أنفاق غزة بين حملات الأمن المصري والحصار الإسرائيلي
خاص ـ غزة
أطلق الجيش المصري منذ أيام حملة واسعة تستهدف الأنفاق الأرضية المنتشرة على طول الحدود مع قطاع غزة؛ في خطوة وُصفت فلسطينياً بأنها مفاجئة، وتشارك في الحملة التي تتركز في المنطقة الشرقية لمدينة رفح؛ قوات مختلفة من الجيش وحرس الحدود والمخابرات، وتستخدم فيها حفارات خاصة ومعدات أخرى لم يتمكن العاملون في الأنفاق من تحديدها؛ غير أنهم أشاروا إلى احتمال وجود إشراف من أطراف أجنبية عبر بعض الوفود التي لوحظ حضورها المتكرر إلى المكان.
ويشكو "أبو أشرف" من "شراسة" الهجمة على الأنفاق التي توفر مصدر الدخل الوحيد لأسرته المكونة من أحد عشر فرداً؛ خاصة وأن الواقع الاقتصادي في القطاع ما يزال سيئاً بسبب استمرار الحصار الصهيوني المفروض عليه منذ سنوات، وأوضح "أبو أشرف" في حديثه لمراسل موقع "العهد" الإخباري أن الساعات القليلة الماضية شهدت انصراف غالبية العاملين في الأنفاق للمشاركة بعمليات ترميمها، ومحاولات التغلب على المياه العادمة التي أُغرقت بها على أيدي السلطات المصرية، ويتحدث سكان الشريط الحدودي عن أضرار فادحة لحقت بعدد من الأنفاق منذ بدء الحملة؛ الأمر الذي تسبب في حدوث تراجع كبير على صعيد عمليات إدخال البضائع والسلع إلى غزة.
وتشير أحدث الإحصاءات الخاصة بضحايا الأنفاق؛ إلى أن إجمالي من لقوا حتفهم على مدار السنوات السبع الماضية بلغ (236) فلسطينياً؛ في حين أصيب ضعف هذا العدد في غارات جوية للاحتلال، وعمليات التفجير والهدم، فضلاً عن استخدام الغازات السامة من جانب الأمن المصري؛ الذي غالباً ما يبرر خطواته بوجود تقارير عن استخدام الأنفاق في تهريب السلاح إلى داخل القطاع، واتخاذها وسيلة لفرار المطلوبين للعدالة بسبب تورطهم في عمليات ضد مواقع عسكرية في شبه جزيرة سيناء.
ودافع رئيس أركان القوات المسلحة المصرية الفريق صدقي صبحي خلال مقابلة متلفزة عن الحملة الجارية الآن بالقول :"إن بلاده لن تقبل باستخدام هذه الأنفاق لتهريب السلاح، وهي تتعاون مع "إسرائيل" لتأمين حدودهما المشتركة"، على حد تعبيره، وربط مراقبون بين الخطوة المصرية؛ وبين ما تشهده القاهرة من لقاءات منفصلة تجمع المسؤولين هناك بقادة من حركة "حماس"، وبممثلين عن حكومة العدو.
وشدد الكاتب والمحلل السياسي أكرم عطا الله على أن مصر لم تكن لتسمح بوجود الأنفاق لولا إدراكها بأن الوضع الذي يعيشه أهالي غزة إبان فرض الحصار كان صعباً وقاسياً؛ لكنها اليوم وهي تتطلع على محادثات غير مباشرة بين من يدير القطاع وبين الاحتلال ربما تكون قد توصلت لمعطيات جدية لجهة رفع الحصار وفتح المعابر؛ وبالتالي لن تقبل بعد الآن بوجود أي منفذ غير رسمي.
ولم ينفِ عضو المكتب السياسي لـ"حماس" محمود الزهار إجراء مفاوضات بين الجانب المصري و"إسرائيل" تتعلق بتنفيذ اتفاقية المعابر، وضمان تنفيذ بنود التهدئة التي أعقبت عدوان "عامود السحاب" قبل أشهر.
وساعدت الأنفاق منذ وجودها على توفير جل ما يحتاجه الغزيون من سلع تموينية وغيرها من المستلزمات الأساسية التي خضعت -وما تزال- لسياسة تقنين مشددة من قبل الكيان؛ تحت ذرائع أمنية واهية.