المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

السيد فضل الله: تقرير فينوغراد هو إقرارٌ بهزيمة قوات الإحتلال وتأكيدٌ على أن الحرب انطلقت بقرار صهيوني مسبق

الوكالة الوطنية للإعلام -1/2/2008
ألقى العلامة المرجع السيد محمد حسين فضل الله, خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات السياسية والاجتماعية والدينية، وحشد كبير من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

"في كيان العدو زلزال يضرب من جديد مع نشر لجنة "فينوغراد" تقريرها حول الحرب الإسرائيلية على لبنان وإقرار إسرائيل بهزيمتها وخيبة أملها الكبيرة والخطيرة وتأكيد على أن الحرب انطلقت بقرار إسرائيلي مسبق واعتراف كامل من العدو بأن مقاتلي المقاومة استطاعوا الصمود وإنزال الهزيمة بأكبر قوة في المنطقة. وإننا أمام ذلك، وأمام هذا الاعتراف الإسرائيلي التاريخي بأن العدو قد دخل فعلا في عصر الهزائم والتراجعات من خلال عمل جهادي لبناني وعربي وإسلامي، وصل إلى درجة الإبداع. ندعو الجميع في العالم العربي والإسلامي إلى الوقوف مليا أمام هذا المنعطف الذي نعتقد أن إخلاص النيات كفيل بتمكين الأمة من أن ترسم من خلال ما حدث في هذه الحرب الخطوط التفصيلية لهزيمة وجودية لإسرائيل".

اضاف:"وإننا أمام هذه المناسبة، ندعو اللبنانيين جميعا إلى اعتبار ذلك نصرا لهم جميعا وإن تباعدت خطوطهم السياسية وغير السياسية، لتكون هذه المسألة بمثابة المحطة الحاسمة التي تعيد الجميع إلى صوابهم وتقودهم إلى التأكيد أن خيار المقاومة ومواجهة العدو هو الخيار الأسلم والأجدى... وليكون ذلك المنطلق لعودة اللحمة الداخلية للبلد الصغير الذي استطاع أن يلحق هزيمة منكرة بأعتى قوة في الشرق الأوسط. وإذا كانت المقاومة حققت تحررها بالجهاد والتضحيات، فإن الشعوب المستضعفة الأخرى، وبسبب ظروفها، لا تزال تأمل أن يكون مجلس الأمن الدولي موقعا دوليا يؤكد في قراراته على العدل السياسي والاقتصادي والأمني في الدفاع عن المظلومين والمضطهدين في العالم ولا سيما دول العالم الثالث التي تتضمن العالمين العربي والإسلامي. وكانت تأمل أن يكون ذلك من خلال دراسة المشاكل الصعبة القاسية التي تفرض عليها من قبل الدول الاستكبارية ولا سيما مواقع العولمة الاقتصادية التي تمثل أكثر الدول غنى في مؤتمراتها التي تخطط لتزيد الأغنياء غنى والفقراء فقرا. ولكن القانون الذي يحكم هذا المجلس الدولي ركز في نظامه عضوية الدول الكبرى بشكل دائم من أجل الحفاظ على مصالحها الحيوية الاستراتيجية وسيطرتها القوية على الشعوب الفقيرة المستضعفة بحيث تدفع بالقرارات في المواقع التي تخدم أوضاعها على حساب أوضاع تلك الشعوب، حتى أنها تمارس عملية الضغط على مصالح الأعضاء الآخرين الذين يكملون جهاز المجلس ليتوافقوا معهم في التصويت على المشاريع المطروحة من قبلها الأمر، الذي جعل هذا المجلس في قاعدته السياسية مجلسا للأمن القومي الأمريكي وملحقاته حتى الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا اللتين تخضعان في الغالب للسياسة التي تفرضها الإدارة الأمريكية. هذا إلى جانب الدول التي لا تملك التمرد على أمريكا على أساس نقاط الضعف الكامنة في تكوينها السياسي والاقتصادي.

ولعل من أكثر مظاهر هذا الاجتياح الأمريكي وحلفائه لهذا المجلس الموقف من إسرائيل، فإن هناك رفضا دائما شاملا لأي قرار يدين الدولة العبرية في احتلالها لفلسطين وفي مجازرها الوحشية على الشعب الفلسطيني، وفي إذلالها للمدنيين على معابرها وفي مصادرتها للأراضي الفلسطينية لإقامة المستوطنات عليها للشعب اليهودي، ولوضع الجدار العنصري الذي يحول القرى والبلاد والأرض الزراعية الفلسطينية إلى سجن للفلسطينيين فضلا عن تشريدهم من بيوتهم بطريقة المصادرة لها لحساب اليهود كما يحدث في القدس".

وتابع:"ومن جانب آخر، فإن الإدارة الأميركية، وخصوصا بعد أحداث 11 أيلول، وضعت المقاومة الفلسطينية في دائرة الإرهاب وعملت على محاربتها وإدانتها من مجلس الأمن في قراراته الظالمة، لتحاول أن تؤكد أن كل ما تقوم به إسرائيل من أعمالها التدميرية الوحشية ومن إسقاطها لحقوق الإنسان يمثل دفاعا مشروعا عن النفس. وهذا ما يقوم به مجلس الأمن في المرحلة الحاضرة في دراسته للمشروع العربي في قضية الحصار الإسرائيلي لقطاع غزة بإغلاق المعابر بينها وبين الضفة بحيث تمنع وصول الأغذية والأدوية ومصادر الطاقة التي تغذي الكهرباء ووسائل النقل ومواقع الصناعة للشعب الفلسطيني في عملية تجويع وترويع وإظلام للمدنيين كافة. فقد تقدم العرب بمشروعهم لفتح المعابر وإعادة الحرية لنقل الحاجات الضرورية الحيوية للقطاع ولكن المندوب الأميركي وقف وقفة عنيدة ظالمة لمنع إصدار قرار يفرض على إسرائيل الاستجابة للمطالب الإنسانية الضرورية وإعادة الحرية للشعب الفلسطيني في حاجاته الحيوية، لأنه يطلب من المجلس إصدار قرار حاسم ضد المجاهدين في الامتناع عن إطلاق الصواريخ ضد المستوطنات، بحجة أن ذلك هو السبب للقرار الإسرائيلي في إغلاق المعابر، ولكنه في الوقت نفسه لم يطلب من المجلس إصدار قرار يمنع إسرائيل من قصف المدنيين بالصواريخ الأميركية بطائراتها المتطورة ومن اغتيال قادة الانتفاضة واجتياح القرى والمخيمات سواء في الضفة والقطاع. وهذا ما منع المجلس من إصدار قرار متوازن توافق عليه بقية الأعضاء، لأن أميركا التي تملك حق النقض، الفيتو، ضد أي قرار لا ينسجم مع توجهاتها سوف تستعمل هذا الحق الذي يمثل سيفا مسلطا على رقاب الشعوب المستضعفة في قضاياها المصيرية التي لا تلتقي مع السياسة الأميركية. وربما تتحرك الإدارة الأميركية لتتمرد على المجلس إذا لم يوافق على سياستها كما فعلت في احتلالها للعراق. ولم نجد هناك أي موقف عربي ضاغط للوصول إلى قرار إيجابي لمصلحة فتح المعابر بين الضفة وغزة، لأن العرب لا يملكون إرادة الموقف في مواجهة القرار الأميركي".

واضاف:" أما في اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، فقد تأكد أن واشنطن كانت هناك، وأن العقاب على حرب تموز وانتصار المقاومة على إسرائيل كان الدافع لواشنطن كي تضغط في أكثر من اتجاه لمنع المشاركة الفعالة في السلطة التي يفرضها الدستور والميثاق اللبناني القائم على الديموقراطية التوافقية لا العددية، ومن اللافت أن بعض المواقع الدينية والسياسية المسيحية التي كانت ترفض الحديث عن الديموقراطية العددية وعن الاستفتاء الشعبي لانتخاب رئيس الجمهورية لإخلاله بالتوازن الطائفي بدأت تتحدث في أجواء الأزمة عن الأكثرية والأقلية".

"وفي الموقع الذي تتمثل فيه حكومة العدو وحكومة السلطة الفلسطينية، نلاحظ أن اللقاءات بين رئيسي الحكومتين لم يحقق أية نتيجة إيجابية لمصلحة الشعب الفلسطيني في فتح المعابر من جهة، وفي الكف عن الاغتيال في الضفة وغزة من جهة أخرى وفي بعض قضايا الحل النهائي، لأن إسرائيل تتصرف مع هذه السلطة بطريقة الضحك على الذقون وإضاعة الوقت وانتظار بعض التطورات التي تتيح لها التفلت من التزاماتها في الدولة الفلسطينية القابلة للحياة استنادا إلى التأييد الأميركي المطلق في بقية ولاية الرئيس بوش وفي الولاية الجديدة للرئيس المنتخب القادم ديموقراطيا أو جمهوريا، لأن إسرائيل هي أساس سياسة الإدارة الأميركية، ولأن العرب لا يمثلون أي ثقل في أية إدارة أميركية، ولا سيما مع مشاريع المحافظين الجدد وفريق إسرائيل في أميركا".

وتطرق العلامة فضل الله الى الوضع في لبنان, وقال:" إن أول الكلام فيه هو الرصاص الذي ينطلق ردا على من يتظاهر مطالبا بحقوقه المدنية والشرعية ليكون الرصاص الأمني والعسكري هو جزء من الرصاص السياسي الذي ينطلق تارة في التصريحات والمواقف السياسية، وقد رأينا أن البعض وضع التظاهرة المطلبية في سياق حالات الشغب التي لا بد من مواجهتها".

وقال:"ان العالم كله يشرع للناس اللجوء إلى التظاهر السلمي للاحتجاج على الأوضاع السلبية التي قد تنطلق من خلال سياسة هذه الحكومة أو تلك، حتى إذا تفاقمت الأوضاع تدخلت السلطة من خلال خراطيم المياه أو الأساليب التي تحرص على حياة الناس، وقد رأينا في ضواحي العاصمة الفرنسية كيف أن مئات السيارات أحرقت ولم يسقط متظاهر واحد برصاص قوى الأمن، ولم يصدر من السياسيين الفرنسيين والسلطات هناك أية مواقف تضع القضية في نطاق الصراع السياسي أو أن تبادر لتصفية المتظاهرين واغتيالهم".

اضاف:" ومن اللافت في لبنان الذي يتحدث فيه الكثيرون عن الدولة التي تحمي المواطن وحدها، إن هذه الدولة بحكوماتها لم تستطع اكتشاف أحد من المجرمين المسؤولين عن الاغتيالات والتفجيرات منذ بداياتها في اغتيال الحريري مع امتلاكها للمزيد من القوى الأمنية، حتى أن لجان التحقيق الدولي لم تستطع الوصول إلى أية نتيجة حاسمة، بل يحاول البعض إلقاء المسؤولية على الاستخبارات. ولكن السؤال لماذا لم تكتشف الاستخبارات المحلية الرسمية والحزبية بعض هؤلاء الذين يمارسون الجريمة من الخارج، فيعمدون إلى توجيه التهمة في الصراع السياسي إلى هذا الفريق أو ذاك، من دون دليل قضائي ليزيدوا النار اشتعالا".

واوضح:"إن مشكلة لبنان أنه كان ولا يزال ساحة للاستخبارات الدولية والإقليمية التي توظف بعض الجهات المحلية والشخصيات الطائفية لتحقيق مشاريعها المتنوعة التي لا تمنح لبنان سلاما بل تجعله في قبضة الفوضى والاهتزاز على طريقة قبضنا على القتيل وفر القاتل. إننا ندعو المسؤولين في هذه الدولة إلى أن يكونوا جادين في الوسائل التي تحمي الإنسان في لبنان ولا تكون القضية قضية شعار يطلق في سوق المزايدات السياسية".

وختم:"كما اننا نتوجه إلى وسائل الإعلام في لبنان بصرف النظر عن هويتها وانتماءاتها لكي تتوخى الحقيقة في ملاحقاتها ومتابعاتها لكل الأحداث، وأن تتقي الله في تغطيتها الخبرية وفي برامجها، وأن لا تصب الزيت على النار في عملية توظيف سياسي أو مذهبي أو طائفي أو حزبي لأن من شأن ذلك أن يحرق البلد كله لا أن يحرق فريقا بعينه، ولأننا نعتبر أن الظلم الذي يلحق بأي فريق في لبنان سيصيب الجميع بطريقة وأخرى... ولذلك نريد للإعلام أن يكون صوتا للعدل وللحقيقة وأن يتوخى الدقة والموضوعية، وأن يمارس عملية الرقابة الذاتية لا أن يتحول بوقا للعابثين بأمن الناس والمتاجرين بآلامهم وجراحاتهم".

01-شباط-2008
استبيان