أنهى الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله خطابه في يوم القدس حاسماً أمر شيعة علي بن أبي طالب (ع)، هم لن يتركوا فلسطين ولن يتخلّوا عنها. بعكس جدية وقدسية عهد السيد نصر الله، تَدَافَع أعداء مشروع المقاومة لتغليف قسم السيد بعناوين مذهبية وطائفية، ليغطّوا تقصيرهم وحلفائهم من زعماء وملوك وأمراء عرب في دعم القضية الفلسطينية. الأكيد أنهم لن يعودوا الى رشدهم العروبي القومي، فمن سلك طريق طعن فلسطين لن يستطيع الرجوع عنه، سيكتفون بترداد شعارات دعم القدس لفظياً، أما الفعل فهو في مكانٍ آخر بعيد عن فلسطين واحتلالها.
إمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود يضحك ساخراً لدى سماعه بمحاولات مذهبة كلام السيد نصر الله، يرفض التحدّث بلغة المجاملات وخصوصاً عندما يعني الأمر الأمين العام لحزب الله.. يصف خطاب السيد، الأخير تحديداً، بـ"العقلاني البعيد عن المذهبية"، يُعرب عن اعتقاده بأن "الهجمة التي يتعرّض لها الشيعة في أصقاع العالم في ظلّ التفجيرات التي تضرب العراق وباكستان والمنطقة هي التي دفعت سماحته لاستئذان جمهوره والتحدث كشيعي للمرة الأولى"، ويلفت الى وجود رغبة أمريكية وغربية بسماع شكوى الشيعة من "التعرّض لكلّ تلك المآسي بسبب القضية الفلسطينية السنية".. "رغبة لم تتحقق فالسيد نصر الله جزم أننا لن نتركها مهما فعلتم لأنها قضية إسلامية بعكس كلّ الحملات التحريضية التي تساق على المقاومة".
يرفع حمود في حواره المقتضب مع "العهد" من درجة أهمية خطاب السيد نصر الله "فمن كان يهتمّ بفلسطين ويدرك خطر "اسرائيل" ويواجهه بهذا القدر، لا يمكن أن يُتّهم بالمذهبية".
"وبقدر ما هو مرحّب بالشيعي غير المعادي لـ"اسرائيل" دولياً وخليجياً، فإن العداء العربي والغربي يُنصب للسنّي المتمسك بخيار المقاومة والدفاع عن فلسطين"، يشير حمود الذي يقسّم الصراع الدائر اليوم بين مشروعين لا ثالث لهما "بين مقاومة وغير مقاومة، بين زوال "اسرائيل" وبقائها بين المشروع الأمريكي و عدمه.. هذه هي الحرب الحقيقية التي ألبسوها الثوب الشيعي السني"، يقول إمام مسجد القدس في صيدا مذكّراً بأنه "عندما انتقل الرئيس المصري الراحل أنور السادات الى الحلف الأمريكي بات مقبولاً عربياً".
الشيخ ماهر مزهر عضو تجمع العلماء المسلمين، لا يرى من ناحيته في كلام السيد نصر الله "إلا خطاباً إسلامياً أو فليتجرّأ أي حاكم عربي على القول "نحن أهل السنة مع فلسطين"، مستبعداً حصول ذلك "لأن السيد الأمريكي سيؤنبّه مباشرة ويمنعه من التلفظ بهذا".
مزهر يؤيّد قَسَم السيد بعدم التخلّي عن فلسطين ويقول لـ"العهد": "كلنا شيعة علي في القضية الفلسطينية وتحرير القدس"..، يضيف "ليس المقصود الشيعة المذهبيين بل الشيعة السياسيين الذين يقفون وحدهم مع القدس بينما أموال الخليج تُصرف لضرب القضية وشرذمة الفلسطينيين ومنعهم من العودة الى أرضهم".
عضو تجمع العلماء المسلمين يتحدّث عن العداء للسني المتمسك بالمقاومة مقابل تقبل الشيعي غير المعادي لـ"اسرائيل"، مؤكداً أن "همّ هذا السني الأول هو فلسطين وحماية المقاومة فهذا واجب إسلامي جامع لأنها دعوة من الله"، ويستشهد بحديث للنبي محمد (ص) يقول فيه "لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود"، لافتاً هنا الى أن الرسول لم يذكر لا شيعة ولا سنة في الحديث ما يعني أن المسلمين جميعاً معنيون بالدفاع عن فلسطين".
ويشير مزهر الى أن "الشيعة هم طائفة من المسلمين الذين يضعون نصب أعينهم فلسطين رافضين الفتنة أو القتال الداخلي"، ويعتبر أن "خطاب السيد يؤكد أن المقاومة والشيعة والإماميين في لبنان هدفهم تحرير فلسطين".
مزهر ينتقد من يدّعي أن كلام السيد يعطي صدقية لمشروع "الهلال الشيعي" الذي يسوّق له بعض الملوك العرب، جازماً بأن "بذور الفتنة المذهبية زرعتها هذه المقولة التي بدورها أوعت المقاومة لخطورة الوضع في المنطقة"، ويشدّد على أنها "مقولة وحلم اسرائيلي بدأ يلوح بعد انتصار الأيدي المتوكلة على الله على المخرز وكسرته في عامي 2000 و2006"،ويخلص الى أن "ليس لها أصل إلّا في أوهام الحالمين بفتنة سنية شيعية".