المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

إيران بعد 34 عاماً على الثورة: أقوى وأعظم


لطيفة الحسيني

"لا شرقية ولا غربية جمهورية إسلامية"، هو الشعار الشهير الذي خلّدته الثورة في إيران.. شعار أطلقه مفجرّها الامام الخميني (قده) بعد مسيرة نضال لتحرير البلاد من الهيمنة الأمريكية على سلطاتها ونظام الحكم فيها. اجتاز الامام صراعاً مريرا خاضعه بقوة، ليؤسّس دولة إسلامية تحكم على أساس الدين وتتقدّم مع الزمن لتشكّل قوة وازنة في المنطقة بمواجهة الطامعين بثرواتها وموقعها الاستراتيجي. إيران اليوم، بعد 34 عاما على ثورتها باتت لاعباً أصيلاً في المعادلات الاقليمية وليس بديلاً.

من حيث القوة، يمكن الحديث عن أن الثورة منحت إيران تميّزاً على مستوى نموذج الحكم الاسلامي المعاصر الذي قدّمته. نجحت في إطالة عمر شعاراتها وعناوينها، فاستمرّت في دعم المقاومة أينما حلّت في وجه العدو الصهيوني، وصبّت جهودها من أجل توحيد الامة وتشديد أواصر اللحمة بين المسلمين. الى اليوم، لم تغِب عن بالِ الايرانيين حكومةً وشعباً، أولوية مناصرة المظلوم على الظالم والوقوف الى جانب القضية الفلسطينية حتى زوال الاحتلال، حتى أدخلت هذا المبدأ في سياساتها الداخلية والخارجية.


الثورة طوّرت إيران


ما الذي أضافته الثورة الى إيران؟ يتفق أكثر من متابع للحركة السياسية في المنطقة أن الثورة استطاعت أن تحوّل طهران من بقعة جغرافية مرتبطة بالخارج الى بقعة مستقلة، قراراتها هي التي تستنفر العواصم الغربية والعربية. الكاتب والباحث الايراني محمد صادق الحسيني يتقاسم مع إمام مسجد القدس في صيدا الشيخ ماهر حمود مقولة أن الثورة وضعت إيران على سكّة الدول المعاصرة والاسلامية في آنٍ معاً. ليس بعيدا، يرى المفكر العربي منير شفيق أن "الثورة مكّنت الجمهورية الاسلامية من الاستقلال عن النظامين الرأسمالي والاشتراكي العالميْين".

 الامام الخميني (قده)


 وبرأي الحسيني، "إيران أصبحت قوة وازنة في المنطقة بفعل الثورة التي لولاها لما كانت اليوم في هذا المستوى من القوة والاستقامة والصمود، وربّما كانت في عداد ما يسمّى جمهوريات الموز كما يوصّف البعض جمهوريات أمريكا اللاتينية الخاضعة لإملاءات واشنطن". من جهته، يعتقد شفيق بأن "الثورة الايرانية شكّلت منطلقاً لعصر الصحوة الاسلامية في المنطقة، لأنها أنقذت البلاد وقتها من حكم الشاه العميل والاستبدادي والحليف للكيان الصهيوني". الشيخ حمود يقول بدوره إن "الثورة أدّت الى بروز نظام إسلامي قائم على عنصري الدين والدولة، وغيرُ تابع للولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي، ومنبثقٌ من الشعب وليس بانقلاب فوقي".

وبينما يعتبر الحسيني والشيخ حمود أن من نتائج الثورة جعل إيران قوة وازنة في المنطقة، لا يوافق شفيق على هذا المصطلح "فحكم الشاه كان وازنا في مرحلة من المراحل، ولو سلبياً".

إسلامية الثورة ونجاحها


لكن لماذا نجحت الثورة في إيران ولم تنجح ثورات الدول العربية اليوم رغم خروجها تحت عناوين إسلامية كما حدث عام 1979 في طهران؟ يتّفق كل من الحسيني وشفيق والشيخ حمود على أن لثورة إيران قائداً واحداً كان يضع أهدافاً محددة وواضحة غير ملتبسة، في ظلّ تأييد أغلبية الشعب لنداءاته ورسائله وتوجّهاته مع وجود ظروف مساعدة كتفشّي الظلم والفساد على نحو واسع، كما أن التأثير الكبير لشخصية الامام الخميني ساهم أكثر في بلورة نتائج الثورة جليّاً".


 الشيخ حمود يلاحظ هنا أن "الحركات المعاصرة لم تجد قائدا جديراً لها"، ويضرب مصر مثلاً لشرح مدى تباين ثورتها الاخيرة في 22 يناير/ كانون الثاني عام 2011 مقارنةً مع النموذج الايراني، فيشير الى أن "مصر لا تزال تعيش على المساعدات الامريكية وفي ظلّ سريان مفاعيل اتفاقية "كامب دايفيد"". بحسب إمام مسجد القدس في صيدا، استطاع الإخوان المسلمون أن يصلوا الى السلطة بعد أن أعطوا رسائل طمأنة الى الامريكيين بأن الامور ستبقى كما هي، وهو واقع لم يضعه الامام الخميني في حسبانه لأنه لم يكن ملزماً أمام أحد، وبناء عليه تحررت إيران من الضغوط الغربية واستقلّت اقتصادياً حتى أنها لم توقّع على أية اتفاقيات سياسية، خلافا لما هي عليه مصر اليوم، اذ أنها لا تستطيع أن تستقلّ بشكل حقيقي وليس لديها استراتيجية جديدة بل واصلت تحالفها مع "اسرائيل"، في حين تميّزت ثورة الايرانيين بالاستراتيجية السياسية المحدّدة".

في المقابل، يدعو شفيق الى "عدم التسرّع عند تقييم ثورات اليوم لأنها في بدايتها، وعلى اعتبار أن لكلّ بلد سماته الخاصة ومساره وظروفه وصعوباته، غير أنها ما زالت في الشوراع".

الامام الخميني

الامام الخميني أو روح الله بن مصطفى بن أحمد الموسوي الخميني، الذي ولد عام 1902 في مدينة خمين، وصفه يوماً الصحافي المصري محمد حسنين هيكل بعد أن أجرى مقابلة معه بتاريخ كانون الاول 1978 بجملة قصيرة، جاء فيها أن "الخميني رصاصة انطلقت من القرن السابع الميلادي، لتستقر في قلب القرن العشرين".

عن شخصية "مفجّر الثورة" وأدائه يتحدّث الحسيني قائلاً إن "الامام الخميني قاد ثورتين واحدة على المستوى السياسي وأخرى على المستوى الديني العقائدي الفقهي ولاسيّما فيما يتعلّق بانتظار ظهور المهدي (عج) الذي بات أمرا إيجابياً من خلال ربط النظريّات بالأفعال العملية عبر القيام بحركة سياسية ونضالية تمهّد لظهور الحجة (عج)". يضيف الحسيني أن" الامام علّم فقه الحكم ومسألة إزالة الظالم وإقامة دولة عادلة ولو نسبياً لأن هذا ما يمهّد لظهور المهدي (عج)".

شفيق أيضاً يتناول التأثير الكبير لشخصية الامام الخميني، يصفها بـ"الثقيلة والفذّة علمياً ودينياً ومرجعياً وسياسياً والأهمّ ثورياً". شاهد جزءاً من ذلك التأثير عندما كان آلاف الايرانيين يذهبون للصلاة يوم الجمعة بعد الثورة، تحقيقاً للأهداف الاسلامية التي عمل عليها سماحته.

من وجهة نظر الشيخ حمود "يصحّ إطلاق لقب قائد قرون الاسلام كلّها على الامام الخميني، وما ينبغي التوقّف عنده هو قدرته على المزاوجة بين العصرية والمعايير الاسلامية، واجتهاده في موضوع ولاية الفقيه تمهديا لظهور المخلّص المهدي".
12-شباط-2013
استبيان