المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


اسرى فلسطين

المقال “الاسرائيلي” الذي هز \"الضمير\" “الاسرائيلي” والعالمي..

المصدر: جريدة الاتحاد/ الاماراتية 18/7/2001
الملخص: سجناء مجرمون يمارسون الرق والاغتصاب بحق الاطفال الفلسطينيين المعتقلين.
الارهاب "الاسرائيلي" ليس بحاجة الى دليل، والمعلومات الفظائعية الواردة في هذه المقالة حول تعذيب واغتصاب وترهيب اطفال الحجارة الفلسطينيين في السجون "الاسرائيلية" ليست بالشيء الجديد.. انما، اهميتها الاستثنائية انها مكتوبة بقلم صحافي "اسرائيلي" عريق هو "جوزف ايلغازي" ومنشورة في صحيفة "اسرائيلية" عريقة هي "هآرتس" ومن هنا، ربما، هذه الضجة المدوية التي احدثتها هذه المقالة الفاضحة في "الضمير" "الاسرائيلي" والعالمي، الغارق في سبات عميق..‏
ومن هنا ايضا التساؤل حول ترابط هذه المقالة الفضائحية الطالعة من الداخل "الاسرائيلي" في فضائحية البرنامج التلفزيوني "محاكمة شارون" الطالع من الداخل الغربي.‏
"اورينت برس" تنقل، في التحقيق التالي، ترجمة حرفية لمقالة "هآرتس".‏
مرحاض بارد.. ساخن‏
رغم صغر سنه البالغ ستة عشر عاما فقط، امضى الفتى الفلسطيني "أ..." خمسة اشهر في سجن "تل موند" بناء على اوامر جماعة "شارون" الفتى من بلدة "حوسان" القريبة من بيت لحم، وكان قد اوقف وهو في الطريق الى مدرسته، صباح يوم اثنين، على مقربة من بيت خالته.‏
كان الجنود يبحثون في الواقع عن قريبه البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاما، غير ان "أ..." الذي لم يكن بحوزته بطاقة هوية نظرا لصغر سنه، اعتقله الجنود زاعمين انه هو المطلوب.. وفور اعتقاله، انهالوا عليه بالضرب مزمجرين به: "لماذا ترشقنا بالحجارة؟" ثم اقتادوه الى مركز عسكري حيث استقبله جنود آخرون بسيل من الضرب، لكن بالعصي هذه المرة، وبحيث انه ما يزال الى الان يعاني من آلام مبرحة في ظهره.‏
ثم، وبعد ان ثبت اخيرا انه ليس الشخص المطلوب، لم يتكبد مسؤول الجيش "الاسرائيلي" لمنطقة بيت لحم عناء استدعاء والدة الفتى لابلاغها بأنه قيد الاعتقال، بل امر بنقله الى سجن مستوطنة "عطسيون" ـ الواقعة بين القدس وبيت لحم، مكبل اليدين معصوب العينين.. وهناك ايضا انهال عليه الجنود بالضرب المبرح لاجباره على الاعتراف بأنه من رماة الحجارة وعلى الاعتراف باسماء رماة آخرين مثله.‏
وكانوا خلال ذلك يغطسون رأسه في برميل مياه باردة ثم في برميل مياه ساخنة ثم في حجرة المرحاض، ثم نقلوه من معتقل "عطسيون" الى معتقل "ادورئيم" المعروف لدى الفلسطينيين باسم "معتقل المجنونة" حيث تلقى الفتى "أ.." جرعة جديدة من الضرب والتعذيب والتنكيل.‏
في معتقل المجنونة وضع "أ..." في زنزانة انفرادية لمدة اربعة وثلاثين يوما، حيث كان يقضي حاجته في وعاء بلاستيكي، ويتلقى بعض الطعام والشراب من فجوة صغيرة في باب الزنزانة.. وكان يتعرض كل يوم الى وجبة مماثلة من الاستجواب والتعذيب.. وكان بعض المحققين في ثياب مدنية، ويذكر من اسمائهم "الكابتن حكيم" و"الكابتن شوكت" و"الكابتن ايوب".. اضافة الى "الرقيب يوسي" و"المعاون اوزمو".‏
ثم، ولدى نقل الفتى "أ..." الى المحكمة ليقر القضاة بتوقيفه الاحترازي، وهو ما يسميه المحامون هنا "شيك على بياض"، لان مدة هذا التوقيف الاحترازي يمكن ان تطول الى ما شاء المحققون.. ومن هناك، جرى نقل "أ..." الى سجن "تل ـ موند" داخل "اسرائيل".‏
في الثاني من شباط ـ فبراير اصدرت محكمة "بيت ـ ايل" العسكرية (مستوطنة قريبة من رام الله) حكمها بثبوت التهم الموجهة الى "أ..." خلال سبتمبر واكتوبر ونوفمبر 2000، قام بقذف شيء كالحجر على عربة عسكرية وجرح سائقها.. وعلى خمس وعشرين هجمة في اوقات مختلفة، قام مع آخرين برشق الحجارة على السيارات "الاسرائيلية" المدنية والعسكرية المارة عند مفترق "بيت ـ حانون".. وقد ثبت ان المتهم قد رشق ثمانية حجارة في كل واحدة من الهجمات الخمس والعشرين".‏
لدى تلاوة قرار الحكم، علق احد المحامين الفلسطينيين قائلا: "يجب الاعتراف بان المحقق العسكري "الاسرائيلي" يمتلك عدادا خاصا من ابتكاره استطاع بواسطته ان يسجل بكل دقة عدد الحجارة التي رشقها الفتى الفلسطيني والتاريخ الدقيق لعملية الرشق باليوم والساعة والدقيقة والثانية".‏
طوال فترة اعتقاله، التي امتدت خمسة اشهر، ظل اهل "أ..." ممنوعين من زيارته.. ومنذ بداية الانتفاضة في ايلول ـ سبتمبر 2000، فان جميع سجناء الضفة المعتقلين في السجون "الاسرائيلية" لا يحق لهم رؤية عائلاتهم. ومنظمة الصليب الاحمر الدولي، اعلنت منذ ستة اشهر تعليق الزيارات احتجاجا على ما سمته في بيانها الرسمي "العراقيل الهائلة التي تضعها السلطات "الاسرائيلية" في وجه تلك الزيارات".‏
استبعاد‏
الفتى الفلسطيني الثاني "ب..." في الرابعة عشرة من عمره الان، هو ايضا من مواليد قرية حوسان تهمته بحسب قرار المحكمة "الاسرائيلية": رشق 32 حجرا على دفعتين.. لاذ "ب..." بالفرار لدى مداهمة جنود الاحتلال لمنزله في ديسمبر الماضي والتجأ طوعا الى سجن ثكنة "عطسيون".‏
يقول: "اردت بذلك اختصار الطريق وان اوفر على نفسي فظائع التعذيب التي لا بد من المرور بها قبل نقلي الى هذا السجن".‏
وهو ايضا، انتهى به المطاف في معتقل "تل ـ موند".‏
خلال محاكمتهما، اعترف الفتيان الفلسطينيان "أ" و "ب" برشق الحجارة.. وقد عوقب الاول بالسجن ثمانية اشهر وبغرامة مالية مقدارها 1500 شيكل (حوالي 750 دولارا) والثاني بالسجن ستة اشهر ثم اطلق سراح الاثنين بعد قضاء ثلثي مدة العقوبة.‏
وبحسب ما افاد به "أ..." و"ب..." فقد احصيا حوالي الخمسين طفلا فلسطينيا قاصرا في سجن تل ـ موند، معظمهم مثلهما من قرية "حوسان" كما افادا بان غالبية الفتيان الفلسطينيين المعتقلين قيد التحقيق موضوعون في زنزانات تضم مجرمين راشدين من اصول فلسطينية او من الاقليات الاخرى، ويقومون بممارسات عنف بحق زملائهم القاصرين سواء بالضرب او بالجرح بشفرات الحلاقة او بالحرق بالسجائر اضافة الى استخدام بعضهم كعبيد ارقاء بالاضافة الى سلبهم ما يشترونه من متجر السجن من غذاء وكساء وبطاقات هاتفية. كما ان بعض السجناء الراشدين يقومون باغتصاب الفتيان الفلسطينيين المعتقلين. وبحسب افادة احد سكان "حوسان" فان اهالي بعض هؤلاء الفتية وبعض مسؤولي السلطة الفلسطينية هددوا عائلات المجرمين المعتقلين بالانتفام منهم سواء داخل السجن "الاسرائيلي" او بعد اطلاق سراحهم ان هم استمروا في اعتداءاتهم الجنسية على الاطفال المعتقلين.‏
يقول: "لقد طلبنا من السلطات "الاسرائيلية" المعنية اتخاذ تدابير وقائية لحماية اطفالنا من الاعتداءات الجنسية داخل السجن، لكن بدون أي تجاوب".‏
الفتيان "أ..." و "ب..." ليسا الوحيدين في هذه المآسي، والمحاميان خالد قشمر وسحر فرنسيس تقدما بعشرات الشكاوى الى السلطات "الاسرائيلية" ضد اجراء التوقيف الاحترازي وممارسات الضرب والتعذيب والتنكيل بالاطفال الفلسطينيين المعتقلين في السجون "الاسرائيلية"... المحامي قشمر يمثل الشعبة الفلسطينية لمنظمة حماية الطفل الدولية. والمحامية فرنسيس تمثل منظمة الضمير الفلسطينية المختصة بالدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين ومقرها في مدينة رام الله. وبعد زيارة الى سجن "نيفا ترتزا" للنساء في الرملة في مطلع ايار ـ مايو الفائت، نشرت منظمة حماية الطفل الدولية تقريرا مثيرا كشفت فيه ان اثنتين من كل تسع فلسطينيات معتقلات في السجون "الاسرائيلية" الان هما قاصرتان... وان عدد الفتيان القصر المعتقلين منذ بدء انتفاضة الاقصى حتى الان هو 350 ممن تتراوح اعمارهم بين 12 و 18 عاما.‏
الى ذلك، وفي حين ان القاصر هو من لم يبلغ سن الثامنة عشرة في شرعة حقوق الطفل الدولية المنبثقة عن منظمة الامم المتحدة، فان السلطات "الاسرائيلية" تصر على اعتبار السادسة عشرة سن البلوغ في اراضي السلطة الفلسطينية، والى ذلك ايضا، وبحسب اخر احصائيات منظمة حماية الطفل الدولية، فقد تبين ان 105 قاصرين فلسطينيين تحت سن الثامنة عشرة قد قتلوا على يد القوات "الاسرائيلية"، نصفهم في الفترة الواقعة بين 29 سبتمبر و31 ديسمبر من العام 2000. كما ان ثلثهم قد قتل برصاصة في الرأس وثلث آخر برصاص في الصدر والثلث الثالث لاقوا حتفهم اثر جراح مختلفة اصيبوا بها.‏
50 في المئة من الاطفال الفلسطينيين المعتقلين في "اسرائيل" الان اعمارهم 15و16 و40 في المئة منهم محكومون بعقوبات سجن بين ستة و12 شهرا.‏
موسكوبيا‏
كيف يجري اعتقال الاطفال الفلسطينيين؟‏
خلال المظاهرات، او خلال مداهمة المنازل ليلا، وكذلك من خلال الصور الصحافية او من خلال معلومات عملاء فلسطينيين. وبالاجمال، فان القاصرين المعتقلين في القدس الشرقية يوضعون مؤقتا في معتقل مستوطنة "موسكوبيا" الروسية في القدس الغربية.. حيث يساق معظمهم بعد الاستجواب والتعذيب الى سجن "تل ـ موند" او الى احد السجون العسكرية الاخرى: عطسيون، ادورئيم، بيت ايل والحوارة ومجيدو.‏
وبحسب ملفات المحامي خالد قشمر فان رشق الحجارة هو التهمة الرئيسية الموجهة للاطفال الفلسطينيين المعتقلين، تليها تهمة رشق قنابل المولوتوف، اضاف الى تهمة الانتماء الى منظمة معادية او حيازة اسلحة يدوية حرفية.‏
قشمر يشير الى المادة 123 من القانون العسكري المطبق في الاراضي المحتلة التي تحدد عقوبة السجن القصوى بستة اشهر فقط للمحكومين الذين تتراوح اعمارهم بين 12 و 14 سنة. وباثني عشر شهرا على الاكثر للذين تتراوح اعمارهم بين 14و16 سنة بشرط ارتكابهم لجريمة يعاقب عليها المحكوم الراشد بالسجن خمس سنوات. غير ان القضاء "الاسرائيلي" لا يلتزم بهذه الانظمة، كما يقول المحامي قشمر.‏
الى ذلك يعاقب القانون "الاسرائيلي" على جرم رشق حجارة على سيارة بالسجن خمس سنوات كحد اقصى.. وبعشر سنوات اذا كانت السيارة المستهدفة تضم شخصيات مدنية او عسكرية مميزة وبعشرين سنة اذا كان رشق الحجارة على السيارة "الاسرائيلية" يستهدف جرح ركابها. ويكشف المحامي قشمر الى ان المحاكم المدنية "الاسرائيلية" قد تحكم احيانا على القاصر الفلسطيني بالاقامة الجبرية او باطلاق السراح المشروط.. لكن هذا ليس واردا لدى المحاكم العسكرية التي لا تكتفي بعقاب القاصر فقط بل تعاقب اهله وعائلته ايضا.. اضافة الى اعتبار عنصر سن المتهم من تاريخ صدور الحكم وليس من تاريخ قيامه بالجرم.‏
سجين عمره عشر سنوات‏
وبحسب بيانات الناطق بلسان الجيش "الاسرائيلي"، فان 45 طفلا فلسطينيا عمرهم الاقصى 16 عاما قد اوقفوا في الضفة وغزة منذ 28 سبتمبر 2000. واصغر معتقل فلسطيني كان في سن العاشرة، واكثريتهم من الذكور. ومن سبتمبر الماضي الى الان تم رفع ملفات 40 موقوفا من غزة اعمارهم تحت الـ 18 الى المحاكم العسكرية، وقد صدرت احكام بحق 35 منهم مع اطلاق سراح الباقين لعدم توافر الادلة الجنائية.‏
غير ان الناطق باسم الجيش لم يذكر شيئا حول عدد الاطفال الفلسطينيين المعتقلين في الضفة منذ بداية الانتفاضة، ولا حول عدد ملفاتهم المرفوعة الى محاكم عسكرية، اضافة الى عدم تبرئة أي واحد منهم.‏
والتهم الموجهة اليهم، اضافة الى رشق الحجارة، هي: تعكير الامن، حرق اطارات، او مغادرة مناطق الحكم الذاتي بدون اذن.. والعقوبات الصادرة تراوحت بين السجن من عدة ايام الى سنة كاملة. فيما تراوحت الغرامات بين 250 و3000 شيكل، تحت طائلة تمديد مدة السجن للذين لا يدفعونها.‏
شاباك‏
في منتصف نيسان ـ ابريل الفائت، كان هناك 64 معتقلا فلسطينيا اعمارهم 17-18 سنة، في سجن "مجيدو" لكن بدون الكشف عن المعتقلين ممن هم دون هذا السن.‏
وفي مطلع مايو الفائت، اعلنت ادارة سجن تل ـ موند ان لديها 96 طفلا فلسطينيا سجينا 58 منهم بتهمة الاقامة غير المشروعة في "اسرائيل" و38 بتهمة الاخلال بالامن.‏
اما عن مسألة ضرب وتعذيب الاطفال الفلسطينيين، فيقول الناطق باسم الجيش "الاسرائيلي": "اثر تحقيقات قامت بها الشرطة العسكرية ومكتب المحقق العسكري وجهاز الشاباك، من المنتظر نقل هذا الملف الى عهدة الشرطة "الاسرائيلية"".‏
لكن، هل غاب عن بال الناطق باسم الجيش "الاسرائيلي" ان الشرطة لا صلاحيات لها اطلاقا في مراقبة اعمال وممارسات الجيش في الاراضي المحتلة او في المعتقلات العسكرية؟.‏
09-شباط-2008
استبيان