تنتهي عصر اليوم المهلة التي أعطاها وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي إلى من يعنيهم الأمر لإنهاء أعمال العنف والإرهاب الدائرة في البلاد، ما يفتح الباب أمام تكهنات عديدة حول القادم من الساعات لاسيما وأن فصيل "الإخوان المسلمين"، المعني الأول بهذا التحذير، أعلن رفضه الإنسحاب من الميادين ومواصلة "الكفاح" لاستعادة الرئيس المعزول محمد مرسي.
وبين هذا وذاك، سيناريوهات عديدة، رسمها عدد من الخبراء ورجال السياسة لمرحلة ما بعد التفويض الشعبي الذي حصده الفريق أول عبدالفتاح السيسي، بدءاً من فضّ اعتصامي رابعة العدوية والنهضة والتصدي لمحاولات قطع الطرقات، مروراً بالضرب بيد من حديد التجمعات المشبوهة وتنفيذ حملات دهم واسعة تطال الفاعلين من مؤيدي مرسي على خط تسعير الأزمة.
السيسي ومرسي
الدكتور نبيل عبدالفتاح، الباحث المتخصص فى شؤون "الجماعات الإسلامية" بمركز "الأهرام" للدراسات السياسية والاستراتيجية، يقول إن القواعد الدستورية المصرية تعطي الحق للقوات المسلحة والشرطة للدفاع عن أمن واستقرار البلد ضد أي خطر داخلي أو خارجي دون تفويض شعبي وبالتالي فالفريق أول عبدالفتاح السيسي لم يكن بحاجة أصلاً لتوجيه تلك الدعوة، ولكن بما أنها حصلت في محاولة منه لإظهار التأييد الشعبي للقوات المسلحة، وخارطة الطريق التى وضعتها خلال المرحلة المقبلة أمام المجتمعين الدولي والأوروبي، فنحن أمام احتمالات كثيرة، أولها التمهيد لممارسة مزيد من الضغوط على جماعة "الإخوان المسلمين" للوصول إلى حل ما يؤدي إلى الموافقة على خارطة الطريق، ومحاولة التقليل من حجم خسائر "الجماعة" السياسية، انطلاقا من الضغوط التي تمارسها القوى الشعبية ومؤسسات الدولة، والتي قد تحدث انقساما داخليا فى صفوف "الجماعة"، مع فشل القيادة والرئيس المعزول محمد مرسي فى إدارة شؤون البلاد، والحديث هنا يدور حول دفع "الجماعة" إلى التفاوض الذي يصل إلى درجة تقديم تنازلات كبرى، من بينها محاكمة بعض الرؤوس، وبذلك يكون الجيش قد قام بمحاولة استيعاب "الجماعة" داخل اللعبة السياسية تحت مصطلح المصالحة الوطنية.
ويضيف عبدالفتاح أن السيناريو الثاني يقتضي أن يستخدم السيسي هذا التفويض الشعبي المجازي فى اللجوء إلى عمليات محددة، الهدف منها هو خلق حالة من الاضطراب فى صفوف المعتصمين فى ميدان "النهضة" و"رابعة العدوية"، وتشتيتهم من خلال فض التظاهرات والاعتصامات، والقبض على عناصر عديدة من "الجماعة" ومكتب "الإرشاد"، أو مجلس شورى "الجماعة"، لنكون بذلك أمام سيناريو من المواجهات الضارية يتزامن مع مواجهة المؤسسة العسكرية والشرطة لعناصر الإرهاب فى سيناء بهدف إعادة ضبط الأوضاع، والسيطرة على تمدد حركة "الإخوان المسلمون"، على أن يتزامن مع هذا السيناريو الخوض في مفاوضات عبر وسطاء مع عدد من أعضاء "الجماعة" لفضّها عن قيادتها.
ويتابع عبدالفتاح أن السيناريو الثالث هو توجيه ضربات أمنية جزئية من خلال القبض على بعض قيادات "الجماعة"، ومداهمة عدد من مكاتبها الإدارية في المحافظات، ليكون الهدف من ذلك إعطاء رسالة مفادها أن الجيش والشرطة قادران على ردع "الجماعة"، على أن يتزامن ذلك مع استمرار المفاوضات وإعطاء "الجماعة" بعضاً من مطالبها، كأن تعطى ضمانات بتخفيف محاكماتهم، لإرساء حالة من التهدئة، ما من شأنه أن يرضي المجموعة الأوروبية وأميركا اللذين يطالبان بالإفراج عن الرئيس.
أبرز سيناريوهات ما بعد تفويض "السيسي":
1- القضاء على البؤر الإرهابية فى سيناء وإطلاق العنان للتصدي لأعمال العنف والإرهاب التى تشهدها حدود مصر خاصة مع انتشار الجماعات المتشددة والمسلحة هناك والتي تقوم بأعمال إجرامية تزهق أرواح الكثيرين.
2- فض اعتصامات "رابعة" و"النهضة"، وهذا ما توقعه عدد من الخبراء السياسيين الذين رأوا أن تكليف كتيبة واحدة من الجيش والشرطة للقبض على رؤوس الجماعة المختبئة وسط المعتصمين كفيلة بإنهاء هذا الحشد والقضاء عليه نهائياً.
3- تقديم قيادات "الجماعة"، علماً أن الكثير من القضايا تنتظرهم وعلى رأسها التخابر لصالح جهات أجنبية وهي التهمة الموجهة إلى الرئيس المعزول محمد مرسي، والتحريض على القتل وإثارة الفتن وهي قضية تشترك فيها غالبية القيادات وبالتالي تقديم تلك الرؤوس للمحاكمة.
4- إجراء مصالحة وطنية ودفع الجماعة لتقديم مزيد من التنازلات والجلوس على طاولة المفاوضات التي ظلّت قيادتها ترفض الجلوس عليها من قبل.
"الاخوان" يقررون الاستمرار في التظاهر يومي السبت والاحد
في غضون ذلك، أعلن التحالف الذي أسسه "الاخوان المسلمون" إثر الاطاحة بمرسي في الثالث من تموز/ يوليو الجاري، انه مستمر في التظاهر يومي السبت والاحد "لاسقاط الانقلاب"، معتبرا أن الشارع المصري إنحاز إلى صفه.
وجاء في بيان لـ"التحالف الوطني لدعم الشرعية": "إننا نثق بأن اليومين القادمين من، مليونية اسقاط الانقلاب، ستكون حاسمة في تاريخ مصر".
وأضاف البيان أن "عشرات الملايين التي خرجت في كل محافظات مصر ترفض الانقلاب العسكري الفاشي الدموي الذي يريد إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وترفض أي حديث عن التفويض بالقتل والذبح لأي مصري تحت أي ادعاء أو ذريعة".
واعتبر البيان ان تظاهرات امس "اوقفت قائد الانقلاب عند حده، وعلى القيادة العامة للقوات المسلحة تنحية هذا الرجل الذي لم يعد يصلح للقيادة"، في اشارة الى وزير الدفاع عبدالفتاح السيسي.
من جهته، أكد الدكتور أحمد دراج، القيادي فى "جبهة الإنقاذ الوطني" على فشل مبادرة المصالحة الوطنية وذلك بسبب تعنت "جماعة الاخوان" وعدم تقبلها فكرة عزل مرسي. وأوضح دراج فى تصريح خاص لـ"العهد" أن "موقف الجماعة الحالي خاطىء وغير معترف به لإصرارهم على السلطة مهما كانت نتيجة الحكم"، مضيفا: "أعتقد أن الاعتصام سوف "يأكل نفسه" وسيتفكك قريباً، فبعد فترة لن يتبقى إلا عدد قليل، هذا العدد من الممكن أن يحاول الاندماج في المجتمع ومع القوى السياسية القريبة من توجهه كالأحزاب السلفية".
القيادي فى جبهة الإنقاذ الوطني أحمد دراج
وقال دراج "اننا لن نسمح لأي دولة بالتدخل في الشأن المصري، فهؤلاء يريدون تدمير مصر كالعراق وفلسطين، ولن نمكنهم من ذلك فقد كنا ومازلنا نرفض مجيء "كاثرين آشتون" التى قدّمت الدعم لجماعة "الإخوان المسلمين"، لأن وجود "الإخوان" في السلطة يمثل مصلحة للدول الغربية وخاصة "الولايات المتحدة الأميركية التي تدافع عنهم بكل ما تملك".
القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني الدكتور أحمد دراج
وحول التفويض الشعبي الذي تلقاه السيسي للقضاء على الارهاب قال دراج إن "دور الجيش محوري، فهو الذي يحمي الأمن القومى المصري، ولا يمكن الاستغناء عنه، كما أنه يتحمل مسؤولية تأمين الحدود وحماية المواطنين في الداخل والخارج"، ورأى أن "قيامه بدعوة الشعب للنزول كان رسالة للجميع بأن ماحدث فى 30 يونيو هو ثورة وليس انقلابا كما يريد الغرب ترويجه للضغط على مصر".
خمسة قتلى و72 جريحاً في اشتباكات الاسكندرية
إلى ذلك، أعلن رئيس الإدارة المركزية للرعاية العاجلة والحرجة بوزارة الصحة والسكان خالد الخطيب أن أحداث شارع النصر اليوم السبت أسفرت عن مقتل 20 شخصا وإصابة 177 آخرين حتى الآن، مؤكدا أن جثث القتلى موجودة فى مشرحة مستشفى التأمين الصحي.
جرحى في مصر
وكان أمس قد شهد مقتل خمسة أشخاص وإصابة 72 آخرين بجروح في اشتباكات بين مؤيدي مرسي ومعارضيه بالاسكندرية شمال مصر، بحسب ما أكد مصدر أمني رفيع المستوى بوزارة الداخلية.
واوضح المصدر أن "من بين المتوفين الخمسة ثلاثة مجهولين مصابين بطلق ناري، مشيرا الى أنه جاري حاليا التعرف على هوياتهم".
من جهة اخرى، قال المصدر نفسه ان 16 شخصا اصيبوا بجروح جراء اطلاق ثلاثة أشخاص النار على مسيرة متجهة من المرج (شمال القاهرة) الى ميدان التحرير. واضاف المصدر الامني أنه "تم نقل المصابين الى المستشفى لتلقي العلاج اللازم حيث خرج منهم 12 شخصا بعد تلقي الاسعافات اللازمة، وتم حجز الأربعة الباقين لاستكمال علاجهم". وقبضت قوات الامن بالقاهرة على 15 من مؤيدي مرسي المعزول خلال الاشتباكات التي شهدها حي شبرا.