المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

التقدير الخاطئ أو الدعم الأميركي... وراء أي مغامرة إسرائيلية في مواجهة إيران

كتب محرر الشؤون العبرية
الحقيقة التي لا لبس فيها ان الكيان الصهيوني لم يكن ليمتنع خلال السنوات الماضية عن مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية لولا معادلة الكلفة والجدوى، وتحديدا خلال السنوات الثلاث الاخيرة التي تولى فيها بنيامين نتنياهو رئاسة الوزراء.. والتي حققت خلالها الجمهورية الاسلامية قفزاتها النووية الاخيرة.. تراكم كمية كبيرة من اليورانيوم المخصب، رفعه إلى مستوى 20%.. الكشف عن منشأة "فوردو" الأكثر تحصينا ضد أي هجمات صاروخية وجوية..
الحقيقة الموازية أن ارتداع الدولة العبرية، خلال الفترة الماضية، عن الخيار العسكري لا يعني بالضرورة انكباحها خلال المرحلة المقبلة عن هذا الخيار بغض النظر عن المسار الذي سيبلغه التطور النووي الإيراني والظروف الدولية وتوفر عناصر القدرة لتحقيق الأهداف اللازمة.. لكنه في المقابل (الارتداع السابق) يشير إلى ان الدولة العبرية حريصة على تجنيب نفسها تداعيات أي عملية عسكرية..
انطلاقا من الخطاب الإسرائيلي في مقاربة البرنامج النووي الإيراني، ومن إدراك إمكانات وظروف كل من "إسرائيل" ومعها الولايات المتحدة والمعسكر الغربي.. وإيران وحلفائها.. يمكن اختصار الحالات التي ترتفع معها امكانية لجوء إسرائيل إلى الخيار العسكري.. (من دون ان يعني ذلك بالضرورة حتمية تحقق هذه الخيارات)، وفق التالي:
ـ تقدير إسرائيلي بأن الجمهورية الإسلامية اتخذت قراراً بصناعة سلاح نووي وبدأت بالخطوات العملية في هذا الاتجاه.. حتى لو كان هذا الأمر مغايرا للواقع..
ـ تقدير أو معرفة إسرائيلية باحتضان الولايات المتحدة للهجوم الإسرائيلي والمرحلة التي تليه..
ـ تقدير إسرائيلي، ولو كان خاطئا، حول محدودية رد فعل إيران وحلفائها.
بداية، لا بد من التأكيد والتشديد على حقيقة أن أصل امتلاك إيران لأي درجة من درجات القدرات النووية السلمية، مرفوض إسرائيليا بالمطلق وهو ما يظهر في المطالب التي أعلنها بنيامين نتنياهو لأي اتفاق بين الغرب والجمهورية الإسلامية في إيران، "وقف كل أشكال التخصيب بما فيها درجة 3,5%، إخراج كل اليورانيوم المخصب إلى خارج إيران، تفكيك منشأة "فوردو"..". وبالتالي لولا النتائج التي خلصت إليها القيادة الإسرائيلية العليا، في ضوء "معادلة الكلفة والجدوى"، لما ترددت ولما امتنعت عن الخيار العسكري حتى الان.
.. نحو انتاج سلاح نووي
لا شك أن حكمة رأس الهرم القيادي في الجمهورية الاسلامية، بالاعلان عن جديته وحزمه في عدم انتاج سلاح نووي (إلى جانب الموقف الشرعي منه الذي لا علاقه له بالتهديدات الإسرائيلية) كان له دور أساسي جدا في بلورة رد الفعل العملاني الإسرائيلي والأميركي، لأنه بغض النظر عن خطابهما السياسي والاعلامي، فإن من أهم نتائج هذا التوجه (الإيراني)، عدم حشر الأطراف المقابلة إلى خيارات تُفضِّل تجنبها ابتداء..
في ضوء ذلك، يمكن التقدير بأن بلوغ إيران مرحلة تطور نووي تقدر معها الدولة العبرية، ولو من باب التقدير الخاطئ، أن وجهة إيران نحو إنتاج سلاح نووي تدفعها إلى الموازنة حصراً بين مفاعيل خطرين:
خطر امتلاك إيران سلاحا نوويا بكل ما يعنيه ذلك من أبعاد استراتيجية وردعية..
خطر تلقي ردود الفعل العسكرية على أي هجوم استباقي (يسبق بلوغ إيران انتاج السلاح بحسب التقدير الإسرائيلي)..
وفي هذه الحالة يصبح للخيار العسكري، أرجحية معتبرة، أكثر مما كانت عليه في المرحلة السابقة والحالية، حتى لو اقتصر هدف العملية العسكرية الإسرائيلية على تأخير المشروع النووي. رغم أنه قد لا يتم المسارعة إليه ابتداء.. (بالطبع يمكن إفتراض تقديرات نظرية أخرى ومقابلة..)..
الموقف الأميركي من مرحلة ما بعد الهجوم؟
رغم الخطاب الإسرائيلي الرسمي، المسألة الأساسية التي لا تستطيع تل ابيب تجاوزها، حقيقة الموقف الأميركي في مرحلة ما بعد الهجوم الإسرائيلي المفترض. وبالتالي تطرح التساؤلات التالية:
هل تتورط الولايات المتحدة في مواجهة مع ايران بعد الضربة الإسرائيلية.. وما هي قدراتها الفعلية ـ في ضوء الظروف الحالية ـ في التكامل مع الضربة الإسرائيلية، في المرحلة التي تلي الهجوم..
هل من المنطقي أن تُستدرج الولايات المتحدة إلى مواجهة شاملة وواسعة في حال كان الرد الإيراني محدداً ومدروساً بما يُدفِّع الإسرائيلي أثمانا مؤلمة ولا يدفع الولايات المتحدة قهراً إلى المواجهة وتحديدا في ظل الازمة الاقتصادية التي تواجهها مع بقية الدول الغربية.
وحول أهمية تكامل الدور الأميركي في المرحلة التي تلي الهجوم الإسرائيلي المفترض أشار يادلين ايضا إلى ذلك بالقول "يجب علينا النظر إلى ثلاثة أوقات مُحدّدة: الهجوم العسكريّ؛ واليوم الذي يلي الهجوم... ومن وجهة نظري الأمر الأكثر أهميّة، الذي لا يتحدّثون عنه بما يكفي، هو العقد الذي يلي، ماذا يجري في العالم من حولنا إزاء إيران وبرنامجها النووي. هل المواد التي تسمح لإيران باستعادة قوّتها سيتمّ استيرادها إلى إيران أو لن يتمّ استيرادها؟ هل العقوبات ستستمرّ.."، مضيفا أن ".. الأمر الثالث والّذي كثيراً ما أوصي به، هو شرعيّة الهجوم وأن يتمّ بالاتّفاق، على الأقلّ، مع الدول الرائدة في العالم وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأميركيّة.. ليس لأنّنا بحاجة إليه للهجوم، إنّما لحاجتنا إليه لحرب ما بعد الهجوم، لليوم الّذي يلي، لتبادل الضربات الّتي ستكون مع إيران، وللحرب الّتي تلي، وذلك للتأكّد من أن يكون الإنجاز التقني، الهندسيّ الّذي سنحرزه في الهجوم مدعوماً بحرب إضافيّة، تمنع الإيرانيّين ممّا وصفته بأنّه حثّ للبرنامج، بل على العكس، تعزّز الإنجاز كما كان في النموذج المماثل في العراق".
تقدير اسرائيلي لمحدودية ردّ الفعل..
يبقى هامش وحيد ترتفع فيه إمكانية إقدام الإسرائيلي على الخيار العسكري، ويتمثل بتقدير خاطئ لنوايا أو قدرات ايران وحلفائها.. وتحديداً حزب الله، سواء بفعل قراءة معينة لمفاعيل تطورات داخلية لبنانية أو الأحداث السورية أو تجنبا لرد فعل إسرائيلي أكثر تدميراً..(بحسب التقدير الإسرائيلي)، ويبدو أن هذه النظرية حاضرة بنسبة ما ضمن مروحة الاحتمالات التي يوردها الخبراء والمعلقون الإسرائيليون والأميركيون..
وأهمية هذا التقدير الإسرائيلي، وخطره، تكمن في أنه كلما تضاءل حجم الخسائر والاثمان التي ستدفعها " إسرائيل" (بحسب تقديرات مسؤوليها)، جراء عدوانها، ارتفعت إمكانية شن هجوم عسكري على المنشآت النووية حتى لو اقتصرت نتائجه على ارباك وتأخير المشروع النووي الإيراني..
رغم كل ما تقدم، بات واضحاً بأن الجمهورية الإسلامية تجاوزت نقطة اللاعودة تكنولوجياً وتحصيناً، لكن في المقابل ستبقى تل ابيب تحافظ على سياسة السيف المُصْلَت، في مواجهة الجمهورية الإسلامية، وخاصة أن دائرة العداء بينهما أكثر اتساعاً وتجذراً...
16-تموز-2012
استبيان