أكد الرئيس السوري بشار الأسد "أننا بحاجة أكثر بكثير للتمسك بمعنى الجلاء وبمعاني الاستقلال ليكون عيد الجلاء بالنسبة لنا ماضي العزة وحاضر الكرامة"، مشيراً إلى "أن سورية تتعرض لمحاولة استعمار جديدة بكل الوسائل ومختلف الطرق". ولفت الرئيس الاسد الى "أن الشعب السوري هو شعب عظيم ولا قلق عليه، ونستمد التفاؤل من المواطنين وبشكل خاص من عائلات الشهداء الجبارة ولا يوجد خيار أمامنا سوى الانتصار"، مشيراً إلى أن الوضع في سورية الآن أفضل من بداية الأزمة.
وفي مقابلة على قناة "الاخبارية السورية، مساء اليوم، أكّد الرئيس الاسد ان "هناك محاولة لغزو سورية بقوات تأتي من الخارج من جنسيات مختلفة ولو أنها تتبع تكتيكاً جديداً يختلف عن التكتيك التقليدي للاستعمار الذي كنا نسميه الاستعمار الحديث الذي كان يأتي بقواته إلى المنطقة وآخره كان الاحتلال الأميركي للعراق ولأفغانستان"، وأشار الى "هناك أيضاً محاولة لاحتلال سورية من الناحية الثقافية عبر الغزو الفكري باتجاهين، إما من أجل أن تذهب سورية باتجاه الخضوع والخنوع للقوى الكبرى والغرب تحديداً أو بالاتجاه الآخر وهو الخضوع للقوى الظلامية التكفيرية"، وأوضح "أن هناك مجموعة من اللصوص ومجموعة من المرتزقة التي تأخذ الأموال من الخارج مقابل أعمال تخريبية معينة، وهناك التكفيريون أو القاعدة أو جبهة النصرة، كلهم يقعون تحت مظلة فكرية واحدة"، مشيرا الى "أننا نواجه بشكل أساسي تلك القوى التكفيرية".
وأضاف الرئيس الاسد "الشعب السوري أثبت فعلاً خلال عامين غير مسبوقين أنه شعب واع، ولولا ذلك لكنا رأينا الوضع مختلفاً جداً في سورية"، مؤكداً أن "الوضع الآن في سورية أفضل منه في بداية الأزمة"، ولفت الى ان الشعب السوري هو شعب عظيم لا قلق عليه لانه صمد في وجه الهجمة الإعلامية مع فضائيات تسعى لنشر التكفير والتفرقة والطائفية.
وإذ شدّد على أن الاكراد في سورية هم جزء طبيعي وأساسي من النسيج السوري، قال "الاكراد ليسوا ضيوفاً ولا طارئين ومعظمهم في سورية هم وطنيون سوريون"، لافتاً الى ان "كثير من عائلات الشهداء الذين التقيت بهم هم من الاكراد".
وحول القضاء على الارهابيين، قال الرئيس الاسد "نحن الآن لا نقوم بعملية تحرير أرض لكي نتحدث عن مناطق محررة، نحن نقوم الآن بعملية قضاء على الإرهابيين، والفرق كبير بين الأولى والثانية، فإن لم نقض على الإرهابيين لا معنى لتحرير أي منطقة في سورية"، وأضاف "عندما تقوم القوات المسلحة أو الدولة بوضع خطط عسكرية فهي تضع أو تبني خططها على عدد من الأسس منها مثلاً أهمية الموقع من الناحية السياسية والإعلامية، ومنها الجانب الإنساني أي معاناة المواطنين والجانب العسكري، والتفاصيل العسكرية اللوجستية"، مشدداً على ان "الأولوية دائما بالنسبة لنا هي الناحية الإنسانية، وحماية أرواح المواطنين ورفع المعاناة عن المناطق التي يدخل إليها الإرهابيون".
ولفت الرئيس الاسد الى ان كل "من يحمل السلاح ويعتدي على المواطنين هو ارهابي"، كاشفاً عن ان "الالاف من المسلحين والارهابيين يأتون مع سلاحهم وذخائرهم من الاردن". وبينما أشار الاسد الى ان "الغرب لا يعرف او ربما يعرف ولا يعي الآن بأن هذا الارهاب سيعود اليه"، لفت الى ان "الغرب يحارب "القاعدة" في مالي ويدعمها في سورية وليبيا".
وحول الحوار، قال الرئيس الاسد "مؤتمر الحوار الوطني هو جزء من الحل السياسي الذي تحدثت عنه في "خطابي الأخير" في شهر كانون الثاني، هذا الحوار ليس حواراً بين الدولة وطرف آخر، هو حوار بين كل مكونات المجتمع السوري، وخاصة المكونات السياسية حول مستقبل سورية، والدولة هنا تنفذ ما يتفق عليه المؤتمرون".
وأضاف "هناك ما يحصل الآن من خلال لقاء اللجنة الوزارية برئاسة رئيس الوزراء مع الجهات المختلفة في سورية، البعض يعتقد أن هذا هو الحوار، هذا ليس حواراً، هذه جلسات مشاورات لكي تحدد كيف نبدأ الحوار، ونحن نقوم بهذه المشاورات بعملية إنضاج للحوار"، مشددا على "اننا نحاور من يغار على سورية، ومن لم يتعامل مع "إسرائيل" سراً أو علناً، وكل من لم يغازل "إسرائيل"، وكل من لم يقبض الأموال من أجل أن يبيع الوطن، وكل من يؤكد على استقلال سورية"، وقال "هذه هي الاسس، وهذه أعتبرها أسساً وطنية".
وتابع القول "نحن في الدولة منذ اليوم الأول للأزمة تحدثنا بلغة واحدة، قلنا نكافح الإرهاب، نكافح من يحاول التدخل بالشؤون الداخلية من الخارج، نرفض الهيمنة، وبنفس الوقت الأبواب مفتوحة للحوار، وهناك قوى رفضت الحوار في البداية، ولاحقا وافقت عليه"، وأضاف "إذا كانت هي أخطأت فليتفضلوا ويقولوا نحن أخطأنا، كان تقييمنا خاطئا"، مشيرا الى أنه "عندما خرجنا من لبنان ألقيت خطابا في عام 2005 وقلت نحن أخطأنا، وفي بداية الأزمة ألقيت خطابا وقلت إنه كانت هناك أخطاء، أما هؤلاء فيقومون فقط بتغيير كلامهم"، موضحاً "أن هذا الشخص أو تلك الجهة كان يراهن على رهانات محددة بأن الدولة ستسقط خلال أسابيع أو أشهر وبالتالي هو لن يحاور من سيسقط، وسيجد لنفسه مكاناً مع القادمين كما كان يفكر البعض".
وأردف الاسد قائلاً "بعض هؤلاء كان صامتاً عندما بدأت العمليات الإرهابية، لم يستنكر الإرهاب الذي بدأ، بل أوجد تبريرات للإرهابيين، بعض أولئك لم يدعم الجيش، وكان يهاجم الجيش بدلاً من أن يقف معه في أزمة استهدفت الجيش قبل أي شيء آخر لأنه عنوان وحدة الوطن وعنوان الصمود"، معتبراً "كل هذه التذبذبات والتلون كالحرباء لا يمكن وضعه تحت عنوان الوطنية".
وسأل من يعرّفون أنفسهم بأنهم معارضة، "أين هي الانتخابات التي حددت حجم هذه المعارضة؟"، وقال "هناك أسئلة كثيرة يجب أن نسألها قبل أن نحدد من هؤلاء، لذلك إذا كان السؤال مع من نتحاور، فلدينا أحزاب في سورية الآن، هي مازالت أحزابا ناشئة لكنها أحزاب وطنية لا تتلون، ولم ترهن نفسها للخارج". ولفت الى أن "المعارضة لا يمكن ان تكون وطنية الا اذا كانت مستقرة".
ورداً على سؤال حول محددات وأساسيات الحوار وهل سيبقى النظام في سورية برلمانيا أم سيكون هناك برلمان رئاسي، قال الرئيس الاسد "المحددات طبعا مفتوحة، ولا توجد خطوط حمر سوى شيئين، استقلال سورية، وهذا يعني عدم وجود تدخل خارجي بأي شأن داخلي، والوقوف مع الإرهابيين"، وأضاف "لا تساهل مع الوقوف مع الإرهابيين عدا عن ذلك لا يوجد مشكلة في مسألة كيف ستكون سورية، نظاما برلمانيا رئاسيا، هذا يحدده الشعب، بالنسبة لنا ما يحدده الشعب نوافق عليه".
وحول منصب الرئيس، قال الاسد "طرحوا قضية التنحي، والحقيقة أن المنصب ليس له قيمة، إن لم يكن هناك دعم شعبي فالمنصب لا يقدم شيئا للشخص، فما يجب أن يقاتل المسؤول من أجله هو الدعم الشعبي والرضى الشعبي"، وأضاف "ما يقرره الشعب في هذا الموضوع هو الأساس بالنسبة لبقاء الرئيس أو ذهابه".
وحول دور الاردن في الازمة السورية، قال الرئيس الاسد "من غير الممكن أن نصدق أن الآلاف يدخلون مع عتادهم إلى سورية، في الوقت الذي كان الأردن قادرا على إيقاف أو إلقاء القبض على شخص واحد يحمل سلاحا بسيطا للمقاومة في فلسطين عبر السنوات الماضية"، متمنياً على بعض المسؤولين الأردنيين الذين لا يعون خطورة الوضع في سورية وما يعنيه بالنسبة للأردن، كما يعني بالنسبة للدول الأخرى، أن يكونوا أكثر وعيا في تقدير هذا الشيء لأن الحريق لا يتوقف عند حدودنا والكل يعلم أن الأردن معرض له كما هي سورية معرضة له".
وختم الرئيس الاسد "لو لم يكن هناك تفاؤل لما قاتلنا بالأساس ولما صمدنا كسوريين، ولكن هذا التفاؤل نستمده كمسؤولين وكدولة من الشعب، وأستمده أنا شخصيا باللقاء مع المواطنين، ولكن بشكل خاص من عائلات الشهداء، هذه العائلات جبارة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، وهذا ما يدفعنا للتفاؤل"، وأضاف "لا يوجد خيار أمامنا سوى الانتصار.. إن لم ننتصر فسورية تنتهي.. ولا أعتقد أن هذا الخيار مقبول بالنسبة لأي مواطن في سورية".