مبايعة "النصرة" لـ"القاعدة" تُشتت المعارضة وتُربك الغرب
مبايعة جبهة "النصرة" زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري وتنصّلها من إعلان "دولة العراق والشام الاسلامية" أثار جملة تساؤلات تعكس خطورة التطورات الأمنية المتلاحقة. تبرؤ ميليشيا "الجيش السوري الحر" و"الائتلاف المعارض" من "التنظيم الجهادي" لا ينفي دعمهما لنشاطه المشبوه، وهو ما ينسحب أيضاً على أميركا وفرنسا والدول الدائرة في فلك محاربة ما يسمى "الارهاب".
المحلل السياسي ومدير مركز دمشق للدراسات الإستراتيجية بسام أبو عبد الله، رأى في إعلان جبهة "النصرة" الانضواء تحت لواء "القاعدة" تأكيداً لكلام الرئيس السوري بشار الاسد في السابق عن وجود تنظيمات تكفيرية في سوريا، داعياً المجتمع الدولي والأمم المتحدة والغرب إلى تحمّل مسؤولياتهم تجاه ما يجري في البلاد، وشدد على أن الحكومة السورية تحارب إرهاباً موصوفاً يستوجب الدعم الكامل لها.
وفي حديث لموقع "العهد الاخباري"، اعتبر أبو عبد الله أنّ تنصل جبهة "النصرة" مما يسمى بتنظيم "دولة العراق الإسلامية" يُظهر بشكل واضح أن هذه المجموعات والقوى الداعمة لها تعيش إنقساماً حاداً في الرؤى والاستراتيجيات والاولويات، واستغرب ازداوجية المواقف التي تمارسها "المعارضة السورية"، فهي من جهة كانت تتبنى نشاطات "النصرة" وتتوسل أميركا لسحب اسمها من لائحة "الارهاب" فيما من جهة ثانية تتبرأ منها مدعية أنها لا تتناسب وتطلعاتها.
أبو عبد الله أكد أن المعارضة مشرذمة ومشتتة ومنقسمة على بعضها، وهي أداة بيد القوى الاقليمية والدولية، واصفاً المنضويين تحت لوائها بـ"العملاء للخارج"، مذكّراً بأن هؤلاء لم يدينوا يوماً الاعمال الارهابية والمجازر التي ارتكبت بحق شعبنا في دور العبادة والجامعات والقرى والمدن والبلدات، وشدد على أن هذه المعارضة بغالبيتها تكذب على السوريين في مختلف الأحيان ما يفقدها مصداقيتها التي كانت تتغنى بها أمامهم إن في الداخل أو الخارج.
وفي ما يتعلق بالإنكفاء الغربي من تسليح المعارضة السورية في ظل تنامي الجماعات التكفيرية المتطرفة، أجاب أبو عبد الله "أميركا تستخدم هذه التنظيمات المتطرفة عبر أدواتها من الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية ورئيس مخابراتها بندر بن سلطان الذي يحتضن ويدعم بشكل فاضح هذه التنظميات منذ نشوئها من أفغانستان حتى الآن، والولايات المتحدة عندما تجد أدوات اقليمية تحقق لها أهدافها بشكل غير مباشر لا تمانع ذلك ولكنها اليوم تتخوف من هذه التنظيمات من أن تنقلب عليها".
في هذا السياق، لفت إلى أن "أميركا اليوم محرجة أمام الغرب من تبرير وجود هذه الجماعات نظراً لأنها تتغنى بشعار "محاربة الارهاب" ما يجعلها في مأزق"، وتحدث عن الدور الفرنسي في اللعبة السورية، وأشار إلى أن الحكومة الفرنسية ساذجة في التعامل مع السوريين، فهي لا يمكنها تبرير محاربتها للجماعات المسلحة في مالي ودعمها لها في سوريا، معتبراً أن باريس انهزمت وسقطت أوراقها كافة في سوريا.
وأضاف أبو عبد الله "نحن نواجه حرباً إرهابية ومؤامرة تمارس على المواطن السوري هدفها تدميرنا وتأمين الحماية لاسرائيل"، مستشهداً بكلام أحد قادة العدو أمس بأن وجود "النصرة" أفضل من استمرار الرئيس الاسد في سوريا ما يؤكد أن هذه الجبهة تعمل بشكل جلي لخدمة المشروع الاسرائيلي في المنطقة، لكنه طمأن إلى أن الجيش السوري سيكثف عملياته العسكرية في الشهر المقبل للقضاء على هذه المجموعات.
وفي الختام، قال أبو عبد الله "نؤكد للجميع أن الجيش السوري سيوجه في القادم من الايام ضربات قاصمة ضد الارهابيين والمسلحين والقتلة والمجرمين لسحقهم"، معتبراً أنه لا بد من تصعيد العمل العسكري والميداني على المستويات كافة، ومتوقعاً أن يحقق الجيش إنجازات كبيرة لإنهاء دور "النصرة" وتوابعها، إلا أنه في الوقت نفسه أكد أن هذا الأمر يحتاج لسنوات عدة وتعاون من قبل الحكومة السورية والدول الاقليمية والدولية.
بدورها، مصادر سورية مطلعة، أكدت لـ"العهد الاخباري"، أن الولايات المتحدة باتت شريكة مع تنظيم " القاعدة" في ما يحدث في سوريا، مبدية استغرابها لعدم خجل واشنطن مما يحدث، لا سيما وأنها تمارس ما هو أبشع من السلوك المزدوج.