المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار العدو

"اكتشاف" انتصار معيوب بعد خمس سنوات على الفشل لا يجدي نفعا..



حسان ابراهيم
الخطاب الإسرائيلي في ذكرى مرور خمس سنوات على حرب تموز 2006، رواية رسمية لا يتقيد بها الكتاب والمعلقون في "اسرائيل". ردع حزب الله وانكفاء امينه العام، كإنجاز وكإنتصار اسرائيليين اكتشفا مؤخرا للحرب الحرب الماضية، لم يرق لكثير من المحللين، باعتباره ذر للرماد في العيون، وتعمية عن الحقائق.
على ذلك، جاءت كتابات الذكرى الخامسة للحرب، رغم الرواية الرسمية التي تقيد بها عدد من المسؤولين الإسرائيليين، تقول ما يلي:
حرب "إسرائيل" المقبلة مع لبنان، بما بات يعرف بحرب لبنان الثالثة، لن تكون حربا إسرائيلية لبنانية، فهي حرب إسرائيلية لبنانية زائد، دولا وقوى أخرى في المنطقة. والحرب، لن تبادر اليها تل ابيب، الا في حال اضطرت اليها اضطرارا، لانها ستكون مكلفة جدا ورهان على تحقيق اهداف قد لا تتحقق، ما يعني وجوب إيجاد بدائل أو تأجيل للخيار العسكري قدر الاستطاعة. الحرب، أيضا، ستجبي من "إسرائيل" اثمانا كبيرة غير مسبوقة، وستشهد تل أبيب ومدن "إسرائيل" الكبرى، تساقطا لم تشهده في تاريخها، لصواريخ أكثر دقة واكثر فتكا واكثر تدميرا. أيضا، لن تكون اسباب الحرب لبنانية بحتة، أي أن حزب الله لن يبادر اليها أو يتسبب بها انطلاقا من حسابات لبنانية، لان وضعه جيد في لبنان من ناحية سياسية، لكن يمكن أن تأتي الحرب في السياق الإيراني أو السوري. الحرب، أيضا وأيضا، ستكون كما كانت الحرب السابقة عام 2006، فشلا ذريعا للجيش الإسرائيلي، فالاستعداد والتجهز للحرب، وإن تحسن عن ذي قبل اسرائيليا، لكن يقابله تحسن وتجهز في الجهة المقابلة، من ناحية المقاومة، ما يعني أن النتيجة نفسها، مع دمار أكثر لـ"اسرائيل".
لقد عكست الحرب ضعفا عميقا في عمل الجيش الاسرائيلي. فهناك كتائب دخلت وخرجت من لبنان دون أي يعرف أحد سبب دخولها أو خروجها.. 
أجرت صحيفة "هآرتس" مقابلة مع رئيس مجلس الامن القومي السابق، واللواء في الاحتياط، غيورا آيلاند، بمناسبة الذكرى الخامسة للحرب (10/07/2011). اكد ايلاند في المقابلة، ما يردده دائما: "حاولنا صياغة هدف للعملية العسكرية (حرب تموز 2006) بعد فوات الأوان، كإنجاز هدوء وردع على الحدود اللبنانية. وبحسب هذه الاهداف الجديدة، نقول أن كل سنة تمر تعزز النجاحز لكن في الواقع تعزز نجاحا ظاهريا، لان اسباب الهدوء ليست بالضرورة مرتبطة بشكل مباشر بالحرب.. لقد عكست الحرب ضعفا عميقا في عمل الجيش الاسرائيلي. فهناك كتائب دخلت وخرجت من لبنان دون أي يعرف أحد سبب دخولها أو خروجها.. وما حصل مع الفرقة 162 في معركة السلوقي ليس الا نموذجا واحدا. فعمليات الجيش كانت إشكالية تقريبا في كل مكان. كما أن هيئة الأركان العامة لم تعمل وفقا لإجراءاتها الأساسية، علاقات المستوى السياسي والعسكري كانت ناقصة ومثلها أيضا الأداء الإستراتيجي، بدءا من الأسلوب وصولا الى الإهتمام بالمجال الإعلامي".
يضيف ايلاند : "القيادة السياسية الإسرائيلية في الحرب حددت أهدافا غير واقعية وأظهرت غطرسة. هذا صحيح، لكن الجيش أيضا قد أخفق"، ويتابع: "في حال اندلعت غدا حرب لبنان الثالثة، وعملنا وفقا للمبادئ ذاتها، فلن يكون لدى الجيش أمل بالإنتصار. صحيح أن الجيش قد تحسّن، لكن التحسن التكتيكي لحزب الله نوعي جدا. لديهم صواريخ أكثر من قبل، وهي صواريخ أكثر دقةً، ذات مدى أطول ومخبأة بشكل أفضل مما كان أثناء الحرب".
من جهته، قال قائد اللواء الشمالي السابق، ابان حرب تموز 2006، دان رونن، (موقع واللا الاخباري 15/07/2011)، أن "السؤال المطروح امام البحث بعد مرور خمس سنوات على حرب لبنان الثانية، هو الآتي: هل أن إسرائيل مستعدة لمواجهة حرب أخرى"، يجيب رونن على التساؤل بالقول: "الوحيدون الذين استخلصوا العبر من هذه الحرب، هم الإرهابيون في حزب الله".
يضيف رونن: "أنا أقدّر أنّ إسرائيل ليست مستعدّة لحرب أخرى في الجبهة الداخلية. فالعبر لم تستخلص، ووسائل الدفاع والحماية بالكاد طوّروها ومقابل كل ذلك، إمكانيات العدو بتوجيه ضربة إلى الداخل المدني، تضاعفت، بل أنها أصبحت أكثر بثلاثة أضعاف".
وردا على كلام قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، المغادر حديثا لمنصبه، غادي ايزنكوت، والذي شدد فيه على أن الهدوء شمالا هي إحدى نتائج الحرب بعد أن تحقق الردع ضد حزب الله واختفى امينه العام عن الظهور علنا، يقول رونن: "في الجيش الإسرائيلي هناك من يفسّر الهدوء على أنه إشارة للردع الفعال ضدّ حزب الله. وأنا لا أرغب بتعكير صفو الفرحة لديهم، لكن الهدوء في الشمال يبدو كأنه منظر جميل جدا لمن يسقط من اعالي الجبال، فيرى السهول الخضراء، المشهد رائع، الهواء يُلطّف الوجه، لكن تّهشم الجسد كله قريب جدا"، ويتابع يقول: "من أجل تجديد ترسانته الحربيّة من دون إزعاج، يحتاج حزب الله إلى الهدوء، هذا الهدوء هو الذي نتأثر به. الهدوء ما بعد الحرب، والهدوء ما قبل الحرب القادمة. الفترة التي منذ حرب لبنان الثانية يمكن إيجازها بـ: الوحيدون الذين استخلصوا العبر هم الإرهابيون في الحدود الشمالية. وفي الوقت الذي استخلص فيه حزب الله عبر، تزوّد بالصواريخ وعمّق خنادقه في جنوب لبنان، انشغلت إسرائيل بمناورات الجهوزية المغطاة إعلاميّا لاحتياجات إعلامية للداخل".
صحيفة "معاريف"، من جهتها، (11/07/2011) عبرت عن اشمئزاز من رواية إسرائيل للذكرى الخامسة للحرب، والحديث عن انجازات، مؤكدة أنه "يوجد مبالغة كبيرة من جانب المدافعين عن انجازات الحرب. أن الهدوء السائد على الجبهة قائم لانه يخدم حزب الله حاليا، وليس بسبب  قوة ردع إسرائيلية فعالة. الجبهة الداخلية عرضة للاستهداف.. في إسرائيل، وبعد مرور خمس سنوات على حرب لبنان الثانية، تماماً مثل فيتنام والاميركيين، يوجد كبت جماعي حول المشكلة".
وتابعت الصحيفة تقول: "علّمت حرب لبنان الثانية إسرائيل أنّ للقوّة العسكرية حدود, حتى مع ذلك، وإذا كان الجيش الإسرائيلي قد أعاد تأهيل نفسه منذ العام 2006, فمن غير المؤكد بتاتاً أنّ الدبلوماسية في إسرائيل تحسّنت، بل يمكن القول، وبتواضع، أن المسألة لا تقف عن حد عدم التحسن، بل هي تدنت كثيرا وكثيرا جدا".
 قام ربابين الحرب اثناءها بأخطاء لا يقبلها العقل. ولم تكن تلك الأخطاء شخصية فقط. بل نبعت من مشكلة القيادة الاسرائيلية ونوعها وقيمها وشكل سلوكها، ومؤسسات التخطيط والادارة والقيادة التي تخدمها".
بدورها، صحيفة "هآرتس"، لم تقف على حدود توصيف اداء السياسيين والعسكريين في الحرب، على انه اخفاق أو فشل، بل تناولت ما يحرم المعلقون الاسرائيليون على انفسهم تناوله، إذ اكدت أنه (14/07/2011) "إن كان ما حدث في حرب لبنان الثانية اخفاقا، فان الاخفاق الأكبر هو ما بعد الحرب.. لقد أُديرت حرب 2006 ادارة سيئة، وكانت نتائجها شديدة الخطر، لكن السنين الخمس بعد الحرب كانت أشد خطرا من ايام الحرب الثلاثة والثلاثين نفسها. ما تزال اسرائيل موغلة في غيّها حتى بعد سماع صفير الانذار واضاءة مصابيح التحذير. رفضت أن تفهم معاني الحرب العميقة. فلم تجابه بشجاعة الاخفاقات الجهازية والقيمية التي كشفت عنها الحرب".
تضيف هآرتس: "لم تستنتج اسرائيل استنتاجات ولم تستخلص دروسا ولم تُغير شكل ادارتها. إن الحرب التي نشبت كما نشبت في الثاني عشر من تموز 2006، لم توقظ اسرائيل من سباتها الذي تغرق فيه. كُشف في حرب لبنان الثانية عن اخفاق في القيادة، فقد قام ربابين الحرب اثناءها بأخطاء لا يقبلها العقل. ولم تكن تلك الأخطاء شخصية فقط. لم تنبع فقط من الضعف الشخصي لايهود اولمرت وعمير بيرتس ودان حلوتس، بل نبعت من مشكلة القيادة الاسرائيلية ونوعها وقيمها وشكل سلوكها، ومؤسسات التخطيط والادارة والقيادة التي تخدمها".
وتابعت الصحيفة: "لم تُعالج مشكلة القيادة منذ الحرب. لم يعد اولمرت وبيرتس وحلوتس موجودين هنا، لكن الداء ما يزال موجودا. إن جدلا شخصيا مُرا يتعلق بالمسؤولية الشخصية لقادة الحرب الفاشلة منع علاجا جذريا لمشكلة القيادة العامة. حدثت تغييرات هنا وهناك بعضها لاسوأ وبعضها لأحسن. لكن الجهاز السياسي والجهاز الاعلامي يتحملان المسؤولية عن أن الانشغال بالشخصي غلب الانشغال بالرسمي"، ومن الناحية العسكرية، تؤكد الصحيفة، أن الحرب "كشفت عن فشل عسكري شديد. فقد عمل الجيش الاسرائيلي مثل جيش غير مركز وغير جاد وغير حكيم. جيش أفسدته سياسة داخلية فاسدة.. في السنين الخمس التي مرت منذ نشبت الحرب لم يتم تسوية هذا التناقض الحاد بل زاد حدة. الاقتصاد مزدهر لكن المجتمع في وضع صعب. والانتاج الوطني الخام يرتفع لكن الحكومة لا تؤدي عملها. أنسينا أنفسنا صدمة صيف 2006 وعُدنا لنحيا وكأننا نحيا في جنوب كاليفورنيا. وهكذا سنُفاجأ مرة اخرى في يوم الحسم التالي. وسنسأل في يوم الحسم التالي ماذا جرى لنا".
"مرّت تقريبا خمس سنوات في الحقيقة على معركة الكتيبة 51 من لواء غولاني في بنت جبيل خلال حرب لبنان الثانية، لكن حتى اليوم تستمر المعركة بجني ثمن من المقاتلين الذين شاركوا فيها وبقوا على قيد الحياة. لقد صدّعت روح كل مقاتل في غولاني، كان في شهر تموز 2006 في تلك البلدة الملعونة في جنوب لبنان، وتركت فيه ندوبا لن تختفي".
18-تموز-2011

تعليقات الزوار

استبيان