المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار العدو

لماذا ترتدع "اسرائيل" عن حرب شاملة ضد قطاع غزة



حسان ابراهيم

تتبع حكومة "اسرائيل" بقيادة بنيامين نتنياهو، والتي تشارك فيها اغلب الاحزاب اليمينية المتطرفة، استراتيجية منع انزلاق الوضع الامني، على كل الجبهات التي تحاصرها، نحو تصعيد واسع النطاق لا تريده في هذه المرحلة. يشمل ذلك، بطبيعة الحال، اسلوب التعامل مع قطاع غزة، الذي ظهر جلياً في اعقاب عمليات شمال ايلات النوعية. والواقع أن انكباح اسرائيل وارتداعها، كان كبيراً وواضحاً، ولا لبس فيه.
ثلاثة عوامل تحكم الفعل الاسرائيلي في هذه المرحلة، وربما ايضاً للمراحل المقبلة، ومن الصعب ان تتمكن حكومة اسرائيل، مع ما توصف به من تطرف، من تجاوزها:
1- الظرف الدولي القائم، بما يتركز تحديداً على مسارات ومحاولات الاميركيين لاحتواء المتغيرات في الساحات العربية، والذي لا يمكّن صاحب القرار في تل ابيب من الاقدام على شن اعتداءات تؤدي في نهاية المطاف الى عرقلة هذه المسارات، وبالتالي ضرب المصلحة الاميركية في المنطقة.. والمقام لا يسع الاسهاب في هذا العامل، رغم اهميته في بلورة القرارات الاسرائيلية والحد من اندفاعاتها.
2- العامل الثاني هو القدرة العسكرية الفلسطينية، التي باتت في ايدي فصائل المقاومة في قطاع غزة، قياساً على القدرات التي كانت في حوزتها في الماضي، وهي قدرات تخيف اسرائيل وتردع اعتداءاتها الواسعة بالتأكيد ومن دون اية علاقة بالعوامل الاخرى، اذ بحسب اقرار المؤسسة الامنية الاسرائيلية، باتت هذه القدرة اكثر فتكاً ومدى ودقة، وبأحجام واعداد غير مسبوقة، ومن شأن هذه القدرات لجم اسرائيل ومنع اعتداءاتها.. وبالأخص ان منظومة "القبة الحديدية" بانت عاجزة عن صد الصواريخ التي سقطت في المدن والمستوطناتت الاسرائيلية جنوباً. من هنا، فإن التسبب بإطلاق اليد الفلسطينية لإمطار تل ابيب وباقي مدن الجنوب والوسط، في وقت الحرب، هو آخر ما تريده تل ابيب.
3- اما العامل الثالث، فهو المتغير المصري تحديداً، يضاف اليه إمكانات انتقاله الى الساحة الاردنية، وهو ما يخيف تل ابيب كثيراً, اذ يدرك حكام اسرائيل أن اعمالاً عدائية ضد الفلسطينيين، وبشكل واسع، ستؤدي الى سقوط ضحايا وحصول مجازر تكون في العادة ضرورة اي اعتداء اسرائيلي واسع النطاق على شاكلة حرب عام 2009، ومن شأن ذلك ان يدفع الجمهور المصري لإظهار موقفه الحقيقي من الكيان الاسرائيلي، ويدفعه الى الواجهة من جديد، وبالتالي يجبر حكام مصر الجدد على القيام بما لا يخدم المصلحة الاسرائيلية.. كان هذا العامل حاضراً في الايام القليلة الماضية، وقيل فيه الكثير اسرائيلياً، بدءاً من نتنياهو ووزير حربه باراك، وصولاً الى المراسلين ومعلقي الصحف.
وكان لافتاً حديث رئيس حكومة اسرائيل، بنيامين نتنياهو، رداً على انتقادات داخلية، وتحديداً من قبل المعارضة وحزب كاديما، حيال أداء إسرائيل خلال جولة العنف الأخيرة في قطاع غزة, اذ قال رئيس لجنة الخارجية والامن في الكنيست، شاؤول موفاز، وهو احد اقطاب كاديما، ان "إسرائيل وقفت عاجزة فيما استهلك الإرهاب قوة مليون من سكانها"، مشيراً الى ان "إسرائيل هي التي طلبت وقف إطلاق النار". كان رد نتنياهو مفاجئاً، لكنه اظهر وأكد على التقدير حيال محدودية القدرة امام الفلسطينيين، اذ فصّل العوامل الثلاثة المشار اليها اعلاه بقوله (هآرتس 24-08-2011): يوجد قيود على اسرائيل تمنعها من التصعيد، وبينها العزلة الدولية والتغطية الجزئية لمنظومة قبة حديدية لاعتراض الصواريخ والتخوف من تفاقم الازمة مع مصر، مشيراً الى انه "في وضع كهذا لا نجري نحو حرب شاملة في غزة". ونقلت هآرتس عن نتنياهو ووزير حربه باراك، خلال جلسة المجلس الوزاري المصغر، انه "لا يوجد لدى اسرائيل اي رصيد سياسي او شرعي دولي يسمحان لها بشن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، وان الازمة مع مصر ما بعد عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، فرضت قيوداً اخرى على حرية عمل الجيش الاسرائيلي".
للدلالة ايضاً، اكد مصدر سياسي اسرائيلي رفيع المستوى لصحيفة معاريف (24-08-2011) ان "الحكومة الاسرائيلية قررت انها لن تبادر الى ضرب غزة (عملية واسعة النطاق)، ففي هذه الفترة ننظر الى الطرف الآخر، نحبط كل حدث يقترب من عملية ارهابية، ولكن لن نبادر الى عمليات في غزة، لا تعتبر احباطاً"ـ يضيف المصدر الاسرائيلي، المشارك بطبيعة الحال في مداولات المجلس الوزاري المصغر للشؤون الامنية والسياسية، الى انه "بالنسبة لخطوة أوسع، يمكنها أن تؤدي الى عملية عسكرية كبيرة، وربما الى حرب، فإن الكلمات الأساسية هي الحذر والمسؤولية، اذ محظور أن ننظر الى الحرب فقط، لأن أحداً ما فعل شيئاً ما، محظور ان ننظر فقط من خلال المناظير العسكرية"، ويؤكد المصدر الاسرائيلي انه "يجب أن ننظر الى المنطقة، أن ننظر الى مصر وسوريا والفلسطينيين، وليس فقط من خلال جاهزية فوهة البندقية".
كل عامل من هذه العوامل الثلاثة، قادر بذاته على كبح اسرائيل، ومنعها من شن اعتداءات واسعة النطاق على قطاع غزة، او ما من شأنه ان يجر اليها، فكيف اذا اجتمعت العوامل الثلاثة، كما هو حاصل في هذه المرحلة. من هنا، لا تجر اسرائيل نفسها الى حرب، لكن معضلتها الحقيقية هي في أن الفلسطينيين يدركون ذلك، وهو ما يفسر التذبذب والارتباك الاسرائيليين، اللذين ظهرا جلياً في الايام القليلة الماضية.
27-آب-2011

تعليقات الزوار

استبيان