المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

آية الله فضل الله :إسرائيل اعترفت بهزيمتها أمام المجاهدين في الوقت الذي شعر الكثير بالعقدة من المقاومة

الوكالة الوطنية للاعلام 08/02/2008
ألقى آية الله السيد محمد حسين فضل الله, خطبتي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، في حضور عدد من الشخصيات العلمائية والسياسية والاجتماعية، وحشد من المؤمنين، ومما جاء في خطبته السياسية:

لا يزال الجدل السياسي يهز الكيان الصهيوني حول الحرب العدوانية التي شنها على لبنان في تموز 2006، حيث بتنا نجد تغييبا لسلسلة من القواعد التي كان العدو يتباهى بها من قبيل المحاسبة وصولا إلى المعاقبة حتى على مستوى رؤساء الحكومات, الأمر الذي يخفي وراءه اهتزازا بنيويا أصاب هذا الكيان في كثير من مستوياته, وكانت النتيجة أن اعترف العدو بالهزيمة أمام المقاومة في لبنان، من دون أن يرتب على هذا الاعتراف آثارا سياسية داخلية، تحت سلسلة من الحجج والعناوين التي أظهرت كيان العدو كأي دولة من دول العالم الثالث في طريقتها في إدارة شؤونها السياسية والقضائية أمام الاستحقاقات الكبرى.

وقال: لقد اعترفت إسرائيل بهزيمتها أمام المجاهدين المقاومين، في الوقت الذي شعر كثير من العرب بالعقدة من المقاومة, لأنها تربك مشاريع السلام التي يلهثون وراءها، إضافة إلى التعقيدات الداخلية اللبنانية التي حملت المجاهدين مسؤولية الحرب، وأثارت الحديث عن مأساة الصامدين مع المقاومة، وأدخلت قضية الانتصار في الجدل الداخلي، حتى كأن إسرائيل هي المنتصرة، وانطلق الحديث عن المطالبة بنزع سلاح المقاومة حتى والحرب لم تضع أوزارها، من دون أن ينطلق تخطيط على المستوى الرسمي لتسليح الجيش ودعمه ومنحه القرار السياسي ليصبح قادرا على رد العدوان الإسرائيلي, الأمر الذي يوحي بغياب المسؤولية عن الوطن والمستقبل لدى كثير من الطبقة السياسية. إننا نعتبر أن الهزيمة التي أصابت إسرائيل هي ـ أيضا ـ هزيمة للادارة الأميركية، التي كانت الحرب حربها، حيث اعتبرت هذه الحرب بوابة أميركا إلى الشرق الأوسط الجديد، وقد مارست الإدارة الأميركية ضغوطا هائلة لإطالة أمد العدوان، خصوصا وأن مجلس الأمن لم يصدر إلى الآن قرارا بوقف إطلاق النار، مانحا كيان العدو نوعا من حرية تجديد العدوان عبر القرار 1701 الذي اعتبرته إسرائيل نصرا لها.

وتابع: وهذا هو منهج الإدارة الأميركية تجاه كل شعوب المنطقة وقضاياها، حيث لا تزال تشجع العدو على قصف المدن والقرى الفلسطينية وارتكاب المجازر وتحريك الاغتيال، تحت حجة الدفاع عن النفس، تماما كما يدافع الذئب عن نفسه حين يقتل الحملان الوديعة. ولكن أبطال الانتفاضة لا يزالون يواجهون العدو بصواريخهم التي هزت أمنه وأربكت مستوطناته، ومثلت آخر عملياتهم العملية الاستشهادية في ديمونة صدمة عسكرية ومعنوية للعدو، ولاسيما أن المجاهدين قد استعادوا هذا الأسلوب الموجع في حربهم مع العدو.

اضاف: وإننا نأسف أن تصدر الرئاسة الفلسطينية بيان استنكار وإدانة للعملية، متناسية أن العدو يحرك قراره السياسي وترسانته العسكرية لقتل المدنيين وتدمير البيوت وجرف البساتين, لأن المسألة لدى هذا العدو هي تخدير السلطة الفلسطينية من خلال الاجتماعات الثنائية وإذلالها والامتناع عن منحها أية مبادرة لتخفيف الضغوط عن الشعب الفلسطيني على المعابر وفرض الحصار التجويعي والحيوي على المدنيين بما يمثل العقاب الجماعي الذي رفضت أميركا إدانته في مجلس الأمن، ومنعت استصدار قرار لرفع المقاطعة عن قطاع غزة, لأن إدانة هذا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين يمثل إدانة للاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان.

وأكد إن الولايات المتحدة لا تؤمن بحقوق الإنسان العربي والمسلم والمستضعف، وهي تتعامل مع الأنظمة العربية كأدوات لخدمة مشاريع هيمنتها في المنطقة، أو كمصارف تمول كل حروبها عليهم، أو مجرد أوراق لصرف الأنظار عن أزمات داخلية تعانيها الإدارة الأميركية في واقعها الداخلي.

وقال: ان على الحكومات العربية أن ترجع إلى صوابها، وأن تفهم طبيعة اللعبة التي تمتد من فلسطين إلى كل بلد عربي خاضع للسياسة الإسرائيلية والأميركية، والتي تجعل من الاستقلال نكتة سمجة في العالم العربي. وفي مظهر للاستكبار العالمي الذي يرفض أن تتحرك شعوب المنطقة في عملية صناعة القوة الذاتية، سارعت واشنطن إلى التنديد بالخطوة الإيرانية في خروجها إلى الفضاء الخارجي، من طريق إرسالها لصاروخ إيراني الصنع، صمم لإطلاق أول قمر اصطناعي للبحوث، في خطوة تظهر التقدم العلمي الذي حققته طهران في المجال التكنولوجي والعلمي، وعبر البيت الأبيض عن الأسف أن تواصل إيران اختبار صواريخ، معتبرا أن النظام الإيراني مستمر في اتخاذ خطوات لن تؤدي إلا إلى زيادة عزلته وعزلة الشعب الإيراني عن المجتمع الدولي، من دون أن يخفي بعض المحللين العسكريين الأميركيين أن هذا الاختبار قد يثير قلق الولايات المتحدة وإسرائيل.

وتابع:أما تعليقنا على ذلك، فهو أن أميركا لا تريد لإيران الحصول على التقدم العلمي الذي يتمكن من إنتاج صواريخ دفاعية، وقد تحدث المحللون إن هذا الاختبار جاء بعد مرور أسابيع قليلة فقط على قيام إسرائيل باختبار صاروخي، ليكون هذا الاختبار الإيراني رسالة من إيران تقول فيها لإسرائيل: إننا نستطيع أن نفعل ما يمكنكم عمله مهما يكن. والملاحظ أن أميركا لم تنكر على إسرائيل اختبارها الصاروخي، انطلاقا من استراتيجيتها في أن تبقى إسرائيل أقوى دولة في المنطقة وفي استخدامها، إذا لزم الأمر، لمهاجمة إيران بقصف مواقعها النووية السلمية. أما حديثها عن عزلة إيران عن المجتمع الدولي، فإننا نلاحظ أن أميركا هي التي أصبحت تعيش العزلة السياسية عن شعوب العالم الثالث من خلال رفض هذه الشعوب لاستراتيجيتها العدوانية الاستكبارية، وخصوصا في المآسي التي تلحقها بالشعوب الأفريقية بالتخطيط مع حلفائها، أو في صراعها مع بعضهم الآخر، كما في كينيا وتشاد والسودان والصومال.

وتطرق السيد فضل الله الى الوضع في لبنان, وقال:اما لبنان، فلا يزال الشعب ينتظر انتهاء التحقيقات العسكرية والقضائية التي تكشف المجرمين الذين أطلقوا الرصاص على الضحايا من شهداء وجرحى، والذين خططوا لتحويل الحركة المطلبية في التظاهر السلمي إلى مأساة إنسانية في خطة خبيثة تعمل على أن يفقد لبنان خصوصيته الحضارية في المطالبة بقضاياه الحيوية وتطلعاته السياسية وأوضاعه الاقتصادية، كما يفعل ذلك كل شعوب العالم المتحضر الذين قد تتطور تظاهراتهم إلى أعمال سلبية تخريبية، من دون أن تثير أية ردود فعل عنيفة على مستوى الجرائم الدموية، أو تنطلق التصريحات برفض النزول إلى الشارع لأنه لا يحل مشكلة، كما يزعمون.

اضاف: إن لبنان هو بلد الحرية السياسية الشعبية التي يريد البعض أن لا تنطلق إلا لحسابهم، ونحن نؤكد أن مسألة الشارع لا مشكلة فيها، بل هي حركة إيجابية إذا كانت سلمية لا عنف فيها. ولذلك فإن رفض النزول إلى الشارع الذي انطلق من مواقع دينية رسمية أو سياسية أو حزبية، سوف يفقد لبنان خصوصيته في أنه بلد الحرية.هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن المجازر التي حدثت في منطقة الشياح لم تحرك لدى كثيرين العنصر الإنساني لرفض الجريمة، بل استخدمت استخداما سياسيا لا يملك العقلانية والموضوعية، بل حاول البعض تحريك المسألة في عملية ردود فعل تختزن التهديد اللاواعي. ونحن نعرف أن الإخلاص للوطن يفرض على الجميع أن يدققوا في تصريحاتهم وكلماتهم للابتعاد عن عناصر الإثارة.

وختم: ثم إن الحديث عن بعض الجهات الأمنية الرسمية بأسلوب العصمة المطلقة التي لا يمكن محاسبة من أخطأ منها، ولا محاكمتها إذا أجرمت، هو حديث يبتعد بالمشكلة عن الحل، فلا بد أن يحاسب المخطىء ويحاكم المجرم، فلا قدسية لأحد عندما تكون القضية قضية الشعب كله، سواء كان في موقع ديني أو حكومي أو سياسي أو أمني, ومن هنا تبدأ حركة الدولة نحو احترام نفسها وإنسانها وحماية مستقبلها.

08-شباط-2008

تعليقات الزوار

استبيان