المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله حذر العرب من حضور مؤتمر الخريف: مناورات العدو تبعث على الخشية من حرب قادمة على لبنان وسوريا


وطنية - 2/11/2007
ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله, خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية: "لا يزال فريق التفاوض الاسرائيلي يدخل الجانب الفلسطيني في متاهات سياسية، ويريد من الفلسطينيين تطبيق خريطة الطريق بكاملها، في حين تنتقي إسرائيل ما تريده منها لتطبيقه على ضوء مصالحها، ولا سيما أنها أضافت إليها شروطا تمنع من حصول الفلسطينيين على نتائج كبرى مما يطرحه الفلسطينيون في شعاراتهم الوطنية.
وفي جانب آخر، يطرح نائب رئيس وزراء العدو ضرورة إجراء تبادل سكاني يضمن غالبية يهودية للكيان العبري، متمسكا ببقاء شرقي القدس والحرم الشريف تحت السيادة الإسرائيلية، واعترض على حق اللاجئين في العودة، وعلى فتح الممر الآمن بين الضفة والقطاع، ودعا إلى أن تؤكد التسوية الطابع اليهودي والصهيوني لإسرائيل؛ وهذا مما وافق عليه الرئيس الأمريكي في مرحلة سابقة".

اضاف:" على هذا الأساس انطلقت الخطة الإسرائيلية لتدعو كل يهود العالم للمجيء إلى فلسطين، من أجل أن لا يبقى للشعب الفلسطيني أي فرصة للامتداد في أرضه، أو للعودة إلى قراه ومدنه. والسؤال الموجه للعرب الذين يبشر بعضهم، ممن يقيم علاقات دبلوماسية مع الكيان الغاصب، بانعقاد المؤتمر الدولي: ما هي الأوراق التي يملكها هؤلاء، وغيرهم، التي يمكن أن تقوي موقعهم في مفاوضات المؤتمر، في الوقت الذي يعرفون فيه أن مبادرتهم "البيروتية" لا تمثل شيئا لدى إسرائيل وأميركا كقاعدة للحل وكمنطلق للسلام، وأن الأهداف التي تعلن عنها السلطة الفلسطينية في تحقيق دولتها لا تمثل دولة قابلة للحياة أمام المستوطنات الكبرى والجدار العازل ومصادرة القدس والسيطرة على المياه".

وتابع:" ومن الطريف أن بعض المسؤولين العرب الذين لم يصالحوا العدو حتى الآن ويعلنون أنهم سيحضرون المؤتمر، يبررون حضورهم بأنه كحضورهم في الأمم المتحدة وفي المؤتمرات الدولية مما لا يمثل تطبيعا مع العدو, ولكنهم يعرفون أنهم يخدعون أنفسهم قبل أن يخدعوا الناس بهذا الوهم السياسي, لأن هذا المؤتمر خاص باللقاء مع الكيان العبري، وبإيجاد حالة توافقية تطبيعية ولو من حيث المبدأ، ولكن من دون أن يحصلوا على أي مكسب سياسي لمصحلة القضية العربية والفلسطينية".

وكرر آية الله فضل الله تحذيره للعرب من حضور هذا المؤتمر، ولا سيما بعد أن سمعنا بعض المسؤولين الكبار يشكك في نجاحه, لأن الشروط المطلوبة للنجاح غير موجودة في داخله, مما يجعل الحضور العربي خاضعا للضغط الأميركي والابتزاز الإسرائيلي".

اضاف:" ومن جانب آخر، لا تزال إسرائيل تمارس العقاب الجماعي ضد الشعب الفلسطيني، ولاسيما المدنيين في غزة، وتمنع عنهم ـ جزئيا أو كليا ـ المحروقات والكهرباء, وقد انطلقت الاعتراضات على ذلك من أكثر من دولة أوروبية وغير أوروبية، ما عدا الدول العربية، ولكن من دون أي محاولة للضغط عليها لإيقافها عند الحدود الإنسانية في الحقوق المدنية".

"ويتساءل بعض العرب: لماذا لم تبادر الحكومة المصرية لإنقاذ الشعب الفلسطيني في غزة بتزويده بالمحروقات والكهرباء والحاجات الضرورية؟ وكيف تفسر مثل هذا الجمود الإنساني العربي؟ هذا كله فضلا عن القصف الصاروخي، بالمدفعية والطيران، للمواطنين في غزة، إضافة إلى الاعتقالات والاغتيالات في الضفة".

وقال:" وعلى صعيد آخر، بدأ العدو مناورات واسعة في منطقة الجليل قرب الحدود مع لبنان، يشارك فيها كل فروع جيشه وأسلحته، مما يخشى من أنها تخطط لحرب قادمة على لبنان وسوريا، ولا سيما أنه لم يصدر عن مجلس الأمن قرار بوقف إطلاق النار، بل اكتفى في القرار 1701 بوقف الأعمال العسكرية. ولم تحرك القوات الدولية أو الدولة اللبنانية ساكنا، أو تبدي استعدادا حذرا أمام ذلك. ومع ذلك، يبقى الصراخ لدى بعض اللبنانيين الذين يتحدثون عن الحرية والسيادة والاستقلال، بالدعوة إلى نزع سلاح المقاومة، بحجة أنها تسيء إلى موقع الدولة التي لا تملك خطة استراتيجية للدفاع عن لبنان، ولاسيما أن الولايات المتحدة الأميركية ترفض تسليح الجيش اللبناني بالمستوى الذي يملك فيه موقع القوة".

اضاف:" ويبقى الملف النووي الإيراني يثير الجدل على المستوى الدولي، في المطالبة الأميركية والأوروبية والإسرائيلية بإيقاف تخصيب اليورانيوم, بحجة أن هناك خطرا من تخطيط إيراني لصنع القنبلة النووية، في الوقت الذي تؤكد فيه وكالة الطاقة الذرية بأنه لا دليل على أن إيران تهدف إلى صنعها، وهذا مما لم يرتح له أعداء إيران الذين يرفضون أي كلام جدي حقيقي حول الواقع الذي يتمثل في الخط السلمي للملف النووي, لأن المسألة التي تهم الغرب هي منع إيران والمنطقة من امتلاك القوة التي تساهم في تطوير اقتصادها، وفي تقوية قدرتها على الدفاع عن نفسها من خلال الخبرة العلمية الذاتية التي تجعلها في غير حاجة إلى دول أخرى. ومن الطريف أن كيان العدو الذي يملك أكبر ترسانة نووية تهدد المنطقة العربية والإسلامية تقوم بأكثر من جولة، في روسيا والصين وأوروبا، من أجل تحريكها ضد الملف النووي الإيراني وفرض العقوبات الاقتصادية، كما لو كانت إسرائيل دولة سلام".

وتابع:" حاولت إيران أن تواجه الحملة عليها بطريقة عقلانية متوازنة، على لسان وزير خارجيتها، بأن هناك خيارين بالنسبة إلى واشنطن، الأول هو التفاهم، والثاني هو المواجهة، وأن إيران تفضل الخيار الأول، وكذلك المجتمع الدولي، معتبرا أن العقوبات الأميركية الأخيرة لن تحل مشكلات واشنطن، وستجعل الولايات المتحدة أكثر عزلة".

وتطرق الى الوضع في لبنان وقال:"اما لبنان، فإن الخلافات الداخلية عميقة، والمواقف المعلنة التي توحي أن الخارج ينتظر التوافق بين اللبنانيين هي أقنعة للمواقف الحقيقية التي تضع العراقيل أمام توافقهم، وتجبرهم على انتظار التوافق الإقليمي والدولي على ملفات عدة في الشرق الأوسط تتجاوز الاستحقاق الرئاسي. وليس أصعب من التوافق الداخلي سوى التوافق الخارجي".

اضاف:" ولعل المشكلة في لبنان أن الأزمة الحاضرة، في كل تفاصيلها وتعقيداتها, سواء في حكومة الوحدة الوطنية أو في الاستحقاق الرئاسي أو في الحوار المسيحي المسيحي، والمسيحي الإسلامي، وفي استعادة الثقة بين الأحزاب والشخصيات السياسية والطائفية، دلت على أن اللبنانيين لا يستطيعون حل مشاكلهم بعيدا عن الوصاية الخارجية التي يعترف بها البعض، وينكرها البعض الآخر. هذا، مع ملاحظة، وهي أن حصول انتخاب الرئيس في موعده لن يحل الأزمة, فهناك الكثير من الأزمات المعقدة التي لا يملك الرئيس الجديد، ولا المؤسسات الأخرى، النجاح في حلها على أساس استقرار الوطن كله، بل سوف يبقى الاهتزاز السياسي الذي قد تتحرك أزمة المنطقة لتحوله إلى اهتزاز أمني لا سمح الله".
وختم: "يبقى الوضع الاقتصادي والمعيشي للناس يعاني أكثر من مشكلة خانقة، في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية، وارتفاع الأسعار، وانخفاض المداخيل، وسقوط الطبقة المتوسطة، وفقدان التوازن في التعويض على الناس الذين هدمت بيوتهم، واهتزت أو دمرت مصانعهم وتجاراتهم بفعل العدوان الإسرائيلي، حيث نجد هناك حركة سلحفاتية في عملية الحل لهذه المشكلة، إضافة إلى بعض التعقيدات السياسية. فهل يجد الناس الفرح في الرئيس الجديد، أو أن الأزمة سوف تستمر معه كما كانت دونه؟".

02-تشرين الثاني-2007
استبيان