المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار العدو

عندما يبتلع الكيان الغاصب "الضفادع"... بلا حرب على غزة


حسان ابراهيم

عندما لا يقوى الكيان الصهيوني على شن حرب، فإنه "يبتلع الضفدع"، بحسب التعبير والوصف الاسرائيلي لمن يكون في مأزق ولا يستطيع تقرير ما يجب فعله، وفي نفس الوقت لا يستطيع البقاء في مكانه. وما حدث لـ"اسرائيل" في اعقاب عمليات ايلات، والتصعيد الأمني شبه المنضبط والنسبي من ناحيتها، هو تحديدا واقع "بلع الضفادع"، رغم كل النتائج والتداعيات السلبية المفترضة على تل ابيب، لقرار الامتناع عن التصعيد الفعلي، او التسبب به.
لا تريد "اسرائيل"، ولا تقوى من ناحية فعلية في هذه المرحلة، على شن حرب او ما من شأنه ان يتسبب بها. ويمكن القول ان تل ابيب تخشى تداعيات المواجهة الواسعة في هذه المرحلة، ولا تقوى على احتمالها، فعملية عسكرية على شاكلة عملية "الرصاص المسكوب" عام 2009، من شأنها ان تكشف محدودية القدرة المادية للعدو امام الفصائل الفلسطينية في القطاع، وأن تجبره على دفع اثمان لا يريدها، فما بات في حوزة المقاومين من وسائل قتالية هو اكثر تطورا وفتكا ودقة، يمنع القرارات الاسرائيلية الاعتدائية عن الصدور. وهذا الواقع هو الذي يحكم الفعل الاسرائيلي لهذه المرحلة، وربما ايضا للمراحل القادمة.
كان واضحا، من اليوم الاول الذي اعقب عمليات ايلات النوعية، ورغم سقوط اعداد كبيرة من المستوطنين نسبيا، ان لا قدرة للعدو على شن حرب ضد القطاع، وانه سيحاول ان "يحتوي" الحادث، بأقل الخسائر الممكنة، مع رد، لا يؤدي بطبيعته، الى تصعيد واسع.
وكي لا تُفهم "اسرائيل" خطأ، كان لزاما عليها ان تُقرن التهديدات التي اطلقتها في اعقاب عمليات ايلات، بسلسلة من التسريبات التي تحدد بشكل مباشر نواياها وحدودها، كي لا يفهم الفلسطينيون ان الحرب قادمة لا محالة، وبالتالي يسارعون الى ضربات استباقية، تؤدي بدورها الى حرب بلا قدرة اسرائيلية على تجنبها.
في تسريبات الاعلام الاسرائيلي، يمكن ملاحظة ما اوردته صحيفة "يديعوت احرونوت"، مع ابرازه بشكل كبير في صفحاتها، اذ نشرت الصحيفة الاكثر انتشارا في الكيان الغاصب، بتاريخ 21-08-2011، ونقلا عن مسؤولين عسكريين وسياسيين، وصفتهم بالرفيعي المستوى، ان "تل ابيب تستعد لمواجهة كل احتمال وسيناريو ممكن مع قطاع غزة"، وبحسب هؤلاء، فان "الجيش يعمل على انزال ضربة مؤلمة بالمنظمات الفلسطينية، بهدف استرجاع قدرة الردع، وتدفيع الطرف الثاني ثمنا باهظا"، لكن في نفس الوقت، تؤكد هذه المصادر أن "احتمال شن عملية برية واسعة النطاق، ليس احتمالا عالي المعقولية في هذه المرحلة، وفي الجيش يفضلون تجنب حالة تنجر اليها " اسرائيل"، وتتسبب بحرب لا تريدها".
من هنا، فإن التهدئة الجاري الحديث عنها فجأة في "اسرائيل"، والتي يشار الى انها باتت مبلورة بين الطرفين، بل ويمكن القول مع كتابة هذه السطور انها دخلت حيز التنفيذ الفعلي رغم عدم الاعلان عن ذلك، تشير الى الواقع الاسرائيلي وانضغاط تل ابيب في هذه المرحلة. المسارعة الى قبول التهدئة، والقول، اسرائيليا، بأن "الامر مرتبط بسلوك الفلسطينيين انفسهم، وعدم اطلاق الصواريخ على اسرائيل"، تؤكد ما كان مؤكدا في المرحلة الماضية، من أن "اسرائيل" لا تريد، وغير قادرة، بل ولا تقوى، على شن حرب في المنطقة، رغم كل التصريحات والتهديدات الصادرة عنها، ورغم كل "القراءات" والكتابات الصادرة في تل ابيب، وفي غيرها ايضا، التي تبشر ليلا نهارا بالحرب الاسرائيلية على لبنان وعلى القطاع بل وعلى سوريا ايضا.
لو كانت "اسرائيل" قادرة وراغبة في شن حرب على محور الممانعة، لكانت بالفعل قد "استغلت" عمليات ايلات، لشن هذه الحرب. خاصة ان لدى اصحاب القرار في تل ابيب كل الدوافع الممكن ان تنوجد لشن حرب، إن كانت تقوى عليها، وتحديدا ان حكومة بنيامين نتنياهو معنية اكثر من اي وقت مضى، باحتواء وحرف اهتمام الجمهور الاسرائيلي عن الاحتجاجات الشعبية القائمة على خلفية اجتماعية واقتصادية، والتي كادت ان تهدد بقاء الائتلاف الحكومي متماسكا، ما هدد بقاء حكومة نتنياهو واستمرارها.
بعيدا عن كل التحليلات الصادرة من هنا وهناك، وفي اكثر من اتجاه وتوظيف، يمكن التأكيد على الآتي:
أن الحديث الاسرائيلي عن "تلقائية" الحرب في حال شن اعدائها عمليات ضدها، هو حديث تهويلي يستهدف ايجاد حالة من الردع، او تعزيزها في حال وجودها. فالحرب "الاوتوماتيكية" المراد ادخالها في وعي الفلسطينيين، وايضا وعي اللبنانيين، ليست بحرب واقعية وممكنة. تبين ان حروب وعمليات اسرائيل العسكرية، في اعقاب الفشل الاسرائيلي في حرب عام 2006 على لبنان، وايضا في الحرب على قطاع غزة عام 2009، تُقرر وتُشن بعد دراسة وتعمق غير مسبوقين في تاريخ القرارات الاسرائيلية، الامر الذي يعني من ناحية عملية، عدم شن الحرب من اساسها.
أن الثمن المتوقع ان تدفعه "اسرائيل" جراء اعتداء عسكري واسع النطاق، بات عاملا اساسيا في القرار نفسه، ويمنعه عن الصدور، رغم كل الدوافع والحوافز المرتبطة به. مدى الصواريخ الفلسطينية بات اكبر، وقدرتها التدميرية غير مسبوقة، ودقتها كبيرة جدا، وكل هذا يثقل بالتأكيد على القرارات الاعتدائية الاسرائيلية، ويمنع ظهورها.
أن "اسرائيل" غير مستعدة لخوض حروب مع اعدائها، رغم كل ادعاءاتها في هذا المجال. لا يمكن لاصحاب القرار في تل ابيب، ان يتجاوزوا ادراكهم بأن القدرات العسكرية للجيش الاسرائيلي، غير فاعلة ولا يمكنها ان تحقق الهدف، وبالتأكيد ليس بواسطة هجمات جوية عن بعد، بلا دخول بري والاشتباك المباشر مع المقاومين، الامر الذي يعني خسائر فادحة في ارواح الجنود الاسرائيليين، وهو ما لا يمكن التعايش معه اسرائيليا. فـ"إسرائيل" لا يمكنها ان تكرر خسارتها من جديد، في مواجهة كانت محدودة او واسعة، خاصة بعد حديثها المتواصل والمتكرر عن الاستعداد والتجهيز غير المسبوق، للحروب المقبلة.
ارتداع "اسرائيل" عن شن حرب، او ما من شأنه ان يتسبب بها، اشارة الى ادراك "اسرائيل" لمحدودية القدرة لديها، واشارة الى ان ما بات في ايدي المقاومين من قدرات، ناجع في منع الاعتداءات الاسرائيلية... وهذا ما تريده المقاومة، سواء في لبنان او في فلسطين المحتلة.
22-آب-2011

تعليقات الزوار

استبيان