اعتبر الرئيس السوري بشار الأسد أن التحدي الأهم والأكبر الذي تواجهه المنطقة يتمثل بالتطرف الذي يحدث انحرافاً في مجتمعاتنا ويبعدها عن الاعتدال، مؤكداً أن ما من شك أن سورية ستقضي على الإرهابيين على أرضها.
وحذر الرئيس الأسد في مقابلة مع صحيفة "فرانكفورتر" الغيمانيه تسايتونغ" الألمانية من أن أي لعب بحدود المنطقة يعني إعادة رسم خارطة لمناطق بعيدة جداً.
وحول ما يسمى الربيع العربي، قال الاسد، انه "مفهوم خاطئ، الربيع ليس فيه نزف دماء ولا قتل ولا تطرف ولا تدمير مدارس ولا منع للأطفال من الذهاب الى مدارسهم ولا منع المرأة من أن ترتدي ما تريد وما يناسب. الربيع هو أجمل الفصول وما نمر به اليوم هو أحلك الظروف. فهو بكل تأكيد ليس ربيعا"، مستشهداً بما يجري في سورية من قتل وذبح وتقطيع رؤوس وأجساد وسلخ جلد وأكل لحم البشر.
وأكد الرئيس الأسد، أن العلاج لن يأتي لا من الربيع ولا من غيره العلاج يأتي منا نحن، مضيفاً، الأهم إذا أن يكون علاجنا من الداخل لأن أي شيء يأتينا من الخارج سيعطيك مولوداً مشوهاً غير قابل للحياة السليمة، لذلك عندما ندعو الى حوار أو حلول ما يجب أن تكون محلية وطنية لنصل إلى سورية التي نريدها.
واذ ذكر الرئيس الأسد بما قاله في بداية الأزمة من أن التدخل في سورية ولو بشكل غير مباشر هو كاللعب بفالق الزلزال، سيؤدي إلى ارتجاج المنطقة كلها، رأى انه رغم كل ذلك نحن ما زلنا في النوع الأول اي التدخل غير المباشر، سائلاً "كيف لو حصل تدخل عسكري، طبعا سيكون الوضع أسوأ بكثير وعندها سنرى تأثير الدومينو لانتشار التطرف والفوضى والتقسيم. مضيفا، هناك فرق كبير بين التعاون بين الدول والتدخل في الشؤون الداخلية لدولة ما وزعزعة استقرارها.."، واوضح ان "التعاون بين الدول يتم برغبة متبادلة فيما بينها بما يحافظ على سيادتها واستقلالها وحرية قرارها وضمان استقرارها.."، مشيراً الى أن "العلاقة بين سوريا من جهة وروسيا وإيران وغيرها من الدول التي تقف مع سورية من جهة اخرى هي علاقة تعاون تكفلها وتضمنها المواثيق والقوانين الدولية. أما الدول الأخرى فهي ومن خلال السياسات التي تنتهجها إزاء الأزمة السورية تتدخل في الشؤون الداخلية لسورية وهو تدخل سافر ترفضه المواثيق الدولية ويعد انتهاكاً للقانون الدولي وخرقاً لسيادة الدولة. وهذا هو الفرق.. التعاون بين الدول يهدف إلى الحفاظ على الاستقرار وازدهار الشعوب بينما التدخل الخارجي فهدفه زعزعة هذا الاستقرار ونشر الفوضى والتخلف".
وأضاف الرئيس الاسد، أنا "أعتقد بأن لدى فرنسا وبريطانيا مشكلة مع الدور السوري المزعج في المنطقة حسب رأيهم.. فهذه الدول كما أمريكا تبحث عن دمى تنفذ مصالحها دون أي اعتراض.. ونحن رفضنا أن نكون كذلك بل وكنا دائما مستقلين أحراراً.. فرنسا وبريطانيا دول استعمارية تاريخياً.. ويبدو أنهما لم تنسيا هذا التاريخ وما زالتا تتعاملان مع هذه المنطقة بنفس الطريقة لكن الآن عبر وكلاء وعملاء، نعم قد توجه فرنسا وبريطانيا السعودية وقطر بما يجب أن يفعلاه. لكن بالمقابل يجب ألا ننسى أن سياسة فرنسا وبريطانيا واقتصادهما هو رهن بالبترودولار. المهم أن ما حصل في سورية كان فرصة لكل هذه الدول للتخلص من سورية. هذه الدولة غير المطيعة. والبحث عن رئيس يقول لهم حاضر دائما. وهذا ما لم ولن يجدوه لا الآن ولا مستقبلاً".
وأكد الاسد، انهم "الآن يعرفون ان وصول السلاح إلى هذه المنطقة يعني وصوله إلى الإرهابيين. وهذا سيكون له نتيجتان، الأولى هي أن الحديقة الخلفية لأوروبا ستكون حديقة إرهاب، وأوروبا ستدفع الثمن، فعندما يكون هناك إرهاب يعني أن هناك فوضى والفوضى تعني فقراً والفقر يعني أن تفقد أوروبا سوقاً مهماً لها. النتيجة الثانية هي تصدير الإرهاب لكم مباشرة، لأن الإرهاب عندما يسيطر هنا فإنه لن يتوقف هنا بل سينشر رسالته الإرهابية باتجاه أوروبا إما من خلال الهجرة غير الشرعية للإرهابيين أو من خلال عودة الإرهابيين الأوروبيين إلى بلدانهم الأصلية، وسيعودون مدربين ومشربين بالأيديولوجيا المتطرفة أضعاف المرات".
الى ذلك، أكد الرئيس الاسد، ان "الإعلام يحاول أن يصور أن حزب الله هو الذي يقاتل في سوريا في محاولة لإظهار الجيش السوري بأنه جيش ضعيف لا يحقق أي انتصار هذا هو الهدف". مضيفا، "في الواقع نحن منذ عدة أشهر نحقق انتصارات كبيرة على الأرض في مناطق مختلفة وربما أهم من القصير ولا يتحدثون عنها. ولا أحد يقاتل في تلك المناطق سوى الجيش السوري. أيضا هناك قوات شعبية تقاتل مع الجيش الآن دفاعاً عن مناطقها هي من السكان المحليين وهذا أحد أسباب نجاحنا في سورية، لكن القصير أخذت أهمية بسبب تصريحات المسؤولين الغربيين حتى ان مسؤولين في الأمم المتحدة ادعوا انهم يعرفون ماذا يجري في القصير وأصبح المسؤولون الغربيون يتحدثون عنها بأنها بلدة استراتيجية".
ونفى الرئيس الاسد وجود كتائب لحزب الله في سوريا، وقال :"هم أرسلوا عددا من المقاتلين على أطراف الحدود حيث يوجد إرهابيون في منطقة الحدود عند القصير وساعدوا الجيش السوري في عملية التنظيف على الحدود اللبنانية ولم يرسلوا قوات إلى داخل سورية، فقوات حزب الله تتموضع باتجاه "إسرائيل" ولا تستطيع أن تغادر جنوب لبنان، ومهما أرسل حزب الله إلى سورية فكم يستطيع أن يرسل بضع مئات، أنت تتحدث عن معركة يوجد فيها مئات آلاف الجنود من الجيش العربي السوري وبالتالي بضع مئات تؤثر في مكان ولكن لا تستطيع أن تغير الموازين في سورية. مضيفاً، ان كل ما يقال حول استخدامنا للسلاح الكيماوي هو جزء من استمرار الأكاذيب الأمريكية والغربية حول الوضع في سورية وما هو إلا محاولة لإقناع الرأي العام لديهم إما بصوابية سياستهم أو لتبرير المزيد من التدخل العسكري وسفك الدماء في سورية.
وعن امكانية مد اليد للمعارضة بعد الزخم الذي تحقق في القصير، ذكر الرئيس الاسد انه منذ اليوم الأول مددنا يدنا لكل من يرغب بالحوار.. ولم نغير موقفنا وعقدنا في بداية الأزمة مؤتمر حوار وطني، وبالتوازي كنا نحارب الإرهابيين، لكن عندما نتحدث عن مفهوم المعارضة فلا يجب أن نضع الجميع في سلة واحدة لا يجب أن نضع الإرهابي مع السياسي، فعندما نتحدث عن المعارضة نقصد السياسيين بالنسبة لهؤلاء نعم نحن دائماً مستعدون للحوار ولا علاقة لهذا الامر بالقصير.
وعن قبول، أي جزء من المعارضة السياسية كجزء شرعي، أكد الاسد ان أي معارضة لا تحمل سلاحا لا تدعم الإرهاب ولديها برنامج سياسي. مضيفا، عندما تكون المعارضة مستقلة ووطنية لا يوجد لدينا مشكلة لكن لنكن واضحين فيما يتعلق بالمعارضة الخارجية هذه معارضة تعيش في الخارج ترفع تقاريرها إلى وزارات الخارجية الغربية ومخابراتها تعيش في كنف شعب غربي ولا تعيش في بلدها ومن يمولها هو صاحب قرارها بكل شيء، وبالتالي بالنسبة لنا مفهوم المعارضة هو أن تمثل جزءاً من الشعب لا أن تمثل دولة أو دولا أجنبية كي تكون معارضة حقة لا بد أن تعيش على التراب السوري مع شعبه ومشاكله وهمومه عندها ستكون هذه المعارضة جزءاً من العملية السياسية أما أن تكون خاضعة لدول أجنبية فنحن لا نسميها معارضة بل نسميها معارضة بالوكالة.
وحول الحوار، قال الرئيس الاسد، نحن "سنذهب إلى جنيف من أجل هذا الحوار، وعندما تجلس مع شخص وهو لا يملك القرار فأنت تفاوض صاحب القرار. لأن هذه الدول التي تقف خلفهم ستقول لهم ماذا يفعلون وماذا لا يفعلون وستقول لهم ماذا يقبلون وماذا يرفضون وتستطيع أن ترى عبر الفضائيات كيف كان السفير الفرنسي في سورية يتحدث مع المعارضة السورية ويعطيهم الأوامر ويشتمهم. وفي فيديو آخر وهذا على لسان المعارضة نفسها تحدثوا كيف شتمهم السفير الأمريكي في سورية. فنحن إذاً سنفاوض عملياً أمريكا وفرنسا وبريطانيا وأدواتهم تركيا وقطر والسعودية فهذه القوى التي تسمى معارضة الخارج مجرد موظفين.
وحول المتوقع من مؤتمر جنيف، أمل الرئيس الاسد أن يكون مؤتمر جنيف محطة مهمة لتدفع الحوار في سورية وخاصة اننا أعلنا في بداية العام عن رؤية للحل السياسي يستند إلى "جنيف1" لكن وبنفس الوقت الذي نذهب فيه إلى هذا المؤتمر بهذا التصور يجب أن نعرف الوقائع.
وعن النتائج في حال فشل مؤتمر جنيف2، قال الرئيس الاسد، في كل الأحوال هذه الدول مستمرة في دعم الإرهابيين وستستمر.. وعندها إذا لم تنته الأزمة السورية ستنتشر إلى دول أخرى وستصبح الأمور أسوأ فالمنطق يقول إن للجميع مصلحة بالنجاح أما بالنسبة للمعارضة الخارجية فإذا نجح المؤتمر فسيفقدون الأموال التي كانت تأتيهم وإذا كنت لا تملك الأموال ولا القاعدة الشعبية فأنت لا تملك شيئاً.
وعن امكانية أن يطرح مؤتمر جنيف2 حكومة تضم أشخاصاً من اتجاهات سياسية مختلفة، أكد الرئيس الاسد، ان هذا ما طرحناه أيضا في المبادرة السورية تحدثنا عن حكومة موسعة تمثل جهات مختلفة تحضر لانتخابات برلمانية ومن ينجح في الانتخابات يساهم ومن لا ينجح ليس له مكان. نحن كنا منفتحين لهذه الفكرة منذ بداية الأزمة ولم تكن لدينا مشكلة بهذا الشأن. أما عن الانتخابات القادمة فهي ستكون بحسب الدستور الجديد أي أن هناك أكثر من مرشح ستكون تجربة جديدة من الصعب أن نعرف بالتحديد كيف ستكون حتى نجربها.