المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار العدو

خسارات إسرائيلية بالجملة


المصدر: صحيفة "إسرائيل اليوم" – بوعز يسموت

تجسّدت النبوءة.. بهذا يمكن وصف الحدث الخطير في القاهرة. سفارة إسرائيل في مصر، رمز السلام الأهم مع جارتنا، اقتُحمَت من قبل حشد يتعامل مع 31 سنة من العلاقات على أنها خلل. السلام تلقى ضربة قاسية، تماماً مثل إسرائيل.
خسارة سفيرين في أسبوع واحد هذا كثير حتى على دولة تضطر مرةً تلو أخرى في مناسبات مختلفة إلى مشاهدة عَلَمَها يُداس بصورة لا تُحتَمل. هناك شبهٌ كبير بين الغضبين التركي والمصري، حتى لو كان من يقف في أنقرة خلف الخطوة رئيس حكومة يسعى لإرضاء الجماهير العربية، وفي مصر الأمر يتعلق بجمهور يجد في إسرائيل كبش محرقة لإحباطه في أفضل الأحوال ومفعول فيها لإرضاء كراهيته في أسوأ الأحوال.
في تركية، كما في القاهرة، غاضبون منا. في الحالة الأولى إسرائيل مسؤولة عن قتل تسعة "ناشطي سلام"، وفي مصر عن مقتل خمسة جنود. في كلتي الحالتين إسرائيل أسفت لكنها لم تعتذر، لأن المجريات لم تحصل صدفة. من بين تركية ومصر وإسرائيل، من هي الدولة التي عليها أن تغضب فعلاً؟
ليس لطيفاً رؤية سفارة مغلقة، لكن ما ليس لطيفاً أكثر هو رؤية سفارة تتعرض لهجوم. سفارة إسرائيل في موريتانيا، التي كنتُ مؤولاً عنها لأربع سنوات، اختبرت الصدمتان معاً. إلى حين إغلاقها في 2009 بأمرٍ من السلطات، قام الموريتانيون بكل ما أمكنهم من أجل حمايتها من المتظاهرين (وليس من القاعدة). حتى في موريتانيا البعيدة عرفوا كيف يحترمون المعايير الدولية. لكنها كانت أوقاتاً مغايرة.
ربيع الشعوب العربية يحمل في طياته تباشير، لكن في هذه الأثناء بدؤوا بتحقيق المخاطر. ثورة التحرير في مصر أدت إلى واقعٍ جديد: خلف الحدود قامت سلطة عسكرية تسعى قبل أي شيء إلى إرضاء الجمهور. هذا أيضاً نوع من "الديمقراطية" - لكن أسفاً انها تأتي على حسابنا.
لا حاجة لتكون نابغة لكي تعرف أن خطراً يكمن للسلام مع مصر. على مدى سنواتٍ طويلة لم تُرِد إسرائيل السلام فقط مع العرب، بل والتطبيع أيضاً. العالم العربي - ولمزيد الدقة جزء صغير من قادته -  كان مستعداً للمساومة على اتفاق سلام بمضامين قليلة. والقضية الفلسطينية كانت الحجة لمحدودية العلاقات. الجمهور هو الذي عارض دائماً التطبيع. وهذه الجمهور أصبح فجأة السيد. يمكن مباركته على تصميمه ونضوجه لعدم اكتفائه بإسقاط مبارك، لكن من الصعب الانفعال منه وهو يركل أحد أكبر إنجازات مصر الحديثة. وحسناً أن سمعنا أصواتاً عقلانية من القاهرة تؤيد العلاقات (مع إسرائيل).
أيام غير سهلة تمر علينا وعلى كل العالم عموماً. هكذا لعدم وجود رب بيت. ذات مرة الصبي القوي في الصف كان هنا ليردع. الآن يشعرون في واشنطن أن ممثليتهم في القاهرة ينتظرها مصير مشابه لتلك التي في اليمن وفي سورية.
لقد وصل الربيع العربي مبكراً جداً إلى مرحلة الثورة المضادة. في مصر غاضبون من الجيش، وفي تونس أكثر من 70% غير راضين عن الوضع الجديد، وفي ليبيا - حتى قبل إلقاء القبض على القذافي - أصبح هناك من يقولون أنهم يفضّلونه على المستعمرين الجدد من فرنسا وبريطانيا. كل هذا لا يبشّرنا بالخير.
ولا يبقى سوى أن نأسف لأن السلطات المصرية لم تحفظ لنا البيت في القاهرة، وأن الجمهور في القاهرة يتصرف وكأنه لم يكن هناك سلام أبداً، وأن أميركا في هذه القصة ساذجة جداً. وفي هذه الغضون، يبقى أن نؤمّل ربيعاً عربياً في كل ما يتصل بالعلاقات مع إسرائيل؛ وبالمناسبة هذا لا يبدو في الأفق. في كانون الأول وَعَدونا بموسمٍ ربيعي طويل، وبدل هذا تلقينا عاصفة شتائية قاسية في أيلول، حتى قبل أن يعدّوا في نيويورك قاعة خطابات الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
14-أيلول-2011

تعليقات الزوار

استبيان