المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


عمليات ايلول 1997

ملحمة انصارية في 5/9/97

انزلت المقاومة الاسلامية واحدة من اقسى الهزائم العسكرية في تاريخ جيش الاحتلال الاسرائيلي والتي تجري في اطار مواجهة والتحام مباشر، ولا سيما ان الهزيمة لحقت باحدى اهم واقوى الوحدات العسكرية المنظمة في ما كان يعرف بافضل الجيوش في العالم.. وفي التفاصيل، ان قوة كوماندوس اسرائيلية قامت بعملية انزال بعد منتصف الليل في خارج بلدة انصارية، واكتشفها مجاهدو المقاومة الاسلامية الذين كانوا بانتظارها واحكمت مجموعات الحراس الليلية الطوق حولها وفجرت عبوات ناسفة كبيرة كانت مزروعة في المسالك التي كان ينوي الجنود سلوكها، وادى انفجار العبوات الى تفجير عبوات كان يحملها افراد الكوماندوس، وفي الوقت نفسه، امطرهم المجاهدون بوابل من نيران رشاشاتهم لتندلع على الاثر مواجهات ضارية، تدخلت فيها المروحيات الاسرائيلية في محاولة لمساندة القوة الاسرائيلية المعادية وسحبها بعدما قتل معظم افرادها وتناثرت اشلاؤهم في المكان، وعمدت قوات الاحتلال الى انزال قوات اضافية في محيط المواجهات في انصارية وملعب خيزران لنجدة القوة المحاصرة وسحب الجثث وتصدت لها المضادات الارضية التابعة للمقاومة الاسلامية والجيش اللبناني، واصيبت مروحية معادية تمكنت من الاقلاع والهبوط اضطراريا في مستعمرة نهاريا. وقد استمرت المواجهات حتى الرابعة والنصف فجرا، وخلفت القوة المعادية وراءها جثة قتيل واحد واشلاء جنود آخرين فضلا عن اعتدة واسلحة توزعت في ارض المعركة. واعترفت قيادة الاحتلال العسكرية بمقتل احد عشر جنديا من قوة الكوماندوس البحري وفقدان جندي آخر واصابة اربعة. وروى بيان لهذه القيادة تفاصيل المواجهات وذكر ان "مروحية تابعة لوحدة الانقاذ تعرضت لنيران هاونات ومضادات ارضية واصيبت المروحية ولكنها تمكنت من الاقلاع والهبوط اضطراريا في نهاريا، وقد قتل طبيب قوة الانقاذ النقيب "ماهر دعشى" في اثناء محاولات الانقاذ، فيما قتل طبيب اخر برتبة رائد هو "تساحي بين طوف" وهو طبيب وحدة الكوماندوس البحري"، وعلم ان القتلى الاحد عشر الذين استطاع الجيش الاسرائيلي سحبهم من ساحة المعركة هم: قائد القوة المقدم يوسف كوراتي (32 سنة) الرائد تساحي بن طوف (28 سنة) النقيب دغش (26 سنة) النقيب رام ليفنت (22 سنة) النقيب سيفيك روتمن (21 سنة) المساعد راس سابي (22 سنة) المساعد اربيه ابرامسون (20 سنة) المساعد يوحنا هيلبميرغ (21 سنة) الرقيب اول غابي غوسان (21 سنة) الرقيب اول غال رودوسكي (20 سنة) والرقيب اول باميد شمفيل (20 سنة) والرقيب ايتمار ايليا.

الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله عقد مؤتمرا صحافيا اكد فيه ان "ما حصل هزيمة اسرائيلية وخسارة كبيرة للمؤسسة العسكرية ولاجهزة الامن الاسرائيلي"،وكشف ان المقاومة الاسلامية كانت تتوقع العدوان ونشرت مقاتليها في مختلف الاماكن المحتملة، موضحا سقوط ما بين خمسة وعشرين الى ثلاثين قتيلا بخلاف اعتراف اسرائيل بمقتل اثني عشر جنديا، وقال ان لدى المقاومة اشلاء اكثر من جندي اسرائيلي واحد تركتها وحدة الكوماندوس المنهزمة، مشيرا الى وجود اربعة ارجل، واشاد السيد حسن نصرالله بالدور الذي لعبه الجيش اللبناني في المعركة.


مصادر عسكرية في الجيش اللبناني تحدثت عن ان دور الجيش كان اساسيا في احباط العدوان الاسرائيلي، حيث تولت مراكز الجيش في المنطقة الرصد المباشر والمراقبة الدقيقة لتحركات القطع البحرية والجوية الاسرائيلية حتى لحظة انزالها ودخولها منطقة العملية، وتعاملت وحدات الجيش مع القوة الاسرائيلية فورا، واطلقت في سماء المنطقة عشرات القنابل المضيئة مما سهل كشف القوة والتعامل معها. المستشار السياسي والناطق الرسمي باسم القوات الدولية العاملة في الجنوب اللبناني تيمور غوكسيل علق على عملية الكوماندوس الاسرائيلي وقال ان "مبرر هذه العملية غير واضح، خاصة ان الانزال حصل في منطقة تبعد اكثر من ثلاثين كيلومترا من الشريط المحتل، واوضح ان الوحدة الاسرائيلية وقعت تحت نيران مقاتلي حزب الله والجيش اللبناني وحركة امل وانها اضطرت للانسحاب بعد ساعة".


وقد عثر في الحقل الذي نزلت فيه قوة الكوماندوس الاسرائيلية على ارجل وايد مقطوعة وجمجمة واشلاء بشرية، وعلى اربعة رشاشات من طراز "أ ـ ك 47" واربعة رشاشات كلاشنكوف صفراء وبندقية رشاشة "ام ـ 18" ومسدسات واحزمة مدججة بالذخائر، وعلب اسعافات اولية، وضمادات ملطخة بالدماء وامتعة يستخدمها الغطاسون وسترات واقية من الرصاص، كما عثر على آثار دماء منتشرة على عشرات الامتار، وقال خبير متفجرات لوكالة الصحافة الفرنسية ان المجموعة تركت وراءها ست ساعات تفجير وقاربا مطاطيا.


وفي المقلب الاسرائيلي، وصف رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو هزيمة انصارية بانها "كارثة تطفح بالحزن.. انها واحدة من اسوأ الكوارث التي واجهناها، ولست ابالغ اذا قلت اننا فقدنا بعض افضل جنودنا.. انه يوم حزن عميق وأسى مضاعف لشعب اسرائيل"، وحمل رئيس حزب "ميرتس" يوسي ساريد بشدة على نتنياهو، محملا اياه المسؤولية، وقال: "ان الحزن والالم هما حزننا جميعا، ولكن السياسة هي سياسة نتنياهو الذي وعد بالامن والسلام، وسياسته تجلب لنا الكارثة تلو الكارثة"، واعتبر ساريد انها "الايام الاشد قتامة في تاريخ اسرائيل". ونقل تلفزيون العدو عن وزير البنى التحتية في حكومة العدو ارييل شارون بقوله "ينبغي اعادة النظر في اسلوب العمل الامني في لبنان".

وفي مقابلة تلفزيونية قال وزير الحرب الصهيوني اسحق موردخاي "ان العملية استهدفت مكانا يفترض ان مستوى اليقظة والتأهب فيه سيكون متدنيا.. ان كل الاحتياطات اتخذت لضمان نجاح العملية ولكن لا اعرف ماذا حدث بالضبط". وعلى المستوى الرسمي، عقد الرؤساء الثلاثة الياس الهراوي، نبيه بري ورفيق الحريري اجتماعات تم خلاله التداول بموضوع العدوان، واجرى الحريري سلسلة اتصالات خارجية شملت الرئيس الفرنسي جاك شيراك وعددا من المسؤولين في الادارة الامريكية، وقد تمنى عليهم القيام بالاتصالات اللازمة لتهدئة الوضع في الجنوب والعمل على منع حصول اعتداءات اسرائيلية جديدة، من جهتها، حثت وزارة الخارجية الاميركية جميع الاطراف المعنية على ممارسة اقصى درجات ضبط النفس، وقال نائب الناطق باسم الخارجية جيمس فولي "نظرا لحساسية الوضع العام في منطقة الشرق الاوسط.. ولاننا لا نستطيع ان نتحمل تصعيدا في حلقة العنف، علينا نزع فتيل التوتر في جنوب لبنان". وقد نقل سفير لبنان في واشنطن محمد شطح الى المسؤولين الاميركيين في وزارة الخارجية وقائع ما جرى وقال: "ان العملية الاسرائيلية تظهر انه حان الوقت لكي تعيد اسرائيل النظر في وجودها في لبنان وان تنسحب منه".

الى ذلك شكل رئيس الاركان الاسرائيلي امنون شاحاك لجنة تحقيق عسكرية خاصة لتقصي الحقائق حول فشل عملية الانزال في انصارية برئاسة الجنرال غابي اوفير. وقد التقت اللجنة بقيادة وعناصر وحدة الكوماندوس التي ينتمي اليها الجنود القتلى، واوضح اذاعة العدو ا قوة الكوماندوس كانت نفذت عمليات "ناجحة" داخل العمق اللبناني، وان العملية الاخيرة تم الاعداد لها على مدى اسبوعين قبل ليلة التنفيذ.

وبموازاة ذلك، استقبل الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله مجموعات الحراسة التي واجهت قوات الكوماندوس واشاد ببسالة الجاهدين وصلابتهم في المعركة المظفرة، مشددا على جهوزية المجاهدين في مختلف المناطق اللبنانية تحسبا لعدوان مماثل، وجرى في نهاية حفل التكريم تم توزيع الهدايا ونسخ من القرآن الكريم وقطع قالب الحلوى احتفاءا بالانتصار.

وردا على لجوء العدو الصهيوني الى فرض التعتيم الاعلامي على صور اشلاء جنوده المتناثرة في انصارية ومهاجمته للصحافة الغربية لنشرها هذه الصور حرصا على معنويات جنوده المنهارة، قام حزب الله بتوزيع عشرات الصور لاشلاء جنود الاحتلال على شبكة الانترنت في اطار استكمال حربه النفسية ضد العدو، وبعد مضي اكثر من ثلاثة اسابيع على تشكيل لجنة التحقيق، وعلى الرغم من التعتيم الشامل والرقابة الشديدة المفروضة على وسائل الاعلام الاسرائيلية اشارت صحيفة هآرتس الى ان اللجنة قررت توجيه كتب انذار لستة ضباط تتراوح رتبهم بين رائد وعميد وتحدثت عن "مواضع خلل استخبارية" في التخطيط للعملية، وبنيت استخلاصات اللجنة على ثلاثة احتمالات: تسرب معلومات استخبارية (بواسطة عميل مزدوج يعمل لصالح حزب الله)، العبوات التي فجرت ضد القوة، انفجرت مع الجنود انفسهم.

14-كانون الثاني-2008
استبيان