المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار

الجيش اللبناني ينهى معركة نهر البارد بالقضاء على مجموعات فتح الاسلام

الاثنين 03/09/2007
في خطوة وصفها الجميع بالانتصار الساحق، أنهى الجيش اللبناني أمس معركة نهر البارد بتصفية آخر مجموعات من تنظيم فتح الإسلام وقتل قائده شاكر العبسي في معركة استمرت ساعات قليلة خارج المخيم. وأعلن الجيش سيطرته على المخيم داعياً الأهالي الى تأجيل العودة حتى إنجاز عمليات التنظيف التي بدأت بها فرق متخصّصة.
قصة الوساطات الأخيرة بين الجيش والمسلحين
في الأيام والساعات الأخيرة، كانت قيادة الجيش اللبناني في جو أن تطوراً أمنياً أو عسكرياً سيحصل في «البارد» في الساعات المقبلة، وتزامنت عملية التبديل الواسعة في محيط المخيم، مع تشديد الإجراءات الأمنية عند المعابر الأساسية وبعض النقاط الحساسة، فيما كانت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني تتابع ساعة بساعة وقائع العرض المفاجئ الذي وصلها عبر رابطة علماء فلسطين، حيث أبلغها أحد قادة «فتح الإسلام» أبو سليم طه استعداد الحركة للاستسلام مقاتلين وجرحى وقياديين، ولكن وفق سلة شروط مع طلب الحصول على ضمانات معينة من جهات خارجية.
وجاء عرض «فتح الإسلام» بعدما رفضت قيادة الجيش اللبناني عرض إخراج الجرحى وحدهم، وبرزت ريبة داخل القيادة العسكرية «من أن شاكر العبسي يخطط لعملية فرار في ضوء نجاح مبادرة إخراج العائلات (النساء والأطفال)، وهو يسعى للتحرر من الجرحى، وإلا لماذا الإصرار على خروجهم طالما أنه يبدي الاستعداد للاستسلام؟».
ولدى إلحاح ابو سليم طه على إيجاد حل عاجل لقضية العائلات، توجه عضو رابطة علماء فلسطين الشيخ محمد الحاج إلى دمشق وأنهى مسألة الأوراق الثبوتية، لا بل أكثر من ذلك، سهّلت قيادة الجيش عملية انتقال زوجة طه من صيدا إلى الشمال لمقابلة بعض أفراد عائلتها، كما سهلت أموراً مماثلة لبعض نساء المسلحين وأطفالهم من باب إبداء حسن النية و«اختبار» حقيقة نوايا قيادة «فتح الإسلام».
وفي الوقت نفسه، وبعد إلحاح من الجيش، سلم ابو سليم طه عرضاً لـ«الرابطة» يتضمن عدداً من العناصر، تبدأ بإقفال ملف انتقال عائلاتهم الى خارج لبنان، ومن ثم تتم عملية الاستسلام بعيداً عن الإعلام، على أن تتوفر ضمانات لاحقة تقضي بعدم إساءة المحققين أو أعضاء المحكمة لاحقاً، لهم ولمعتقداتهم الدينية، كما طلبوا ضمانات تتعلق بحدود العقوبات وهل يمكن أن تصل الى الإعدام؟، فضلاً عن طلب الحصول على ضمانة إحدى الدول العربية في بيروت.
وفيما كان العرض محور «مداولات إيجابية» بين عدد من القيادات السياسية والأمنية، كانت قيادة الجيش اللبناني تقيم المعلومات الاستخباراتية والميدانية، فضلاً عن الاستمرار برصد الاتصالات بين قياديي «فتح الإسلام» وعائلاتهم، ودائماً وفق فرضية مفادها أرجحية أن يكون القرار السياسي بالفرار قد اتخذ من لحظة إخراج العائلات، ولذلك طلب من وحدات الجيش أعلى درجات الجهوزية والحذر، «استعداداً لأمر ما»، وهو الأمر الذي أظهرته وقائع فجر الأحد في الثاني من أيلول.
في التفاصيل الميدانية
فقد هاجم مسلحون انتحاريون في سيارة «مرسيدس» بيضاء اللون، عند الثالثة والنصف فجراً 02/09حاجزاً للجيش اللبناني على اوتوستراد المنية ـ العبدة لتليها مباشرة محاولة فرار جماعية في ثلاثة اتجاهات أحبطها الجيش اللبناني ودارت مواجهات عنيفة استخدمت فيها كافة أنواع الأسلحة الرشاشة والقنابل الهجومية. وتمكن الجيش من القضاء بشكل كامل على مجموعتي المحمرة والعبدة، في حين تمكنت المجموعة التي سلكت طريق مجرى النهر من الفرار والوصول إلى بلدة عيون السمك في قضاء الضنية ومن بعدها الى بلدات وادي الجاموس، ببنين والمحمرة في قضاء عكار.
وبدأ الجيش عملية تعقب لمن تمكنوا من الفرار، وضرب طوقاً أمنياً واسعاً، ونفذ عملية تمشيط مستعيناً بالمروحيات العسكرية والزوارق البحرية. وشملت الإجراءات القرى والبلدات المجاورة، وصولاً إلى طرابلس، وامتدت لتشمل معظم أنحاء الشمال، وصولاً إلى بيروت والجنوب والبقاع، كما أغلق الطرق الرئيسية في المنطقة، وخصوصاً طريق المنية ـ العبدة الدولي.
وأوضحت أوساط عسكرية أن المسلحين أقدموا على هجومهم بوصفه «آخر خرطوشة»، في محاولة للفرار. وأفيد بأن عدد القتلى في صفوف المسلحين بلغ حتى عصر أمس 34 قتيلاً قالت مصادر عسكرية إن من بينهم قائد التنظيم شاكر العبسي والناطق الإعلامي «أبو سليم طه». وقال شهود إن بعض المسلحين قتلوا على أيدي مواطنين حملوا أسلحتهم الفردية وواكبوا الجيش في عملية المطاردة.
وبعد جدل نهاري حول مصير زعيم «فتح الإسلام»، شاكر العبسي وتضارب المعلومات بشأنه واحتمال تمكنه من الفرار، ارتفعت مساء أمس احتمالات مقتله في 157516041589160815851577_1575160415781610_16101593157816021583_1575160616071575_1578159316081583_16041588157516031585_157516041593157615871610_350ضوء وجود جثة مجهولة الهوية لرجل خمسيني في المستشفى الحكومي في طرابلس، تردد أن أحد المسلحين الموقوفين أفاد أن صاحبها هو العبسي، إلا أن الإعلان رسمياً عن حسم هويته ينتظر نتائج فحص الـ«دي إن آي» التي يفترض أن تظهر اليوم، أو غداً، بينما يستمر التدقيق في البحث عن جثة أبو سليم طه بين القتلى. فيما تمكنت مجموعة من الفرار عبر مجرى نهر البارد وعدد أفرادها لا يتجاوز العشرة وطاردتها عناصر الجيش وقتلت نحو خمسة منهم وفر الباقون، واستمرت مطاردتهم طيلة ساعات الليل. وفي إطار متابعته لفلول عناصر "فتح الاسلام"، اشتبك الجيش اللبناني(03/09) مع مجموعة من خمسة عناصر من المسلحين الفارين عند أطراف المخيم الجديد بالقرب من مفرق المحمرة، مما أدى إلى مقتل أربعة من العناصر فيما أقدم الخامس على تفجير نفسه. كما وقع جريحان من الجيش إصابتهما طفيفة.
وبعد انتهاء المعركة عصراً، واصل الجيش عمليات تنظيف باقي المواقع التي كان يتحصن فيها المسلحون من الألغام والأفخاخ، وكان فيها العديد من الجثث، التي تولت سيارات الصليب الأحمر نقلها تباعاً حيث جرى سحب عينات منها لإجراء فحوصات الحمض النووي للتعرف على أصحابها، خاصة ان بعض الجثث قد تشوه نتيجة قصف مدفعية دبابات الجيش. وبين القتلى عناصر من جنسيات عربية وتردد أن بينهم أكثر من شخص من جنسيات أوروبية!
وفور حسم الجيش المعركة، برزت حركة عفوية مرحبة من الأهالي في محيط المخيم، حيث خرج المواطنون في مسيرات تأييد للجيش وحملوا العسكريين على الأكتاف، وامتدت الاحتفالات لاحقاً إلى مناطق بيروت والضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب والجبل، فيما أجرى الرؤساء اميل لحود ونبيه بري وفؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري وقيادة «حزب الله» وعدد كبير من القيادات السياسية والروحية اتصالات تهنئة بقائد الجيش العماد ميشال سليمان.
العماد سليمان
وبدوره صرح قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان لـ«السفير» إنه ليس وقتاً للاحتفال والفرح، بل للاعتراف لهذه الباقة من شهداء الجيش اللبناني بأنهم أوسمة حقيقية على صدور كل اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق والأطياف السياسية.
أضاف «هؤلاء الشهداء، وهم التضحية الكبرى للمؤسسة العسكرية في تاريخ لبنان، افتدوا بدمائهم كل اللبنانيين، ولو تصورنا ماذا كان يمكن لهذه المجموعة الإرهابية أن تفعل لو مضت في مخططها، لرأينا المشهد العراقي يصيب لبنان، ولكنا أمام مشاريع من الفتنة المتنقلة، كانت ستصيب آلاف اللبنانيين. وهذا ما يؤكد أن الجيش افتدى الوحدة الوطنية وقدم نموذجاً جديداً لها، وهي صارت اعتباراَ من هذه اللحظة أمانة بيد كل السياسيين، بحيث ينبغي عليهم أن يستثمروا هذا الانتصار، من خلال تقديم تنازلات متبادلة تصب في خانة صيانة الوحدة الوطنية، وهو الهدف الذي ضحى من أجله وما يزال آلاف العسكريين».
وتابع قائد الجيش أن الجيش الذي آلى على نفسه أن يبقى ضنيناً بالوحدة الوطنية، «يعتبر أن هذا الانتصار الوطني ضد الإرهاب الدولي، إنما هو أيضاً انتصار للقضية الفلسطينية، على الرغم من تستر البعض زوراً وبهتاناً بعباءة فلسطين أو الإسلام، وأننا نهيب بالأخوة الفلسطينيين المقيمين في لبنان، أن يعتبروا الجيش اللبناني، حاملاً لأمانة قضيتهم ولا سيما حق العودة الى ارضهم فلسطين وإسقاط كل مخططات التوطين».
وتعهد العماد سليمان أن يساهم الجيش بكل ما يملك من إمكانات لوجستية وبشرية في عملية إعادة إعمار مخيم نهر البارد.

03-أيلول-2007
استبيان