أثار الاعتداء الآثم الذي تعرض له الشيخان من دار الفتوى مازن حريري وأحمد فخران في الخندق الغميق، والشيخان حسن عبد الرحمن وعدنان أمامة في الشياح، من قبل بعض الشبان الموتورين، موجة استنكار واسعة من قبل الاحزاب والتيارات والشخصيات السياسية الوطنية، لا سيما وأن هذا الاعتداء مسّ كل لبناني شريف، بمعزل عن انتمائه المذهبي.
"أمل" وحزب الله: لملاحقة الفاعلين وتوقيفهم ومحاسبتهم "لأي فئة انتموا"
وفي طليعة الاطراف السياسية المنددة بالحادث، حركة "أمل" وحزب الله اللذان استنكرا بشدة التعرض للمشايخ ووضعا الاعتداء في خانة السعي الى إثارة الفتنة، وطالبا الجهات الامنية والمختصة بملاحقة الفاعلين وتوقيفهم ومحاسبتهم "لأي فئة انتموا"، فيما ندد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني بالاعتداء، "ان لبنان مستهدف ومراد ادخاله في الحريق الذي دخل الى المنطقة". وقال: "نحن في بداية الحريق ولا يظنن احد انه لن يصل الى لبنان. لبنان سوف يشتعل بأيدي الداخل والخارج، انها مؤامرة وعلينا النأي بهذه الفتنة، فهي في بدايتها".
وأضاف المفتي قباني "اقول للقيادات الشيعية السياسية والعسكرية انها مسؤولة عما حصل، والقيادات السنية ايضا مسؤولة عما حصل وكذلك القيادات اللبنانية كلها، لان ما حصل هو نتيجة الحرب السياسية والخطاب المتوتر"، واعتبر ان هؤلاء ان "كانوا حشاشين يسرحون في الشوارع من اي طائفة او انهم متهمون بالحادثة، يجب ان ترفع الطائفة الشيعية وقياداتها السياسية والعسكرية الغطاء عنهم". وقال: "اقل ما نرضى به ان يدينهم التحقيق وينالوا جزاءهم، فنحن امة لا نقبل ان يهان علماؤنا".
وحذر بعض القيادات السنية "التي تقف وراء التعدي على مفتي الجمهورية لاسقاطه"، وقال: "ألا أسقطهم الله، فهم الذي شجعوا المحششين على الاعتداء على العلماء فكفى مهزلة من بعض اهل السنة الذين يحاربون المفتي لاسقاطه وللنيل منه وهؤلاء ينبغي ان يعاقبوا مثلما يعاقب هؤلاء الحشاشون. لبنان ضحية بين ايدينا ونحن لا نستحقه"، واعتبر ان "تهمة الحشيش سمعناها من قبل وتلصق بكل معتد حتى يخرج من السجن براءة".
وفي هذا الاطار، تلقى المفتي قباني اتصالا من رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس مجلس النواب نبيه بري ادانا فيه الاعتداء على اربعة من المشايخ العلماء من دار الفتوى وابلغاه بمساعيهما الحثيثة لمعرفة نتائج التحقيق مع المعتدين لوأد الفتنة في مهدها.
ميقاتي: الفتنة الطائفية والمذهبية لن تمر
بدوره، رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أكد "ان الفتنة الطائفية والمذهبية التي يسعى البعض لإحداثها لن تمر، لأن هناك ارادة وطنية جامعة بحماية لبنان وإفشال المؤامرات التي يعمل البعض على حبكها، معتبراً أن ما حصل ليل أمس يؤكد مجدداً ضرورة ان تعمد كل الاطراف في لبنان الى وقف الشحن والخطابات الانفعالية بدل محاولة التنصل من المسؤولية الجماعية في حماية البلد ورمي التهم جزافاً على الحكومة.
وتابع ميقاتي :"لقد كنا ولا نزال نعتبر ان الاوضاع الخطيرة في المنطقة وتداعياتها الحالية والمحتملة على لبنان لا يمكن مواجهتها الا بتلاقي جميع الاطراف مجدداً على طاولة حوار، من دون شروط، لسحب فتيل التفجير من الشارع، ومنع محاولات العبث بالامن الوطني والاستقرار في البلد، وجدد قوله "حمى الله لبنان من الفتن والشرور والهمنا جميعاً الحكمة والبصيرة لتدارك ما قد يحصل وصون وطننا واهلنا في هذا الظرف العصيب".
سليمان: لإنزال العقوبات الصارمة بحق مرتكبي الاعتداء
من ناحيته، جدد رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان استنكاره لهذا الاعتداء السافر، مطالباً بتحقيق العدالة في هذا الشأن، وطالب القضاء المختص التشديد بإنزال العقوبات الصارمة بحق مرتكبي الاعتداء ومحاسبتهم وفق القوانين المرعية الاجراء حفاظا على السلم الاهلي"، في وقت نفى وزير الداخلية مروان شربل، ان يكون المعتدون على المشايخ ينتمون الى اي فئة سياسية في لبنان، وأثنى على دور حركة أمل وحزب الله في التعاون الكامل لالقاء القبض على المعتدين الخمسة، داعياً إلى "ترك القضاء يقوم بالتحقيقات اللازمة لمعرفة من هو المحرض والمخطط".
الاعتداء كان موضع استهجان من الرئيس عمر كرامي الذي رأى "أن هذه الأعمال ليست وليدة المناخ التحريضي والانفلات الأمني في كل لبنان وحسب، وإنما هي حكماً تأتي في سياق المؤامرة المشبوهة التي تريد دفع هذا البلد الى أتون فتنة هي من أعمال الشياطين"، وأثنى على حكمة القيادات السياسية التي احتوت وتحتوي مثل هذه الأحداث بالحكمة والتأني، مشدداً على ان الحل الجذري لقطع دابر هذه الأعمال يكون باطلاق يد الجيش والقوى الأمنية الشرعية للضرب بيد من حديد وملاحقة وتوقيف كل من يساهم في نشر هذه المناخات السوداء التي لا تمت بصلة الى قيم المجتمع اللبناني، بكل طوائفه وعائلاته وتياراته".
وبينما ناشد كرامي اللبنانيين، مسؤولين ومواطنين، استنفار كل الروادع الأخلاقية والوطنية التي يمكن أن تجنبنا هذه الكوارث وتمدّنا بالمناعة اللازمة لمواجهة الأيام الصعبة"، استنكر رئيس الحكومة السابق سعد الحريري بالاعتداء الذي رأى فيه "وسيلة الى استدراج لبنان لفتنة كبرى يجب أن نحول دون وقوعها بكل ما نمتلك من جهود وامكانات"، محذراً "من مخاطر التحريض الطائفي والمذهبي"، وطالب السلطات القضائية والأمنية مسؤولية بكشف الخلفيات الحقيقية التي تقف وراء هذه الاعمال.
الرئيس سليم الحص رأى "أن ما جرى مساء امس من إعتداء بالضرب طال أربعة من رجال الدين على أيدي شبان موتورين يعتبر عملا مدانا ومستنكرا يهدد بفتنة بين فئات الشعب الواحد"، داعيا "الجيش الوطني للضرب بيد من حديد لمحاسبة المتورطين مهما علا شأنهم والذهاب بالتحقيق الى أقصى مدى لكشف من يقف وراء هؤلاء وسوقهم إلى العدالة وإتخاذ أشد العقوبات بحقهم وأدا للفتنة، والعياذ بالله".
ادانة واسعة للاعتداء على رجال الدين
السيد فضل الله: لتطويق الفتنة التي يعمل لها البعض
السيد علي فضل الله بدوره، شدد على أن "حادثتي الاعتداء على العلماء المسلمين في الخندق الغميق والشياح، تمثلان عدوانا علينا جميعاً، وليس على طائفة بعينها"، مشيداً بـ"المواقف العاقلة التي طوقت الفتنة، وخصوصاً موقف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني"، داعياً إلى "لقاء إسلامي - إسلامي لرسم خطوط الوحدة، وتطويق الفتنة التي يعمل لها البعض هنا وهناك".
هذا وندد الشيخ عفيف النابلسي بـ"الاعتداء الأثيم الذي وقع على بعض رجال الدين من الطائفة السنية الكريمة"، معتبرا "أن لغة التعبئة والتحريض وعدم قيام الأجهزة الأمنية باعتقال المخالفين وتوقيف المجرمين، ترك الساحة اللبنانية والشوارع في أيدي العابثين"، وشدد على "أن الموقف السياسي يجب أن يكون واضحا وصارما، وعلى الدولة أن تغطي الجيش والأجهزة الأمنية لملاحقة ومعاقبة كل مجرم ينتهك القيم والقوانين".
كما استنكرت الهيئة الروحية ومشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز باستهجان كبير "الاعتداء"، وأكدت "خطورة مثل هذه التصرفات المشبوهة والاعمال المرفوضة التي ترقى إلى رتبة تهديد السلم الأهلي، ومن شأنها جر البلاد الى الفتنة المشؤومة"، ودعا "جميع الاطراف المعنيين الى ضبط النفس والتمسك بالشعور الوطني"، وطالب الدولة بمسؤوليها وأجهزتها كافة بـ"إنزال أشد العقوبات بالعابثين والموتورين والجهلة الذين تسببوا بهذه الاعتداءات، وعرضوا البلاد لمخاطر جسيمة".
وفي السياق نفسه، رأى الأمين القطري لحزب البعث "العربي الإشتراكي" فايز شكر ان" هدف الإعتداء إغراق لبنان في حرب أهلية لاستكمال المخطط المرسوم للمنطقة لتعميم الفوضى التي باتت تشمل أكثر بلدان الوطني العربي"، داعياً كل "الحريصين على الأمن والإستقرار والسلم الأهلي أن يعوا حقيقة ما يخطط في هذه المرحلة وأن يكونوا بمستوى المسؤولية الملقاة عليهم لتفويت الفرصة على كل المتآمرين الذين يريدون جر لبنان الى مواقع لا تحمد عقباها".
كذلك، استنكر رئيس حزب "الوفاق الوطني" بلال تقي الدين الاعتداء، معتبراً أنه مؤشر إلى مدى خطورة الأوضاع في لبنان حالياً"، وقال:"لقد نبهنا مراراً وتكراراً من خطورة انفجار الوضع الامني في لبنان وما ينتج عنه جراء عدم ضبط الخطاب السياسي المتشنج"، ودعا الى عدم المتاجرة بالطائفة السنية، منتقداً الذين ينصبون انفسهم قيميين على الطائفة.
من جهتها، استنكرت حركة "التوحيد الإسلامي" الاعتداء الآثم، معتبرةً أن ما جرى مدان بكل المقاييس وهو مؤشر إلى مدى الخطورة التي وصلت إليها الأوضاع في لبنان، واعتبرت أن ما يجري ثمرة من الثمرات الخبيثة لثقافة الكراهية والتحريض وإلغاء الآخر التي تعتمدها بعض التيارات السياسية في لبنان وهي ثقافة أوصلت لبنان إلى شفير الهاوية، وطالبت بفضح وكشف كل سياسي يغطي المرتكبين ومعاقبة المتقاعسين عن القيام بمهامهم الأمنية.
الجماعة الاسلامية: لاتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان أمن وسلامة علماء الدين
الجماعة الاسلامية نددت أيضاً بالاعتداء، وطالبت "كافة أجهزة الدولة باتخاذ الاجراءات اللازمة لضمان أمن وسلامة علماء الدين الذين يشكلون الخط الاول لمواجهة مخططات الفتنة دون ان تسمح بالتغطية على المعتدين ايا كانت توجهاتهم السياسية او المناطقية"، في حين إستنكر إمام مسجد الغفران في صيدا الشيخ حسام العيلاني الحادث، مؤكداً أنه من غير المسموح لأحد الإعتداء على مشايخنا، ودعا إلى ضبط النفس وعدم التهوّر.
من جانبها، استنكرت أمانة الإعلام في حزب "التوحيد العربي"، "الاعتداء الجبان الذي تعرض له عدد من المشايخ"، وحذرت "من خروج الأمور عن السيطرة في اطار مخطط خارجي لتعميم الفراغ السياسي والانفلات الأمني ونقل الفتنة الى الداخل اللبناني"، داعية "الجيش والأجهزة الأمنية الى التعاطي بحزم مع هذه الحادثة لوأد الفتنة ونزع فتيل الانفجار الداخلي الذي يهدد جميع اللبنانيين بخسائر كبيرة لن يسلم فيها أحد"، مشددة على ضرورة "انزال أشد العقوبات بحق المتورطين".
رئيس جبهة "العمل المقاوم" الشيخ زهير الجعيد من جانبه دان الاعتداء الآثم، مؤكداً أن التطاول على الرموز الدينية مرفوض وغير مقبول بتاتاً، واعتبر أن ما جرى والأجواء المشحونة الدائمة ما هي إلا نتيجة طبيعية للتحريض الدائم والخطاب المذهبي والطائفي الذي مورس من بعض السياسيين، بينما استنكر رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن "الإعتداء الشائن"، منوهاً بمواقف "المفتي قباني ودعواته العاقلة إلى تجنب الإنزلاق في مهاوي الفتنة الطائفية والمذهبية".
من جانبها، اعتبرت رابطة "الشغيلة" ان" ما شجع على الاعتداء على المشايخ هو تمادي جماعات التطرف والتكفير والإرهاب في ممارسة التحريض الطائفي والمذهبي، من جهة، واستمرار الدولة بالتساهل في التصدي لهذه الجماعات التي تعتدي على الأمن والاستقرار وتهدد الوحدة الوطنية، من جهة ثانية"، ودعا "المسؤولين إلى استنفار جهودهم لمحاصرة أدوات الفتنة، وتوفير الغطاء الكامل لأجهزة الدولة لتضرب بيد من حديد كل من ينفخ في بوق الفتنة، أو يقوم بالاعتداء على رموز دينية بقصد إشعال نار الفتنة".
أما رئيس جمعية "قولنا والعمل" الشيخ أحمد القطان، فدان ما تعرض له المشايخ من إهانة، محملاً مسؤولية ما تعرض له المشايخ لأحمد الأسير وأعوانه، فيما استنكر الأمين العام لحركة "الأمة" الشيخ عبد الناصر جبري الاعتداء الآثم الجبان، ودعا الجيش والأجهزة الأمنية الى التعاطي بحزم مع هذه الحادثة وكل الحوادث الفتنوية والتي لا تمثل إلاً اصحابها، لوأد الفتنة ولنزع فتيل الانفجار الذي يهدد الجميع بدون استثناء.