المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار العدو

الحكومة اللبنانية الجديدة و"إسرائيل"


المركز البريطاني ـ الإسرائيلي

تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي ونجاح قوى الثامن من آذار في هذه المهمة، كانت موضع متابعة من مراكز الابحاث والدراسات الغربية خصوصاً تلك الموالية أو المؤيدة لـ"اسرائيل"، وهنا دراسة تقدير للوضع أجراها المركز البريطاني ـ الإسرائيلي توضح كيف ينظر الاحتلال الإسرائيلي لتشكيل الحكومة برئاسة نجيب ميقاتي ووضع حزب الله في هذه التشكيلة، والاستحقاقات التي قد تواجهها الحكومة في المرحلة المقبلة
.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
النقاط الأساسية

• يتسم الائتلاف الجديد في لبنان بصعود نجم حزب الله وحلفائه ووصولهم الى الهيمنة السياسية الواضحة في البلاد. هذا انجاز هام وبارز بالنسبة لحزب الله والكتلة الاقليمية بقيادة ايران، ما يرسّخ ويحصّن حرية حزب الله بالعمل في لبنان
.

• هذا التطور أمر مرحّب فيه بالنسبة لسوريا، المتحمسة للحفاظ على جارٍ صديق لها خلال هذه الفترة من صراعها الداخلي، بالاضافة الى احتواء خطر المحكمة الخاصة بلبنان، المتوقع منها اتهام مسؤولين سوريين ومسؤولين في حزب الله بقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

• قالت اسرائيل في الماضي بأنه اذا ما بدأ حزب الله صراعاً آخر مع اسرائيل، فان اسرائيل ستعتبر الدولة اللبنانية مسؤولة. ان درجة الهيمنة السياسية الجديدة لحزب الله تزيد من مصداقية هذا الموقف
.


• اذا ما اندلع صراع آخر بين اسرائيل وحزب الله، فانه سيفرض كلفة عالية جداً على الجانبين. هذا الأمر، اضافة الى المكاسب التي حققها حزب الله سياسياً، قد يجعل حزب الله أكثر حذراً بشأن البدء بأعمال عدائية في المستقبل.

مقدمة

عقد حزب الله وحلفاؤه في الأسبوع الماضي أول جلسة تشاور للائتلاف الحاكم الجديد في لبنان الموالي لسوريا ولايران. هذه نقطة مهمة جديدة تُسجل في سجل الهيمنة السياسية لحزب الله، الحركة الشيعية الأصولية اللبنانية المتطرفة. فللمرة الأولى منذ " ثورة الأرز" عام 2005، التي أنهت الوجود السوري العسكري في لبنان، يهيمن العناصر الموالون لسوريا وايران على الحكومة في بيروت. فحركة 14 آذار الموالية للغرب هي الآن معارضة. ولطالما وضع حزب الله نفسه في موضع قوة المعارضة المسلحة للوجود الإسرائيلي. وخلال حرب لبنان الثانية، والصراع الدموي الذي دام 6 أسابيع في العام 2006، أطلق حزب الله آلاف الصواريخ على المدن والبلدات في شمال اسرائيل.
فما هي تعقيدات بروز الحكومة الجديدة، التي يهيمن عليها حزب الله وحلفاؤه، على الوضع المتأزم والمتوتر على الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية؟

كيف شكلت الحكومة الجديدة؟

بدأت مفاوضات الائتلاف في لبنان في كانون الثاني/ينايرالماضي، عقب قرار حزب الله وحلفائه الموالين لسوريا الانسحاب من الحكومة الائتلافية بقيادة رئيس الوزراء، آنذاك، سعد الحريري وكتلة أحزاب 14 آذار الموالية للغرب. هذا القرار كان مصمماً لمنع الحكومة من دعم المحكمة الدولية التي تحقق في جريمة قتل رئيس الحكومة اللبناني الأسبق رفيق الحريري. ان الضغط من قبل سوريا لأجل اتمام تشكيل الحكومة الجديدة له صلة بواقع توقُّع اصدار القاضي في المحكمة الخاصة بلبنان دانييل فرانسين، في وقت قريب جداً، المذكرات الاتهامية في قضية الاغتيال. ومن المتوقع بأن تتم تسمية أعضاء من حزب الله وربما مسؤولين سوريين عندما تصدر مذكرات الاتهام. وقد أرادت سوريا، وهذا واضح، أن يكون هناك حكومة في لبنان يمكن الاعتماد عليها لرفض سلطة المحكمة الدولية، اذا ما حصل الأمر. ان التحول الذي حصل من قبل الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وكتلته النيابية الى جانب حزب الله منح هذه الكتلة أكثرية برلمانية صغيرة.
هناك دليل لا بأس به يدل على أن النزاعات القديمة التي كانت جارية حول كيفية تقسيم السلطة في مجلس الوزراء الجديد قد تم حلها نتيجة التأثير والضغط السوريين. فرغم انتهاء الوجود العسكري السوري في لبنان في العام 2005، لا يزال لسوريا نفوذ سياسي معتبر داخل البلاد. وهذا الأسبوع، قال جنبلاط لصحيفة الأخبار التابعة لحزب الله بأن "الأسد طلب من حلفائه تسريع تشكيل الحكومة، لأن تشكيل الحكومة سيخفف الضغط على سوريا". والنتيجة مجلس وزراء تسيطر فيه كتلة أحزاب 8 آذار بقيادة حزب الله، الموالية لسوريا وايران، على أكثرية الـ 30 بالمئة من مقاعد الحكومة. كما أن رئيس الحكومة الجديد، نجيب ميقاتي، رجل أعمال ملياردير، وهو سني، لكنه مرتبط بشكل وثبق بالسوريين.
ان الرغبة السورية بانتهاء المفاوضات (حول تشكيل الحكومة) قد تكون مرتبطة أيضاً بالثورة الحالية ضد نظام الأسد داخل سوريا. فوجود حكومة صديقة في لبنان الجار أمر نافع وهام بالنسبة للأسد، في الوقت التي يجتذب فيه نظامه الادانات الدولية المتزايدة بسبب قمعه الوحشي للمتظاهرين المناهضين للنظام. وقد كان حزب الله مميزاً بدفاعه الصاخب والعنيف عن نظام الأسد. فالحركة تتخوف من سقوط حليفها، وكان هناك تقارير عن نقل حزب الله لإمداداته الصاروخية من سوريا الى داخل لبنان بسبب قلقه من عدم استقرار نظام الأسد.

ما الذي يعنيه بروز الحكومة اللبنانية الجديدة بالنسبة لاسرائيل؟

تمثل الحكومة الجديدة انجازاً هاماً وبارزاً لحزب الله، الذي ظهر الآن داخل المشهد الصريح على أنه القوة السياسية المهيمنة في لبنان. فحزب الله، الذي هو حركة شيعية متطرفة لها علاقات استراتيجية وايديولجية وثيقة الصلة بايران، يستمد شرعيته في لبنان عن طريق موضعة نفسه ضد اسرائيل. لقد أثبت نفسه كقوة عسكرية قوية وفعالة عندما اندلعت الحرب بين حزب الله واسرائيل في العام 2006. ورغم أن حزب الله جلب لنفسه الضرر والدمار في العام 2006، فانه قد زاد من طاقاته وقدراته العسكرية منذ ذلك الحين.
أثبت حزب الله خلال أحداث العنف في أيار 2008، عندما تحركت الحكومة اللبنانية آنذاك ضده، بأن لا قوة في لبنان يمكن أن تعارض ارادته. ومع الحكومة الجديدة وحلفائه فيها، يكون حزب الله قد أسس لنفسه تفوقاً سياسياً سيمضي به الى جانب قوته العسكرية.
لأن حزب الله لطالما كان يشكل تهديداً كبيراً ورئيساً لاسرائيل، من وجهة نظر اسرائيل، فان الدور الأكثر صراحة ووضوحاً لحزب الله وحلفائه في الحكومة اللبنانية قد يكون له جانب ايجابي. اذ كان هناك مشكلة بارزة وهامة بالنسبة لاسرائيل خلال حرب 2006 وهي أن الحكومة اللبنانية آنذاك كانت تهيمن عليها حركة 14 آذار الموالية للغرب، التي لم تدعم أعمال حزب الله. هذا الأمر ترك اسرائيل في وضع صعب لجهة خوض حرب ضد حزب الله بينما تجنبت فيه إلحاق الضرر بالدولة، قدر الامكان.
قالت اسرائيل بأنه اذا ما بدأ حزب الله صراعاً آخر معها، فان اسرائيل ستعتبر الدولة اللبنانية مسؤولة وتقوم بردها العسكري وفقاً لذلك. وان درجة الهيمنة السياسية الجديدة لحزب الله في لبنان تزيد من مصداقية هذا الموقف.
كان حزب الله، مع ذلك، يحاول الحفاظ على الاحتكاك عن طريق أنشطة عناصره المسلحة بطريقة "لا تُلزم" الحكومة التي هو عنصر رئيس فيها. الا أن قضية كهذه سيكون من الصعب جداً القيام بها في السياق الحالي، حيث حزب الله وعناصر أخرى موالية لايران وسوريا هم القوة الأكثرية في الائتلاف (الحاكم).
سيكون لبروز الحكومة الجديدة في لبنان، على الأرجح، عواقب اضافية بخصوص مراجعة المساعدات الغربية للقوى الأمنية اللبنانية. فلطالما حاججت اسرائيل بالقول بأن المنطق من تقديم مساعدات كهذه لم يعد ينطبق هنا، بما أن القوى المعادية للغرب قد أصبحت هي المهيمنة في لبنان. فالجدل والنزاع حول هذه القضية هو أكثر صعوبة الآن. فقد سبق وأعاد الكونغرس الأميركي رزمة الدعم الكبيرة المقدمة للقوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن اللبناني. هذا الدعم بدأ بعد سحب سوريا لقواتها العسكرية من لبنان في العام 2005، وكانت محاولة لبناء ودعم الحكومة اللبنانية كحليف موالٍ للغرب، ومع الحكومة الموجودة الآن تحت سيطرة حزب الله وحلفائه، لم تعد هذه القاعدة ذات صلة.

هل تجعل الحكومة الجديدة في بيروت الصراع مع إسرائيل أمراً أكثر ترجيحاً؟

من غير المرجح أن تغير الهيمنة الجديدة لحزب الله على الحكومة الائتلافية في بيروت من حساباته الاستراتيجية بخصوص تجدد الصراع مع اسرائيل. فحزب الله تعافى، الى حد كبير، من خسائره ومن الأضرار التي تكبدها في العام 2006. في نفس الوقت، تَعْرِضُ التقارير كلها أن شهية جماهير حزب الله الأساسية لصراع متجدد مع اسرائيل ضئيلة، هذا اذا كان هناك من شهية أصلاً، وهي قاعدته الشيعية الناخبة الأساسية في جنوب لبنان. فكثيرون من سكان الجنوب اتخذوا القرار بترك المنطقة الى بيروت عندما يزداد الوضع الأمني توتراً وتأزماً، حتى يتجنبوا أن يجدوا أنفسهم عالقين وسط صراع متجدد. حزب الله حذر ويعلم بأن أية حرب جديدة ستشهد عملية أوسع نطاقاً لجيش الدفاع الإسرائيلي من حرب 2006.
عبَّر محلل لوكالة رويترز الأسبوع الماضي عن هواجسه من أن حزب الله قد يختار استثارة حادثة حدودية ما مع اسرائيل لتحويل الانتباه عن التمرد الحاصل ضد حكم الأسد في سوريا. وفي حين أنه لا يمكن استثناء احتمال كهذا، فان حزب الله هو في النهاية وكيل لإيران، وليس لسوريا، ومن غير الواضح ما اذا كانت الحركة نفسها أو راعيها الايراني يرغبان بالمخاطرة بتحدّ أمامي على الجبهة مع اسرائيل لحماية نظام الأسد. ومن الأرجح أن يكون حزب الله مشغولاً بتمتين حكمه ضد المعارضة المحلية المصممة في الفترة المقبلة.

الاستنتاج

ان بروز حكومة في لبنان يهيمن عليها حزب الله يمثل إنجازاً هاماً وبارزاً للكتلة الاقليمية بقيادة ايران، التي تُعتبر الحركة جزءاً منها. لقد جاءت هذه الحكومة نتيجة للضغط السوري على وكلائها اللبنانيين. اذ ترغب دمشق، عموماً، بحكومة صديقة لها في بيروت، لكن تحديداً الآن بسبب خطر المذكرات الاتهامية الصادرة عن محكمة الحريري، والوضع المتفجر داخل سوريا.
من وجهة نظر اسرائيل، لطالما مثلت القوات العسكرية لحزب الله تهديداً رئيساً لها. وإن الهيمنة السياسية الأكثر وضوحاً وصراحة لحزب الله تخفض الآن من الغموض حول من يحكم في لبنان الآن. فلطالما كانت لدى حزب الله حرية المناورة في لبنان. والآن لم يعد بإمكانه التلطي خلف وهم حكومة منتخبة موالية للغرب.
مع ذلك فان الهيمنة السياسية المتزايدة لحزب الله لا تجعل، بالضرورة، من المواجهة بين اسرائيل وحزب الله أمراً أكثر ترجيحاً في المستقبل القريب جداً. وقد أثبتت المناوشة الحدودية عام 2010 بأن احتمال اندلاع صراع غير متوقع أمر موجود دائماً، وبأن إمكانية حصول استفزاز لمصلحة سوريا الأسد أمر لا ينبغي استثناؤه. في كل الأحوال، ان الثمن المرتفع الذي سيدفعه حزب الله في صراع متجدد مع اسرائيل وواقع كون حزب الله هو، في نهاية الأمر، وكيلاً ايرانياً وليس سورياً، يخفض من أرجحية مخاطرة قيام حزب الله بمواجهة مع اسرائيل لمصلحة الأسد. فكل من حزب الله وايران لديه مصلحة في تمتين قوتهما الصاعدة في لبنان. أما ما اذا كان يمكن لإيران أن تدفع بحزب الله لتسخين الجبهة الحدودية مع اسرائيل خدمة لمصالح ايرانية في مرحلة ما في المستقبل القريب، فهذا أمر علينا انتظاره لنرى.
05-تموز-2011

تعليقات الزوار

استبيان