قال نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، "يواجه لبنان تحديين كبيرين: خارجي وداخلي، أما التحدي الخارجي، فهو يتمثل بالمنظومة الأمريكية الإسرائيلية، والتي تتجسد أخطارها من خلال أمور ثلاثة: فرض الوصاية على لبنان، تعميم الاحتلال، ورسم خطوات التوطين في وطننا، وهذه الأخطار هي الدافع لكل الأعمال والسياسات والمؤامرات والضغوطات التي مورست على لبنان خلال عشرات السنين السابقة ولا زالت حتى الآن".
الشيخ قاسم، وخلال لقاء سياسي مع المهندسين، نظمته وحدة المهن الحرة في حزب الله في مطعم الساحة، نبّه من المخطط الصهيوني، مضيفاً "الاحتلال هو خطر خارجي جاثم يهدد لبنان، وهو مستمر طالما أن "اسرائيل" موجودة على الحدود، وهي تعبِّر دائماً عن رغبتها بالسيطرة والاحتلال وتوطين الفلسطينيين في لبنان لأنها ترفض حق العودة لهم، كما أنها لا تريد عدداً فلسطينياً ينافس عدد الإسرائيليين في الداخل الفلسطيني، ولذلك فإن التوطين خطر حقيقي".
نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم
وتابع سماحته "أما التحدي الداخلي فيتمثل بالحسابات الطائفية ومحاولات الاستئثار، وهذا التحدي له علاقة بتركيبة لبنان وطبيعة التوزيع الطائفي والقوى السياسية الموجودة فيه والتاريخ الذي أسس واقعاً معيَّناً. نحن كحزب الله أعلنا بوضوح أننا نقبل بالطائف والميثاق الوطني ونحتكم للدستور"، داعياً اللبنانيين إلى الاحتكام إلى قواعد الدستور في تنظيم العلاقات الداخلية وتوزيع السلطات ومحاسبة المرتكبين.
الشيخ قاسم قال "أتحدى أن يأتوا لنا بدليل واحد قمنا فيه بمخالفة عمل المؤسسات أو بمواجهة خطوات دستورية بطريقة أو بأخرى تخالف ما تسالمت عليه القوانين والإجراءات المعروفة، لكن طبعاً هم دائماً يحاولون اتهامنا بالكلام والشتائم، أما الدليل فليس هناك أدلة لديهم. نحن قلنا بأننا منفتحون على كل حوار، ولو أدى هذا الحوار إلى نقاش مسلِّمات موجودة في الدستور، وليمتلكوا الجرأة إذا أرادوا أن يطرحوا بعض النقاط للنقاش، لماذا هناك حرمة على نقاش بعض بنود الدستور؟"
ولفت إلى "أننا لا نقبل القمع الفكري والسياسي في ترتيب البيت اللبناني، وقد أعلنا مراراً وتكراراً بأننا مع المناصفة، وقال غيرنا بالمناصفة أضعافاً مضاعفة عما قلناه إلى درجة أنهم تفوقوا علينا بالحديث عن المناصفة بمراحل، لكن كنا نقول بالمناصفة ونعمل لها ونقدم مقترحات تنسجم معها، وكانوا يعلنون المناصفة، ومن فلتات ألسنة بعض أفرادهم كانت تخرج التعابير المتململة من المناصفة بحجة العدد في لبنان والمنطقة، الناس تسمع والناس ترى".
وأكد الشيخ قاسم أن المناصفة ليست أغنية بل سلوك، المناصفة ليست خطبة رنانة بل مشاريع، وهي ليست عبارة عن كلمات ودية مع الطائفة الأخرى بل اتفاقات تُترجم على المستوى العملي في القوانين والمراسيم والإجراءات التطبيقية، وتابع: نحن طمأنا المسيحيين بما لا يقبل الشك، وكانوا دائماً يعتبرون أننا نحن الذين نخيفهم، فتبيَّن أننا نطمئنهم أكثر من أي فريق في داخل البلد لأننا صادقون في ما نقول، ولأننا لا نقول شيئاً ونخفي شيئاً آخر.
نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم
وشدد على "أننا أعلنا ونعلن بأننا لا نمثل الطائفة القائدة في لبنان ولا نمثل المذهب القائد في لبنان، ولا نقبل أن تكون هناك طائفة قائدة أو مذهب قائد في لبنان، لبنان للجميع، ونتساوى بحسب القانون، ولنا حقوق وواجبات متعادلة ومتكافئة. إذا رأيتم قوة حزب الله في الساحة، فقوته السياسية ناشئة من تأييده الشعبي، قوة حزب الله من أطروحته السياسية والقناعات التي يطرحها، نحن مثَّلنا الناس في المجلس النيابي من خلال صناديق الاقتراع، وقبلنا نتائج هذه الصناديق عندما ربحنا كما قبلنا نتائجنا عندما خسرنا لأننا نعتبر أن هذه البوابة هي البوابة الصحيحة للتمثيل الشعبي، وليختر الناس ما يريدون وهم يتحملون مسؤولية خياراتهم، ولا يستطيع أحد أن يقرِن هذا الحضور السياسي في الداخل لا بالمقاومة ولا بسلاحها ولا بعناوين أخرى، لأننا قررنا طائعين أن نُبقي المقاومة في مسار وأن تكون الخطوات السياسية في مسار آخر".
وذّكر بأن المقاومة التي انتصرت على "اسرائيل" لم تستثمر يوماً نصرها في السياسة، "لأننا في نهاية المطاف أصحاب مشروع يريد أن يطرح رؤية سياسية ومقاومة، من موقع فهم إيماني أصيل لا يشابه الآخرين ولا يقلدهم، وإنما يطرح مشروع نهضوي يساعد على نقل الناس من حالة الإحباط والفوضى إلى حالة الاستقامة والعمل الصالح"، وقال "بكل براعة فصل حزب الله وبقناعة بين مواجهة التحدي الخارجي عن طريق المقاومة ومواجهة التحدي الداخلي عن طريق التمثيل الشعبي، لم نستخدم موقعنا المقاوم لتحسين تمثيلنا الشعبي، ولم نستغل إمكاناتنا وقدراتنا المقاومة لإيجاد غلبة في الداخل السياسي، وهذا مكشوف أمام الجميع. طبعاً لن يصدق البعض أن حزباً متديناً صادقا مخلصاً يكون له هذا الشرف في الريادة في بلد تسود فيه الاحتيالات والمواربة والعمالة، لقد هالهم ذلك، لكن نحن نريد أن نثبت معادلة أن الصدق هو الذي يصنع المستقبل والدماء هي التي تصنع الأوطان، والعمل السياسي الشريف هو الذي ينهض بالبلد، خلافاً لكل الأطروحات الأخرى التي يضحكون بها على الناس ويبتزونهم من خلالها".
وأوضح أن السلاح جزء من المقاومة، والمقاومة بنشأتها واستمراريتها مقاومة دفاعية في مواجهة العدو الاسرائيلي، نحن ندافع عن أنفسنا وعن بلدنا، نحن من يجب أن نسأل الآخرين لماذا لا يدافعون، وأين تضحياتكم في حماية الحدود وطرد المحتل. راجعوا حساباتكم وانظروا كيف تعملون، وتابع "نحن مستمرون بمواجهة التحدي الخارجي والتحدي الداخلي اللذين يواجهما لبنان بهذه المنهجية الصادقة والمضحية، والمستقبل هو الذي يبيِّن والآتي أفضل إن شاء الله تعالى".
ورأى سماحته أن البعض يريد أن يحسِّن موقعه الداخلي بالاستقواء الخارجي، ظنًّا منه أن العلاقات مع الدول الكبرى والدعم الذي يأتي منها سيؤدي إلى تغليب قوى سياسية على قوى سياسية أخرى، هذا وهم، فقد ولى الزمن الذي تؤثر فيه القوى الخارجية في تغيير المعادلة الموجودة في لبنان، فحصة كل جهة سياسية هو مقدار تمثيلها الشعبي في البلد، بل البعض لن يستطيع استثمار هذا التمثيل الشعبي عندما يُخطئ في كيفية توجيهه والتعاطي معه.
وتوجه الى هؤلاء بالقول "الأزمة السورية طويلة ولن تجنوا إلا الخيبة من الموقف من هذه الأزمة، كفاكم انخراط في هذه الأزمات فأنتم أصغر منها، وهل تعتقدون أنكم قادرون على مواجهة هذه الرياح الدولية الكبرى التي تأكل الأخضر واليابس، اهتموا بوطنكم ومواطنيكم ومشروعكم الداخلي، حاولوا أن تنجحوا بدون الاتكاء على التطورات الخارجية، واعلموا أن المعادلة السياسية في لبنان هو أمر محليٌّ بامتياز أولاً، وإذا كان البعض يظن أنه يستقوي بالخارج ليعدِّل موقعه السياسي فهو مخطئ. جرت محاولات كثيرة لإسقاط المقاومة وتعطيلها وإفشالها، لكن هذه المحاولات فشلت، وأقول لهم: إذا كان العدو الأصلي قد فشل في مواجهة المقاومة فهل سيتمكن بعض اللاهثين وراء بعض المنافع من عدو أن يحققوا ما عجز عن تحقيقه. هذه المقاومة وقفت لتبقى واقفة، ونجحت لتبقى ناجحة، وستستمر في مواجهة كل التحديات مهما صعُبت أو كبُرت، وسنبقى في الميدان بكل قوتنا وطاقتنا، وواثقون أننا منتصرون في كل مواجهة مع العدو الإسرائيلي إن شاء الله".