المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


اسرى لبنان

قضى 15 عاماً في الخيام: الأسير سليمان رمضان يروي فنون التعذيب الاسرائيلي للمقاومين

المؤلف: سلام خضر / بيروت
التاريخ: 30/5/2000
المصدر: الاتحاد الاماراتية
الملخص: بطل قد نسمع بقصته في الروايات، مقاوم انجبته الارض التي صمدت في وجه محتل دخل بعنجهيته وغطرسته فوجد ابناء لبنان له بالمرصاد فلاحقوه حتى اخرجوه منهزماً· في سبتمبر / أيلول العام 1985 شهدت بلدة عين جرفا في حاصبيا الجنوبية عملية نوعية نفذها مقاومون وضعوا نصب اعينهم مقاومة العدو وحصدوا رؤوس جنود وضباط صهاينة· حسن موسى وسليمان رمضان انطلقا من قلب لبنان بيروت ونفذا العملية التي استشهد فيها حسن موسى واصيب سليمان واقتيد الى معتقل التعذيب بالخيام·
امضى سليمان في المعتقل 15 عاماً وخرج الى الحرية مع تحرير المعتقلين وانسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان· وفي خضم المهرجانات الشعبية المهللة بالتحرير والنصر سرقنا دقائق قليلة من وقت سليمان وكان هذا الحديث الذي لاحظنا خلاله آثار التعذيب عليه فانعكست انفعالات سعيدة بالتحرير وغصة ببقاء الاسرى داخل اسرائيل·‏
ما هو شعورك في الايام الاولى للتحرير؟‏
- صدقاً اقول ان 15 سنة من الاعتقال انتهت وتلاشت مع مشاركة ارضي بالتحرير ورفاقي احرار، اشعر بالسعادة والفخر لان سنوات المقاومة اثمرت النصر· الا ان فرحتي لم تكتمل لان هناك ابطالا ما زالوا محتجزين داخل الاراضي المحتلة·‏
اخبرنا عن تجربة اعتقالك الطويلة في الخيام؟‏
- كما هو معروف اعتقلت بعد ان نفذت عملية نوعية على جنود الاحتلال واصبت برصاصة في ساقي وبترت، ومع هذا نقلوني الى المعتقل وانا ما زلت انزف وبدأت مسيرة العذاب·‏
لم يتركوا صنفاً من اصناف التعذيب الا ومارسوه ضدي كوسيلة ضغط لاعترف على بقية الرفاق وتفاصيل العملية الا انني خرجت محرراً ولم اعترف·‏
ما هي وسائل التعذيب التي مارسوها ضدك؟‏
- لو تسمعون قصتي كاملة لظننتم ما اقوله من نسج الخيال· كانت ساقي المبتورة تنزف عندما وضعوني في ممشى طويل مكبل اليدين والساق اليسرى، وتركوا المبتورة وغطوا وجهي بكيس اسود· وبدأ ضابط اسرائيلي يدعى ياغي بالتحقيق معي وكان يحاول ايهامي بانه فلسطيني او اردني مقاوم ليستدرجني الا انه لم يفلح فبدأوا بضربي على ساقي المبتورة واطفاء اعقاب السجائر في جسمي·‏
وكانت اسمن وجبة احظى بها نصف بيضة وكمية قليلة جداً من الماء ووصلت الى مرحلة تمنيت ان يبتروا عضواً من جسمي ويأتوني بالطعام فالجوع اقسى من الوجع والكهرباء·‏
بقيت في الممشى 37 يوماً وكنت امنع من الذهاب الى المرحاض وكنت اقضي حاجتي في مكاني· ومع اصراري بعدم الاعتراف وردتهم معلومات تؤكد تنفيذي العملية·‏
اذاً هم لم يكونوا على يقين بأنك مقاوم؟‏
- كلا فقد اوهمتهم بانني صبي اساعد المواطنين في حمل اغراضهم من السوق اي عتال وان احد الرجال الملتحين اعطاني عتاداً وطلب ان انتظره هناك ليعود ويأخذها·‏
وعندما تأكدوا ازداد تعذيبي، فوضعوني في زنزانة افرادية لا تسمح الا بالجلوس بوضع جنيني مما يزيد من آلام ساقي المبتور·‏
ووصل حقدهم وهمجيتهم الى رسمهم على جسدي نجمة داوود بسياخ حديدية حامية بالنار·‏
كانوا يكبلون يدي وراء ظهري ويضعون طوقاً حول رقبتي ويربطونه بالاصفاد ويشدون حتى اكاد اختنق، فنزفت من كل عضو من جسدي، من فمي وعينيي وانفي واذني· مررت بالآم لا يمكن وصفها، وبقيت صامداً وحفظت عهد المقاومة والعقيدة، ادركت ان وجعي الجسدي غير مهم طالما هناك قضية·‏
سليمان كيف استطعت خداع المحققين وعدم الاعتراف؟‏
- في الفترة الاولى تمكنت من خداعهم بشكل كامل دون ان يصدقوا انني مقاوم وذلك لانني ادعيت البساطة ولا اعرف بالامور العسكرية، الا انهم حصلوا لاحقاً على تأكيدات حول قيامي بتنفيذ العملية·‏
كيف كانت حالة المعتقل؟‏
- لقد مر المعتقل بثلاث مراحل: الاولى مرحلة الجحيم وتبدأ من الفترة التي انشيء بها اي العام 1985 وهي السنة التي اعتقلت فيها· وكان الجلاد يتلذذ بانزال ابشع انواع التعذيب بحق المعتقلين، وكانت الزنازين متسخة وغير صحية·‏
الثانية مرحلة الجفاف، وهي مرحلة قصيرة·‏
الثالثة مرحلة النعيم بالمقارنة مع سابقاتها حيث سمح للجنة الدولية للصليب الاحمر بالدخول الى المعتقل والاطلاع على اوضاعنا·‏
اخبرنا عن الانتفاضات داخل المعتقل؟‏
- الزنازين التي كانت رمزاً للتعذيب كانت ايضاً رمزاً للصمود ورفض الاحتلال· العام 98 قمنا بتنظيم انتفاضة داخل المعتقل فضربنا الجنود الذين حاولوا دخول الزنازين، وطغت صرخاتنا على ماعداها· فعندما كنا نصرخ لم نكن نسمع بعضنا وعبثاً حاول الصهاينة التواصل معنا عبر مكبرات الصوت·‏
وفي احدى المرات، طلبت من عميل هو في الاصل لبناني يعمل في مطبخ المعتقل ان يأتيني بسكين كي اقتل الضابط الاسرائيلي ياغي الا انه ابلغ عني·‏
فأتى ياغي وقال سأضعك في مكان لتبقى فيه حتى تتعفن· وبدأوا بتعذيبي وانتقموا ايضاً مني لتنظيمي الانتفاضة·‏
اعتقلت 15 عاماً فهل اعتقلوا فيك روحك المقاومة؟‏
- هزمتهم في المعتقل كما هزمتهم عندما نفذت العملية، كنت عرضة على مدى السنوات لتعذيب يصعب الحديث عما عانيته في المعتقل في هذا الحوار، الا انني لم امر يوماً بصهيوني او عميل الا وبصقت عليه ولكمته· كنت ورفاقي في المعتقل رمزاً للصمود والعنفوان، واكبر دليل على ذلك انهم لم يستطيعوا ان ينتزعوا مني اعترافاً، حافظت على ولائي لثورة المقاومة وعلى حبي وتمسكي بأرضي· وعودتي الى الحرية لم تكن لتتحقق لولا صمود لبنان باسره ومقاومته المستمرة·‏
عدت حراً منذ ايام، ما هو حلمك الآن؟‏
- صحيح انني اصبحت خارج جدران الزنزانة، رأيت الجنوب محرراً والعدو منهزماً، الا ان حرقة وجود البطل سمير القنطار والشيخ عبد الكريم عبيد والحاج مصطفى الديراني وغيرهم في المعتقل ما زالت تنغص حريتي·‏
احلم بتحريرهم وعودة فلسطين الى عروبتها، فانا حملت راية التحرير ليس فقط لوطني وارضي بل ايضاً للقدس والضفة وفلسطين بأسرها وعودة شعبها اليها·‏
09-شباط-2008
استبيان