المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


أخبار العدو

محلل اسرائيلي: لحسن الحظ أنّ لدينا أردوغان



المصدر: "موقع القناة العاشرة ـ يونتان رغف"
" ليس هناك ضرورة لفرك الأعين، قرأتم بشكل صحيح، حقاً مكتوب في العنوان أنّه لحسن الحظ لدينا من يبدو الأكثر عدائية لإسرائيل. ويحتمل أن رأيي قد تشوّش بسبب طعم راحة الحلقوم التي تناولتها مؤخراً؟ لعلي تذكرت في عاطفتي القوية الغلتسراي التركية؟ كلا. مر وقت طويل منذ تذوقي لـ Turkish delight في المرة الأخيرة ومطلقاً لم أتعاطف أكثر من اللازم مع المجموعات من إسطنبول. عندئذ من أين هذه الإطراءات للرئيس التركي ؟ ببساطة جداً. من اللطيف أن تشعر بين الحين والآخر بشعور الجانب المحق، هذا الجانب الذي يعمل بشكل صحيح ويسمح للجانب الثاني بأن يتصرف بجموح ويُخطئ.
المسألة لا تتعلق فقط بحادثة سفينة مرمرة. واقعاً، أيضاً في إسرائيل يعلمون أنهم ارتكبوا أخطاء في الاستعداد والسيطرة على السفينة التي كان على متنها القليل من "الحرية" والكثير من الكراهية. كما أنّ المسألة لا تتعلق بالحصار على غزة لأنّه ثمة شك ما إذا كان فعّالاً وقائماً عموماً. والشعور بالعدل في إسرائيل ينبع من الهجوم الجامح من جهة أنقرة في الشهر الأخير، أي منذ نشر نتائج لجنة "بالمر".
ما الذي يقوله أردوغان ؟ هو يدعي أنه جاهز لقبول نتائج اللجنة فقط في حال استساغها، وإلا عندئذ ليس هناك لجنة ولا نتائج ولا أحذية. يخرقون قواعد اللعبة. وماذا إن كانت هذه لجنة يجلس فيها أشخاص محترمون (وكأولئك الذين ليسوا بالضرورة أعضاء في الحركة الصهيونية)؟ وماذا إن كان هناك أيضاً عضو تركي؟ من وجهة نظر أردوغان كل الجلسات والمناقشات كانت غير ضرورية، فهو يريد أن تأخذ اللجنة برأيه وأي أمر آخر غير مقبول. وفي حال لم يحدث هذا؟ عندئذ فقط سيتبيّن أنّ أردوغان يحب أن يُخالف تقريباً كما أحب ستالين ذلك، لكن رغم رغبته القوية فهو لا يستطيع إبعاد العضوين بالمر وأوريفا لغولاغ، وعندئذ سيصب غضبه علينا.     
خلافاً للمرات السابقة، ورغم الاستفزازات الكبيرة، تحرص الحكومة الإسرائيلية على عدم الوقوع في الفخ التركي وتحافظ على هدوئها المطلق تقريباً، وهذا إنجاز مهم بالنسبة لحكومة أعضائها مسلحين بعدة مسدسات ظاهرة ولا يعرفون دوماً إبقاء طلقة في السبطانة؟ ما الذي تقوله إسرائيل؟ نحن نؤيّد التقرير، حتى لو تضمن عدداً وافراً من الانتقادات الموجهة ضدنا حول الاستخدام المفرط للقوة في السيطرة على مرمرة. ونحن جاهزون للقيام بما يوصي به معدو التقرير بغية إنهاء التوتر (التعبير عن الأسى لخسارة الأرواح، تعويضات مالية لعائلات القتلى) وفي الواقع عرضنا القيام بذلك قبل نشر التقرير.
في الغرب يقدرون الهدوء من جهة القدس
نحن نحب أن نعتقد أنّ كل العالم ضدنا، لكن في هذه الحالة في واشنطن، برلين، لندن وفي باريس قلما يحبون النبرات التي تعلو من أنقرة ويقدرون الهدوء من جهة القدس. ويعلمون في عواصم الغرب أنّ العلاقة بين إسرائيل وتركيا هي مرساة مهمة في محور الاعتدال في الشرق الأوسط ولا يحبون كثيراً رؤية كيف يُخربها أردوغان.
على ما يبدو أنه أحبّ إلى حد كبير صورة الولد السيئ، المستعد للاشتباك مع قبرص، التي ستصبح في أقل من سنة رئيسة الاتحاد الأوروبي بالتناوب على خلفية عمليات التنقيب عن الغاز، هذه خطوة بالتأكيد لن تزيد شعبيته في الغرب. فقبرص هي ربما دولة صغيرة لا تستطيع بمفردها مواجهة القوة التركية، لكن الاتحاد لن يبقى صامتاً في حال قرر أردوغان أخذ تهديداته خطوة واحدة بعيدة بما فيه الكفاية، وكل هذا بغية الدفاع عمّا يسميه "مصالح دولة (شمال قبرص) باستثناء تركيا، غير معترف بها من قبل أي شخص في العالم".
بشكل عام، يبدو أنّه في كل يوم يمر، هو ينجح بكسب المزيد من الخصوم. فصحيح، أن الجماهير في الشارع العربي ربما تهتف لمن يبدو في نظرهم كناصر الجديد، وهذا لا يشكل تهديداً على الصهاينة، لكن الزعماء العرب الذين يشعرون بكثير من الخوف بعد أن رأوا ما حدث لمبارك وأمثاله، لا يُغرمون بالنموذج الذي يتحدث عن العروبة، حين لا يكون عربياً عموماً.
وإن أعلن في السابق عن سياسة "صفر نزاعات" مع الدول المجاورة، يبدو أنه اليوم لا يوجد أي دولة لا تعيش معها تركيا صراعاً. بشار الأسد، صديقه منذ زمن بعيد، بالتأكيد لم يُحب الانتقاد حول قتل المتظاهرين. كذلك أحمدي نجاد غاضب حول انتقاد أردوغان لحليفته في دمشق. وعلى ما يبدو لن يكون هناك مع اليونان محبة كبيرة مطلقاً، وهو يهدد قبرص. صحيح أن كل من إسرائيل وتركيا في الواقع ليستا جارتين، ولا حدود مشتركة بينهما، لكنهما بالتأكيد تقعان في الجوار نفسه وأردوغان يقوم حالياً بكل ما في وسعه بغية أن تكونا في صراع.
لذلك نعم، أنا كنت أفضل رئيس حكومة آخر في أنقرة، كهذا الذي يحافظ على العلاقات المتميزة التي سادت بين إسرائيل وتركيا مدة تقارب العقد وبدأت تتدهور بسرعة قبل حوالي عامين، كما كنت أرغب برؤية الجماهير الإسرائيلية تواصل التدفق إلى فنادق "هكل كالول" في أنقرة (وكل شيء لا يشمل صنابير، مناشف وأشياء أخرى)، وفي موازاة ذلك تعقد الصناعة الأمنية صفقات بالمليارات ويراقب كل من سلاح الجو وسلاح الاستخبارات إيران وسوريا من قاعدة سلاح الجو في إينتشرليك. لكن طالما أن الاقتصاد التركي يواصل النمو والازدهار لا يبدو أن هناك أي تحول وفي حال كان الوضع هكذا من الأفضل أن يترأس الحكومة نموذجاً لا يعرف بالتحديد كيف يلجم نفسه ويفكر مرتين قبل أن يتكلم، شخص ينجح ليس في استفزازنا فحسب إنما العالم بأكمله، وينجح في منحنا الإحساس على الأقل في هذه المواجهة بأننا محقون".
30-أيلول-2011
استبيان