أقامت مؤسسة الشهيد حفل تخريج ابناء شهداء المقاومة الاسلامية الثالث تحت عنوان "جيل الشهيد علي أحمد عنيسي" في قاعة شاهد بمدرسة المهدي -طريق المطار-، برعاية الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله الذي كانت كلمه له في الحفل بدأها بتوجيه التحية لأرواح الشهداء، ليؤكد سماحته بعد ذلك أننا "نواجه اليوم حرباً من نوع آخر تتمثل بالحرب الناعمة التي تديرها الادارة الاميركية". وأضاف سماحته"إن من يدير الحرب الناعمة ذهب ليبحث عن سر القوة لدينا بعدما عجزوا عن اجتياح ارضنا لذلك ذهبوا ليجتاحوا عقولنا وافكارنا وثقافتنا كي لا يكون عندنا رجال كعلي واحمد عنيسي".
وتابع سماحته إنهم"يخافون من منظومتنا الفكرية ولذلك هم يعملون للقضاء على هذه المنظومة لانه اذا ذهبت قيمنا فلا نفع بعد ذلك لا بسلاح ولا بالعتاد". وأشار إلى أن هناك وسائل إعلام وفضائيات تعمل على مدى 24 ساعة لتشويه قيم المقاومة والشهادة وكل قيمنا فقط للقضاء على منظومتنا الفكرية والمقدسات التي نؤمن بها". لافتا إلى أننا نحتاج الى مقاومة من نوع آخر مقاومة فكرية ثقافية للحفاظ على قيمنا وايماننا لانه سبب قوتنا وانتصارنا. مجددا التأكيد انه ولى زمن الهزائم وبدأ زمن الانتصارات الذي لن يقف عند حدود".
تفاصيل كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال تكريم أبناء الشهداء الذي أقامته مؤسسة الشهيد في قاعة مجمع شاهد طريق المطار.
(...) هناك من يقول اليوم، إنَّهم في حزب الله مأزومين، مربكين، لا يعرفون ماذا سيفعلون، أيامهم صعبة، من هذه السوالف. هم يقيسون على أنفسهم وعقولهم وقلوبهم ومعنوياتهم وخلفياتهم ومبانيهم الفكرية والثقافية والنفسية، لكن المقاومة غير ذلك. منذ بداية الانطلاقة المقاومة غير ذلك، ودائمًا كانت تعيش في الصعوبا، وتواجه الصعوبات.
في حرب تموز، كانت حرب كونية، اصطف العالم كله، لكن اليوم على الأقل هناك روسيا والصين في هذه الجهة ودول البراكس كلها أو أغلبها في هذه الجهة، لكن بشكل أساسي روسيا والصين من يملكان الفيتو في مجلس الأمن. وهناك دول إقليمية في هذه الجهة، وهناك دول في تلك الجهة، وهناك دول "لا بالعير ولا بالنفير". لكن في حرب تموز حتى روسيا والصين ومجلس الأمن، دول البراكس، دول الثمانية، الدول العشرين، كلهم أصدروا بيانات وأدانوا المقاومة في لبنان وحملوها مسؤولية ما يجري، وغطوا الحرب العدوانية التي كان هدفها سحق هذه المقاومة في لبنان، وافترض البعض أنَّ المقاومة تلفظ أنفاسها الأخيرة وهي كانت في أعلى مرحلة من مراحل التجوهر وتلألأ هذه الأنفاس الطيبة والمباركة.
كثيرون ظنوا أن المقاومة تبكي على أيامها الأخيرة في الوقت الذي كانت تتحدث فيه المقاومة عن الانتصار التاريخي وعن إلحاق الهزيمة بالعدو.
اليوم، أنا أحب أن أطمئن القلقين علينا في هذه المناخات الموجودة في المنطقة، لا ، المعركة الآن مختلفة. الظروف والمعطيات المحلية والإقليمية والدولية لا يمكن أن تقاس بما كان عليه الوضع في حرب تموز، لا وضع الصديق ولا وضع العدو، ولا طبيعة التحالفات ولا طبيعة الظروف. نعم، المنطقة كلها تعيش ظروف صعبة وقاسية، ولكن الأمر مختلف.
اليوم تشن علينا حرب ناعمة وكبرت هذه الحرب بعد حرب تموز. كل ما نؤمن به ونحترمه ونقدسه ويشدنا إلى الأمام ويقوينا ويملأ قلوبنا وأرواحنا بالطمأنينة يريدون إسقاطه وتدميره وتشويهه. كل مقدس ننظر إليه بقداسة يريدون إسقاطه، وبالتالي مطلوب أن نتخلى عن كل هذه القيم والمفاهيم لأننا إذا تخلينا عنها لا يعود هناك نفع لا للصاروخ ولا للمدفع ولا للتنظيم.
اليوم للأسف الشديد، هناك مليار و400 مليون مسلم والقدس محتلة والمسجد الأقصى محتل والآلاف في السجون، والإسرائيلي يهدد بهدم ثماني قرى فلسطينية جديدة وأميركا تنهب خيارتنا وتستبيح بلادنا ومقدساتنا ولا احد يحرك ساكناً.
بعد حرب تموز هناك وسائل إعلام وفضائيات ينفق عليها عشرات ملايين الدولارات "شغلتها 24 ساعة " أن تطعن وأن تشوه وأن تحطم وأن تدمر كل المقدسات والقيم التي تؤمنون بها.
آلاف مواقع الانترنت، صحف ومجالات وكتّاب، اليوم المطلوب هو أن نشتم ونشتم ونشتم وأن تشتم هذه القيم. وفي السياق نفسه، اليوم ما يجري في لبنان في كثير من المناطق، هذه الفوضى ، هذا القتل الذريع، هذا الإفقار؟ أنا أقول هذا إفقار متعمد من حكام، كثير من هؤلاء الحكام أدوات صغيرة وحقيرة عند الأميركي، إفقار متعمد لأنه "ما ذهب الفقر إلى مكان إلا وقال له الكفر خذني معك"، إفقار متعمد حتى تبقى شعوبنا العربية والإسلامية تبحث عن لقمة العيش وعن الخبز.
قد يسأل البعض: مولانا لماذا لا تحدثنا عن سلسلة الرتب والرواتب، عن إضراب الموظفين في الدولة، عن غلاء الأسعار؟ المطلوب أن ننشغل بهذه الأمور. المطلوب في العالم العربي والإسلامي أن نبقى لاهثين وراء لقمة الأكل وشربة الماء والغرفة التي نسكن فيها والكهرباء ؟ هذا مطلوب أصلاً. هذا متعمد، وصولاً إلى تدمير بيئتنا اجتماعياً وأخلاقياً. هذا عالم المخدرات ليس بالصدفة. هذه الأفلام الإباحية التي تباع على الطرقات بأسعار زهيدة وتافهة. هناك من يمّول هذه الأفلام. المطلوب أن يأتي يوم لا يكون الولد مع أبيه على المنصة الصاروخية وإنما والعياذ بالله أن يكون في الكباريه أو في غرف الليل وليس من جملة اهتماماته لا الجنوب ولا لبنان ولا فلسطين ولا القدس ولا الكرامة ولا العزة. المهم شهواته وترفه، هذه هي الثقافة الغربية.
انظروا إلى مستويات القتل والاغتصاب والجرح والنهب في المجتمعات الغربية! ومع ذلك بين الفترة والأخرى يسلط الأضواء على بعض الأحداث في لبنان. لبنان الآن على الرغم من كل ما فيه وكل ما يجري الحديث عنه هو أكثر أمناً من واشنطن ومن نيويورك.
نحن هنا نحتاج إلى مقاومة لهذا التحدي، مقاومة من نوع آخر، مقاومة فكرية، ثقافية، أخلاقية، روحية، نفسية، حتى يبقى إيماننا هذا ، لأن هذا الإيمان هو سبب خلاصنا وقوتنا وفوزنا في الدنيا والآخرة. طبعاً، هذا يعود بدرجة أساسية إلى إرادتنا وإلى عزمنا وليس فقط بالفهم والمعرفة.
هناك الكثير من الناس ضد إسرائيل والاحتلال مثلنا وترفض القتال وهم لديهم المعرفة والفهم لكن لا يريدون القتال، لذا نحن بحاجة إلى إرادة وعزم لعدم الاستسلام للحرب الناعمة وان نملك عزم وإرادة المواجهة.
وتوجه سماحته في ختام كلمته الى ابناء وبنات الشهداء بالقول "اباؤكم الشهداء اختاروا الله فلم يفقدوا شيئا وقد اختاروا الاخرة فكانت لهم وتركوا لنا ولكم عزيزة، تعالوا ليكون اختيارنا ما اختار اباؤكم الشهداء وأجمل ما يمكن ان يقدمه الابناء للآباء في شهر الله العهد بنصرة الحق والتقوى.
كما توجه السيد نصر الله بالشكر الى"زوجات الشهداء اللواتي ضحين وتحملن المسؤولية وكن في غالبيتهن شابات وهنيئا لكن هذا الذخر الدنيوي وآمل ان تحافظن عليه ليكون ذخرا لكن في الآخرة، كونوا على ثقة انه امام هذه القلوب النيرة والارادات الصلبة ايا تكن الصعوبات اقول لكم ولى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات الذي لن يقف عند حدود".
تصوير موسى الحسيني