المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

عاصي.. دمٌ مخبوء في كهف


هاني إبراهيم - غزة

لمَ يلجأ إنسان إلى كهف أو مغارة في القرن الواحد والعشرين؟. قد تنزاح الإجابة بعيدًا نحو الفقراء أو الهاربين من المطر، أو حتى الهاربين من العدالة، ولكن جغرافية الضفة في فلسطين تنبئ عن قصة لمقاوم، لم يجد مخبأ من أنياب الاحتلال إلا مغارة صغيرة يحتمي داخلها.
بالنسبة إلى الشهيد محمد عاصي، لم يكن هناك ما هو أكثر جنونًا من الاختباء من "مطر الذل" في "حضن الجبل"، لأن "جريمة الدفاع عن الوطن" جزاء "قانون الاحتلال"، في عالم لا يحترم إلا لغة القوة من أجل تحصيل الحق.
قصة عاصي، التي جعلته المطلوب "رقم 1" للاحتلال في الضفة خلال شهرين، لم تكن بدايتها في آخر فصولها، بل قبل حوالي سنة من اغتياله، حين لم يستطع أن يتحمل رؤية شقيقة ضفّته (غزة) تحت النار، فأعدّ "قبسًا من المتفجرات" بدقة، ثم دمر به إحدى الحافلات في عاصمة الكيان المحتل (تل أبيب).


طبعًا، لم يكن بوسع (الإسرائيلي)، الذي لم يفق آنذاك من صدمة السماء بسقوط صواريخ فجر 5 الفلسطينية-الإيرانية على عاصمته، تحمّل أن يأتي "مخرب" لم يَحسب له حسابًا ليفجّر أيضًا على الأرض.
بعد اعتقال رفاقه الاثنين اللذين خططا معه لعملية (تل أبيب)، استطاع محمد الاختباء طوال تلك المدة في مغارة صغيرة بين قريتي كفر نعمة وبلعين غرب مدينة رام الله، لكنه كان يعلم جيدًا بأن المواجهة مقبلة، في وقت قريب.
فعلاً، جاء ذاك الصباح الدامي الذي "عصى" فيه عاصي الاحتلال وواجهه مباشرة حتى الرمق الأخير، حتى بعد اعتقال اثنين آخرين كانا معه. بقايا المعلّبات والأغطية التي كانت في مغارته الصغيرة، تنبئ عن صمود قلّ مثيله في الضفة منذ زمن.
هذا المقاوم كان جاهزًا لتنفيذ عمليته وسط فلسطين المحتلة مباشرة، رغم أنه لم تمض سوى مدة قصيرة على "تخّرجه" من سجون الاحتلال التي يسميها الفلسطينيون "المدرسة اليوسفية".



شهران فحسب كانا كفيلين لمحمد حتى يثبت للاحتلال أن السجن الصهيوني في فلسطين يصنع الرجال، فتسلل مخترقًا الإجراءات الأمنية المشددة أثناء العدوان على قطاع غزة كي يزرع عبوته التي فجرها عن بعد، فأصابت 29 إسرائيليًا بجروح متوسطة وخطيرة.
كان لا بد (للإسرائيلي) من الوصول إلى المنفذ، لاسيما أن كاميرات المراقبة كانت قد صورت ملامحه، فاعتقل شقيقه "فؤاد رباح عاصي" للضغط عليه من أجل تسليم نفسه، ولكن الجبل كان ملجأه حتى شهدت سفوحه سيلان دم محمد ولفْظ أنفاسِه الأخيرة.



وأبت روحه الصعود إلا بعد اشتباك مباشر بالرصاص مع جنود من وحدة "يمم"، تخلله إطلاق صاروخ مضاد للدبابات على مكان اختبائه.
في هذه المعركة التي استخدمت فيها قوات الاحتلال أحدث التقنيات وجرافات محصنة ضد النار وكلاب من وحدة "عوكتس"، فإنه لم يكن لمحمد عاصي من رفيق إلا الرعب الذي أبقى جنود العدو في حالة اشتباك ليلة كاملة حتى فجرها.
وتبقى الأرقام جامدة أمام تفاصيل الأحداث بالكلمات، فمحمد ومن سبقه وسيتبعه على هذه الشاكلة (المقاومة الفردية) يمتلكون القدرة على العمل في أصعب الظروف التي كشف النقاب عن جزء منها مع مشهد الخاتمة.
.....
تاريخ العملية
21/11/2012
تاريخ الاستشهاد
23/10/2013
11-تشرين الثاني-2013

تعليقات الزوار

استبيان