عامٌ كامل يدنو إلى الاكتمال وقضية المخطوفين اللبنانيين التسعة في أعزاز لا تزال على حالها. ذوو المخطوفين استأنفوا اليوم الخميس تنفيذ خطواتهم الميدانية ضد المصالح التركية في لبنان، حيث اعتصموا منذ الساعة السابعة صباحاً أمام المبنى الثقافي التركي والخطوط الجوية التركية في منطقة العازارية ـ وسط بيروت، مرددين شعارات منددة بـ"العثمانيين الجدد"، ومطالبين تركيا بإعادة ذويهم إليهم، ومتوجهين إلى اللبنانيين بنداء: قاطعوا تركيا.
وفيما انتشرت القوى الأمنية في المكان، منع الاهالي الموظفين من الدخول الى مكاتب شركة الخطوط الجوية التركية والمركز الثقافي التركي لمزاولة اعمالهم وعمدوا إلى اقفالها بعد أن قطعوا الطريق المؤدي الى المنطقة، بعدها توجهوا للاعتصام أمام المركز التجاري التركي في شارع المصارف، وأعلنوا عن "سلسلة من التحركات غير العادية ضد المصالح التركية"، معتبرين أن "المخطوفين التسعة هم وديعة عند المخابرات التركية، لكن في أيدٍ سورية".
أهالي المخطوفين في أعزاز
وفي ختام تحركاتهم، توجه وفد من أهالي المخطوفين إلى ساحة النجمة لاثارة قضيتهم مع النواب والمطالبة باطلاق سراح أولادهم الذين مضى على احتجازهم أحد عشر شهراً، وقد استقبلهم عضوا كتلة "التنمية والتحرير" النائبان غازي زعيتر وقاسم هاشم وعضو كتلة "لبنان الحر الموحد" النائب فادي الاعور.
وعقب اللقاء، طالب الوفد الكتل النيابية بوقفة فعالة للعمل من أجل الضغط ومضاعفة الجهد للافراج عن المخطوفين فورا لأن الكيل قد طفح ولم نعد نحتمل، محذرا من اللجوء الى تصعيد تحركاتهم، ودعا الجميع لتحمل مسؤولياتهم تجاه هذه القضية التي تعني اللبنانيين جميعا.
كما حذر الوفد من أن الاستمرار بهذه المأساة من دون حل قد يؤدي الى مضاعفات كثيرة خصوصا أن كل الوعود التي أعطيت لم تؤت ثمارها حتى الآن، وأكد أيضا أن الاهالي في صدد توسيع وتصعيد تحركاتهم في كل اتجاه لانه لم يعد مقبولا السكوت عن هذا الأمر بأي شكل، منبها من محاولة تشويه تحركهم من قبل البعض.
وقال الوفد "الكرة أصبحت الآن بملعب رئيس الجمهورية وعليه ان يستدعي السفير التركي ويوجه اليه انذاراً بحل القضية في خلال مهلة محددة"، وطالب بوقف الرحلات الجوية التركية الى لبنان، ولفت إلى أن زيارتهم إلى المجلس النيابي هدفه إيصال رسالة للنواب لا للمفاوضة معهم.
وأضاف الاهالي "نحن لن نكتفي بتعطيل الطيران التركي فقط وإنما سنعطل مطار بيروت كاملاً"، ونبهوا إلى أن ما قاموا به اليوم هو بداية تحرك سيستمر ضد المصالح التركية على أن يتخلله خطوات تصعيدية.
بدوره، أكد النائب زعيتر للوفد أن هذه القضية ليست قضية أهالي المخطوفين بل قضية كل اللبنانيين. وقال "نحن واياكم في مركب واحد، ولا نقف في موقف ليتعاطف معكم بل نعتبر أنفسنا منكم"، واعدا بنقل مطالب الوفد الى الرئيس نبيه بري.
وفي سياق متصل، أكد عضو لجنة اهالي المخطوفين مهدي زغيب، "أننا مستمرون في تحركاتنا حتى الافراج عن أولادنا"، وناشد اللبنانيين كافة للتضامن مع مطالبهم المحقة، مستغرباً تكريم السفير التركي في لبنان إينان أوزيلديز الذي أسماه بـ"جمال باشا أردوغان"، معرباً عن أسفه لهذه الخطوة غير اللائقة، خصوصاً أن أبناءنا لا يزالون قيد الاعتقال، واعتبر أن من واجبات الدولة اللبنانية استدعاء السفير التركي للاحتجاج أمامه على تغطية بلاده للخاطفين واتخاذ اجراءات قاسية منها طرده وتقليص الحضور الدبلوماسي.
وفي حديث لموقع "العهد الاخباري"، لفت زغيب إلى أن مقاطعة المنتوجات والبضائع التركية لاقى تجاوباً كبيراً من المواطنين كافة، فعلى سبيل المثال لا الحصر طلب أحد التجار في حي السلم من موزع بضائع تركية عدم الحضور الى المنطقة لأن منتوجاته غير مرحب بها، وأشار إلى أن أحد أقاربه (أحمد فخر الدين) رفض الحجز على الخطوط التركية تضامناً مع المخطوفين علماً أن الخطوط الأخرى أغلى كلفة.
ونفى زغيب (شقيق المخطوف علي) ما تم تداوله عن توجه الاهالي لخطف السفير التركي، مؤكداً أن هذا ليس من أخلاقنا وقيمنا وديننا، وشدد على أن المقاطعة الاقتصادية أقسى وأكثر فعالية، لا سيما وأن أنقرة تقدّر الدولار أكثر من الانسان، لكنه حذر في الوقت نفسه من أنه حتى "اللحظة كل الامور تحت السيطرة ولكن لاحقاً لا أحد يعلم"، واعداً بالمزيد من التحركات السلمية والحضارية أمام المصالح التركية حتى تحقيق مطالبنا، واستنكر محاولات البعض تسييس نشاطاتهم وحرفها عن مسارها الصحيح.
إذاً، تركيا أصبحت الهدف الأساس لدى الأهالي. الرادع السياسي لم يعد موجوداً. لا خطوط حمراء. يقولون ان الاستهداف سيكون تدريجاً: خطوة، خطوة. بدأوا بدعوة التجّار لمقاطعة البضائع التركية، وينتظرون لحظة الصفر: "ما أخذ بالقوة، لا يُستردّ إلا بالقوة"، يرددون.