المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

المجموعات المسلحة تجند الأطفال السوريين للقتال... ظاهرة خطيرة تتجاوز القوانين والأعراف الأخلاقية


علي العبد الله

لا غرابة بأن تدين منظمة حقوق الإنسان المجموعات المسلحة في سورية لقيامها بتجنيد الأطفال السوريين القصّر ممن هم دون الثامنة عشرة من عمرهم، للقتال في صفوفها. مئات مقاطع الفيديو والصور تُظهر هؤلاء الاطفال الذين يتواجدون على الخطوط الأمامية ويحملون السلاح. هذه الظاهرة باتت لافتة بشكل كبير في بعض الأرياف السوريّة خصوصاً ريف إدلب وحلب ودير الزور والحسكة. وقد أكدتها جهات رسمية سورية على الرغم من عدم وجود احصاءات دقيقة عن أعداد الاطفال المجندين في ظل صعوبة الوصول إليهم في مناطق الاقتتال.

الهيئة السورية لشؤون الأسرة: تجنيد الأطفال جريمة تتخطى حمل السلاح إلى الاستغلال الجنسي

وأشارت رئيسة الهيئة السورية لشؤون الأسرة الدكتورة أنصاف حمد إلى أن "تجنيد الأطفال، جريمة موصوفة يعاقب عليها القانون كونها تعتبر اتّجاراً بالأشخاص وظاهرة غير مقبولة وفعلاً مُجرّماً محلياً ودولياً كونه يخالف القوانين والاتفاقيات الدولية والبروتوكولات المتعلقة بحقوق الطفل".

وأضافت أن الهيئة السورية لشؤون الأسرة تتابع ظاهرة تجنيد الاطفال بعد انتشار هذه الظاهرة بشكل مريب في سورية وانتشار صور الأطفال وهم يحملون السلاح على موقع "اليوتيوب" وذلك من خلال إعداد برامج توعوية تلفزيونية، إضافة إلى تحذيرها من مخاطر تجنيد الأطفال، كما وضعت خطة عمل مع وزارة المصالحة الوطنية ولجان المصالحة الوطنية في مجلس الشعب السوري في ظل عدم قدرة الهيئة على الوصول إلى تلك الفئات إلا عن طريق وسطاء بغية تقديم العلاج اللازم لهم.

وأشارت حمد إلى أن "الأطفال من حملة السلاح هم ما دون 18 من عمرهم"، مؤكدةً أن "تجنيد الأطفال السوريين في الأزمة لا يقتصر فقط على حمل السلاح بل نقله ومرافقة المسلحين والوقوف على الحواجز والحراسة"، وحذرت من أن هذه "الظاهرة تحول الطفل إلى إنسان غير سوي".

ولفتت حمد إلى أن "الهيئة تحاول تحريك الجانب الإنساني لدى أهالي أطفال حملة السلاح خصوصاً أن ذلك يتم بعملهم ورضاهم عبر توعيتهم بأن القانون يعاقب المتورط في تجنيد الأطفال ويعرضه للمحاكمة، إضافة إلى حث رجال الدين بالتعاون مع وزارة الأوقاف على توضيح هذه الجريمة وتوعية الناس من مخاطرها".

وبينت حمد أن "الهيئة تواجه مشكلة عدم مقدرتها على الوصول إلى أهالي الأطفال"، مشيرة إلى أن "هذه الظاهرة الخطيرة تتخطى حدود حمل السلاح إلى الاستغلال الجنسي من قبل المسلحين".

نقيب المحامين في سورية: تجنيد الأطفال خرق أخلاقي وقانوني وتشريعي

وقال نقيب المحامين نزار سكيف، إن "قيام الخلايا الإرهابية بتجنيد الأطفال الأحداث القاصرين للقتال يعتبر خرقاً أخلاقياً قبل أن يكون خرقا قانونيا"، مضيفاً: "تجنيد الأطفال يعتبر إساءة كبيرة للوطن وأيضا خرقا للمعايير الأخلاقية لأنه يفترض أن يولى هذا الطفل القاصر كل الاهتمام والتأهيل ليكون عضواً نافعاً في المجتمع بعيداً عن الجريمة والقتال وحمل السلاح، لأن السلاح بالمفهوم الدستوري والقانوني محصور بيد جهة معينة وهي الجيش العربي السوري".


وأما على الصعيدين التشريعي والقانوني، فبين سكيف أن "اتفاقيات حقوق الإنسان والاتفاقيات التي تتعلق بالأطفال لدى منظمة الأمم المتحدة، منعت وحذرت من مخاطر تجنيد الأطفال في الصراعات المسلحة، فضلا عن تأكيدها على ضرورة الاهتمام بالأطفال ورعايتهم وتأمين سبل العيش الكريمة لهم، لذلك فإن ما تقوم به المجموعات المسلحة مخالف لكل المعايير الدولية والتشريعات الوضعية والإلهية والوجدانية".

ودعا سكيف إلى "ضرورة معالجة هذه الظاهرة السلبية لحماية هذا الجيل من الانخراط في هذه الأجواء البعيدة عن أجواء المجتمع السوري على اعتبار أن الأطفال هم الرصيد المستقبلي"، ورأى نقيب المحامين أن "ظاهرة تجنيد الأطفال شكل من أشكال التجارة بالأشخاص والقصّر والأحداث".

معارض سوري: تجنيد الأطفال حماقة والجهل والفقر هما السبب

بدوره، أشار عضو الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير المعارضة عفيف رحمة إلى أن "تجنيد المعارضة للأطفال يدلل على انخفاض مستوى وعيها وحماقتها وجهلها". وقال: "لم يسبق لمجتمعنا أن شهد مثل هذه الظواهر وللأسف تم زرع فكرة القتل في عقل الطفل حيث رأى الطفل في القتل والعنف ما يحقق مصالحه، وهنا نحذر من النتائج الكارثية المترتبة على مثل تلك الظواهر في حال انتهاء الأحداث في سورية، باعتبار أن العنف سيترسخ في عقل الطفل وأن العنف يحقق المحظور وهذا ما قد يدفعه إلى الجريمة فضلا عن الاضطرابات النفسية والاجتماعية".



وأشار المعارض رحمة إلى أن "مثل تلك الممارسات قد تشجع الطفل كي يأخذ حقه بيده متجاوزاً كل الأعراف والتقاليد"، ولم يستغرب أن "تكون الأرياف السورية من أكثر المحافظات إيواءً وتجنيدا للأطفال. وقال: "المحافظات الريفية الزراعية هي الأشد تأثراً بالجهل والأمية، ومن الطبيعي أن يكون أبناؤها من الأطفال هم الأشد انجذاباً إلى العنف لإظهار الوجود وإثبات الذات وتقليد الكبار، حيث يلحظ ارتفاع ملحوظ في مستويات الأمية والبطالة وفق الإحصاءات الرسمية السورية".

وأشار رحمة إلى أن "المجتمع السوري يعيش ضائقة مالية وهذا ما دفع البعض إلى استغلال هذه النقطة"، مؤكدا أن "المعالجة تأتي من الواقع السوري الذي يعتبر غير مثالي لا التركيز على مسألة المؤامرة". وأضاف: "لا يمكن لأي إنسان أن يبيع نفسه إلا إذا وصل إلى مرحلة من الفقر الشديد، وهذا ما حصل في البيئة الشعبية في بعض المحافظات المهيأة لتقبل مثل تلك الحالات كما هو الحال في ريف إدلب مثلا الذي يعمل فيه 36 % في الزراعة في حين يعمل الثلث الباقي في الخدمات الاجتماعية، وهذا ما يمكن أن ينسحب على الحسكة ودرعا والرقة ودير الزور، بمعنى أن الواقع الاجتماعي سيّئ في بعض المحافظات، وهو ما يتوّج بالتركيز عليه لدى الحديث عن ظاهرة تجنيد الأطفال في سورية".
05-نيسان-2013
استبيان