المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

هنا "هرتزليا": القلق البالغ والتهديدات الجوفاء!

أبرزّ مؤتمر "هرتزليا" الذي انعقد منذ ايام ويعقد سنوياً في الكيان الصهيوني حول الامن القومي إشكالاً مركزياً يستحكم في ميدان هذا الكيان: القلق من الآتي!..
 
فتخلخل الأسس التي كانت تعتمد عليها "اسرائيل" في مناوءة خصومها وإرهابهم والتي فقدت بريقها منذ حرب لبنان الثانية وانقلاب السحر على الساحر في تموز 2006 اصابت الكيان بالاضطراب وصولاً الى حد انفصام الشخصية، فـ"إسرائيل" خائفة لكنها تهدد!


المراقب لمواقف "القادة" المشاركين في المؤتمر يقف حينا على استبصار بالغ الذروة ناجم عن استخلاص العبر ومراقبة التطورات واستذكار الاحداث فيتخذ مواقف تحذر من "الجحيم" الذي يحيط حالياً بالكيان الصهيوني، وحيناً آخر يقف على تصريحات لا تفتأ تصر على التهديد، وهي أطلقت تهديدات "نوعية" ضد لبنان وايران وسورية، كما فعل ايهود باراك في المؤتمر .. لكن كثيرين في الصحافة والجماهير في الكيان الصهيوني باتوا مقتنعين انها من قبيل "الضحك على اللحى" وانها "قرقعة صحون لا اكثر"..

فمفهوم التهديدات يمكن ربطه بالموروثات الصهيونية التي هي كناية عن الخبز اليومي في السياسة الصهيونية، اي اظهار القوة في التصريحات والعنترية في التهديدات حتى لو كنت خائفاً أو خاسراً، وهذا ما رأيناه بعد انسحاب العام 2000 من لبنان حيث كان باراك ينسحب ويطلق التهديدات في مفارقة عجيبة. كما رأينا مثلها في حرب تموز منذ اليوم الأول الى ما بعد الهزيمة وكذلك في حرب غزة..

فباراك الذي اعترف في المؤتمر بقوة وضخامة قدرات حزب الله وبالتغييرات المقلقة في المنطقة أبى إلا أن يهدد الدولة اللبنانية ككل وبنيتها التحتية. وهو قال "ان نجاح التيار الإسلامي في البلاد العربية التي نجحت فيها الثورات يهدد تل أبيب لذا يجب التعاون للتوصل الى حل الدولتين من اجل التفرغ لمعركتنا القادمة مع ايران وحزب الله، تلك القوة الضخمة التي كبدت "اسرائيل" خسائر ضخمة في حرب لبنان الثانية وهو أمر لا بد أن يثيرنا بقوة".

تبدو تهديداته ـ بعد هذا العرض الذي قدمه - غير منسجمة مع مؤشرات قلقه من قدرات "العدو" فتبقى في إطار عرض العضلات او عروض "كمال الاجسام" التي لا آثار عملية لها على الأرض، في وقت تئن المؤسسة العسكرية الصهيونية تحت وطأة المخاوف مما هو آت رغم كال التدريبات والمناورات واختبار جهوزية الجبهة الداخلية..


القلق الذي لا سابق له في الكيان الصهيوني تبدى في المؤتمر في معظم مواقف المشاركين، ومن النماذج على ذلك قول "داني روتشيلد" رئيس المؤتمر في محاضرته التي كانت بمثابة رسالة تُقرأ من عنوانها "إسرائيل في عين العاصفة"، "أن الكيان الصهيوني يواجه تحديات خطيرة في ظل المتغيرات المتفاعلة في العالم وفي الشرق الأوسط، وأن الربيع العربي يشكل تهديداً قوياً". ولا يقف الحديث عن الخطر الكبير عند روتشيلد بل إن رأس الهرم العسكري الصهيوني بني غانتس قال إن "اسرائيل" تحيا في ظل خطر كبير خاصة وأنها توجد في المنطقة الأكثر تسليحاً في العالم وهو ما يجعل الجيش الإسرائيلي في حالة تأهب مستمر".

كما أن رأس المؤسسة الاستخبارية الصهيونية أي رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الجنرال ابيب كوكبي "حذر من خطر حزب الله الذي وصفه بأنه سيشكل "الخطر الأكبر على "اسرائيل" في الحرب القادمة خاصة وأنه يمتلك اكثر من مائتي ألف صاروخ موجهين نحو الاهداف الإسرائيلية لدرجة أنه لن ينجو بيت في "اسرائيل" من تلك الصواريخ إذا قرر حسن نصر الله ضرب "اسرائيل"، وقد حاولت المخابرات الإسرائيلية تحديد منصات إطلاق تلك الصواريخ لنسفها ولكن المفاجأة القاسية أن حزب الله نجح في مراوغة "اسرائيل" تماما ووضع المنصات في أماكن فشلت كل الإستخبارات الإسرئيلية في تحديدها بالكامل".

مباعث القلق

يعتقد الباحث في الشؤون الاسرائيلية خالد أبو حيط في حديث لـ"الانتقاد" ان "هناك عدة اسباب للقلق الكبير الذي ظهر في مؤتمر هرتزليا، فبعض الصحف العبرية تقول ان باراك اوباما وبنيامين نتنياهو يسعّران اعلامياً ضد الجمهورية الاسلامية ويهددان بضرب المنشآت النووية الايرانية، وصحف اخرى تقول ان ذلك هو مجرد تهويل اعلامي، لكن مراكز دراسات اميركية اكدت في الآونة الاخيرة ان هذا الامر اصبح وارداً حصوله في الفترة قبل حزيران المقبل، لذا يخشى الطرف الصهيوني إذا قام بمثل هذه الضربة ان تدخل مجموعات مقاومة عدة على الخط لصالح ايران، خاصة ان هذا الامر كان تم التحذير منه خلال الاجتماع الثلاثي الذي حصل في دمشق في شباط 2010 بين الرئيس احمدي نجاد والرئيس بشار الاسد والسيد حسن نصر الله حيث أعلنوا بوضوح انه ازاء اي ضربة لأي من قوى المقاومة او أحد عناصر هذا المحور سيقوم الجميع بالرد عليه وكان الإعلان واضحاً بهذا الخصوص"..


الهروب الى الامام

لكن ماذا عن تهديدات باراك ضد الحكومة والبنية التحتية اللبنانية؟ يبدو ان باراك يهرب الى الامام لتغطية القلق، فبحسب ابو حيط "يدرك باراك جيداً أن المواجهة لن تكون لصالحه مع حزب الله وهذا ما يعرفه بسبب حرب تموز وحرب غزة وما ورد في تقرير فينوغراد. لذلك أراد ان يحرك الملف اللبناني الداخلي عبر مثل هذه المواقف، خصوصا انه يعلم ان الصراع الداخلي حول سلاح المقاومة هدأ نوعاً ما منذ تشكيل حكومة ميقاتي والجميع في حالة ترقب وانتظار ولم يعد هناك مواجهات سياسية حول هذا الموضوع كما كان الأمر من قبل".

ويضيف "ربما يهدف باراك الى تحريك النعرات الداخلية والطائفية والسياسية على قاعدة أنه يهدد الحكومة ويحاول الضغط باتجاه إسقاطها وزعزعة الاستقرار لأنه يراه ضد المصلحة الاسرائيلية".

ويشير ابو حيط الى ان "لبنان لا يقاتل بشكل جيش نظامي وحزب الله لا يستخدم البنى التحتية بل الدولة هي التي تفعل ذلك، وبالتالي فإن تهديد البنى التحتية محاولة للضغط على حزب الله لكي لا يقوم بأي عمل ضد "اسرائيل" وكذلك هو محاولة لإثارة بعض الاطراف ضد حزب الله لكي لا يقوم بأي عمل. وبناء عليه تفهم التصريحات على انها من جهة محاولة لإرهاب اللبنانيين بشكل عام ومن جهة أخرى محاولة لتحريك بعض النعرات الداخلية عسى ان يؤدي ذلك الى صدام شديد وتعود التوترات الى الواجهة في الساحة اللبنانية عبر تحريك الملف الذي كان راكداً نوعا ما. وخلاصة القول ان الحديث عن تهديد البنى التحتية لا معنى عسكرياً له بل سياسياً ومعنوياً ولإثارة الفتن على الساحة اللبنانية" ..


أحمد شعيتو - موقع الانتقاد

09-شباط-2012
استبيان