المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار العدو

مواجهة الأخطار المحدقة بـ"اسرائيل" بإثارة الداخل الايراني يدلين من واشنطن: "حذارِ من الموجة الثانية من الثورات"


إعداد: علي شهاب

"الأمن في الشرق الأوسط" عنوان ندوة عُقدت في العاصمة الأميركية تخللها تكريم للصحفي الاسرائيلي "زئيف شيف" بعد اربع سنوات على وفاته. اللواء عاموس يدلين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، كان الضيف الأبرز على الندوة التي استعرضت "الربيع العربي" من منظور اسرائيلي.
على الرغم من أن "الربيع العربي" هو بلا شك أهم حدث وقع في الشرق الأوسط منذ السبعينيات من القرن الماضي، وله أهمية كبرى لإسرائيل، إلا أننا لا نفهم مساره حتى الآن. ومن المبكر جداً التنبؤ بتبعات الانتخابات المصرية، أو بالحرب في ليبيا، أو الاضطرابات في سوريا. وعلاوة على ذلك، فإن "القوتين العظميين" الإقليميتين الأهم في المنطقة؛ إيران والمملكة العربية السعودية، بالكاد قد تأثرتا من هذه الاضطرابات.
ومن أجل تقويم التبعات المترتبة عن الثورة التي تجتاح المنطقة، يجب أن نحلّل كل دولة على انفراد. علينا أن لا نفترض أن تأثير الدومينو سوف يترسخ، لأن كل دولة تواجه تحديات وانقسامات وسياقات تاريخية مختلفة. وفي حين تعاملت بعض الدول مع المظاهرات بإقالة مسؤولين، أرسلت أخرى قوات عسكرية إلى الشوارع، بينما دفعت دول أخرى المليارات لمواطنيها لقمع رياح التغيير.
وعلاوة على ذلك، هناك خلاف أساسي حول الأفكار المفاهيمية للثورة. ومن المرجح أن يقوم كل من تنظيم « القاعدة» وطهران بوصف "الربيع العربي" بأنه انتصار للثورة الإسلامية. وفي المقابل، يحتفظ التصور السوري بالفكرة القائلة بأن الثورات قد جاءت تعبيراً لمعارضة قيام سلام مع إسرائيل. ومع ذلك، فلعل التصور الأكثر دقة هو ذلك الذي تحمله الشعوب العربية والمتمثل بتطلعها إلى العدالة، والحرية، ومستقبل أفضل. وبطبيعة الحال، تحتاج الديمقراطية إلى بعض الوقت لكي تتطور، ويحق للعرب وضع خطط لنماذج ديمقراطية تناسب تاريخ بلادهم الخاص وتقاليدها.
وحتى الآن، يبقى "الربيع العربي" ثورة بلا قيادة، ولا يزال العالم ينتظر ظهور أولئك القادة الذين سيحددون مستقبلها. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن عدداً من البلدان قد انضمت إلى "الربيع العربي" لكن ليس لديها الحماسة للقيام بثورة فعلية. وبالفعل، دفع لبنان، والعراق، والشعب الفلسطيني ثمناً باهظاً عن المواجهات التي دارت بين فصائلها المحلية، وهذه الشعوب ليست على استعداد للتضحية باستقرارها عن طريق تجديد هذه الاضطرابات.
ومن الناحية التاريخية، تحتوي ثورات سابقة على العديد من الدروس والتحذيرات. أولاً، إن الثورات يمكن خطفها كما حدث في فرنسا عام 1789، وروسيا عام 1917، وإيران عام 1979. وفي مثل تلك الحالات، غالباً ما تكون الموجة الأولى من الثورة بمثابة انتفاضة شعبية مستوحاة من النوايا الحسنة، بينما تجلب الموجة الثانية زعيماً يبرهن أنه حتى أكثر قمعية من النظام الذي سبقه. وبالتالي، يجب أن نكون حذرين من أن لا تكون الموجة الثانية من"الربيع العربي" ثورة مضادة.
ثانياً، إن التغيير الجوهري قد يصبح ظاهراً فقط على المدى البعيد. فعلى الرغم من أن "ربيع" عام 1948 في أوروبا كان قد فشل على المدى القريب، إلا أن الأفكار الليبرالية والوطنية التي وُلدت من تلك الحركة قد أثرت على مسار التاريخ الأوروبي طوال القرن العشرين.
ثالثاً، إن تحليلاتنا وتوقعاتنا يجب أن تأخذ في الاعتبار رواية النفوذ الذي لا يمكن التنبؤ به حتى الآن، والذي تتمتع به وسائل الاعلام الاجتماعية والشاملة. وعلى الرغم من أن الثورة التي بدأت عن طريق موقع التواصل الاجتماعي " فيسبوك" تسمح بقيام اتصالات سريعة بصورة يصعب تصديقها، وتستطيع حشد الناس في الشوارع بأعداد كبيرة، أسرع بكثير من قابلية الحكومات على اتخاذ القرارات وتعبئة قواتها، إلا أنها ليست ظاهرة يمكنها وحدها أن تقرر مصير الثورة.
رابعاً، من المهم عدم الهلع. لا يمكن لإسرائيل أن تبقى غير مبالية لعملية الدمقرطة التي تشجع تبني قيم تؤيدها إسرائيل؛ ألا وهي الحرية والعدالة وسيادة القانون والديمقراطية، حتى لو تبدو هذه التغييرات خطرة على المدى القريب. وبما أنه نادراً ما تدخل الدول الديمقراطية في حروب مع بعضها البعض، تشكل عملية التحول الديمقراطي العربي بصورة عامة تطوراً إيجابياً للغاية بالنسبة لإسرائيل. وهناك عدد من الفرص الأخرى التي يمكن أن تكون لها أيضاً آثار إيجابية بالنسبة لإسرائيل:
• يتنامى الإدراك في الشارع العربي بأن إسرائيل ليست المشكلة الأساسية في الشرق الأوسط. وفي حين يواجه العالم العربي مشاكله الخاصة به، بدأ يرى أن العلل الإقليمية لن تتوارى عن الأنظار ببساطة، إذا ما تم فقط حل القضايا بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
• إذا كان السوريون يدركون أن مستقبل بلادهم يكمن في تحقيق انفتاح سياسي وإحلال السلام، عوضاً عن الاعتماد على إيران ودعم «حزب الله» ومنظمات إرهابية أخرى، فبإمكانهم أن يحفزوا حدوث تدهور في محور التطرف في المنطقة.
• والأهم من ذلك كله أنه إذا ما انتشرت الثورة إلى إيران، فعندئذ يمكن التغلب على المشكلة الأولى التي تواجه إسرائيل والشرق الأوسط.
وبالرغم من هذه الفرص، يجب على إسرائيل أن تواصل دراسة النتائج الأقل تفضيلاً والاستعداد لها. إن الأول من بين هذه التهديدات هو العودة إلى المواجهة العنيفة مع مصر. وعلى الرغم من أن أياً من البلدين لا يريد تجدد إراقة الدماء أو إعادة تخصيص الموارد لأغراض الدفاع، يجب على إسرائيل أن تقوم بدراسة هذه الإمكانية لكي تبقى مستعدة.
والثاني هو التهديد الذي يشكله عدم الاستقرار المحتمل في الأردن الذي تشاركه إسرائيل أطول حدودها. ومع ذلك، فقد أبدت ممالك المنطقة حتى الآن، اهتماماً باحتياجات شعوبها، وصمدت أمام ضغط الثورة.
والثالث، يجب على إسرائيل أن تبقى حذرة من ميل الأنظمة العربية إلى تصدير مشاكلها إلى إسرائيل، سواء بالقول أو القوة. فعلى سبيل المثال، يمكن أن تحاول سوريا تحويل الانتباه عن الاضطرابات الداخلية، بقيامها بأعمال عنف في مرتفعات الجولان أو طلبها من «حزب الله» إثارة صراع في شمال إسرائيل.
والرابع، ستكون إسرائيل مهددة إذا أدت أي من هذه الثورات إلى قيام حالة من الفوضى. فعلى سبيل المثال، إذا ما تم حل الحكومات المصرية والسورية والأردنية أو إضعافها إلى أجل غير مسمى، فبإمكانها أن تفقد السيطرة على الترسانات العسكرية التي تشمل في بعض الحالات صواريخ باليستية وأسلحة كيماوية.
ومن ناحية صياغة السياسة الإسرائيلية، إن أول تداعيات هذه الدروس والتي يجب أن تأتي في المقام الأول هي اتخاذ موقف "استراتيجيات سلبي" يتجنب الاعتراض والتدخل على حد سواء. ولا تستفيد إسرائيل من فرض نفسها في عملية هي ليست فيها محور الهدف. يجب على إسرائيل أن تكون حذرة أيضاً في استجاباتها لاستفزازات إيران أو «حزب الله» أو «حماس»، لا سيما إذا كانت هذه الأعمال تهدف إلى تحويل الانتباه عن الاضطرابات في مجتمع معين، مثل لبنان أو غزة.
وبطبيعة الحال، لا بد من رسم خطوط في مكان ما، وإذا ما أُجبرت إسرائيل على اتخاذ إجراءات، ستحتاج أن تقود تحركاتها بحكمة. كما يجب عليها أن تواصل التخطيط على المدى الطويل، وتحافظ على الردع الاستراتيجي القائم بالفعل. ينبغي على إسرائيل أن لا تفترض حدوث أسوأ النتائج، ولكن يجب عليها أن تبدأ بالأعمال التحضيرية في حالة بروز مثل هذه المشاكل.
وفي أعقاب اندلاع الثورات العربية، سقطت بعض الأنظمة وتنحى بعض الحكام، لكن لا تزال معظم المشاكل التي يعاني منها الشرق الأوسط تقليدياً قائمة على ما هي عليه.
ورغم أن إسرائيل قد تظهر الآن بأنها لا تشكل سوى قلق سطحي وسط الأحداث الجسام التي تمر بها المنطقة، يجب علينا ألا نسمح لهذه التطورات أن تنتقص من المسألتين الإقليميتين الأكثر إلحاحاً ألا وهما: طموحات إيران النووية وعملية السلام في الشرق الأوسط. إن سعي إسرائيل لوضع سياسات فعالة خلال "الربيع العربي" يجب أن لا يطغى على الأهمية الحاسمة لهذين الموضوعين أو الفرص الجديدة لمعالجتهما.

06-نيسان-2011

تعليقات الزوار

استبيان