى يسقط، دائما كان هناك انقسام حول هذا الموضوع.

هناك رأيان ووجهتا نظر، في ظل هذا الانقسام، في ظل هذا الغياب العربي، في ظل هذا التواطؤ الدولي، استطاعت المقاومة أن تحقق هذه الانجازات وهذه الانتصارات. هذا يجب أن يحفظ بالبال عندما نتحدث عن الانجاز.

هنا أصل الى النتيجة: اليوم هناك بحث في البلد أمام حالة فوضى السلاح التي شهدناها في الأسابيع القليلة الماضية، "انه طيب تعالوا يا شباب لنهدأ قليلاً" وهناك ملف جديد اسمه السلاح وفوضى السلاح وانتشار السلاح، لنأتِ بهذا الموضوع ومعه سلاح المقاومة ونسميهم معاً السلاح غير الشرعي، السلاح خارج الدولة اللبنانية، ونقارب هذا الملف كملف واحد. هذه مغالطة كبيرة جداً، هذه ليست شطارة، هذه مغالطة كبيرة جدا لعدة أسباب:

السبب الأول: أنا اتحدث عن سلاح المقاومة، وأقول هذا إنجازه وهذه قضيته، قولوا لي عن كل السلاح الآخر، سواء كان موجودا عند قوى الثامن من آذار أو الرابع عشر من آذار، طبعاً لا يمكن لاحد أن ينكر أن هناك وجود للسلاح، "وهذه قصة أهالي وما اهالي هذه سوالف منتهية في لبنان"، كل الناس لديها سلاح في لبنان وسلاح خفيف وسلاح متوسط وسلاح ثقيل، والسلاح الخفيف ايضا نوعي وبنادق ثمينة ومحترمة.

قولوا لي كل السلاح الآخر الذي لم يوضع في معادلة الردع في مواجهة الإسرائيلي ما هو إنجازه وما هي قضيته. هناك فارق جوهري بين السلاحين هذا جانب.

الجانب الآخر: نحن مع قناعتنا ان هناك فارقاً جوهرياً بين السلاحين، نحن نقول لا مشكلة ليناقش كل شيء، هذا السلاح يناقش، وذلك السلاح يناقش، الموضوع كله يناقش، وعندما تحدثنا عن الاستراتيجية الدفاعية الوطنية نحن لا نتحدث عن استراتيجية دفاعية عن الجيش وجهة محددة في المقاومة، لا، نحن نتحدث عن الشعب اللبناني، عن المقاومة، وكل من يريد ان يكون جزءاً من هذه الاستراتيجية الدفاعية، كل من يريد أن يحمل سلاحاً ليقاتل  العدو، ليواجه به العدو، يمكن أن نجمع كل الإمكانات وكل الطاقات في استراتيجية وطنية دفاعية لنحمي  بلدنا. رأيتم تجربة اليوم، عندما يتفق اللبنانيون على قضية وطنية ويبذلون كل الجهود ـ مع اختلافاتهم السياسية ـ يصنعون انجازاً.

المنطق يقول: ليست لأنه هناك فوضى سلاح في لبنان إذا تعالوا نلغي المقاومة وسلاحها. لا. المعادلة الصحيحة: لأن هناك فوضى سلاح في لبنان تعالوا لننظم كل هذا السلاح في إطار معادلة الجيش والشعب والمقاومة، لنحمي البلد ولنحمي خيرات البلد.

ومن هنا سأتحدث عن الوضع الداخلي باختصار: عندما نتحدث نحن عن هذه المعادلة علي أن أميّز ـ ساكون واضحاً جداً ـ  بين معادلة حماية البلد في مواجهة العدو الإسرائيلي، وبين معادلة حماية السلم الأهلي والأمن والاستقرار الوطني في الداخل. هذان موضوعان مختلفان وليسا موضوعاً واحداً، صحيح أنهما يتداخلان، لكن  يمكن النظر اليهم كموضوعين كبيرين.

في مواجهة اسرائيل، نحن ـ بصراحة ـ قناعتنا ورؤيتنا المبنية على التجربة التي نجحت في لبنان وغزة ونجحت قبل شهور في العراق وقبل ذلك في أفغانستان، بناءً على التجربة، بناء على منطق التاريخ، بناء على الحقائق، بناء على وضع العدو، أطماعه وامكاناته، ووضع لبنان البلد الضعيف وأوضاعه وإمكاناته، نحن نقول إن حماية البلد معادلته جيش شعب مقاومة لأنه في وجهنا اسرائيل. أما في الداخل، لا، المسؤول عن الأمن في الداخل، عن الاستقرار في الداخل، عن حماية اللبنانيين في الداخل، عن حماية السلم الأهلي في الداخل، هي الدولة والدولة فقط، من خلال الجيش اللبناني والمؤسسات الأمنية الرسمية، لا أحد لديه مسؤولية في هذا الموضوع. لذلك خلال كل الفترات الماضية يتحدث بعضهم أنّه في الضاحية هناك خلل أمني وفي بعلبك الهرمل خطفوا و"عملوا" وفي بعض المناطق سرقات وتكتب المقالات تحمّلنا مسؤولية الأمن. لقد قلنا منذ أول يوم نحن لا نتحمل مسؤولية أمن ولتأتِ الدولة وتحمل المسؤولية. في بنت جبيل في الخامس والعشرين من أيار وقفت وقلت: نحن لسنا بديلا عن السلطة ولسنا مشروع سلطة ولسنا مسؤولين عن الأمن، الدولة والجيش وقوى الأمن والقضاء اللبناني هم المسؤولون فليأتوا وليتحملوا المسؤولية.

لقد عاش الشعب اللبناني تجاربَ طويلة، نحن لا نتحدث نظريات، في لبنان كان هناك حروب أهلية، نحن لا نقرأ في الكتب، مقابرنا مليئة بالضحايا، وذاكرتنا ثقيلة بالأحزان، لا نريد تكراراً للماضي، سلاحنا ليس مطروحاً لحماية طائفة. نحن نطلب من الدولة اللبنانية أن تحمي كل الطوائف وكل الجهات وكل القوى السياسية. سلاحنا لحماية البلد بمواجهة إسرائيل، والدولة مسؤولة عن حماية الناس في الداخل وهي مسؤولة عن أمن الناس.

القوى السياسية شريك بمعنى أن لا تحرّض وأن لا تفتعل مشاكل، والإعلام شريك بأن لا يأخذ الناس وبأن لا يكبّر الأمور إلى حد أنّ الناس لا تحمل بعضها بعضاً، أيضاً المنابر والخطباء والتحريض الطائفي والمذهبي، فالأمن ليس عملية بحتة بل هو نتاج جهد سياسي وثقافي وتربوي وإعلامي واقتصادي ومعيشي وغيرها وأمني. بالتالي كل واحد عليه القيام بدوره وتحمّل مسؤوليته من أجل أن لا "يفرط الوضع" في البلد ومن أجل إبقاء الأمن في البلد مستقراً، ومن أجل أن يبقى السلم الأهلي قائماً وثابتاً. من هنا، نحن في هذا الموضوع واضحون وملتزمون.

هناك أناس يقولون هذا ادّعاء، نحن نقول إنّ المؤسسة الأهم لحماية هذا السلم الأهلي وأداء هذه الوظيفة هي الجيش اللبناني ومعها الأجهزة الأمنية الأخرى، لكنّ العماد هو مؤسسة الجيش اللبناني. لنكن صريحين مع بعضنا، في الجنوب والشمال والبقاع وبيروت وبالجبل نحن اللبنانيون أيها الناس، العودة إلى الحرب الأهلية والإدارات المحلية وإلى الكانتونات الطائفية سيجعل الكل خاسرين والعالم سـ "تدبّح" بعضها البعض ونرى نشاهد المستوى الأخلاقي والمستوى الثقافي للأسف الشديد. اليوم، آخر ضمانة ـ وطبعاً هناك أمور مطلوبة قبل الأخرى على المستوى السياسي والحكومي وعلى مستوى القوى السياسية ـ لكن آخر ضمانة التي يمكن أن تحمي السلم الأهلي في لبنان هي الجيش اللبناني، لذلك يجب أن نحافظ على هذه المؤسسة وأن نحميها وأن ندافع عنها وعن معنوياتها وعن قوتها وعن تواجدها في الساحة وعن قدرتها على القيام بأدوارها، حتى لو حصلت أحداث مؤلمة.

أنا لا أنّظر، في 13 أيلول 1993 وليس في حادث خطأ على حاجز للجيش اللبناني، عند مستديرة المطار كان أناس يتظاهرون وقبالتهم جيش وقوى أمن أطلقوا عليهم الرصاص وسقط ما يقارب الخمسين بين شهيد وجريح وبعضهم أخوات، هل أطلقنا النار على الجيش اللبناني، هل رفعنا السلاح على الجيش اللبناني، هل طالبنا بإخراج الجيش اللبناني من الضاحية الجنوبية ومن محيط الضاحية الجنوبية، أبداً. قلنا إن كان هناك قرار سياسي فالحكومة تتحمل المسؤولية والعسكر الذين نفذوا يجب التحقيق معهم ومحاكمتهم، وخير إن شاء الله.

الآن كل ما يصير شيء يقول لك الضاحية، الذين قتلوا إخواننا وأخواتنا عند مستديرة المطار أين هم، على أي مشانق علّقوا، أي سجن مؤبد حُكِمَ عليهم، والموضوع كان واضحاً وأصلاً ليس بحاجة لتحقيق فلا يوجد ملابسات. وبعد مدّة قُتِلَ متظاهرون نقابيون في حي السلم، خمسة شهداء، برصاص الجيش اللبناني، هل أحد في الضاحية الجنوبية قام وحمل السلاح على الجيش وأطلق النار على الجيش أو قتل أحداً من الجيش أو طالب بخروج الجيش، أبداً.

قبل مدة، سارع البعض وضرب مثلاً بمار مخايل، هناك كان شباب يتظاهرون ويحرقون دواليب، صح أو خطأ بحث آخر، لكن هذا لا يبيح دماءهم، أطلقت النار عليهم وقتلوا، ما الذي جرى، نعم استنكرنا وهذا طبيعي واعترضنا وخطبنا وطالبنا بالمحاكمة وغير ذلك، لكن النهايات ماذا.

في نهاية المطاف أقول في هذا السياق، الحادث الذي حصل في منطقة عكار وأدّى إلى استشهاد الشيخين (احمد) عبد الواحد و(محمد) مرعب رحمهما الله هو حادث مؤسف ومحزن ومدان، لكن هو حادث فلْنَضَعه في سياقه الطبيعي ونذهب للقول (بوجوب) التحقيق والقضاء والمحاسبة، وهذا هو الصحيح. لكن الجيش يجب أن يصان ويجب أن يحفظ من أجل كل الشيوخ ومن أجل كل الشهداء ومن أجل كل المناطق ومن أجل كل اللبنانيين ومن أجل هذا البلد ومن أجل سلامة هذا البلد ومستقبل هذا البلد. هذه نقطة جوهرية أحببت أنّ أدخل عليها. وهنا أيضا أقول أنّه يجب على الدولة أن تتحمل المسؤولية، لا أحد يبني أن يفتح مشكلا مع أحد، لا أحد يبني على قتال أحد ، لكن يجب أن ننتبه من الإنجرار إلى أي قتال. هناك من يعمل في الساحة لكي يكون هناك قتال في أي مكان من الأمكنة.

أوقف جهاز أمني أحد المطلوبين، لماذا يحصل قتال في طرابلس، لماذا تحصل اشتباكات بين التبانة وجبل محسن وغيرهما، سؤال؟ الحادثة التي جرت في كراكاس أمس كان من الممكن أن تذهب الأمور إلى أسوأ. قبلها الأحداث في طريق الجديدة لا يقدر أحد أن يطلع ويقول: "الأهالي والأهالي.."، كلا هناك جهات حزبية تتحمل المسؤولية. ثماني ساعات هناك قتال في الطريق الجديدة، أين كانت الدولة، أين كان الجيش، أنا أدافع عن الجيش ولكن أيضاً أنتقده، أين كانت القوى الأمنية. هذه الحادثة يجب أن لا تتكرر، لأنها قد تودي بالبلد إلى مخاطر جديّة وحقيقية. المكاتب والقوى السياسية إلى أي جهة انتمت، الدولة مسؤولة عن حمايتها والدولة مسؤولة أن تتدخل، ويجب أن يعطى الجيش والقوى الأمنية كل الإمكانيات وكل المقدرات المادية والمعنوية وكل الهوامش ليمنع بشكل قاطع وحديدي أي صدامات من هذا النوع على مستوى الداخل اللبناني. وأنا أتمنّى أيضاً، هناك ملاحظة أحب أن أؤكد عليها، أنّه يا إخوان لنتحدث على الأرض، قبل كم يوم في احتفال إعادة إعمار الضاحية ألقيت كلمة أحب أن أؤكد عليها وطالما تحدثنا فيها.

هناك قوى سياسية تقوم بالتحريض من أجل شد العصب ومن أجل أن تحفظ جمهورها ومن أجل الإنتخابات، لكن علينا أن ننتبه، التحريض الطائفي والمذهبي خَطِر جداً جداً جداً جداً. بالتحريض المذهبي والطائفي، السلبية التي اسمها "الأرض تفلت من الكل" كلنا بالهوا سوا هنا، إذا كان أحد يتصور أنّه يستطيع إمساك الأرض ويمنع الإنهيار في البلد أو الإنحدار إلى حافة الحرب الأهلية أو إلى حرب أهلية هو خاطيء ومشتبه. منذ يومين  عندما تحدثت باسمي وباسم دولة الرئيس نبيه بري استجابت العالم مشكورة، حسناً "بتظبط مرة أو مرتين"، لكن إذا عملت أنا على التحريض المذهبي والطائفي هؤلاء الناس لن يعودوا يردون عليّ ولا على أحد و"بتصير القيادات عناصر وتصير العناصر قيادات"، بعض الناس تقول لهم أنتم مثقفون وتفهمون وعقولكم كبيرة كيف تتكلمون هذه اللغة، يردون نحن إذا لم نتكلم هكذا الشارع ينبذنا، مَنْ الذي أوصل الشارع إلى هنا؟ القيادات السياسية.

لذلك أكبر مسؤولية اليوم قبل أن نحمّل الحكومة ونحمّل الجيش ونحمّل القوى الامنية مسؤولية الأوضاع، يجب أن تتحمل القيادات السياسية ووسائل الإعلام، لا نريد أن يسبّب السبق الصحفي تحريضاً، الخبر لِنَدَعَه خبراً. الكل يجب أن يتحمل المسؤولية وهذا التحريض يجب أن يقف، وهذه المغالطات يجب أن تقف، وإلاّ إذا كل شيء سيُبْنَى عليه اتهامات ذات بُعد مذهبي وطائفي أين يصبح البلد.

في موضوع الموقوفين الإسلاميين على سبيل المثال، نحن موقفنا منذ اليوم الأول وجوب الإسراع في محاكمة الموقوفين الإسلاميين وإطلاق سراح مَنْ لا تثبت إدانته، هذا موقف حزب الله وهذا موقف حركة أمل وهذا موقف الرئيس نبيه بري وموقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، لكن يخرج أناس يقولون إن الذي يمنع محاكمة الموقوفين الإسلاميين هم الشيعة، ما هذه النغمة وما هذا الخطاب؟!

منذ أول يوم أوقف فيه المعتقلون لسنوات، (كان) رئيس الحكومة من تيار المستقبل ووزير العدل من 14 آذار ومن القوات اللبنانية، ما دخلنا نحن؟!

بالعكس هناك موقوفون إسلاميون كانوا متهمين بقتلي أنا وقد وقفت وقلت أنا أسقط حقّي وأنا أطلب إطلاق سراحهم. لكن ظلماً وعدواناً نحمّل ـ أقول ذلك بصراحة ـ الطائفة الشيعية مسؤولية بقاء الموقوفين الإسلاميين في السجون، هذا ظلم وتزوير وتضليل ليس له مثيل، هذا مَنْ يخدم؟ وأنا اليوم أكرر نفس الموقف قبل 4 سنين و5 سنين، نحن نطالب بإجراء محاكمات سريعة جداً ومَنْ تثبت إدانته فَلْتَتِم إدانته وإلا فليطلق سراحه، وهذا لا يخص الإسلاميين فقط بل كل الموقوفين في السجون اللبنانية، من الظلم أن يبقى موقوف بلا محاكمة، ليس لسنوات بل لأشهر واسابيع، لماذا؟

هذا موقفنا ومعروف ومعلن، لكن يصل التضليل إلى حد القول أنتم تتحملون المسؤولية، وأنا أقول لكل أهالي الموقوفين الإسلاميين ولكل المتضامنين معهم بحق وهذا حق أن يتضامنوا معهم لأنّهم مظلومون حقاً، مظلومين لأنهم منذ أربع خمس سنين بلا محاكمة، فتشوا عن السبب، أنا لدي تفسير ولكن لا أريد قوله لكي لا أعمل تحريضاً، لكن فتشوا عن السبب، لماذا سنوات دون محاكمة، فتشوا عن السبب الحقيقي وهناك أدينوا. اليوم إذا كان جهاز أمني يقوم بمسؤولياته ـ ولْتَعْذُرُونِي على الصراحة ـ فرع المعلومات يعتقل في الجنوب والضاحية والبقاع وأينما كان، غدا كلما اعتقل فرع المعلومات شيعياً نقول الضابط السني رئيس فرع المعلومات أو المدير العام السني لقوى الامن الداخلي اعتقل شيعة، أين يصبح البلد، إذا أردنا أن نصل إلى مكان نقسّم البلد إلى حد أن مخابرات الجيش تعتقل فقط المسيحيين والأمن العام الشيعة وقوى الامن الداخلي سنة ، وأظن الدروز من حصة الشرطة القضائية! هل هذه الدولة، هل هذا هو العبور إلى الدولة؟

هناك أجهزة أمنية تقوم بمسؤولياتها ويجب أن تُدعم رسمياً وسياسياً في القيام بمسؤولياتها، ولا أحد يستأذننا وليس مطلوباً أن يستأذننا أحد.

إننا في حزب الله  ضد التعاون الأمني مع ال "سي آي إيه" وضد التعاون الأمني مع الفرنسي  ومع البريطاني ومع الألماني، عقائدياً وسياسياً. لكن هناك جهاز أمن ليس تابعاً لي وإنما تابع للدولة والدولة مسؤولة أن تحميه أو أن تقول له ليس لديك مسؤولية. هناك مغالطات ، فمثلاً على حاجز الجيش ، فمنذ أول يوم لحصول  الحادث في عكار، بدأوا بالتفتيش عن هوية الضابط الذي أطلق النار، هل هو مسيحي أو شيعي أو سني أو درزي!؟ ما هذا المنطق! هل يبقى لدينا جيش في هذا المنطق!؟ إذا كان الجيش مشكوكاً به انتهت القصة.. تعالوا لنعمّر المتاريس ونذهب إلى الحرب الأهلية. إذا كان قائد الجيش مشكوكاً به وقيادة الجيش مشكوكاً بها وضباط الجيش مشكوكاً بهم... كلنا أحياناً نشتكي. يطلق النار علينا، فكلنا أطلقت النار عليه. لا يُسمع لنا فكلنا لا يسمع لنا. من الطبيعي إذا أرادت قيادة الجيش أن تسمع للكل لا تستطيع أن تقوم بوظائفها وواجباتها.

الخلاصة، أقول يا إخواننا:  تفضلوا لنرى كيف يمكن أن يلملم الوضع . بالأمس فخامة الرئيس دعا للحوار في الأسبوع الثاني من شهر حزيران. أنا أعلن باسم حزب الله رسمياً نحن موافقون على العودة إلى طاولة الحوار وسنشارك في طاولة الحوار وبلا شروط. (أقول لـ )  قوى 14 آذار إذا كان قلبكم حقاً على البلد، وكنتم خائفين وقلقين على البلد و لا تدرون بأي اتجاه سوف يذهب ، تفضلوا إلى الحوار بلا شروط،  لكن من يخرج ويقول يجب أن تستقيل الحكومة ويجب ويجب ... ثم نذهب إلى طاولة الحوار، هذا لا يريد الحوار، هذا يريد السلطة بأي ثمن.
أنا أدعو أيضاً أطراف طاولة الحوار إلى الاستجابة لطلب فخامة الرئيس، والمشاركة، وأن يجلس الناس ويتحاوروا ويتناقشوا، وأن نحاول أن نلملم الاحتقان من البلد بالطريقة التي تجعل التنافس السياسي أو الصراع السياسي محكوماً بأسقف وطنية سليمة.

يبقى الشيء الأخير الذي أود الالفات له، في ظل كل انشغالاتنا في الوضع الداخلي، طبعاً ما يجري من حولنا مهم، في سوريا، في مصر في الانتخابات التي نأمل أن ينتخب الشعب المصري (من خلالها) رئيساً لهذه المرحلة، لهذا التحدي، لهذا الموقع، البحرين، العراق، كل ما يحصل في المنطقة، المفاوضات النووية بين إيران و5+1، لكن أعيننا يجب أن تبقى جنوباً. حكومة الوحدة التي شكلت في الكيان الإسرائيلي يجب التوقف عندها. على الأعم الأغلب قراءتنا ودراساتنا تقول إن أسبابها داخلية، لها علاقة بتركيبة الحكومة والابتزازات والتهديد بسقوط الحكومة والتكتلات والكتل والانقسامات السياسية، بالأعم الأغلب، لها علاقة بالوضع الداخلي، أكثر مما  لها علاقة بموضوع حرب في المنطقة.

لكن هذا التحليل لا يعني على الإطلاق أن لا يتم استخدام حكومة قوية مدعومة من الكنيست بهذا الحجم بأي مشروع عدواني على لبنان أو على غزة أو على سوريا أو على إيران، هذا يجب أن يبقى في البال، ولذلك الرد هو استمرار اليقظة واستمرار الجهوزية وعدم الغرق في المسائل الداخلية. يجب أن تبقى العيون والآذان والعقول مفتوحة والأيدي جاهزة لأي احتمال من هذا النوع.

وأنا أقول لكم هذا البلد إن شاء الله كما حررتموه بدمائكم الزكية، بفلذات أكبادكم، بقادة كبار كالشهيد السيد عباس والشيخ راغب والحاج رضوان وشهداء قادة من حركة أمل ومن كل الأحزاب والقوى وفصائل المقاومة اللبنانية والفلسطينية، كما استعدنا سيادتنا وحريتنا وكرامتنا وأرضنا وأسرانا بعزة وبتضحيات وبجهاد، نحن إن شاء الله سنحمي هذا البلد وسنحمي هذا الجنوب، سنحمي عيشه المشترك وسلمه وعلاقات عائلاته الروحية، وسنحمي الجنوب الذي هو الجبهة المتقدمة لحماية لبنان، والذي كان أيضاً في الـ 2006 الجبهة المتقدمة لحماية المنطقة كلها من مشروع شرق أوسط جديد، وإن شاء الله معكم، بحضوركم، بصبركم، بإيمانكم، بشجاعتكم، بحكمتكم، لن يكون هناك إلا أعياد وإنجازات وانتصارات.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
26-أيار-2012
استبيان