المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


اسرى لبنان

ملف الأسرى والمفقودين ورفات الشهداء

المؤلف: أمير قانصوه
التاريخ: 15/9/2000
المصدر: العهد
الملخص: اتصالات بعيدة عن الاضواء في "أفق غير مفتوح" تعود قضية الاسرى والمعتقلين اللبنانيين في السجون والمعتقلات الاسرائيلية لتتصدر الملفات التي ما زالت عالقة بين لبنان والكيان الصهيوني بعد اندحاره عن لبنان اواخر ايار الماضي. في ظل معلومات اكدت لـ"العهد" ان الاتصالات تجري على ارفع المستويات لمعالجة هذا الملف، وتشمل بشكل اساس الامم المتحدة والصليب الاحمر الدولي، الى قنوات اخرى لها باع طويل في متابعة مثل هذه الملفات الحساسة.
وجاءت الزيارة الاخيرة للمساعد الامني للامين العام للامم المتحدة بينون سيفان الى لبنان، ولقاؤه الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله الاسبوع الماضي، لتكشف عن بلوغ هذا الملف حدا مقبولا، او بالحد الادنى وضعه على نار حامية ليأخذ طريقه نحو نتائج جدية وإيجابية في وقت قريب، كما فهم من كلام سيفان عند خروجه من مقر الامانة العامة، حيث اكد "ان الامين العام للامم المتحدة ملتزم بشكل كامل العمل لحل قضية المعتقلين، وإعادة كل المفقودين الذين احتجزوا من دون محاكمة او اسس انسانية محضة، وسنسعى لمتابعة هذه القضية وحلها في اسرع وقت ممكن". وبعد وقفة قصيرة وابتسامة عبر خلالها عن ارتياحه قال سيفان "من اجل ذلك جئت الى هنا، لاستئناف نشاطنا بهذا الخصوص".‏
ولا شك في ان ملف الاسرى والمفقودين ورفات الشهداء هو في اولى اهتمامات المقاومة الاسلامية، وقد أخذ منها خلال السنوات الماضية حيزا مهما من الجهد، حتى استطاعت تحرير المئات منهم. كما الاتصالات والجهود لتحرير من تبقى لم تتوقف، وقد اثمرت مطلع هذا العام تحرير خمسة اسرى من سجون فلسطين المحتلة بمبادرة ألمانية، ثم جاء الاطلاق المفاجئ ايضا لنحو 13 اسيرا في نيسان الماضي، تحت عنوان انقضاء فترة احتجازهم الاداري، لتكشف عن وصول هذا الملف الى نهاياته، خصوصا ان ذلك تلازم مع اندحار قوات الاحتلال من جنوب لبنان وظهور رغبة دولية بتحقيق حد ادنى من الامن على طول الحدود، وهذا مطلب اسرائيلي اولا، حيث ان بقاء ملف الاسرى عالقا من شأنه حسب المنظور الدولي ان يساهم في خلق حالة توتر ليست في المصلحة الاسرائيلية، الا ان الطريق الطبيعي الذي عبره الملف اصطدم منتصف تموز الماضي بتمديد الاحتجاز الاداري للاسيرين سماحة الشيخ عبد الكريم عبيد والحاج مصطفى الديراني حتى منتصف ايلول الحالي، استنادا الى مشروع قانون وافق عليه الكنيست الصهيوني تمهيدا لذلك في 11 حزيران الماضي، وهو يجيز للسلطات الصهيونية بأن تحتجز لأجل غير مسمى أي مقاتل يرفع السلاح بصورة غير مشروعة، وينتمي لقوة تقاتل "دولة اسرائيل" ويشارك في اعمال حربية ضدها.‏
عثرات صهيونية‏
وقد شكلت هاتان الخطوتان الاسرائيليتان عثرة امام اكمال الملف طريقه، ووضعتاه في حالة جمود تام استمر حتى استئناف الحديث في هذا الملف وبروز مؤشرات عن امكانية اعادة المبادرة الالمانية التي كانت أفضت في السابق الى نتائج مهمة في هذا الملف، آخرها مطلع هذا العام. وتقاطع ذلك مع اجواء صاحبت زيارة رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية السيد محمد خاتمي الى المانيا، والتي جاءت لتؤكد ـ حسب مصادر مراقبة ـ عودة الروح الى المبادرة الالمانية. وبالفعل فمنذ مطلع آب الماضي، شهد هذا الملف حركة لم تظهر الى العلن، وما عزز الاعتقاد باتصالات تجري بعيدا عن الانظار لتأمين عبور هادئ لملف الاسرى هو قول السيد نصر الله لذوي الاسرى في منتصف آب: "ان هذا النوع من الموضوعات يحتاج لعمل اكثر من الكلام، لذلك نشعر بأنه اذا تكلمنا كثيرا، فلن ننسجم مع انفسنا في ملف من هذا النوع".‏
وخلال زيارته الاخيرة قال المساعد الامني لكوفي انان شيئا مشابها ايضا للصحافيين، وهو ما يعني ان العمل في الملف يسير بصورة غير علنية، ربما لمنع بروز أي عثرات في طريقه، خصوصا ما قد ينشأ عن التجاذبات بين الحكومة الصهيونية والمعارضين لها، والتي تحرص الجهات الدولية على مرورها هناك بشكل هادئ.‏
المعلومات المتوافرة تشير الى ان الامم المتحدة مهتمة بإنهاء هذا الملف الذي كان ملازما لكل الاتصالات التي جرت مع ممثليها ومبعوثيها قبل انسحاب العدو من المنطقة المحتلة وخلاله وبعده، وتوجت في اللقاء الذي جمع الامين العام لحزب الله مع رأس المنظمة الدولية كوفي انان الذي زاره في الامانة العامة اواخر حزيران الماضي، حيث سمع انان من السيد نصر الله كلاما حاسما بخصوص هذه القضية، وهو يرتكز حسب ما علمت "العهد" على:‏
اولا: مبدأ اجبار العدو على اقفال هذا الملف، كما اجبر على الاندحار من جنوب لبنان.‏
ثانيا: ان قضية الاسرى هي قضية مركزية وملف كبير يشمل المفقودين وجثث الشهداء، وحزب الله لن يترك أي وسيلة لانهائه، وبالتالي هو غير معني بأي مقابل يريده العدو، وخصوصا ربط هذه القضية بقضية مفقوديه في لبنان.‏
ثالثا: من واجب الامم المتحدة والهيئات الانسانية ان تتحرك من اجل ايجاد حل لهذه القضية والوصول بها الى نهاية مريحة، والا فإن الافق غير مفتوح وله حدود، فعندما تصل الامور الى حدها الاخير فإن حزب الله لديه اساليب عديدة لانهائه ـ يتحدث عنها في وقتها .‏
ملف المفقودين‏
وكشفت المعلومات عن انضمام عنصر جديد الى ملف الاسرى أملته ظروف ما بعد الانسحاب وهو ملف المفقودين من الاحياء والشهداء، الذين اختطفوا على يد قوات الاحتلال الصهيوني وعملائها منذ اكثر من ثمانية عشر عاما، وهؤلاء لم يعرف مصيرهم الى الان، وبالتالي لم ترد أي معلومات تؤكد مكانهم.‏
وينقسم ملف المفقودين الى شقين، الاحياء الذين اعتقلوا بشكل مباشر على يد العدو والعملاء، او فقدوا في مناطق سيطرته العسكرية، أما الشهداء فمعظمهم سقط في نطاق سيطرة العدو ايضا، إما في مواجهات عسكرية مباشرة مع قواته او بفعل اعتداءاته ضد المدنيين، وهؤلاء جرى التأكد من استشهادهم، الا ان العدو لم يكشف عنهم خلال عمليات التبادل التي جرت في السابق.‏
وتشير المعلومات الى ان ملف المفقودين من الاحياء يشمل اكثر من 1500 لبناني، منهم على سبيل المثال مجموعة من المقاومين فُقدوا في المواجهات التي جرت مع العدو اثناء الاجتياح في محيط كلية العلوم ـ منطقة الليلكي ـ الحدث، اما الشهداء فعددهم يناهز الـ25 شهيدا، لم تعرف اماكن دفنهم حتى الان.‏
وبعد تحرير المنطقة المحتلة، جرت التحريات على امتداد هذه المنطقة استنادا الى معلومات دقيقة عن اماكن دفن العديد من الشهداء، او ان اجسادهم لم تزل في ارض المواجهة، وقد جرى اكتشاف العديد من المقابر الجماعية والفردية، لكن البعض الاخر لم يكشف، ما يجعل مسؤولية هؤلاء المفقودين ملقاة على العدو الصهيوني.‏
وتشير مصادر مراقبة لهذا الملف الى ان ثمة معطيات ومؤشرات عديدة تعزز الامل بنهاية ايجابية قريبة، في مقدمتها قيام محامي عائلة الطيار الصهيوني رون اراد بالطلب من الكنيست الصهيوني عدم ربط مشروع قانون احتجاز "افراد قوات العدو" بالمساعي الرامية للافراج عن أراد.‏
والسؤال هو: إلام يستطيع العدو الاسرائيلي الاستمرار في مراوغته في التعامل مع هذا الملف، وخصوصا ان حزب الله اكد مرارا وتكرارا على لسان امينه العام "اننا قوم لا نترك اسرانا في السجون"، وسمع ذوو المعتقلين منه كلاما مماثلا في لقاء خاص بهم عزز آمالهم بالحرية القريبة. ويربط المراقبون بين هاتين النقطتين، والتخوف الاسرائيلي من قيام المقاومة اللبنانية بخطف جنود للعدو عند الحدود، للقيام بعملية تبادل مع أسراها.‏
09-شباط-2008
استبيان