المقاومة الإسلامية - لبنان

الموقع الرسمي


خاص مقاومة

هاني عابد.. هذا "القلم" له


هاني ابراهيم - غزة

هما وجهان للمعركة: الأول في الميدان يكتبه الشهداء بالدم، والثاني على الورق والأثير يصنعه رجال من وراء الرجال حتى يؤرخوا للمرحلة. هذه هي القاعدة التي رسّخها الشهيد هاني عابد، الملقب بمهندس الإعلام المقاوم في فلسطين.
هو أستاذ الكيمياء الذي بدأ رحلته الدراسية بشهادة البكالوريوس في الجامعة الإسلامية (غزة 1985م)، وواصلها بشهادة الماجستير في جامعة النجاح (الضفة المحتلة 1988م)، ولم يكن "قلمه العلميّ" يقل في تألقه عن نظيره "الأدبي" أو "الصحافي".
وقد ترافقت انطلاقة انتفاضة الأقصى الأولى (1987م)، مع ما توقّد في نفس عابد نحو رحلة التحرير، ولاسيما أنه ابن المكان الذي أشعل فتيل المواجهة: مخيم جباليا شماليّ قطاع غزة.
قرأ هاني في عيون الأمين العام لحركته، الجهاد الإسلامي، الحاجة إلى من يكتب الرواية على حقيقتها للأجيال المقبلة، تصديًا لآلة التزييف الإسرائيلية.
يقول أبو إسماعيل، الذي كان ناشطًا في خلايا قسم (الذراع العسكرية السابقة للجهاد الإسلامي): "إذا كان الشهيد محمود الخواجة يوصف باليد اليمنى لفتحي الشقاقي، فإن هاني عابد كان ذراعه اليسرى بلا شك".
جاء القرار بإنشاء صدى مقاوم يعبر عن الحالة الثورية التي تعيشها الجماهير، فأسس عابد ومجموعة من الكتاب باكورته في فلسطين: صحيفة الاستقلال (1994)، التي لا تزال تصدر في غزة حتى الوقت الحاضر، بعد منع توزيعها في الضفة منذ الانقسام الفلسطيني (2007).
كَتب في "الاستقلال" ثلة من الشهداء، على رأسهم الشقاقي، إضافة إلى منير مرسي وناهض كتكت وحسن شقورة. كذلك خصص الشقاقي وعابد صفحة تحت اسم "نجوم فوق الجبين" لعرض سير شهداء الانتفاضة في أعداد الصحيفة.


إخماد الانتفاضة
خرجت اتفاقية أوسلو (1993) لتضع خطًّا فاصلًا في المنحنى الثوري الفلسطيني، فهي ومعها اتفاقية باريس الاقتصادية وملحقاتهما، قيّدتا نشاطات الفصائل والجماهير إلى حدّ محاربة مظاهر الانتفاضة كافة، واعتقال كل من يشارك فيها.
بعد عام (1994) عادت منظمة التحرير إلى الأراضي الفلسطينية (غزة والضفة) تحت مسمى "السلطة الوطنية"، وكان من مهماتها الأساسية التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، في نموذج يستحضر تجربة جيش العميل لحد في الجنوب اللبناني.
وإثر عملية نفذتها "الجهاد الإسلامي" في العام نفسه على معبر "إيرز"، وعلى ضوء إخفاق الاحتلال في اعتقال عابد بعد اتهامه بالضلوع في العملية، أقدمت أجهزة السلطة الأمنية على إنجاز المهمة. هذه الخطوة جعلت عابد أول معتقل سياسي في سجون السلطة، وهو ما فجر رد فعل عنيف في أوساط الشعب الفلسطيني، علمًا أن الاحتلال كان قد اعتقل الشهيد عام 1992 إداريًا لمدة ستة أشهر، ثم أطلق سراحه بعد إخفاقه في الحصول على اعترافات منه.


تشرين شهر الأحزان
لم يمضِ وقت طويل، على الاعتقال (حوالي سنتين فقط)، وتحديدًا في الثاني من تشرين الثاني 1994، حتى كانت سيارة من "طراز بيجو" هدفًا لعملاء الموساد الإسرائيلي. هناك، أمام مبنى كلية العلوم والتكنولوجيا في مدينة خانيونس جنوبي القطاع، مر الوقت ثقيلاً. دقائق معدودات تبين بعدها أن الاغتيال استهدف محاضرًا في الكلية، اسمه هاني عابد، مؤسس صحيفة الاستقلال التي حملت في صدر عددها الثالث، ذي اللون الأسود، نبأ استشهاد رئيس تحريرها بـ"مانشيت": " رابين ينفذ تهديداته.. الموساد يغتال المدير العام لصحيفة الاستقلال هاني عابد أول الشهداء بعد أوسلو".
منذ استشهاده لا يزال اسمه يظهر على الصفحة الأخيرة لـ"الاستقلال" مديرًا عامًا حتى الآن، علمًا أن الصحيفة واجهت حملات إغلاق واعتقال لطاقمها على يد السلطة، فضلاً على مصادرة جزء كبير من أرشيفها وإتلافه.


عملية الاغتيال، التي كانت الأولى بعد قدوم السلطة، فتحت سجل ضرائب الاتفاقات السياسية مع الاحتلال، ولا يزال الشعب الفلسطيني يعاني تبعاتها إلى هذا اليوم، وضمن ذلك استهداف الإعلاميين وأصحاب الأقلام الحرّة.
6 أيام بعد استشهاده، وخلال مهرجان التأبين الذي نظمته "الجهاد الإسلامي" في العاشر من تشرين الثاني، تقدم شاب عشريني استشهادي، اسمه هشام حمد، على دراجة نارية باتجاه مفترق الشهداء قرب مستوطنة نتساريم (حررت في 2005)، لينفذ عملية نوعية يقتل خلالها أربعة جنود صهاينة، ويصيب آخرين، وذلك في رد مباشر على اغتيال هاني عابد.
02-كانون الأول-2013

تعليقات الزوار

استبيان