غزة
منذ العام 1980 وعائلة الشهيد "أنيس محمود دولة" من مدينة قلقيلية الى الشمال من الضفة الغربية، تعيش على أمل تسلم جثمانه ودفنه في مقبرة العائلة بما يليق بالشهيد وكرامته ووفقا للتقاليد الإسلامية...مات الأب والأم ولم يعد "أنيس" إلى تراب بلده وبقي قبره مفتوحا إلى هذا اليوم.
الشهيد أنيس محمود دولة
ومع إعلان إطلاق حملة استرداد جثامين الشهداء والتي أطلقها مركز القدس لمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، عاد الأمل من جديد لدى أفراد العائلة بتحقيق وصية الشهيد وأمه وأبيه بدفنه كما يستحق، وبالفعل قامت العائلة بتقديم استئناف لمحكمة الاحتلال العليا وطوال عامين ويزيد بقيت المداولات معلقة.
وكانت الصاعقة التي نزلت قبل أيام بإلغاء هذه المحكمة قرار الاستئناف المقدم من العائلة ورد الدعوة بحجة استنفاذ الجهات الأمنية الإسرائيلية سبل البحث عن جثمان الشهيد أنيس محمود دولة، وتعهدت بإرجاع الجثمان حال عثورها عليه مستقبلاً.
حاله خاصة...
يقول محامي العائلة هيثم الخطيب أنّ "المحكمة العليا" أصدرت قرارها بشطب الالتماس لأنه بعد فترة طويلة جدا على استشهاد الشهيد أنيس دولة (أكثر من 30 عاما) وعلى ضوء نتائج البحث لدى السلطات المختلفة منها جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك"، وقيادة جيش الاحتلال، والشرطة، وإدارة مصلحة السجون، ومؤسسة التأمين الوطني، فإنه لن تكون هناك فائدة من إصدار أمر من المحكمة لصالح عائلة الشهيد.
وكان الشهيد دولة اعتقل إثر معركة خاضها ورفاقه في منطقة الأغوار في 30/6/1968، وحكمت عليه المحكمة العسكرية الصهيونية بالسجن المؤبد مدى الحياة، وبقي أسيراً في سجونها إلى أن ارتقى شهيداً في سجن عسقلان في 31/8/1980 إثر تدهور حالته الصحية.
وبحسب المحامي الخطيب، فأن قضية الشهيد أنيس دولة، هي حالة خاصة، حيث تجتمع في حيثياتها عدة قضايا منها قضية الأسرى وظروف معاناتهم في الأسر، ومِن جِهة أخرى قضية الاحتفاظ بجثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب في مقابر الأرقام، وأيضا في سياقها تَثير تساؤلات عن دور الصليب الأحمر في مثل هذه القضايا.
إصرار على معرفة مصيره
هذا القرار رفضته العائلة وأكدت تمسكها باسترداد جثمان أبنها ودفنه كما يقول شقيقه حسن دولة:" نحن مستمرون بمطالبتنا بالكشف عما حل بجثمان شقيقي أنيس، ومن حقنا معرفة مصيره ودفنه وتكريمه".
وتابع دولة:" توفيت أمي وهي تحلم بدفنه وتكريمه، بعدما حرمت من توديعه وإلقاء النظرة الأخيرة عليه، ونحن متمسكون بحقنا باسترداد جثمان أخي ودفنه وزيارة قبره يومياً، وهذا أبسط الحقوق الإنسانية التي نطالب بها".
وقال دولة أن العائلة لم تعد تعلم شيئاً عن الجثمان منذ أن ارتقى أنيس شهيد إثر سقوطه في ساحة الفورة في سجن عسقلان بعد إضراب عن الطعام دام أكثر من ثلاثين يوما، ثم نقل إلى مشرحة أبو كبير في مدينة تل الربيع المحتلة، بهدف تشريحه لمعرفة أسباب الوفاة التي لم تعلن نتائجها على الرغم من إصدار الصليب الأحمر بيانات ووثائق أكدت استشهاده وخضوعه للتشريح.
وأضاف:" فقد جثمان شقيقي من وقتها ويبدو أن الاحتلال أرسل جثمانه لإحدى المعاهد الطبية التعليمية أو استأصلت أعضاءه ومنحت للمرضى من جنود الاحتلال كما لمح قادة الاحتلال سابقا".
جريمة مركبة ...
من جهته وصف رئيس نادي الأسير قدورة فارس أن قرار المحكمة العليا للاحتلال بالجريمة المركبة، حيث تنفي "إسرائيل" وبعد 30 عاما تنفي وجود جثمان لشهيد، ولم تكتفي فقط بجريمتها وهي القتل بل أخفت جثمانه ولم تسمح حتى بدفنه واحترام كرامة الميت ودفنه وفق الشرائع الدينية.
ورجح فارس ما ذهب إليه شقيق الشهيد بإن تكون دولة الاحتلال قامت ببيع أعضاء الشهيد أو استعمالها في المختبرات العلمية والطبية في المعاهد، مؤكدًا أن هذا مؤشر جديد على انحطاط أخلاقي وقيمي لدولة الاحتلال واستخفاف بالمواثيق والقوانين والاتفاقيات الموقع عليها.
شقيق الشهيد أنيس محمود دولة
وأشار فارس إلى أن قرار العليا للاحتلال الذي يفيد بأنه "لن تكون هناك فائدة من إصدار أمر من المحكمة لصالح عائلة الشهيد قد يمنح قيادة الاحتلال إمكانية التنصل من مسؤولياتها تجاه هذه الجريمة كما أنها محاولة يائسة في إيصال رسالة للشعب الفلسطيني عامة وذوي الشهد خاصة بنسيانه والإيقاف عن المطالبة بالإفراج عن جثمانه الأمر الذي يسقط عنهم بالتقادم ارتكاب هذه الجريمة، ويحصنهم من الملاحقة دوليًا.
وطالب فارس مجددًا أن تكون هناك لجنة دولية لتحقيق في سلسلة من الجرائم ارتكبت بحق الأسرى وأن تتحمل مؤسسات حقوق الانسان والمنظمات الدولية مسؤوليتها القانونية والأخلاقية تجاه الجريمة "الإسرائيلية" البشعة، وملاحقة ومحاسبة قادة "إسرائيل" الذين ارتبكوا جرائم مبرمجة بحق الحركة الاسيرة والتي كان أخرها الشهيد عرفات جرادات.