المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار العدو

انتخابات كديما وفوز ليفني لم يُخرجا الأزمة الإسرائيلية من عنق الزجاجة


حلمي موسى
جريدة السفير اللبنانية - 22/9/2008
يشكل فوز كل من تسيبي ليفني وشاؤول موفاز، من الجولة الأولى للانتخابات، بأكثر من أربعين في المئة من أصوات منتسبي حزب كديما أكبر دليل على أن كل ما كان مطلوباً هو اختيار بديل لرئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت. فالفارق الكبير بين ليفني وموفاز ووجود مرشحين آخرين لم يجتذبا نسبة كبيرة من الأصوات يظهر أن الصراع كان شخصياً. وليست أفكار تسيبي ليفني هي التي انتصرت كما ليست أفكار موفاز هي التي هزمت. فالاثنان في نظر منتسبي كديما سواء، لأنهما مجهولان بهذا القدر أو ذاك. كل ما كان مطلوباً هو تأكيد البديهي: الزعيم الجديد ليس أولمرت.
الأولى التي فازت بفارق أصوات محدود أرادت أن تقول إنها ليست أولمرت في كل ما يتعلق بطهارة الكف. والثاني أراد الذهاب أبعد فركز على خلفيته الأمنية وأظهر تشدده السياسي. وعدا ذلك لا يمكن الحديث عن فوارق جدية بين ليفني وموفاز لا على الصعيد الداخلي ولا على الصعيد الخارجي. لقد كانت ليفني، القادمة من عائلة حيروتية "محاربة"، بين الأشد تحفظاً في الحكومة الإسرائيلية على الخطوات التفاوضية مع الفلسطينيين. لكنها بطريقة ذكية كانت تخفي تحفظاتها عبر التركيز على ما كانت تعتبره عقداً مركزية. ولهذا السبب كانت تصر هنا وهناك على موقف حاد وواضح من قضايا اللاجئين والقدس.
أما موفاز فكان يبدو كمن يظهر عضلاته في الأطراف التي يجيد استخدامها. وهكذا فإنه في كل ما يتعلق بسياسة الحكومة الإسرائيلية إزاء غزة كان يقف في موضع المختلف كما أنه في كل ما يتصل بسوريا ولبنان لديه حلول أخرى. ومع ذلك فإن سياسيين إسرائيليين مثل يوسي بيلين يعتقدون أن خلفية موفاز العسكرية في ظروف معينة تسهل عليه، لو كان رئيساً للحكومة، تقديم تنازلات سياسية. وهو في ذلك لا يختلف كثيراً عن جنرالات آخرين تولوا رئاسة الحكومة في إسرائيل على عكس من تربوا، مثل ليفني، في أحزاب أيديولوجية.
وثمة من يؤمن أن الفائزة في الانتخابات التمهيدية لحزب كديما لم تجتز سوى المرحلة الأسهل. فالناخب في كديما والجمهور الإسرائيلي عموماً كان يريد فقط إبعاد أولمرت، وهذا ما تم. ولكن هذا الناخب وهذا الجمهور سيتطلع إلى أداء مغاير من القادم الجديد. وهنا تبدأ المصاعب. وأول هذه المصاعب هي بث الاستقرار أولاً في كديما ثم في الائتلاف الحكومة وأخيراً في إسرائيل. وتبدو كل واحدة من هذه المهمات مهمة مستحيلة بذاتها.
فحزب كديما الذي نشأ كمخيم للاجئين من الحزبين الأكبرين، الليكود والعمل، في نظر البعض، لم يبلور لنفسه أبداً أي برنامج سياسي أو اجتماعي محدد واكتفى طوال الوقت بشعارات عمومية. وهناك من يقول إن كل حزب كديما نشأ حول شخصية "قبضاي الحارة" (أرييل شارون)، الذي التف الإسرائيليون حوله فقط من أجل صد خطر الانتفاضة الفلسطينية. وأن غياب "القبضاي" هو ما قاد إلى ظهور ضعف خليفته إيهود أولمرت الذي أظهر عجزه في الحرب والسلم على حد سواء. ويصعب تماماً الإيمان بأن ليفني يمكن أن تعيد لقيادة كديما صورة »القبضاي«. وما انسحاب شاؤول موفاز من القيادة الآن إلا إشهار للمواجهة المقبلة في كديما.
ويبدو أن أول من سيحطم صورة "القبضاي" هذه هم زعماء كديما الآخرون الذين سيصعب عليهم تقبل فكرة العمل تحت إمرة ليفني أو تقديم المقربين منها عليهم.
غير أن هناك من يؤمن أن المصلحة التي تجمع قادة كديما سوف تبقي خلافاتهم تحت السقف الواحد. ولكن ثمة من يقول، عكس ذلك، إن الخلافات الائتلافية والمصاعب التي ستواجه ليفني ستمزق هذه المصلحة والحزب.
ومع ذلك فإن الإشكالية الأكبر هي الإشكالية الائتلافية. فهي التي ستجعل بقاء كديما أو غيابه موضع استفهام. فحزب كديما ليس مخلوقاً كحزب معارض وإنما كحزب حاكم. وإذا فشلت ليفني في تشكيل حكومة بديلة خلال الفترة المسموح بها فإن السؤال عن انشقاق كديما هو: هل سيحدث ذلك قبل أم بعد الانتخابات العامة المبكرة؟
لا يبدو أن حزب العمل أو الليكود، وهما الخاسران الأكبران من نشوء كديما، على استعداد لتسهيل مهمة بقاء هذا الحزب. وإذا كان العمل قد قبل الشراكة مع كديما في لحظات قوة الأخير فإن من المشكوك فيه أن يبقى هذا القبول على حاله. وقد بدت مظاهر التراجع في قبول زعامة كديما منذ تولى إيهود باراك زعامة الحزب. وهذا ما تجلى في صراعاته مع إيهود أولمرت ثم حملاته على تسيبي ليفني. أما الليكود فإنه يرى فوزه في الانتخابات العامة نصب عينيه وهو يعرف أن كل ساعة إضافية في حكم كديما يعني ابتعاده عن حقه في رئاسة الحكومة.
ويمكن أن يضاف إلى الليكود والعمل موقف شاس الأقل حدة، ولكن البالغ الأهمية. وهذا ما يجعل الخيارات الائتلافية أمام ليفني محدودة جدا وربما معدومة. وقد يدفع هذا ليفني إلى القبول بتشكيل حكومة طوارئ تهدف إلى إعداد إسرائيل لانتخابات مبكرة. وهنا يدخل في الموضوع أمر الأزمة الاقتصادية والمخاطر الأمنية التي تحيط بإسرائيل في ظل الوضعين الإقليمي والدولي. وقد يكون التوافق على هذه المخاطر أهم عنصر في إطالة عمر حكومة الطوارئ إلا إذا تقرر مسبقاً أن لا مخرج لإسرائيل من الأزمة الراهنة سوى إجراء انتخابات بأسرع ما يكون.
22-أيلول-2008

تعليقات الزوار

استبيان