صحيفة "معاريف"
يأتي في صلب تقدير شعبة الاستخبارات لعام 2019 تحذير استراتيجي من احتمال تصعيد كبير في قطاع غزة والضفة الغربية.
عمليًا، تصف الاستخبارات هذا العام بأنه قابل للانفجار، على ضوء أرجحية كبيرة لعمل هجومي مبادر من حركة "حماس" ضد الجيش "الإسرائيلي." ويقدّر المسؤولون في شعبة الاستخبارات بأنه إذا نُفّذ عمل كهذا، فإنه سيكون محدودًا من ناحية حجمه، لكن قد يؤدي إلى تصعيد جوهري مع قطاع غزة، وهم يلاحظون مساعي لـ"حماس" في تطوير البنية التحتية للأنفاق الدفاعية وتحسين قدرات القتال تحت الأرض.
ويعتقد المعنيون في الإستخبارات الاسرائيلية بأن "حماس" تقدّمت منذ عملية "الجرف الصامد" على صعيد الأنفاق الهجومية واستثمرت موارد كثيرة في حفر أنفاق قتالية داخل القطاع.
في الضفة الغربية أيضاً يرجّح المسؤولون في شعبة الاستخبارات إمكانية حصول تصعيد، فحماس تعمل على توسيع سيطرتها في المنطقة. مع ذلك، يعتقدون بوجود ما يكفي من الجهات القادرة على الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، من بينها المصالح الأمنية للسلطة الفلسطينية، لأن التصعيد في منطقتها يشكل تهديدًا لها وخسارة، خاصة في الجوانب الإقتصادية، للشريحة المدنية.
على ضوء تقدير الوضع الاستخباراتي، أعطى رئيس الأركان أفضلية لتحسين جهوزية الجيش لمواجهة محتملة في غزة. بمعنى، قطاع غزة موجود في صلب انشغال
وتحضيرات الجيش، من خطط التجهيزات القتالية وحتى التدريبات. من جملة الأمور، تم إنشاء إدارة أركانية وظيفتها زيادة وتحسين بنك الأهداف الموجودة لدى الجيش.
إضافة إلى ذلك، على ضوء الثغرات في ذراع البر، هناك توجُّه للاستثمار في شراء وسائل قتالية مخصّصة للمقاتلين في ألوية رأس الحربة في الجيش.
صحيح أن الساحة الفلسطينية هي ساحة متفجرة أكثر، لكن تحديات "إسرائيل" المركزية هي ضد إيران والتهديدات في الشمال، من بينها زعزعة محتملة للإتفاق النووي، تمركز إيراني في سوريا والعراق ومشروع الصواريخ الدقيقة في سوريا ولبنان التي قد تضع أمام "إسرائيل" معضلة كبيرة. حيال إيران، يعتقد المعنيون في شعبة الإستخبارات بأن الضغط الأميركي مهمّ جدًا، ويمكن رؤية تداعيات كبيرة له.
وفي السيناريو الأقل منطقية لخرق كامل للإتفاق النووي، يعتقد الاسرائيليون بأنه من ناحية تقنية فقط، الإيرانيون قادرون على الوصول إلى قنبلة نووية في غضون سنتين. بدون أي علاقة بإيران، أجهزة الاستخبارات تتابع أيضاً التطورات المقلقة المرتبطة بالنووي في دول عربية إضافية.
تحد آخر للجيش "الإسرائيلي" في السنوات القريبة نابع من إعادة تأهيل الجيش السوري، الذي يبني قوته التي تشكل تهديدًا لـ"إسرائيل". الأمر الذي يقلق "تل أبيب" كثيرًا هو محاولة تطوير مصانع للصواريخ الدقيقة. تطور جوهري في هذه المشاريع يُلزم المستوى السياسي بإتخاذ قرارات صعبة ولها تداعيات غير متوقعة على أرض سوريا ولبنان، إذا لم تنجح مساعٍ أخرى لكبح هذه المشاريع.
في "إسرائيل" يعتقد المعنيون بأن أرجحية وقوع مواجهة مع حزب الله ليست كبيرة، لكن في ظل النشاطات المنسوبة لـ"تل أبيب" ضده خاصة في سوريا، فإنهم يأخذون بالحسبان أنه يمكن أن يأتي اليوم الذي يضطر فيه (الأمين العام لحزب الله السيد حسن) نصر الله للعمل. وفي حال ذلك، يعتقدون بأن (السيد) نصر الله سيحصر المسألة في حدود ردّ لا يؤدي إلى مواجهة شاملة مع "إسرائيل".