المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله: المرحلة هي الأخطر في تاريخنا وعلينا ألا نلقي باللوم على الخارج فحسب

الوكالة الوطنية للاعلام 08/01/2008
أكد آية الله السيد محمد حسين فضل الله، في رسالة وجهها الى الشعوب العربية والإسلامية لمناسبة السنة الهجرية الجديدة "أن المرحلة التي نعيشها هي من أخطر المراحل في تاريخنا الإسلامي، حيث برز الاستكبار والشر كله لتدمير الإسلام كله في سياسته واقتصاده وأمنه وثقافته"، مشيرا إلى أن على المسلمين أن يستعيدوا آفاق الهجرة من أجل أن يمنحوا الإسلام حركية في وجدان الأجيال وفي ميزان الواقع، وأن يوحدوا مواقفهم ليهاجروا من الضعف إلى القوة، ومن هامش التاريخ إلى الفاعلية فيه"(.. )


أولا: تعكس الهجرة، في واقعها التاريخي، حالة المعاناة الصعبة والتحدي الشديد الذي واجهه النبي والمسلمون من الصحابة معه، في الوقت الذي كان التخطيط الإسلامي يتحرك لبدء مرحلة جديدة في أفق الدعوة والثقافة والحركة وبناء الدولة ومواجهة التحديات وإدارة الصراع، حتى استطاع الإسلام أن يفرض وجوده في الواقع العربي إلى جانب القوى الأخرى. وهذا الأمر يفرض علينا، ونحن الامتداد لتلك المسيرة، أن نتحمل مسؤولياتنا من أجل صناعة التاريخ من جديد، لا أن نحصر أنفسنا في اجترار أمجاد التاريخ، والواقع عندنا، ينفتح على أكثر من سقوط، والله يقول: "تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون".


ثانيا: إن المرحلة التي نعيشها هي من أخطر المراحل في تاريخنا الإسلامي، حيث برز الاستكبار والشر كله من أجل تدمير الإسلام كله، في سياسته واقتصاده وأمنه وثقافته، هذه المرحلة التي أدخلت الواقع الإسلامي كله في متاهات السياسة الدولية والاقتصاد العالمي المستكبر، وأشغلت المسلمين في كثير من القضايا الصغيرة والهامشية، حتى لا يبقى الإسلام قوة تملك المشاركة في تقرير مصير العالم، ونظاما ينفتح على حياة المسلمين من أجل أن يتحرك في قوانينهم وشرائعهم، حتى أصبحت المطالبة بتطبيق الإسلام تهمة يحاكم عليها المطالبون بها حتى في البلاد الإسلامية.


ولذلك فإن على المسلمين أن يستعيدوا آفاق الهجرة من أجل أن يمنحوا الإسلام حركية في وجدان الأجيال، وفي ميزان الواقع كله، وأن يوحدوا مواقعهم ومواقفهم وتطلعاتهم لتأكيد القوة الواقعية التي يملكونها من خلال الثروات الطبيعيّة المخزونة في أرضهم، أو المواقع الاستراتيجية التي تمتد في بلدانهم، أو العقول التي تتحرّك في طاقاتهم، أو الروح التي تسمو بالمادة، أو القيم التي تمتد في حركة الواقع، وأن يرفضوا الاستكبار كله، رفضا مطلقا بجميع أوضاعه، لنهاجر من الضعف إلى القوة، ومن العجز إلى القدرة، ومن هامش التاريخ إلى الفاعلية في صنعه.


ثالثا: إن علينا أن لا نلقي باللائمة في سقوط واقعنا على الخارج فحسب، وإن كان له الدور الكبير في ذلك، فلا نغفل عن كل نقاط الضعف التي نعيشها، والتي يقف في مقدمتها الجهل والعصبية والانغلاق والغلو، والتي جعلت فئات تتحرك بالتكفير والقتل والتفجير والتدمير، مما جعل من المسلمين مزقا لا ينفتح بعضهم على بعض، ولا يؤازر بعضهم بعضا، وذلك بأن نعود إلى كتاب الله الذي قال: "فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول، وإلى رسول الله الذي قال: "المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا"، وقال: "المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، في ذلك الواقع الممزق هو الذي أفقدنا فلسطين، وما زال يفقدنا أكثر من فلسطين، وأمن للاحتلال البيئة الملائمة ليبقى في بلادنا طويلا، قابعا على ثرواتنا، وعابثا بمقدراتنا، ومحركا للفتن والفوضى في مجتمعاتنا، ومستغلا الأساليب التي تتحرك بها بعض الجماعات التكفيرية لإظهار الإسلام بصورة الدين الذي يتحرك بالعنف ويشجع إرهاب الناس ولا يؤمن بالعدل والسلام، ومشوها كثيرا من مفاهيمه الروحية والأخلاقية والإنسانية، بما يؤدي إلى اعتبار الإسلام دينا لا يصلح للحياة، ولا يملك صنع الحضارة الإنسانية.


رابعا: إذا كانت بداية تاريخنا الهجري تنفتح بنا على ذكرى عاشوراء، فإننا نريد لهذه الذكرى أن تكون مناسبة إسلامية منفتحة على قضايا الوحدة، برفض كل أساليب الإثارة التي تسيء إلى قوة الإسلام في وحدته ومستقبله، فإن القيم التي انطلق بها الحسين لم تكن إلا قيم الإسلام التي يلتقي عليها المسلمون جميعا. لنأخذ من التاريخ قيمه في حركة القدوة، ولندع منه خصوصياته التي تمثل تكليف الذين صنعوه"(.. )

08-كانون الثاني-2008

تعليقات الزوار

استبيان